يعتب البعض علي عموم الأطباء السودانيين بأنهم لا يقومون بالنصح أو التثقيف الصحي كما يجب لكي يستفيد المواطن العادي من خبراتهم وإرشادهم لذلك رأيت إكمالا لكتابي السابق المنشور بسودانايل مساء الخميس 28 أغسطس أن أوضح حقائق في شأن الطبيب السوداني من غير تحديد الكثير من الأسماء التي أعرفها جداً نشطة في هذا المجال بل أشير عموماً إلي المجهود الجبار الذي يقوم به معظم الأطباء السودانيون في بلاد المهجر خاصة الدول الأوربية وأمريكا وكندا وما يقدمونه خلف الكواليس من عون مستمر للوطن الأم السودان من غير إعلانات أو دعايات تليفزيونية فجميعهم يشاركون ما استطاعوا وفي صمت في مجال التدريس وتدريب الأطباء في كل مستشفيات السودان الجامعية والرئيسية شرقا وغربا شمالا وجنوبا. ففي أميريكا وكندا توجد الجمعية الطبية السودانية الأمريكية التي تعقد دورات تدريبية في كل التخصصات الطبية بما في ذلك التمريض وقسم التدريب والتعليم الطبي بجامعة الخرطوم ومستشفي سوبا الجامعي يشهدان علي ذلك. أيضاً يدعمون كل الأطباء الجدد القادمين الي أميريكا حتي يتمكنوا من الوقوف علي أرجلهم هنا في المملكة البريطانية وإيرلندا جنوبها وشمالها توجد أكثر من جمعية طبية نشطة في تقديم العون الطبي السريري والنظري والمادي والأكاديمي. من أهم هذه المؤسسات النشطة نقابة الأطباء بالمملكة المتحدة وإيرلندا وكذلك الجمعية السودانية الطبية الإسفيرية (علي إلياهو قروب) التي جاء بفكرتها وتأسيسها الأخ الدكتور إستشاري الباطنية والكلي ابراهيم حسن الفحل في العام 1997 والآن تضم تحت إشرافه خمسمائة وستين عضوا يتواصلون يومياً علي مدار الساعة عبر الشبكة العنكبوتية من سبع وعشرين دولة في العالم بما فيها السودان ومن هؤلاء الأعضاء الأخصائيين وأساتذة الجامعات السودانية والعالمية وأيضاً صغار الأطباء الذين لا يزالون في الطريق الي التخصص داخل وخارج السودان ويجدون دعما مقدرا وتوجيها ولهذه الجمعية ومنتداها ضلع كبير في التأثير الموجب علي الحراك الطبي والأكاديمي داخل وخارج السودان. أيضاً توجد جمعية ثالثة خيرية ناجحة برامج أنشطتها بقيادة البروفيسور في الباطنية وإمراض الكلي عبد الجليل علي المقيم في لندن والأخيرة لها قوافل تضم تخصصات مختلفة المجالات ترسل سنويا الي مناطق السودان المختلفة يقدمون المحاضرات والتدريب علي أيدي أطباء مهرة سودانيين وبريطانيين الذين يعملون في المستشفيات البريطانية هذه النقابات و الجمعيات تتمتع كلها بمنتديات إسفيرية ذات نشاط علمي حيوي وأيضاً نشاط إجتماعي يناقش هموم الأطباء وتقديم العون لبعضهم البعض في حالة الأزمات والمرض ومشاركة بعضهم البعض الأفراح والأتراح. علي الصعيد الأكاديمي من أهم إنجازات تلك الأنشطة التصدي للحرب الشرسة التي واجهت الإعتراف السلبي بالشهادات الطبية للجامعات السودانية من قبل المجلس الطبي الإنجليزي فبل سنوات قلائل وأيضا هذه السنة من قبل المجلس الطبي الإيرلندي والحمد لله بالصبر والمثابرة والعمل الحرفي الدؤوب تكللت كل تلك المساعي المضنية بالنصر والنجاح المشرف وهكذا وراء كل ذلك العمل الكبير جنود مجهولون من الأطباء لا يعرفهم معظم أهلنا داخل الوطن. علي مستوي المشاركة في حل مشاكل السودان في مجال الصحة قامت الجمعية الطبية السودانية