إعلان خارطة الموسم الرياضي في السودان    توضيح من نادي المريخ    حرام شرعًا.. حملة ضد جبّادات الكهرباء في كسلا    تحديث جديد من أبل لهواتف iPhone يتضمن 29 إصلاحاً أمنياً    تحالف "صمود": استمرار الحرب أدى إلى كارثة حقيقية    شاهد بالفيديو.. لاعب المريخ السابق بلة جابر: (أكلت اللاعب العالمي ريبيري مع الكورة وقلت ليهو اتخارج وشك المشرط دا)    شاهد بالفيديو.. بأزياء مثيرة وعلى أنغام "ولا يا ولا".. الفنانة عشة الجبل تظهر حافية القدمين في "كليب" جديد من شاطئ البحر وساخرون: (جواهر برو ماكس)    شاهد بالفيديو.. حسناء الفن السوداني "مونيكا" تدعم الفنان عثمان بشة بالترويج لأغنيته الجديدة بفاصل من الرقص المثير    "صمود" يدعو لتصنيف حزب المؤتمر الوطني "المحلول"، والحركة الإسلامية وواجهاتهما ك "منظومة إرهابية"    صحة الخرطوم تبحث خطة لإعادة إعمار المرافق الصحية بالتعاون مع الهيئة الشبابية    ميسي يستعد لحسم مستقبله مع إنتر ميامي    امرأة على رأس قيادة بنك الخرطوم..!!    كمين في جنوب السودان    كوليبَالِي.. "شَدولو وركب"!!    دبابيس ودالشريف    إتحاد الكرة يكمل التحضيرات لمهرجان ختام الموسم الرياضي بالقضارف    تقرير يكشف كواليس انهيار الرباعية وفشل اجتماع "إنقاذ" السودان؟    محمد عبدالقادر يكتب: بالتفصيل.. أسرار طريقة اختيار وزراء "حكومة الأمل"..    ارتفاع احتياطيات نيجيريا من النقد الأجنبي بأكثر من ملياري دولار في يوليو    وحدة الانقاذ البري بالدفاع المدني تنجح في إنتشال طفل حديث الولادة من داخل مرحاض في بالإسكان الثورة 75 بولاية الخرطوم    "تشات جي بي تي" يتلاعب بالبشر .. اجتاز اختبار "أنا لست روبوتا" بنجاح !    أول أزمة بين ريال مدريد ورابطة الدوري الإسباني    المصرف المركزي في الإمارات يلغي ترخيص "النهدي للصرافة"    الخرطوم تحت رحمة السلاح.. فوضى أمنية تهدد حياة المدنيين    "الحبيبة الافتراضية".. دراسة تكشف مخاطر اعتماد المراهقين على الذكاء الاصطناعي    أنقذ المئات.. تفاصيل "الوفاة البطولية" لضحية حفل محمد رمضان    بزشكيان يحذِّر من أزمة مياه وشيكة في إيران    شهادة من أهل الصندوق الأسود عن كيكل    لجنة أمن ولاية الخرطوم تقرر حصر وتصنيف المضبوطات تمهيداً لإعادتها لأصحابها    انتظام النوم أهم من عدد ساعاته.. دراسة تكشف المخاطر    خبر صادم في أمدرمان    مصانع أدوية تبدأ العمل في الخرطوم    اقتسام السلطة واحتساب الشعب    شاهد بالصورة والفيديو.. ماذا قالت السلطانة هدى عربي عن "الدولة"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. الفنان والممثل أحمد الجقر "يعوس" القراصة ويجهز "الملوحة" ببورتسودان وساخرون: (موهبة جديدة تضاف لقائمة مواهبك الغير موجودة)    شاهد بالفيديو.. منها صور زواجه وأخرى مع رئيس أركان الجيش.. العثور على إلبوم صور تذكارية لقائد الدعم السريع "حميدتي" داخل منزله بالخرطوم    إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية    رحيل "رجل الظلّ" في الدراما المصرية... لطفي لبيب يودّع مسرح الحياة    بنك أمدرمان الوطني .. استئناف العمل في 80% من الفروع بالخرطوم    زيادة راس المال الاسمي لبنك امدرمان الوطني الي 50 مليار جنيه سوداني    وفاة 18 مهاجرًا وفقدان 50 بعد غرق قارب شرق ليبيا    احتجاجات لمرضى الكٌلى ببورتسودان    السيسي لترامب: ضع كل جهدك لإنهاء حرب غزة    تقرير يسلّط الضوء على تفاصيل جديدة بشأن حظر واتساب في السودان    استعانت بصورة حسناء مغربية وأدعت أنها قبطية أمدرمانية.. "منيرة مجدي" قصة فتاة سودانية خدعت نشطاء بارزين وعدد كبير من الشباب ووجدت دعم غير مسبوق ونالت شهرة واسعة    «ملكة القطن» للمخرجة السودانية سوزانا ميرغني يشارك في مهرجان فينيسيا    وزارة المالية توقع عقد خدمة إلكترونية مع بنك النيل الأزرق المشرق    مقتل شاب ب 4 رصاصات على يد فرد من الجيش بالدويم    دقة ضوابط استخراج أو تجديد رخصة القيادة مفخرة لكل سوداني    أفريقيا ومحلها في خارطة الأمن السيبراني العالمي    الشمالية ونهر النيل أوضاع إنسانية مقلقة.. جرائم وقطوعات كهرباء وطرد نازحين    شرطة البحر الأحمر توضح ملابسات حادثة إطلاق نار أمام مستشفى عثمان دقنة ببورتسودان    السودان.. مجمّع الفقه الإسلامي ينعي"العلامة"    ترامب: "كوكاكولا" وافقت .. منذ اليوم سيصنعون مشروبهم حسب "وصفتي" !    بتوجيه من وزير الدفاع.. فريق طبي سعودي يجري عملية دقيقة لطفلة سودانية    نمط حياة يقلل من خطر الوفاة المبكرة بنسبة 40%    عَودة شريف    لماذا نستغفر 3 مرات بعد التسليم من الصلاة .. احرص عليه باستمرار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في تفكيك السلطة القضائية السودانية (3) .. بقلم: عشاري أحمد محمود خليل
نشر في سودانيل يوم 21 - 07 - 2014

في تفكيك السلطة القضائية السودانية (3) .. كيف تعمل عصابات القضاة في الجريمة المنظمة
عشاري أحمد محمود خليل
[email protected]
أعرض في هذا المقال إلى الكيفية التي تعمل بها العصابات الإجرامية برئاسة قضاة. وسأخلص في نهاية هذا المقال القصير إلى دعوة إلى جهاز الأمن والمخابرات الوطني لاعتماد الفساد القضائي في مؤسسة السلطة القضائية كواحدة من أولوياته الرئيسة. وقبل أن يسن البعض السكاكين، أذكر القراء بالأداء المتميز من قبل موظفي جهاز الأمن في المكتب الاقتصادي في كشف الفساد في مؤسسة الأقطان. وكيف أن تلك الواقعة المفصلية في ظلام الإنقاذ خربت على الفاسدين بعض مشروعاتهم. وفتحت الباب للصحف لتتناول موضوع الفساد في السودان، في مؤسسات عديدة. ولست غافلا عن الحيثيات "الأخرى" المتعلقة بأفعال جهاز الأمن لا أحتاج لتفصيلها، ولا عن الوقاع المتعلقة بمآل فتح الباب للكتابة عن الفساد وما حدث للصحف وللصحفيين الذين كتبوا عن الفساد.
.
فإلى صور عن الكيفية التي تعمل بها العصابات الإجرامية في مؤسسة السلطة القضائية السودانية:
.
