وزير الصحة المكلف ووالي الخرطوم يدشنان الدفعة الرابعة لعربات الإسعاف لتغطية    البرهان يزور جامعة النيلين ويتفقد مركز الامتحانات بكلية الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بالجامعة    إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    غنوا للصحافة… وانصتوا لندائها    ترتيبات في السودان بشأن خطوة تّجاه جوبا    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    شاهد بالفيديو.. لاعب المريخ السابق بلة جابر: (أكلت اللاعب العالمي ريبيري مع الكورة وقلت ليهو اتخارج وشك المشرط دا)    شاهد بالصورة والفيديو.. مواطن سوداني يعبر عن فرحته بالذهاب للعمل في الزراعة مع زوجته وأطفاله بالغناء على أنغام إحدى الأغنيات التراثية    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    صحة الخرطوم تبحث خطة لإعادة إعمار المرافق الصحية بالتعاون مع الهيئة الشبابية    كمين في جنوب السودان    دبابيس ودالشريف    إتحاد الكرة يكمل التحضيرات لمهرجان ختام الموسم الرياضي بالقضارف    كوليبَالِي.. "شَدولو وركب"!!    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    ارتفاع احتياطيات نيجيريا من النقد الأجنبي بأكثر من ملياري دولار في يوليو    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    شهادة من أهل الصندوق الأسود عن كيكل    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    خبر صادم في أمدرمان    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في تفكيك السلطة القضائية السودانية: (2) النسب إلى تاريخ القضاء الإسلامي. بقلم: عشاري أحمد محمود خليل
نشر في سودانيل يوم 17 - 07 - 2014

تقدم المحامي الدكتور يوسف الطيب محمد التوم للدفاع عن السلطة القضائية السودانية. ولتمجيدها. في مقاله في سودانايل 5/7/2014. "القضاءُ السودانى: بين سِندَان المُعَارَضَة ومِطرَقَة المجتمع الدولى، رؤية من منظور وطنى". وخلص إلى أن القضائية السودانية "ما تزال بخير وتعمل بمهنية عالية، وما تزال تحتفظ بهيبتها ووقارها". ثم أورد المحامي ما معناه إنه لا يجوز توجيه النقد والتجريح لمؤسسة القضاء.
فأختلف مع الأخ الدكتور يوسف في تقديراته، للأسباب في هذا المقال وفي مقالات سابقة عن السلطة القضائية وفي أخرى ستأتي.
وأتناول هنا مسألة وحيدة تتعلق بتاريخ القضاء الإسلامي، أوردها الأخ المحامي يوسف. وأترك النقاط الأخرى في مقاله لمقالات قادمة.
(1)
في تاريخ القضاء الإسلامي
أورد الأخ المحامي الدكتور يوسف في مقاله قصصا منتقاة من أرشيف يقول إنه لتاريخ القضاء الإسلامي. ليدعم وجهة نظره في الدفاع عن "القضاء السوداني"، وهو يقصد "القضائية السودانية". يدافع عنها بعلة نسبها إلى ذلك القضاء الإسلامي بتاريخه "الأسطوري"، على حد قوله، في الجزيرة العربية وفي سمرقند البعيدة.
لكني أقول له إن مقدماته التاريخية عن قاضي الإسلام مع قتيبة قائد قوات المسلمين الذي احتل مدينة سمرقند، هذه المقدمات والاستنتاجات منها كلها مغالطات فاسدة وفيها خطل عظيم. يقوضها من أساسها تكثر قصص القضاة الفاسدين في تاريخ القضاء الإسلامي. وهي القصص التي يعتم عليها المحامي الدكتور يوسف الطيب ويقصيها من خطابه.
وأبين للمحامي الدكتور فيما يلي فشل محاجته بالمقدمات التاريخية عن قاضي الإسلام. ومن ثم قفزه بالزانة ليقول لنا إن ذلك التاريخ الناصع يعني أن السلطة القضائية السودانية كذلك أسطورية في صلاحها. لأنها تنتسب إلى ذلك "قاضي الإسلام" في سمرقند. القاضي الذي حكم ضد القائد العسكري قتيبة لصالح أهل المدينة التي كان جيش المسلمين دخلها بالمباغتة والخدعة.
