السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفكيك السلطة القضائية السودانية: (10) .. بقلم: عشاري أحمد محمود خليل
نشر في سودانيل يوم 18 - 09 - 2014

تفكيك السلطة القضائية السودانية: (10) نشر أسماء القضاة الفاسدين .. بقلم: عشاري أحمد محمود خليل
[email protected]
(1)
في يوم 10 سبتمبر 2008 أصدر خمسة قضاة في المحكمة العليا برئاسة القاضي وهبي أحمد دهب قرار المراجعة نمرة 130/2008 (مرفق لسودانايل). وقضت المحكمة العليا ب "اتخاذ الإجراءات اللازمة لاتخاذ الإجراءات الجنائية ضد طالب المراجعة [عشاري] للاتهامات التي وجهها إلى قاضي محكمة الموضوع [كوثر عوض عبد الرحمن] بالتزوير والاحتيال، والإساءة التي وجهها إلى محكمة الاستئناف [فادية أحمد عبد القادر، آسيا بابكر مختار، آدم محمد أحمد إبراهيم].
وفعلا كنت أنا عشاري، في كامل قواي العقلية، اتهمت القاضية كوثر بالتزوير والاحتيال، وبأكثر منه وأفظع. بعضه مذكور في حيثيات القرار.
وصحيح أني وجهت إلى القضاة الثلاثة، فادية وآسيا وآدم،ما أسماه قضاة المحكمة العليا "الإساءة"، لكنه في الحقيقة كان إسنادي لهم الاتفاق الجنائي لارتكاب جرائم الكذب والاختلاق والغش وتلفيق القرار القضائي. وأضفت المحاميين علي أحمد السيد وإيمان المك أعضاء للعصابة. في مذكرتي من ستة وعشرين صفحة أغلبها عن بينات فساد هؤلاء القضاة الأربعة (والمحاميين).
وما كان هنالك أي مجال لي لإنكار أو تهرب أو تعذر. كله كنت كتبته. بلغة قوية وواضحة، وبالأسماء. وكنت وقعت اسمي عليه، مع عنواني. وسلمته بيدي إلى المحكمة العليا. لم يكن بيني وبينهم محام.
وتم إرسال القرار القضائي الصادر ضدي إلى القضاة الأربعة، وإلى رئيسهم رئيس الجهاز القضائي ورئيس محكمة الاستئناف، برعي محمد سيد أحمد. للتنفيذ.كنت قاعد في الخرطوم.
فلم يتجرأ أي من القضاة الأربعة، أو رئيسهم، على مجرد الاقتراب من حِلة المحكمة الجنائية. أو مني. سكتوا. وكأن شيئا لم يكن. بل هم، موضوعيا، رفضوا تنفيذ قرار قضائي صادر من المحكمة العليا.
لماذا؟
البيِّنة.
فموضوع الفساد جوهره البينات. ولا تنحسم معركة السودانيين مع الفساد إلا على أساس البينات. فالبينات تعين على الانتصار على الفساد. بالإضافة إلى أنها تقدم قدرا معقولا من الحماية للكاتب. بالطبع يمكنهم إرسال شخص لضربك في مكتبك، أو الانتقام منك بأية وسيلة. لكنهم لن يتمكنوا من مواجهتك في المحكمة، حتى أمام قاض فاسد متعهر في فساده. إن كانت لديك البينات التي تثبت الفساد الذي تدعيه.
فبدون البينات والأدلة المادية، ما كان ممكنا لي أصلا أن أكتب ما كتبته،وأنا في السودان، وما استمر أكتبه في سودانايل، وأنا بعيد من السودان.
ولا يتجرأ شخص على التبشيع القاصد بالسلطة القضائية السودانية، مثلما أفعل، إلا وبيده البينات التي تثبت أقواله. ويشتمل مشروعي لتخريب معمار فساد السلطة القضائية على التحريض على احتقار هذه السلطة القضائية وازدرائها.فبأفعالها الفسادية، لا تستحق غير الاحتقار والازدراء. نقطة البداية في مشروع متكامل لهزيمتها والإجهاز عليها.