الصورة الأولى
في واحدة من مدن في السودان. في محكمة الأحوال الشخصية. القاضي (أو القاضية)، يعمل في المجال القانوني القضائي. يُصرِّف أمور المتقاضين. لقاء أجر معلوم يتحصل عليه من الحكومة.
لكن القاضي يعمل أيضا كرئيس ذلك العمل الإتجاري غير القانوني الموازي الذي يديره في ذات المحكمة. بأدوات المحكمة وبمواردها المؤسسية الرسمية. للتكسب المالي غير المشروع.
هذا القاضي، بضاعته المعروضة للبيع والمرغوبة من المتقاضين هي "القرارات القضائية الفاسدة". تلك المنسوجة بالكتابة الاحتيالية لنص القرار القضائي. بالانحراف المتعمد عن القانون وبالكذب والتزوير واختلاق الوقائع وبإغفال الوقاع وبالتدليس. كله بالرشوة.
و"القرارات القضائية الصحيحة" يتم بيعها أيضا. بالابتزاز للمتقاضي صاحب الحق. أو يصدرها القاضي الفاسد صحيحة مجانا، بغرض بث انطباع زائف أنه قاضي نزيه في جميع الأحوال.
القاضي معروفة طريقتها في تمرير الفساد القضائي. يتصنع التقوى. بينما هو رئيس العصابة الإجرامية.
.
الصورة الثانية
مكتب المحامي الكبير. معه شريكته الأساس، المحامية. أنثى، لتسهيل التعامل مع قضايا الأحوال الشخصية أغلب المتقاضين فيها من النساء. ومحامون ناشئون. وموظفون. هذا المكتب الخارجي للمحاماة له تجارته الإجرامية بجانب عمله القانوني في العقود والمحاماة. يتعاون معه القاضي رئيس العصابة في المحكمة الابتدائية، وقضاة آخرون في درجات المحاكم الأخرى.
إن النشاط الاقتصادي الأساس لمكتب المحاماة هو السمسرة والمقاولة والتسويق.لتوفير بضاعة القاضي للمشترين الراغبين. أغلبهم من فسدة المتقاضين ليست لهم قضية عادلة، وليس لهم حق.
المحاميان الفاسدان. عضوان في عصابة القاضي.ثابت اقترافهم التزوير المستندات وتقديمها إلى القضاة.ليتم استخدامها كبينات مختلقة لتسهيل الأحكام لصالح موكليهما. ولصالح القاضي رئيس العصابة.فتزوير المستندات، بالاتفاق مع القضاة، من التقنيات التي يستخدمانها. يدركان أن الفساد القضائي محكوم بمحددات. ولابد فيه من الاجتهاد. لاختلاق الوقائع. لأن القرار القضائي يعتمد بالدرجة الأولى على الوقائع. التي يتم تطبيق القانون عليها.
إن القاضي لا يفسد لوحده جالسا وحيدا في قاعة محكمته. وكنت عرَّفت الفساد القضائي بأنه لا يكون إلا في سياق اتفاق جنائي بين القاضي مصدر القرار القضائي، وآخرين من محامين وقضاة وموظفين ومن المتقاضين الفاسدين بالطبع.
فهكذا يدور الفساد في حدود المحكمة الابتدائية. بين هذه الأطراف.
لكن العمل الإتجاري الإجرامي لأعضاء العصابة الأساسيين في المحكمة الابتدائية، لا يمكن له أن ينجح إلا بوجود شركات إجرامية أخرى في الدرجات الأعلى للمحاكم: الاستئناف، والنقض في المحكمة العليا، ودرجة المراجعة في المحكمة العليا أيضا. فيجري التعاون المشترك بين القاضي في المحكمة الابتدائية والقضاة في الدرجات الأعلى.
.