(2)
إن الثابت في تاريخ القضاء "الإسلامي"، في امتداده عبر الزمان، وعبر المكان في الدولة العربية الإسلامية من الحجاز إلى اليمن إلى الأندلس والمغرب وإلى إفريقيا، وفي السودان، هو أن "قاضي الإسلام"، كما يفضل أحيانا أن يسمي نفسه، لم يكن في جميع الأحوال رمزا للعدالة المستوحاة من الإسلام.
.
بل إن "قاضي الإسلام"، في نسخته الفسادية المتواترة، كان كذلك جائرا، محتالا، وماجنا، ومغتصبا جنسيا للأطفال، ومرتشيا، وعنصريا، وفاسقا، وجبانا، وخبيث اللسان، مدلسا، ومزوِّرا، وسارقا لأموال الأيتام المودعة في المحاكم، ومطية للسلطان والجنرال، والخليفة، والأمير، والملك، والشيخ، ولرئيس الوزراء ورئيس الجمهورية.
وهو كذلك كان يعاقر الخمر، ولا يصلي. ويتعاطى المخدرات. وبعدها يأتي إلى محكمته ليجلد وليحبس المقترفين لذات مخالفاته.
وفي فساده، كان قاضي الإسلام مشتريا لمنصب القاضي، بالبذل. أو متحصلا عليه بطريق التوريث، كما يستمر الحال على حاله اليوم في مصر وفي اليمن. وقاضي الإسلام في السودان نجده اليوم قد اشترى منصب القاضي بتكنولوجيا "التمكين"، المبتدعة من إسلاميي الإنقاذ. لكي يتكسب من المنصب في تجارته لبيع قراراته القضائية.
(3)
في المقاومة التاريخية ضد القاضي الفاسد
ظلت الحقب التاريخية المتعاقبة تورد أشكال مقاومة المواطنين المسلمين للقاضي الفاسد. والمواطنون كانوا أدركوا بالتجربة أن "قاضي الإسلام"، كما يسمي نفسه، لا يعدو كونه مؤسسة تجارية للفساد. بضاعته الوحيدة هي قراره القضائي الملفق.
وكانت ردود الفعل التاريخية ضد فساد "قاضي الإسلام" على قدر الاستفظاع الأخلاقي لأفعاله. فقد تم حصب ذلك القاضي الفاسد بالحجارة، وتمزيق عمامته، وحلق رأسه ولحيته، والتطواف به في الشوارع، وطرده من الجامع، وضربه بالنعال وبحديدة، وحبسه، ولعنه، وتسميمه، وحرقه حيا، وتطويبه مع منع الماء والطعام عنه إلى أن يتوفاه الله.
كله تم تسجيله في كتب التاريخ والتراث والطبقات، وفي الكتب المخصصة للقضاة، وفي أبواب الأقضية والقضاء وأدب القاضي. أهمها كتاب وكيع في الباب عن القاضي الذي يحكم بالجور ومجلدات المقريزي.
والتطويب للقاضي الفاسد من إبداعات المهدية في السودان وعبقريتها، أسجله لها على أنه من حسناتها القليلة.
(4)
ذلك رد الفعل التاريخي على القاضي الفاسد في التاريخ استلهمته الجماهير العربية الغاضبة. في الربيع العربي. بتماثل الأدمغة والعقول، لا بالنقل من كتب التاريخ. في انتفاضاتها المتوترة في مصر وتونس وليبيا والمغرب واليمن. مباشرة بعد أن مكنت الجماهير نفسها وفَرفَصَتْ من يد الحكام الغاصبين فرصتها المؤقتة في حرية التعبير. مسجِّلة بذلك فصولا رائعة في فنيات مقاومة طغيان السلطة القضائية الفاسدة في الدول العربية.
.
حين منعت الجماهير المنتفضة القضاة في مصر من دخول المحاكم، وحاصرتهم في غرفهم للمداولة، ولعنتهم، وسبتهم، وأطلقت نيران الأسلحة في اتجاههم، وأوسعت بعضهم ضربا، ولوحت إليهم بالأحذية، وأشعلت النار في بعض المحاكم.
فلم يجد القضاة المصريون من نصير. فاستنجدوا بجنرالات المجلس العسكري لإنقاذهم من الغضبة الجماهيرية.
.
ويؤكد هذه الوقائع البيان الرسمي الصادر بتاريخ 21/10/2011 عن نادي القضاة وأندية الأقاليم في مصر. وهو البيان الذي جاء فيه:
.