فأنا اليوم في أمريكا، لكني أسعى للرجوع إلى السودان. لمواصلة هذا المشروع لتخريب معمار الفساد الذي شادته السلطة القضائية في السودان. بالبينة والعلم وبالمعرفة.
كل ما كتبته وأظل أكتبه اليوم وأنا في أمريكا كنت أصلا قدمته مكتوبا لدى رئيس القضاء، وللقضاة في المحكمة العليا، وللقضاة الذين أتهمتهم بالفساد،حين كنت في السودان.
(2)
إن الموضوع في غاية البساطة. نعم هو نادر الحدوث. لكن ليست فيه أية قدرات خارقة عندي،أو أي سحر. يتلخص كله في أمر معروف في المقاومة. كسر حاجز الخوف، من القضاة.
فالقضاة الفاسدون هم الأكثر انحطاطا من بين جميع أفراد الشعب السوداني، وأشدهم جبنا. وحتى الأوغاد بأشكالهم في سلالة الإنقاذ عليهم نور، مقارنة بالقاضي الفاسد. الموصوف في النص القرآني بأنه "كافر".لأنه بفساده يعتدي على الناس جميعا، وعلى المجتمع، وعلى الدين الإسلام ذاته بقرآنه وبحديثه (مقال سيأتي). وحتى رئيس الجمهورية عمر البشير، والطغاة من المتنفذين في حزبه، وقادة الميليشيات الموكَّلين المسلحين مثل حميدتي، ليست لهم خطورة القاضي الفاسد.
كان هذا التقديم ضروريا. لأنتقل إلى موضوع أسماء القضاة الفاسدين.
(3)
في المقاومة بالكتابة
فبعد أن يرفض الحاكم النصح الذي يقدم إليه،بدون العلانية، فيما يتعلق بفساد قضاته المحددين بأسمائهم، يجب على المثقف أن يستلم زمام الأمر. وأن يكشف فساد هؤلاء القضاة. بأسمائهم. للجمهور العام.
ولكن،
ندرك أن البنادق الأكبر،وتكنولوجيا القمع الغالبة، وسلطة الإيذاء ذات الشراسة، كلها بيد سلالة الإنقاذ. سلالة من الأشقياء لا يخيفهم شيء كما تخيفهم المقاومة بالكتابة. والكتابة أقوى وسائل المقاومة. لأنها تكشف، وتحلل، وتفسر، وتخلق وقائع، وتركب الواقع. من منظور صاحبها. وسلالة الإنقاذ يكتبون. لكنهم مدركون أن كتابتهم لا قيمة لها لا يصدقها أحد. مصيرها مصير كتاب مثقفي قبيلة الرزيقات "الضعين أحداث وحقائق" 1987 لم يصدقه أحد، وطواه النسيان. بعد أن تنكر له كاتباه. انضم أحدهما إلى جون قرنق، وظل الآخر يردد في مجالسه الخاصة أن كل ما ورد في كتابنا مذبحة الضعين والرق في السودان كان صحيحا. لهما الشكر والتحية.
سلالة الإنقاذ مستحوذون بالرعب من الكتابة. فانظر التكنولوجيا الهائلة من القوانين والإجراءات والقضاة ورجال الأمن والجواسيس والمهكرين و"المثقفين"، وغير ذلك مما تعبئه الإنقاذ بصورة مباشرة وغير مباشرة ضد الكتابة. حاولت الإنقاذ تغليق الباب على الكتابة عن الفساد، دون جدوى. تفسيره في منطق علاقات القوة عند المفكر الفرنسي فوكو..
وبالرغم من تكنولوجيا القهر، وبسبب تكنولوجيا القهر، نستمر نقاوم بالكتابة. فالمقاومة والقهر مشدودان دوما بعلاقتهما التضادية، لا يوجد أحدهما دون الآخر. إلى أن يحدث تغيير كيفي تتغلب فيه المقاومة بالكتابة على القهر (المفكر الفرنسي فوكو).