الصورة الثالثة
دائرة الأحوال الشخصية في محكمة الاستئناف، بقيادة القاضي وزميليه في مجلس القضاء الثلاثي. ثلاثتهم شكلوا عصابة إجرامية. لهم شركة أيضا في المحكمة. يعملون جنبا إلى جنب مع زملاءهم النزيهين في مجلس ثلاثي آخر في ذات محكمة الاستئناف ذات المجالس القضائية المتعددة. فيدير القاضي الفاسد رئيس العصابة في المجلس القضائي الثلاثي في محكمة الاستئناف مشاورات سرية مع القاضي رئيس الشركة الإجرامية في المحكمة الابتدائية للأحوال الشخصية. بشأن القضايا التي أصلا كان القاضي الأول باعها للمحاميين وللمتقاضين المشترين.
لأنه لا قيمة تجارية لبضاعة "نص القرار القضائي الفاسد" بالنسبة للمتقاضي المشتري، إذا كانت البضاعة ستكون مهددة بحيازتها وبمصادرتها أو بإتلافها عند طعن الخصم الضحية لدى محكمة الاستئناف.
هذه حقيقة اقتصادية بدهية. ويتطلب العمل القضائي الإتجاري الفسادي أن تكون حلقات الفساد متمددة ومتشابكة عبر جميع مراحل التقاضي الأربع. بشأن أية قضية مستهدفة بالإفساد الأولي في المحكمة الابتدائية. فبدون هذا الاعتماد للتمدد العصاباتي الفسادي عبر درجات المحاكم، لا يمكن أن تنجح تجارة الفساد بأية صورة جادة في المحكمة الابتدائية.
هذه من خصوصيات الفساد في السلطة القضائية. لا يمكن للفساد أن ينحصر في محكمته الابتدائية المحددة. لأن التقاضي يدور عبر أربع درجات. الابتدائية، والاستئناف، والنقض في العليا، والمراجعة في العليا.وضحية الرشوة سيطعن في القرار الفاسد في أية مرحلة قبل الأخيرة.
فيأتي دور هذه الشركة الإجرامية في محكمة الاستئناف. بقيادة ذلك القاضي أو تلك القاضية. في هذا المنعطف، يدور التنسيق الدقيق بين شركة القاضية في المحكمة الابتدائية، من جهة، والشركة في محكمة الاستئناف، من جهة أخرى. كله في السر مخفيا عن المتقاضي المستهدف. بالهاتف. وباللقاءات المباشرة. وبالمراسيل. وبالمخاطبات الرسمية. وبالفهم المشترك بدون أي كلام.
.
الصورة الرابعة
يمتد الفساد إلى المحكمة العليا، أو محكمة النقض. وحتى دائرة المراجعة في المحكمة العليا. ففي كل واحدة من الدرجتين في المحكمة العليا ينشئ القضاة الفاسدون جماعات عصابية إجرامية صغيرة تتحلق حول قاض فاسد كبير. فيديرون أعمالا قضائية غير قانونية، فسادية، بجانب أعمالهم القانونية كقضاة في محكمة القانون. بضاعتهم هي ذاتها القرارات القضائية الملفقة، للنقض وللمراجعة. يبيعون الرد والإلغاء والشطب والإعادة، والتأييد، والقرار الجديد، كيفما يتفق. ويلفقون القرارات القضائية أحيانا لغرض حماية القضاة الفاسدين وللتستر عليهم. ولحماية السلطة القضائية ذاتها المتورطة في جرام القضاة، أيضا بالتستر عليهم وبحمايتهم.
هؤلاء القضاة يجلسون جنبا إلى جنب مع القضاة النزيهين في المحكمة العليا.
ينبغي أن لا ننخدع بالقول إن المحكمة العليا تميل إلى أن تكون الأقل فسادا. فتلك قلة الفساد المتصورة فيها مسألة نسبية تتساوق مع عدد القضاة وعدد القضايا. مقارنة بالمحكمة العامة وبمحكمة الاستئناف.
