عرف عن الشيعة الأثني عشرية أن لديهم إمام مختفي وهو الإمام الذي يحمل الرقم 12 وهم يعلمون مكانه في جبال الحجاز كما يدعون ولكنهم لا يعلمون طريقة للوصول إليه وإذا عاد هذا الإمام الغائب فإنه سوف يقضي علي الظلم والفساد في الأرض ويعيد للإسلام سيرته الأولي . وحرية الصحافة والتعبير هي أيضا معلومة للقاصي والداني ولكن الوصول إليها وإنزالها لأرض الواقع هو التحدي الذي يواجه عالم اليوم فالصحافة موجودة وقد تحولت إلي صناعة تكنلوجية وسلعة إستثمارية ولكن حريتها في مكان ما بعيدة والناس ينتظرون هذه الحرية منذ زمن بعيد وأحيانا نتنسم عبيرها ونشم أريجها ولكنها سرعان ما يضيع من بين أيدينا هذا الرونق الجميل رونق الحرية . وحرية الصحافة ليست من فراغ ولا يمكن أن تأتي وحدها من غير الحريات الأخري التي تشكل النظام الديمقراطي وتستكمل أركانه المتمثلة في حرية التنظيم والتعبير والتعددية السياسية والحزبية والشفافية والتداول السلمي للسلطة عن طريق إنتخابات حرة ونزيهة الخيار فيها للشعب لكي يختار من يشاء لقيادته في مرحلة من المراحل . وفي اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يحتفل العالم به في الثالث من مايو من كل عام تم رصد العديد من الإنتهاكات والتجاوزات في حق الصحفيين من قتل وإعتقال وإختفاء وهذه التجاوزات جميعا مردها إلي غياب الحريات التي أشرت إليها ومن بينها حرية الصحافة . فقد ذكرت لجنة حماية الصحفيين خمس دول هي الأكثر دموية للصحفيين خلال العام المنصرم وبداية العام الحالي هذه الدول هي سورياوالعراق ومصر وباكستان والصومال والهند وهي جميعا للأسف دول إسلامية وعربية ما عدا الهند . بالمقابل هناك دول هي الأكثر حرية للصحافة في عام 2011م و2012م وهي فنلندا والنرويج وألمانيا تليها إستونيا وهولندا والنمسا وأيسلندا ولكسمبورج . وطبعا هناك دول تصنف علي أنها شهدت أقل قدرا من حرية الصحافة وهي إرتريا تليها كوريا الشمالية وتركمانستان وسوريا وإيران والصين . ووفقا لما جاءت به منظمة مراسلون بلا حدود فأن أكثر من ثلث سكان العالم يعيشون في دول لا تطيق حرية الصحافة ولايوجد فيها نظام ديمقراطي أو توجد عيوب خطيرة في العملية الديمقراطية كأن تكون هناك إنتخابات كما في العراق ولكن هذه الإنتخابات تتم علي المحاصصات الطائفية وفي ظل الحرب الأهلية المستعرة بين السنة والشيعة وهناك الحالة المصرية وهي حالة ما بعد الإنقلاب العسكري الذي نفذه وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي ضد الحكومة المنتخبة برئاسة الدكتور محمد مرسي هذه الحالة هي الأسوأ بالنسبة للصحفيين وصارت حرية الصحافة والتعبير في مصر مستهدفة بشكل دائم وذلك بناء علي تقارير لمنظمات حقوقية هذه المنظمات تقول أن الملاحقة القضائية للصحفيين في مصر بلغت 38 حالة وهناك حالات إعتداء بدني بتحطيم 57 كاميرا لمصورين صحفيين بالإضافة لإستعمال القوة ضد الصحفيين والإعلاميين وصلت إلي 7 حالات قتل وإصابة 43 بالخرطوش