علينا أن نوسع مساحات حرية الكتابة إلى أقصى حدودها الممكنة، وغير الممكنة. كما فعل كتاب، فتعرضوا للعدوان والتعسف والمضايقة والملاحقة والحبس وسحب جواز السفر والحظر من السفر والاستدعاء والمصادرة والضرب والتنكيل بهم. بسبب "الكتابة".
أي، أن نرفض الحدود على الكتابة التي تفرضها سلالة الإنقاذ. سلالة، لأنه ثابت اليوم أنهم "مختلفون" عن بقية البشر، أنثروبولوجيا.
(4)
أهمية نشر أسماء القضاة الفاسدين
أجد صعوبة بالغة في أن أكتب عن الفساد القضائي دون ذكر أسماء القضاة الفاسدين الذين ظللت أحقق في فسادهم وأبحث فيه وأدرس نظريته، على مدى سبع سنوات. وكما قلت، تخريب معمار فساد السلطة القضائية هو مشروعي الأساس في بقية سنوات عمري. وأنا في السادسة والستين.
الأسماء مهمة. حين يتعلق الأمر بالموظف العام، خاصة القاضي. لأن عدم نشر الأسماء حين نكتب عن فساد القضاة يثير الشك حول كل قاض. فأعتذر للقضاة النزيهين الذين لابد أن مقالاتي عن الفساد في السلطة القضائية وضعت بعضهم مثار الشك المباشر بأنهم المقصودون بما أكتبه.
كذلك لنشر أسماء القضاة الفاسدين أهمية قصوى وعاجلة. لإنقاذ المتقاضين الغافلين الذين يتعرضون في هذه اللحظات، اليوم، وغدا،للاحتيال القضائي.
إن الكتابة بصورة عامة، دون تخصيص، عن الفساد القضائي،قد تكون لها فائدتها. لكنها تظل قاصرة بدرجة كبيرة. تترك القارئ في حيرة من أمره. وتترك المتقاضين الغافلين يسيرون إلى حتفهم عند القضاة الفاسدين المعروفة أسماؤهم للغير، مثلي. فلكأنا نتلذذ برؤية الضحايا يدخلون جحر الثعبان المتربص بينما كان ممكنا لنا تحذيرهم.
وفي جميع الأحوال، فإن جوهر مسألة نشر اسم القاضي الفاسد هو ما إذا كان الكاتب تحرى الدقة والعناية والتمحيص والصدق والأمانة وكانت بيده البينات والأدلة الدامغة، قبل إقدامه على النشر. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى، يكون من المنطقي أن يتم إلزام القاضي المتضرر بإثبات أن الكاتب كان يعرف الحقيقة وقصد إلى الكذب بشأنها.
فكل موظف عام يخضع للمراقبة الشعبية وللكتابة عنه. دون أن يكون له حق في احتجاج ضد الكتابة ككتابة. يقع عليه عبء الإثبات أن الكاتب كذاب يعرف الحقيقة عن الموظف النزيه لكنه زيفها، رعونة واستهتارا. أي، الإثبات أن الكاتب كان يصدر من "الخبث الفاعل"، وهو في القانون الأمريكي "آكتيف ماليس". ونعرف أن القضائية السودانية تلجأ إلى القانون الأمريكي (المكاشفي) والانجليزي (الصحقية لبنى)، حين تريد تعزيز حجتها. نقاومها بأدواتها.
(5)
عندما نشرت سودانايل اسم المحامي علي أحمد السيد
ظل المثقفون في السودان يوسعون مساحات حرية التعبير كلما وجدوا إلى ذلك سبيلا. وما إقدامي على نشر أسماء القضاة الفاسدين تدريجيا وفق حالة كل واحد منهم، إلا من نوع توسيع مساحة التعبير الحر بالكتابة.