"لقد تابع نادي القضاة وأندية الأقاليم بقلق بالغ تلك الحملة الشرسة التي تستهدف قضاة مصر الشرفاء على مدى الأيام الماضية والتي بلغت ذروتها بإغلاق المحاكم عنوة ومنع القضاة من أداء أعمالهم بالقوة والإكراه فضلا عن الاعتداء عليهم بالسب والقذف ونعتهم بأحط الألفاظ وأحقرها في مشهد يندي له الجبين دون أن يحرك ذلك ساكنا لدى السلطات المختصة في الدولة ..."
.
ومضى البيان من نادي قضاة مصر في ثلاث صفحات يفصل الوقائع عن "القلة المارقة"؛ وتحدث عن "تصاعد وتيرة تلك الأحداث واستهدافها أشخاص القضاة وأعضاء النيابة العامة"؛ وعن إتاحة الفرصة أمام المعتدين "لتدمير الكثير من قاعات الجلسات ومرافق المحاكم". وعن أن ذلك "يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن السلطة القضائية في مصر باتت في خطر داهم وأنها تتعرض لمؤامرة رخيصة تستهدف بقاءها حتى تسود شريعة الغاب وتقع البلاد في براثن الفوضى".
.
وفي تونس، أحرق الجمهور عددا من المحاكم، وتم طرد أكثر من سبعين قاضيا متهمين بالفساد.
وفي المغرب بادر أكثر من ثمانمائة قاضيا إلى التظاهر مطالبين كذلك بتطهير القضاء من الفساد!
وتم في المغرب عزل عدد من القضاة، بينهم قاضية امرأة، فاطمة الحجاجي، القاضية من الدرجة الاستثنائية، رئيسة غرفة بمحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، بسبب الرشوة.
وأًطلقت النيران على قضاة في اليمن.
وتم تفجير محكمة في ليبيا.
وفي السودان ترجى نائب رئيس الجمهورية، علي عثمان طه، ترجي رؤساء المحاكم العليا العربية المجتمعين في الخرطوم في سبتمبر 2012 أن يصدروا صك براءة يعفي القضائية السودانية مما يتم رميها به من أقوال إنها خليلة النظام الحاكم القائم ليست مستقلة عنه وإنها قضائية فاسدة.
.
هذه الوقائع، وأكثر منها، ثابتة في مئات الروابط الالكترونية في صفحات الأنترنيت وفي موقع اليوتيوب وفي صفحات قناة الجزيرة. ذلك خلال فترة امتداد ثورات الربيع العربي التي تم الإجهاز عليها بمشاركة القضاة ذوي المصلحة في النظام القديم.
(5)
قضاة فاسدون في تاريخ القضاء الإسلامي
احتفى الأخ المحامي الدكتور يوسف الطيب كاتب المقال في الدفاع عن السلطة القضائية السودانية، احتفى بقصة قاضي الإسلام الذي كان قضي لصالح أهل سمرقند بخروج جيش المسلمين بقيادة قتيبة من سمرقند. وأراد المحامي أن يسبغ دلالات القصة على القضائية السودانية. بالقول إن قضاتها يقفون ضد الحاكم الظالم المخادع أو المتجاوز لحدوده يعمل خارج القانون.
ولكني أقول لأخي المحامي الدكتور يوسف الطيب هنا أيضا إن استدلاله ليس في محله. لسببين.
أولا، لم نسمع بقاض في حكومة الإنقاذ أمر الجيش أو الميليشيات بالخروج من مدينة ولا حتى بالانصراف من حولها.
.
ثانيا، هذه قصة سمرقند نادرة. عن قوة ذلك القاضي ونزاهته. وأنت تأتي بهذه القصة بينما أنت تقصي مئات القصص عن فساد القضاة في تاريخ القضاء الإسلامي.
.
وأقدم لك وللقراء عينات قليلة لقضاة الإسلام المسجل فسادهم المتكثر في الكتب:
(1)
بلال بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري. تم خنقه، بعد حبسه ومحاولته بالاحتيال الهروب من سجنه.