إن النقطة الجوهرية التي أثيرها هنا هي أن تمدد الفساد عبر درجات المحاكم، حتى المحكمة القومية العليا، ضروري لوجود الفساد القضائي. وبدون هذا التمدد العصاباتي للفساد عبر درجات المحاكم، لا تقوم للفساد في المحاكم الابتدائية قائمة. فلا يكون الفساد إلا بوجود عصابات إجرامية في درجات المحاكم الأربع.
لأن المتقاضي الفاسد الراشي ليس غبيا ليبدد موارده في دفع الرشوة لقاضي المحكمة الابتدائية. في سياق علمه أن القرار الفاسد المشترى قد يتم رده وإلغاؤه عند الطعن في المحكمة الأعلى هدفها أصلا تصحيح الخطأ القانوني. وكل قرار قضائي فاسد يقوم على الخطأ القانوني المتعمد، في معية الخداع والتدليس في نص القرار.
وكذا نعرف أن القاضي رئيس العصابة في المحكمة الابتدائية ليس غبيا. بل هو تاجر عقلاني يفكر ويتدبر لإنجاح تجارته في المحكمة-الشركة. فينشئ علاقات تجارة خارجية مع قضاة فاسدين في الدرجات الأعلى للمحاكم. لضمان حماية قراراته مدفوعة الثمن في المحاكم الأعلى.
.
حماية القضاة رؤساء العصابات
يبقى موضوع "الحماية الأمنية" لتلك الشركات القضائية الإجرامية الكبيرة والصغيرة. والحماية الأمنية تكون لدرء أية مخاطر قد تعطل الأعمال التجارية الإجرامية. ولمنع الملاحقة الجنائية والمدنية لأي من أعضاء العصابة، خاصة القضاة. هذه الحماية الأمنية الضرورية لهذه شركات الجريمة المنظمة في النظام القضائي، يوفرها مكتب رئيس الجهاز القضائي. بفنيات معروفة وثابتة. مثل القرار بحفظ الشكاوى. وبتصنع عدم الفهم. وبالمماطلة.
وحراس بوابة رئيس القضاء، نجدهم يتصنعون الهمة في استلام الشكاوى ضد القضاة، ويسجلونها في دفاترهم، ويعطون الشكوى رقما، ويثيرون إعجابك بدقتهم وبحفاوتهم وبإبداء تعاطفهم معك. لكنهم يمطون لك لسانهم بمجرد خروجك من مكتب الحقانية. وستكتشف لاحقا أنهم خدعوك عندما كانوا سلموك رقما متسلسلا لا معنى له. وهم سيغيبون موضوعك ولن يتصلوا بك إطلاقا. ولن تلق شيئا بمراجعتهم. فهي من خدع السلطة القضائية السودانية.
وضباط الشرطة في مراكز الشرطة يذهب إليها الضحايا لفتح البلاغات ضد القضاة والمحامين الفاسدين فيردونهم خائبين.
وكلاء النيابة المتمكنون في الإفساد لا تتحرك القضايا بدون أمرهم.
الهيئات الإدارية داخل رئاسة القضائية والمكلفة بالنظر في جرائم القضاة، ومكاتب التفتيش القضائي، ومثيلتها، أيضا في مكتب القضائية، للنظر في الشكاوى إزاء جرائم المحامين. جميعها مؤسسات تعمل متناغمة مع الجريمة المنظمة المتمددة عبر المحاكم وفي فضاءات النظام القضائي.
.
فلقد قدمت أعلاه في ثلاث صفحات ملخصا لأكثر من ثلاثة ألفا من الصفحات عن الكيفية التي يدور بها الفساد القضائي في المحاكم.
.
دعوة إلى جهاز الأمن والمخابرات الوطني
إن جميع الأفعال الإجرامية التي تقترفها شركات العصابات القضائية يمكن التحقيق فيها من قبل المتخصصين في منظمات المجتمع المدني. بتفكيك القرارات القضائية الفاسدة. لا من قبل نيابة ستكون بالضرورة متواطئة وعازفة عن ملاحقة الفساد القضائي في أشكاله الأكثر انتظامية تلف النظام القضائي بأكمله، كنظام.