خاصة لأن سودانايل نشرت مقالي عن الفساد في مؤسسة المحاماة. وهو المقال الذي أوردتُ فيه اسم المحامي الكبير الأستاذ الدكتور علي أحمد السيد وزميلته المحامية إيمان المك. وأسندت إليهما في ذلك المقال عن "فساد مؤسسة المحاماة" إفسادهما القضاة والمحاكم وموظفيها في السودان. وقدمت قائمة طويلة من أفعالهما الثابتة في مجال الفساد.
كنت متأكدا من البينات عندي، سلمتها للمحاميين، وللحكومة السودانية بأجهزتها ذات العلاقة، جميعها، بما فيها رئيس الجمهورية عمر البشير. فنشرتُ اسميهِما. في لحظة إلهام، انتقلت عدواها إلى محرر سودانايل.
وكما كنت أعرف، لم يتجرأ هذا المحامي، الأستاذ الدكتور علي أحمد السيد، الكاتب في سودانايل أيضا، على تحدي إسنادي الخطير ضده وضد زميلته إيمان المك في مكتبه. وأنا لم أتحدث في عموميات، ولا بالغمز. حددت بصورة واضحة وكافية أني اسند إليه وزميلته الفساد. إسنادات في صميم الشأن العام. هذا جزء من ما نشرته سودانايل في مقالي بعنون "الفساد في مؤسسة المحاماة":
"لكني وجدت هؤلاء المحامين أعرفهم يعملون أعضاء أساسيين في عصابات قضائية إجرامية. تلك التي احتلت المحاكم وحولتها إلى شركات إتجارية تعمل على نظام مافيا الجريمة المنظمة. وليست كلماتي على سبيل الاستعارة في لغة البيان. هؤلاء المحامون يعملون فعلا في مجال الجريمة المنظمة. بتقنياتها المعروفة.
"تحديدا أقصد المحامي الأستاذ الدكتور علي أحمد السيد. وقد كتبت ضده وزميلته وشريكته في مكتبه المحامية إيمان المك مئات الصفحات. فصلت فيها فسادهما وإفسادهما للمحاكم والقضاة، بالبينات المادية. وقدمته كله لرؤساء القضاء، ولجنة شكاوى المحامين، ورئيس الجمهورية وجهاز الأمن والمخابرات الوطني، والبرلمان، ووزير العدل والنائب العام.
"وهما المحاميان استلما أوراق ادعاءاتي ضدهما في يديهما حين كنت في السودان. فلم يتجرآ على مقاربة باب المحكمة يشكيان بأني كنت جئت بالبهتان. بل تنازلا عن تمثيل خصومي وهربا من الساحة. ...
"وسأعمل على أن يتم تقديمه إلى المحاكمة العادلة وإقصاؤه من العمل السياسي ومن العمل العام".
وكنت أوردت قائمة من الجرائم قلت إن المحاميين اقترفاها جميعها.
بعد كل كلامي أعلاه، لاذ المحامي علي أحمد السيد بالصمت، هو وزميلته إيمان المك.
لماذا؟
البينة، دائما البينة.
إن صمت المحامي علي أحمد السيد، وصمت زميلته إيمان المك، كان بسبب معرفتهما أن كل ما قلته علنا وبإفصاح مبين كان صحيحا. وأني أملك البينات. في صمتهما القرينة الواضحة المقنعة. وإلا لكانا قلبا الأرض رأس على عقب. تعرفون المحامين. متلقين الحجج، حتى قبل أن تتهمهم بالفساد..
وما بعد الاتهام بالفساد اتهام. لأن الإسناد من جانبي كان يعني أيضا أن المحامي الفاسد فاسد أيضا كشخص،في حياته الشخصية (راجع مقالي عن القاضي الشيطان وفيه نظرية العالمة أندركوفلر عن استحواذ الفاسد بالشطن، وأنه أصلا فاسد كشخص).
(6)
المحامي علي أحمد السيد.