(2)
القاضي الحسين بن علي بن النعمان قاضي القضاة في مصر، في أيام الحاكم بأمر الله. جاء أن "سرقته من مال المتقاضين" هي التي أدت إلى قتله وحرقه بالنار. حتى بعد توسلاته وإعلانه التوبة. ففي رواية، أنه القاضي "أُمر به، فضربت عنقه وأحرق بالنار" (المقريزي، 3: 620-630)
(3)
القاضي الغوري، قاضي القضاة الحنفية بالقاهرة ومصر، "سار في القضاء سيرة غير معهودة، من تسلطه بلسانه على الناس، وتكلمه بما لا يحتمل، وفعله في قضائه بما يسخر منه" (المقريزي، 3: 451). وهو القاضي الذي هجمت عليه العامة في الجامع. فأقاموه من بين القضاة. ومزقوا ثيابه وخرقوا عمامته في عنقه. وصاحوا بسبه. وتناولوه بالنعال يضربونه وهو يستغيث: "يا مسلمين، يجري على قاض من قضاة المسلمين مثل هذا؟" (المقريزي، 3: 451).
(4)
القاضي الخصيبي: "تعرض في السعي إلى القضاء". وجاء أنه "ولاه كافور على مال ضمنه له، وقلده مصر والإسكندرية والرملة وكبرية". هذا القاضي، كانت نهايته بأن "حصبه الناس في الجامع. ... ويقال إن غلاما سقاه سما فمات منه" (المقريزي، 6: 105).
(5)
القاضي محمد عثمان بن ابراهيم بن زرعة، قاضي مصر ودمشق. (المقريزي، 6: 189). وتم وصفه بأنه "كان خبيثا نكرا يتملق السلطان".
(6)
البيكندي، قاضي حلب [392-482 ه] "كان كذابا" (المقريزي، 5: 155).
(7)
محمد بن بدر القاضي الكناني [264 – 330 ه] الذي جاء أنه "كان صاحب رشوة في قضائه. ولم يكن بالمحمود" (المقريزي، 5: 426).
(8)
قاضي قضاة مصر ابن عبد البر السبكي [741-803 ه، 3110] "ولي قضاء القضاة ... بمال كبير وعد به ...". وجاء أيضا أنه "كثر عليه النكير من الناس ببذله المال في القضاء وأخذه من قضاة الأعمال الرشوة واستكثاره من النواب في الحكم بالقاهرة" (المقريزي، 7: 44).
(9)
القاضي عبد الرحمن ابن خلدون الذي اقترف "اختلاق الوقائع والتزوير". ترد سيرته في كتاب "قضاة مصر في القرن العاشر والربع الأول من القرن الحادي عشر الهجري"، للدميري.
ثم يرد إفساد القاضي لمعاونيه ليزوروا: "ووصل الفساد إلى معاوني القضاة فدلسوا وزوروا في القضايا بغية الحصول على المال. من ذلك ما حدث مع القاضي ابن خلدون في أن اثنين من الموظفين العاملين معه أعانا على بيع وقف بأن محيا الكتابة من المكتوب من الرَّق وقدما تاريخ الإجازة وثبت تزويرها .." ويرد في ذات المصدر أنه "اشتهر بعض القضاة بالتزوير".
(10)
القاضي الحافظ الجعابي 284-355 م، قاضي الموصل، "لم يحمد في ولايته" (المقريزي، 6: 427). وعرف عنه أنه "كان يشرب في مجلس ابن العميد" (المقريزي، 6: 427).
وهو الذي " أوصى أن تحرق كتبه" بعد موته، "فأحرقت. ... وأمر عند موته أن تحرق دفاتره بالنار، فاستقبح ذلك منه" المقريزي، 6: 427). وأرى أنه كان يريد التغطية على فساده القضائي في تلك دفاتره.
(11)
القاضي بكار بن قتيبة، لما غضب عليه أحمد بن طولون أمر ب "كشف بكار. وأوقفه للناس. وأمر بسجنه ... ذلك بعد أن خرق سواده ... ثم أحضر قيس بن حفص كاتب بكار وأصحابه وأمرهم برفع حساب ما جرى بأيديهم. فلم يزل في السجن حتى مات أحمد بن طولون ... فأخرج من الحبس فيمن أخرج من أرباب الجرائم والتهم ..." المقريزي، 6: 442). وكان ذلك على سبيل الانتقام من القاضي والتنكيل به لعدم ولائه السياسي. لكنه القاضي لم تكن صفحته ناصعة بشأن أموال المحكمة، مما استغله ضده ابن طولون.
(12)
زين الدين الكفري، قاضي القضاة الحنفية بدمشق، " لم تحمد سيرته في القضاء" (المقريزي، 4: 83).
