صاي تقع علي بعد حوالي 160 كلم جنوب وادي حلفا ' تعتبر ثاني أكبر الجزر النيلية في السودان بعد جزيرة مقرات ' بها بعثات أثار أجنبية منذ الخمسينات من القرن الماضي ' تركزت في جامعة شارل ديغول – ليل – بفرنسا ' وعملت بها بعثة أثار نرويجية – يونانية مؤخرا . يقول علماء الآثار بأن هناك شواهد بأنها كانت مأهولة بالسكان منذ العصر الحجري القديم أي قبل أربعين ألف سنة ' واكتشفت بها مواقع لأثار العصر الحجري الحديث (3000-5000ق م ) وتمكن عالم الآثار الفرنسي الراحل فرنسيس جس من جمع عينات من شعير فيها ترجع إلى العام 4100 قبل الميلاد . وهناك دلائل بأن صاي كانت مأهولة بالسكان ' وتمارس فيها الزراعة ' في عصر ما قبل حضارة كرمة ( 2500-3000 ق م) وأصبحت العاصمة الثانية لكرمة واعتبرت مركزا تجاريا مزدهرا بين مصر الفرعونية ومملكة كرمة وتوجد بها علي الشاطئ الشرقي مدينة فرعونية بنيت علي عهد الفرعون أحمس (1320-1376 ق م ) وكانت موقعا لمراقبة وحراسة الطرق التجارية . وجد الاثاريون مواقع كثيرة في الجزيرة عن الفترة الكوشية ( حضارة مروي ) في شكل مقابر وأهرامات صغيرة تقع علي الناحية الشمالية الشرقية من المدينة الفرعونية . وفي الجزيرة مواقع متعددة عن الحقبة المسيحية في السودان ' أميزها كاتئدرالية رئيسة توجد بقاياها في الجهة الشمالية من الجزيرة ' بينما يسمي البر الغربي من الجزيرة (كسيه) بكسر الكاف والشد علي السين وتعني بالنوبية الكنيسة . وتأكيدا لتنوع المراحل التاريخية التي مرت علي الجزيرة ' تقف القلعة العثمانية شامخة علي الناحية الجنوبية من المدينة الفرعونية (1585-1798 ق م ) بينما يطل مسسجد علي النيل كجزء من هذه القلعة ' وتوجد مجموعات من القبب التي تحكي عن هذه الفترة . يقول عالم الآثار البريطاني ديرك ولسبي بأن صاي تعد جوهرة في عالم الآثار النوبية بل الآثار العالمية ! ومن تربة هذه الأرض خرج مبدعون رائعون .. ملأوا أرض الوطن بالعطاء في مختلف المجالات أذكر منهم علي سبيل المثال لا الحصر فنان الوطن الشاعر خليل فرح والفنان محمد وردي (أصوله من صاي) والشاعر جيلي عبد الرحمن والفنان دهب خليل , وفي عالم الفيزياء بروفيسور حسن وردي والهندسة بروفيسور جلال عبد الله والكيمياء دكتور محمد هاشم ' والمحاسب القانوني محمد وردي علي , والنطاسي الجراح سعيد كيلاني والأكاديمي الباحث دكتور محمد جلال أحمد هاشم , وآلاف المعلمين الذين انتشروا علي طول البلاد وعرضها ينشرون المعرفة أذكر منهم الراحلين عبد العزيز أحمد علي ومحمود وحسن أحمد هاشم وعثمان همد وفضل عثمان وحسن محمد طه .... كما لا ينسي الدور البارز للراحل محمد إبراهيم بلال إبان ثورة 1924موفي المجال الإداري وتظل بصمات الراحل إبن الجزيرة البار محمد صالح إبراهيم بائنه لكل من عرفه. ومن هذه الجزيرة المعطاءه كان أول الشهادة السودانية عام 2002 محمد سمير سعد وعام 2013 أحمد منصور حسن .صاي بكل عطائها تكاد تكون خالية من السكان في هذه الآونة لانعدام ضروريات الحياة فيها . وسكانها يقدمون الشكر والعرفان لكل الذين ساهموا بجهودهم لاكتشاف كنوز الجزيرة من الآثار ويشيرون بأن حوالي 60% من مساحة الجزيرة أصبحت مناطق تنقيب واكتشافات وحفريات .. لتساهم أكثر في الهجرة المعاكسة . وأن الأوان أن نطلب من جهات الاختصاص العمل علي الاستثمار في مجال سياحة الآثار , ولن يتسنى تحقيق ذلك إلا بإنشاء متحف كامل الإعداد يعرض بداخله كافة المقتنيات التي اكتشفت إضافة للوحات تشرح المراحل التاريخية التي مرت علي الجزيرة . كما تحتاج الجزيرة إلى استراحة بمواصفات حديثة داخل الجزيرة لتكون مقرا لاستقبال السائحين القادمين إليها , بل واستقبال العشرات من سكان الجزيرة الذين هاجرو منها وتهدمت منازلهم ويودون قضاء العطلات بها .. ريثما تعود العافية الاقتصادية ومن ثم تتم العودة الطوعية لأهلها ويتمكنوا من ترميم مساكنهم المهجورة . هذه الاستغاثة مرفوعة لوزير الاستثمار ووالي الشمالية والهيئة القومية للآثار والمتاحف . [email protected]