يشار إليه بالبنان. برلماني. وسياسي في المعارضة. ومن ثم كان نشر اسمه ضروريا. وهو أيضا كاتب في الصحف، وفي سودانايل. ويسعى الصحفيون إلى إجراء لقاءات معه.عصامي بدأ طالبا في المعاهد الدينية. دخل جامعة أم درمان الإسلامية فيما يبدو أو جامعة أخرى لدراسة القانون. كان شيوعيا منظما له شأن. وعمل ضابط حكم محلي. نال الماجستير والدكتوراه. له كتاب عن قضايا الأحوال الشخصية. وآخر عن الحصانة القضائية. لا تذكر الأحوال الشخصية في السودان إلا ويذكر اسمه معها في نفَس واحد.تدرب على يده عدد مقدر من المحامين والمحاميات. جميع قضاياه كانت تنجح.
إلى أن تمت في 2007 و2008 جرجرتي غصبا عني إلى المحاكم.بعشرين قضية. كيدية جميعها. فالتقيت بالمحامي علي أحمد السيد وزميلته في الشركة، المحامية إيمان المك. المعروف أنها كانت في الجبهة الديمقراطية.
(7)
فكان الاكتشاف الذي زلزل كياني، وسبب لي الألم الفظيع، كدت أن أموت، ورقدت لكي أموت. وقبلت الموت. بسبب العدوان الفسادي ضدي كان يقوده هذان المحاميان. وبسبب نظام الفساد الذي كانا وطَّناه في محكمة الخرطوم العامة للأحوال الشخصية، وفي محاكم أخرى. كنت الضحية. لكني سرعان ما استجمعت قواي، وتغيرت إلى الضحية المتمكنة، فطاردت المحاميين والقضاة الفاسدين الذين كانوا يعملون لحسابهما.
ذلك الفساد، في تلك المحكمة بالتحديد، وفي غيرها من المحاكم، ينبغي على طلاب الدراسات العليا والباحثين في شؤون القضاء دراسته. أوراقه كلها موجودة. فالفساد هو أهم موضوع في القضاء والقانون في السودان.وأنا لم ألامس إلا قدرا منه في القضايا الخاصة بي. رغم أني قضيت سبعة أعواما في دراسة الكيفية التي أفسد بها هذان المحاميان كل واحد من القضاة الخمسة في المحكمة، وموظفين فيها. وكيف أفسدا، في معية القاضية المشرفة على المحكمة، قضاة كبار في محكمة الاستئناف، وفي المحكمة القومية العليا.وكيف أفسدا قضاة في محاكم أخرى، مثل محكمة حلة كوكو.
(8)
أكرر أن المسألة ليست شخصية. فيها البعد الشخصي الخاص، وأنا لا أخفيه. وهناك احتمالية التحامل الكامنة. ترياقها في الموضوعية وتاريخ الكاتب، هل كذب يوما في مقال كتبه؟
وكذا بإمكان الذين اسند لهم الفساد الرد بالكتابة، أو بالشكوى. فكتابتي ليست محصنة ضد الانتقاد. وليست كتابة سرية.
فهذه المسألة، بالدرجة الأولى، مسألة في الشأن السوداني العام.
ولنتصور مصير النساء الفقيرات والرجال الغافلين من الذين يقفون أمام القضاة الفاسدين من نوعية الذين يعملون لحساب المحامي علي أحمد السيد وإيمان المك، في جميع مساحات السلطة القضائية السودانية.
(9)
أوعزت السلطة القضائية، بسبب اكتشافي وكتابتي لها آلاف الصفحات عن فساد المحاميين علي أحمد السيد وإيمان المك مع القضاة، أوعزت إلى المحاميين التخلي عن تمثيل خصومي.وأمرتهما بالتغيب عن الجلسة ليتم الحكم لصالحي ضدهما وموكليهما. مما حدث. لأن الموضوع بزنيس، بالنسبة للمحاميين ولقيادة السلطة القضائية، ولم يكن موضوعا شخصيا.
ونقلت السلطة القضائية جميع القضاة الخمسة من المحكمة العامة للأحوال الشخصية بالديوم الشرقية. بترتيبات لا علاقة لها بالنقل الروتيني للقضاة. بل في سياق التحقيق معهم بشأن مذكرات رفعتُها ضدهم لدى رئاسة القضائية.