.
لكني أعول بالدرجة الأولى على المدى القصير في هذه المرحلة على جهاز الأمن والاستخبارات الوطني، بالتعاون مع راسة المباحث الجنائية المركزية. لتوجيه ضربات استراتيجية موجعة إلى جسد السلطة القضائية الفاسدة. بإخضاع القضاة والمحامين أصحاب العصابات للمراقبة اللصيقة. ولاستخدام التدابير الاستخباراتية المعروفة وغير المعروفة ضدهم. بدخول مكاتبهم سرا وتصوير مستنداتهم. ومراقبة محادثاتهم الهاتفية. والاتفاق السري مع الموظفين العاملين في مكاتبهم لجمع البينات ضدهم وكشف أفعالهم الإجرامية، بما في ذلك في حياتهم الشخصية. وزرع قضاة ومحامين وأشخاص آخرين بينهم يحملون أجهزة تسجيل سرية بالفيديو. وتسريب المعلومات للصحفيين للكتابة عن هؤلاء القضاة. بغرض زعزعتهم ليقترفوا أخطاء للتستر على جرائمهم المنفضحة. وغير ذلك من تدابير المراقبة والتحقيق والمضايقة لا يحدها إلا الخيال، في إطار القانون.
بالإضافة إلى تحويل جميع قضاة جهاز الأمن، أيا كانت وضعياتهم التوظيفية، إلى غواصات لجمع المعلومات عن شبكات القضاة والمحامين الفاسدين. وهذه فرصة متاحة لقضاة الأمن لتصحيح أية أفعال غير قانونية أو غير أخلاقية كانوا اندرجوا فيها.
وكل الأفعال أعلاه التي أقترحها قانونية موضوعيا.وهي مما يندرج تحت المقترحات التي يتم تقديمها من قبل المتخصصين الدوليين وفي الأمم المتحدة في مجال مكافحة الفساد، تحت ما تتم تسميته بتخريب بنى الفساد أو تقويضها. وليس هناك ما يمنع استخدامها ضد عصابات قضاية.
وهي من التدابير التي تستخدمها دول أمريكا الشمالية وأروبا الغربية
.
سنسمع صراخا من السلطة القضائية عن استقلالية القاضي واستقلال القضاء. مما كله كلام فارغ. فالاستقلالية التي يتحدثون عنها هي استقلالية القاضي في الكتابة الاحتيالية المتدبرة لنص القرار القضائي. بالانحراف عن القانون وبالكذب والتزوير والتزييف والخداع وفبركة الوقائع وإغفال الوقائع. لأجل الرشوة.
وسنسمع صراخهم أيضا عن حصانة القاضي. وهي حصانته ليستمر في إفساد قراراته القضائية وفي بيعها وليظل مفلتا من العقوبة يتمتع بالمخصصات التي يدفعها الشعب من دم قلبه.
وسنسمع قيادات السلطة القضائية يعلو صراخهم عن حساسية القضاء، وعن أنه خط أحمر. كله من خطاب الخداع والاحتيال مقطَّع فوق رؤوسهم.
والتدابير التي أقترحها الآن كلها ممارسات في صميم اختصاص جهاز الأمن، في معية رئاسة المباحث المركزية. فالفساد القضائي من أخطر المهددات للأمن الاجتماعي وللتنمية وللحياة المجتمعية ذاتها.
.
ويمكن لجهاز الأمن والمباحث المركزية أن يدرسوا عمليات الإف بي آي الأمريكية، التي يتعاونون معها بانتظام، ومع أختها قليلة الأدب المعروفة.بشأن الإرهاب. أن يدرسوا عملياتها وتجاربها في القبض على عصابات القضاة الفاسدين في شيكاغو وفي بنسلفانيا وفي ولاية مسيسيبي وفي غيرها من الولايات الأمريكية.