(13)
القاضي السوداني أحمد علي، قاضي الإسلام في المهدية، تم إعدامه بالتطويب. فقبض عليه في مايو 1894 ووضع في السجن حتى توفي فيه. وقد كان "صار صاحب ثروة مالية واقتنى سفنا وأراضي خصبة كما خاطب بعض جهات الاختصاص لإعفاء أتباعه ومحوسبيه من الضرائب". وإن
وجاء في كتاب نعوم شقير إن يد القاضي [أحمد علي، قاضي الإسلام] امتدت إلى الرشوة فجمع مالا طائلا وعظم شأنه. ... ثم شكوه لقبول الرشوة. فعزله وجرده من نسائه وزج به في السجن ومنع منه الغذاء حتى مات في يوليو 1894. وأنه ... كان أداة طيعة في يدي الخليفة، ولم يعارض عزمه أبدا، ولذا أصبح شخصا مفضلا لسيده، مما أغضب كثيرا أخ الخليفة يعقوب الذي أصر على الانتقام". و"إنه ... ألقي به في السجن؛ وحيث تم تحديد حركته بثلاثة عشرة جنزيرا ..."
(11)
القاضي السوداني، أحمد حسين ود الزهرا، في المهدية التي تهتدي بها القضائية السودانية. لم يعرف بالفساد لكنه مثله مثل رئيسي القضاء أحمد ومثل خلفه سليمان فضل عدم إباية منصب قاضي الإسلام أصلا. وكلاهما أحمد علي وود الزهرا تم لاحقا إعدامهما. وهما كانا رفضا السير في سيرة السلف الصالح من العلماء الذين كانوا رفضوا القضاء في ظروف سياسية كانت أفضل بكثير من ظروف القمع والقهر البدائيين مما اتسمت به الدولة المهدية في السودان. وهما قبلا أصلا العمل كرئيسي قضاء للخليفة الذي كان معروفا لديهما بفظاظته وظلمه، يسجن أعداءه وينفيهم ويقتل ويصادر.
.
فتلك أعلاه، بعض صور القاضي الفاسد في تاريخ القضاء "الإسلامي". في جميع الحقب التاريخية لا يستثنى منها إلا حالة حقبة النبي محمد كقاض، وهي حالة فريدة لا يقاس عليها (فكرة د. عبد الله النعيم).
.
في تزييف التاريخ
إن قضاة الإنقاذ، بمساعدة محامين، يعززون سلطتهم لقهر المواطنين. معتمدين في ذلك على تركيب تاريخ زائف للقضاء "الإسلامي". من نوع تلك القصة "الأسطورة" المستعصرة من قبل الأخ المحامي الدكتور يوسف الطيب عن قاضي الإسلام مع القائد الإسلامي قتيبة.
.
ملخص مقال الأخ الدكتور يوسف الطيب المحامي هو في قوله دون إفصاح كامل إن القضاء "الإسلامي" لم يعرف فساد القضاة، في تاريخه.
ومن ثم، هو مضى ليُعمل تلك القفزة بالزانة ليقول إن مجرد تركيب الصلة بين "القضاء الإسلامي التاريخي"، من جهة، و"قضائية الإسلاميين" في حكومة الإنقاذ، من جهة أخرى، ينفي الفساد عن السلطة القضائية السودانية. والصلة هنا تكون بمعلاق "الإسلام".
وهو قول بالسفسطة وبالمغالطة فاسد.
وقد قصدت بهذا الرد على الأخ المحامي الأستاذ الدكتور يوسف الطيب محمد التوم أن استدرجه إلى الاستمرار في الكتابة في سودانايل عن السلطة القضائية. لأني أريد بقوة تثبيت موضوع السلطة القضائية السودانية كموضوع للنقاش الحر المفتوح. في أجندة المحادثات والنقاش بشأن حال السودان. وفي ذلك خير للسودان عظيم.للخلاص من السلطة القضائية الفاسدة.
.
وأشكر الأستاذ الأخ المحامي الدكتور يوسف أنه أتاح لي الفرصة لدق مسمار أخير في نعش الخطاب التاريخي الرسمي عن نزاهة السلطة القضائية السودانية. في البعد المتصل بتباهي قضاة السودان بنسبهم إلى تاريخ القضاء الإسلامي، بما فيه تاريخ قضاء المهدية السودانية. أما وقد بينت في هذا المقال أن تاريخ القضاء الإسلامي، بمهديته، كان كذلك فيه فساد قضائي مريع، يكون واصلا وثابتا نسبُ القضائية السودانية بقضاتها الرجال والنساء فيصلب ذلك الفساد التاريخي.
عشاري أحمد محمود خليل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.