الإسفيرية وغيرها بالعديد من المؤتمرات والندوات الطبية عقدت في لندن ودعي لها كبار المسؤلين ذوي الإختصاص من الخرطوم من وزراء وأساتذة جامعات إلخ. الزملاء الأطباء المغتربين في دول الخليج أيضاً لهم النشاط الملحوظ في يد العون للوطن الأم فلهم التحية والشكر عمل الطبيب في بلاد المهجر من أصعب انواع العمل ومرهق نفسيا وجسديا لأنه مسؤولية جداً كبيرة ودقيقة يستغرق جل ساعات اليوم أقلها ثماني ساعات متواصلة خاصة الأطباء الذين يعملون في التخصصات الجراحية هذا كله إضافة إلي مسؤوليات الأسرة وتعليم الأبناء ومواصلة المواكبة في اللحاق بركب الجديد في الطب والنتيجة حصيلة يوم مرهق. لكن برغم كل ذلك فقد نجح الأطباء في بلاد المهجر من المساهمة في مساعدة زملائهم داخل الوطن إضافة إلي ما يقومون به من نشاط مشهود في البحث العلمي والمشاركة في المؤتمرات العالمية وأيضاً تلك التي تعقد داخل الوطن واليوم السبت الثلاثين من اغسطس 2014 العديد من الزملاء السودانيين قد وصلوا بالفعل من السودان وجميع أنحاء العالم للاشتراك في مؤتمر الجمعية الأوروبية لأمراض القلب في برشلونة إما مستمعين أو لتقديم أوراقهم العلمية المميزة وهذا كله فخر للسودان وللطبابة والبحث العلمي يتطلب مجهود كبير علي مستوي الشخص الباحث والأهم لنجاح البحث العلمي هو الدعم والتمويل من قبل الدولة والقطاع الخاص. لذلك الأطباء معذورون إن ظن البعض أنهم مقصرين في أي نشاط صحي توعوي فهم برغم سباقهم مع الزمن الصارم وضغوط الحياة "فهم أناس يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق كغيرهم" لا يبخلون بل يقدمون العون اللازم وفي الوقت المناسب كما ذكرت أعلاه. أما التثقيف الصحي فالمتوقع أن تقوم به شعبة الطب الوقائي بوزارة الصحة بالتعاون مع وسائل الإعلام المختلفة وفي مراحل التعليم المختلفة وأيضاً بالبدء في بناء الأساس السليم للرعاية الصحية الأولية وتطبيقها علي أرض الواقع. وقديما كانت وظيفة وكيل وزارة الصحة حكر علي أخصائيي الطب الوقائي وأعني بذلك طب الصحة العامة أمثال د محمد ابراهيم الإمام ود شاكر السراج وكان في كل مدينة يوجد ضابط صحة وعمال صحة مسؤولياتهم صحة البيئة وغيرها. لا أنسي أن أثمن هنا ما يقوم به الدكتور عمر محمود والدكتور بروفيسور مأمون حميدة من برامج قمة الروعة في تثقيف الناس ليس السودانيين فحسب داخل الوطن بل فائدتها التي تعم لكل مشاهد من الدول الأخري للقنوات التليفزيونيةالسودانية . في الختام اشدد القول علي أن تطوير الخدمات الطبية والتثقيف الصحي وصحة البيئة والمجتمع هو واجب الدولة في المقام الأول و يعتمد علي الدعم المالي السخي وتشجيع البحث العلمي من قبل الدولة ومؤسساتها بل حتي من القطاع الخاص مثل وزارة الأوقاف وديوان الزكاة وشركات صناعة العقاقير الطبية الحكومية والخاصة بل حتي التجار ورجال الأعمال وصدقات الأفراد علي موتاهم والتحية للزملاء الأطباء داخل وخارج السودان الذين يبذلون جهدهم رغم ضيق ذات اليد لكي يظهروا إسم السودان عاليا في أروقة المؤتمرات العالمية المشهورة والمعتبرة كوسيلة أكاديمية وعلمية للاستمرار في التعلم المهني وتطوير مهارات الفرد في فنون التشخيص ومكافحة الأمراض ... إلخ د. عبدالمنعم عبدالمحمود العربي المملكة المتحدة -لندن