بسم الله الرحمن الرحيم انطلاقاً من الموقف الثابت والمبدئي ل"الحركة الوطنية للتغيير" (حوت) الذي يرى الحوار بين كل مكونات المجتمع السوداني السبيل الأمثل لتحقيق التحول السلمي الديمقراطي والذي انعقد عليه إجماع القوى السياسية. ترحب الحركة بالاستجابة المشجعة لدعوة السيد رئيس الجمهورية للحوار الوطني,وفي الوقت نفسه، تتفهم تحفظات بعض القوى السياسية على مقترحات الحكومة بشكلها الحالي، وتؤكد أن إنجاح الحوار وتحقيق غاياته يتوقف على شروط لا غنى عنها، من أهمها إشراك كل القوى المجتمعية داخل البلاد و خارجها وألا تقتصر على القوى السياسية المنظمة, مع الجدية التي يجب أن تتجسد في وضع آليات وأجندة يتفق عليهما، والارتفاع بسقف الحوار وتهيئة المناخ له بإتاحة الحريات العامة دون معوقات. وإذا كانت الغاية القصوى لهذا الحوار هي التراضي على نظام حكم يحقق العدل والمساواة، ويتجنب الإقصاء، ويتسم بالفاعلية، وتكون مهمته هي خدمة المواطنين كافة، فلا بد لتحقيق هذه الغاية من اتباع منهج يؤدي إليها بأقصر الطرق. وتتقدم الحركة بالتصور التالي مساهمة منها في إنجاح الحوار: أولاً: التوافق على وقف فوري لكل أشكال الحرب، وتعهد كل القوى بنبذ العنف بعد توافق السودانيين على الحوار فيما بينهم، لم يعد هناك مبرر لاستمرار سفك دماء السودانيين، ولذلك يجب أن يكون أول قرار يصدر عن منبر الحوار، وبالإجماع، هو مطالبة كل الأطراف بوقف القتال على كل الجبهات، والتوافق عبر الآليات الإقليمية القائمة على خطوات عملية لوقف إطلاق النار وتسهيل انسياب المساعدات الإنسانية, وتوفير الضمانات الموضوعية لممثلي الحركات المسلحة للمشاركة في الحوار. ثانياً: توسيع التمثيل وانسيابيته وفاعليته لكي يكتسب الحوار شرعية فلا بد أن تمثل فيه كل قطاعات الشعبوالآراء والتوجهات المختلفة. ولكن يجب ألا يكون هذا المطلب مدخلاً لتمييع القضايا. فمن نافلة القول أنه لن يكون هناك مجال لتمثيل كل حزب وفئة، خاصة وأن معظم الأحزاب والحركات القائمة منشقة عن بعضها البعض، ولا يوجد بينها خلاف جوهري حول القضايا الحيوية. ولا يجب أن يكون منبر الحوار مقاماً لإعطاء شرعية للخلافات الفرعية التي لا تستند لمبادئ. وليتحقق هذا، نقترح أن يكون التركيز على تمثيل الآراء والمصالح المشروعة، وليس الأشخاص والفئات، وأن يتركز الحوار على القضايا المؤسسية والمبادئ العامة للحكم، وأن تنشأ آلية لفرز المقترحات المقدمة من الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والأهلي والخبراء, وصياغة الخيارات المتاحة بحيث يتم طرح عدد محدود من الخيارات الدستورية للمفاضلة بينها. ثالثاً: التركيز على القضايا الجوهرية الخلافية هناك الآن ما يشبه التوافق حول المبادئ العامة، مثل حق المواطنة والمساواة وحكم القانون والعدالة والاعتراف بتعدد الهويات في إطار السودان الموحد. وقد تضمن الدستور الحالي الذي صيغ بعناية على أساس اتفاقية نيفاشا، وبمشاركة واسعة داخلية وخارجية، كل هذه المبادئ. وعليه ليس هناك مسوغ لإضاعة وقت مؤتمر الحوار، والجدل حول ما تم التوافق عليه أصلاً، ليس فقط في اتفاقية نيفاشا، بل في العديد من الاتفاقيات الأخرى. ويكفي أن تقوم لجنة من الخبراء بصياغة هذه المبادئ التي تم التوافق عليها مسبقاً، وعرضها على مؤتمر الحوار لإقرارها، وذلك حتى يتركز النقاش على القضايا الخلافية المتبقية، وخاصة المسائل المؤسسية الضرورية لتعزيز مؤسسات الدولة وحكم القانون وإبعادها عن التجاذب السياسي والانحياز الحزبي. رابعاً: التوافق على مباديء وآليات للعدالة الانتقالية لقد شهدت البلاد خلال الثلاث عقود الماضية تجاوزات مروعة في حق المواطنين الأبرياء، كان لنظام الحكم منها نصيب الأسد، كما تتحمل الحركات المسلحة جزءاً من المسؤولية في هذه التجاوزات المؤسفة. ومن حق الضحايا على الجميع أن تتم تحقيقات عادلة في كل ما وقع من انتهاكات، وتثبيت حق الضحايا في العدالة، مع التوافق كذلك على آليات سودانية أصيلة للمصالحة على أساس الحق والعدل وجبر الضرر. وهذه قضية في غاية الأهمية ينبغي أن يفرد لها منبر الحوار ما تستحقه من وقت وجهد، وأن تتم الاستعانة في هذا الشأن بخبراء من داخل البلاد وخارجها والاستهداء بالتجارب الناجحة للدول التي مرت بظروف مماثلة. خامساً: التوافق على فترة انتقالية أن يتم التوافق على ترتيبات لفترة انتقالية محدودة ومشروطة تتولى فيها إدارة البلاد حكومة مشاركة وطنية ذات تمثيل حقيقي تسبق إجراء الانتخابات العامة يتم من خلالها ضمان تحقيق الانتقال السلس الى وضع ديموقراطى مستقر. الخرطوم في 21 أبريل 2014