وكل هذه العمليات من قبل الأجهزة الأمنية الأمريكية عن ملاحقة عصابات القضاة الفاسدين كُتبت فيها تقارير وافية، وكتب ومقالات،وصُوِّرت وقائعها الدرامية في الأفلام الوثائقية وفي السينما.
.
انطوت عمليات الأجهزة الأمنية الأمريكية على مراقبة القضاة المشكوك في نزاهتهم. وإجراء تسجيلات صوتية وبالفيديو سرية للمحادثات بينهم والمحامين وموظفي المحاكم أعضاء العصابات. ومراقبة اتصالاتهم الهاتفية وبالبريد الإلكتروني. ومراجعة حساباتهم في البنوك. والتحقيق في مصادر ممتلكاتهم. وخدعهم بإرسال موظفين من الأجهزة الأمنية ينتحلون صفة متقاضين مستعدين لدفع الرشوة ثمنا للقرار القضائي في قضايا مصطنعة. وإغراء أعضاء عصاباتهم للانقلاب عليهم كشهود ادعاء ضدهم في المحكمة.
وانتهى الأمر بإيداع القضاة رؤساء العصابات في السجون الأمريكية.
.
وكلها أساليب قانونية معتمدة في مكافحة الفساد. لأن الفساد يعتمد على السرية. خاصة الفساد القضائي. فلا يمكن مكافحته إلا بنزع ستر السرية عنه. بالاختراق العميق إلى داخل أخص خصوصيات القضاة الفاسدين وأعوانهم من المحامين. فالموضوع لا يكون ما إذا كانوا فاسدين أم لا. كله يكون أصلا تم التعرف عليه من البيانات الاستخباراتية الأولية. بل الموضوع هو الإثبات القانوني الذي سيتيح تقديمهم إلى المحاكمة العادلة تمهيدا لإدانتهم وفرض العقوبات الزجرية الملائمة لفظاعة جرائمهم.
.
هذا هو نوع العمل الوطني الذي نريد من جهاز الأمن والمخابرات الوطني أن يضطلع به. وأن يبدأ به أيضا برنامجا متكاملا لتغيير أهدافه وقانونه وشخصيته وهويته وممارساته وسمعته السيئة. وهو عمل أكثر إفضاء إلى الفضيلة وإلى الجهاد في سبيل الحق. بديلا للاستحواذ الراهن بملاحقة معارضي نظام الإنقاذ. النظام الذي سيسقط لا محالة. دون أي فعل إضافي من أحد. بل إنه نظام الإنقاذ سقط فعلا، موضوعيا. بسبب فساد مؤسساته. بما فيها مؤسسة القضائية. وبسبب الغيبوبة الأخلاقية الممسكة بتلابيب أدمغة الإنقاذيين. بعد أن هزم الشباب بالمقاومة الشعبية في الحياة اليومية المشروع الحضاري الخائب.
فماذا بعد اندحار مشروعك الحضاري الخائب الذي لأجله وبه عذبت المواطنين، وقتَّلتهم تقتيلا، ولأجله وبه كنت أفسدت في الأرض؟ لا يبق لك شيء. غير تلك الغيبوبة الأخلاقية التاريخية.
.
على أقل تقدير، سيكون لدى جهاز الأمن بعض رصيد يدافع به عن نفسه في مستقبل الأيام والدنيا تدور.إن هو جهاز الأمن اعتمد فساد السلطة القضائية السودانية من بين أولوياته المستنيرة. مثل ذلك كشفه للفساد في مؤسسة الأقطان. عندئذ، يكون سائغا لجهاز الأمن أن يقول إنه لم يكن كشف لنا فساد شركة الأقطان فحسب، والتحية المتأخرة للمجموعة الصغيرة في وحدة الأمن الاقتصادي. بل يمكنه القول إنه كان له كذلك دور مقدر في تفكيك عصابات الجريمة المنظمة في مؤسسة السلطة القضائية.
عشاري أحمد محمود خليل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.