وبالطلقات المطاطية أو الطلق الناري و3 حالات إختناق من الغاز المسيل للدموع و12 حالة إعتداء بدني . ومشكلة حرية الصحافة لم تعد مع الحكومة المصرية القائمة الآن وحدها وهناك قوي وأحزاب ومجموعات سياسية وأفراد عاديين وجهات حكومية إحتجزت 30 صحفيا ومنعت أربع حالات من تأدية عملهم وأوقفت 6 مؤسسات إعلامية عن البث وداهمت مقار 6 مؤسسات إعلامية . في ظل حرية الصحافة(( الغائبة أو المغيبة )) بالفعل في عالمنا هناك من يدافع عن هذا الغياب وهناك من يبرر لحكومته التعدي علي حرية الصحافة بكون الأوضاع إستثنائية وبالحالة الأمنية وهناك تبرير مضحك وهو وجود الإرهاب بل إن بعضهم يتحدث عن عدم دقة التقارير التي تقوم منظمات المجتمع المدني والأممالمتحدة بإعدادها حول حرية الصحافة لكونها غير دقيقة أو لم تنظر للجوانب الإيجابية وبكل أسف من يقول بهذا القول هم صحفيون موالون للنظم الحاكمة وهؤلاء يعتقدون أن حرية الصحافة هي أن تعطي لهم لتمجيد نظام الحكم ولاشأن لهم بالصحفيين الآخرين الذين يعانون الأمرين في الوصول للمعلومات ونشرها لمجرد أن لديهم وجهة نظر مغايرة لنظام الحكم القائم أو يمارسون فضيلة النقد في حق النظام ومؤسساته وبرامجه . لقد ذكرت منظمة الأممالمتحدة أن اليوم العالمي لحرية الصحافة في عام 2014 م يركز علي ثلاثة مواضيع مترابطة وهي أهمية وسائل الإعلام في التنمية وسلامة الصحفيين وسيادة القانون وإستدامة ونزاهة الصحافة .. وربما قصدت الأممالمتحدة بهذه المواضيع الدول النامية وهو تكريس لمفهوم ونظريات الدور التنموي لوسائل الإعلام وهذه النظريات التنموية تطالب الإعلاميين والصحفيين با لتركيز علي التنمية ولا تهتم بحرية الصحافة لكون الدور المرسوم للصحافة هو فقط دور تنموي مهمة الصحافة في ظل هذا المفهوم أن تحشد الجماهير خلف الحاكم ولا مجال لحرية الصحافة وقد أثبتت التجارب خطأ هذا الفكر وما أفرزه من إستبداد سياسي وديكتاتورية وبطش بالصحافة والصحفيين من قبل حكام مستبدون أعلنوها صراحة بأن الصحافة إما أن تخدم نظامهم الدكتاتوري وإما أن تختفي غير مأسوف عليها وقد درجت الأممالمتحدة أن تغض الطرف عن الجرائم المرتكبة في حق الصحفيين في العالم الثالث لأنها تطلق يد الحكام في هذا الخصوص تحت ذريعة التنمية . والحديث عن نزاهة الصحافة فيه إشارة لما يمكن أن يقوم به بعض الصحفيين من تجاوزات في ممارسة مهنة الصحافة سواءا كانت تجاوزات سياسية أو مالية أو قانونية تنعكس سلبا علي قيم الحياد والنزاهة والمصداقية والمسئولية الإجتماعية . وقد أثبت الواقع أن الصحافة مهما كانت تعاني من مشكلة التجاوزات ونقصان المهنية في نظر البعض إلا أن جميع من وقع الإعتداء عليهم من الصحفيين في مصر وغيرها كانوا يؤدون واجبهم في تغطية الأخبار في الشارع العام ولم يجدوا من يرد لهم حقهم أو يعاقب من إعتدوا علي حياتهم وحريتهم ألم أقل لكم أن حرية الصحافة في وادي والأممالمتحدة في وادآخر .elkbashofe@gmail .com [email protected]