تم نقل القاضي أحمد الطيب عمر إلى سنار. لأني كتبت عن فساده.
أنس حسن مالك إلى كردفان. لأني كتبت عن فساده.
يحيى أحمد محمد خير إلى الشمالية، ثم دارفور، ثم البحر الأحمر. لأني كتبت عن فساده.
أزهري شرشاب كان أصلا تسير إجراءات إعارته للإمارات. كتبت عن فساده، حققوا معه ووبخوه، وأمروه أن يعكس أفعاله الفسادية، فعكسها صاغرا، وتركوه يسافر (يمكن لأي قارئ أن يطلب مني الأوراق في مئات الصفحات ليراجعها مع أزهري شرشاب نفسه).
أما القاضية الخامسة، المشرفة على المحكمة بقضاتها الرجال، كوثر عوض عبد الرحمن، فوضعيتها كانت خاصة، ذهبت إلى الخرطوم بحري مترقيةً قاضية استئناف! وهي كانت رئيسة العصابة القضائية. بالمفهوم العلمي لعبارة "العصابة". عاقبوا أعضاء العصابة شر عقاب، وأومأوا لرئيسة العصابة، حسنا فعلتِ.جلال.
هي القاضية التي ثابت للسلطة القضائية أنها اقترفت التزوير. في دفتر عرائض المحكمة. واختلقت بينات تم على أساسها إصدار حكم قضائي تم تنفيذه، ثم ألغته دائرة المراجعة في المحكمة العليا. جميع البينات الأسبوع القادم في موقعي الشبكي www.ushari.net.
...
فلنتذكر جميعنا الدموع والشقاء والألم مما لابد سببه القضاة الخمسة أعلاه والمحاميان للنساء الفقيرات وللرجال الغافلين.جراء الفساد الذي انطوى على نزع الأطفال من ذويهم. وتطليق النساء من أزواجهن، أحيانا لمصلحة قاض كبير. وسرقة أموال الأيتام. وسرقة التركات. والاتفاق العصابي على اقتسام العمارة المسروقة قضائيا من أصحابها (شقة للمحامي). والاحتيال في شؤون النفقة، والزيارة المسبِّبة للضرر.والقائمة طويلة ممتدة. كله بالفساد.
والفساد القضائييسبب الأمراض. ويُفقر. وهو يقتل. ليس لعبة. ولا هو أمر خاص.
(10)
الأستاذ الدكتور علي أحمد السيد من كتاب سودانايل، جريدتي المفضلة. أرحب برده على إسناداتي الخطيرة ضده. وسأعقب على كل ما يأتي به من حجج ليدفع عن نفسه أخطر اتهام يمكن توجيهه ضد أحد أعمدة السلطة القضائية، وعلم من أعلام المعارضة لنظام الإنقاذ.
من جانبي سأعتمد كدأبي أسلوبا موضوعيا يعتمد البينة والحجة والمنطق. مع بعض "إضافات" لاستفزاز المشاعر التي تلامس مناطق التفكير في الدماغ. وأترك الحكم ليكون في نهاية الأمر للقارئ.
فقضية السودان المحورية هي الفساد. خاصة الفساد في السلطة القضائية، ودور المحامين فيه.
(11)
ذلك أعلاه، كان أيضا لأبين موضوعين مهمين في تفكيك السلطة القضائية الفاسدة:
أولا، العلاقة اللصيقة بين التجربة الشخصية الخاصة والشأن العام. وحين يتعلق الأمر بالقضاء، تختفي الحدود بين الخاص والعام. فيستخدم العامُّ مادةَ الخاصِّ ليستصفي منها الدروس والعبر والنظريات التي يمكن أن يسترشد بها الشباب في مقاومة الفساد.
وكل كتاباتي عن تفكيك الفساد القضائي أساسها في تجربتي الشخصية. لكنها تصب جميعها في مقاومة قهر السلطة القضائية الفاسدة وطغيانها. وهو إسهامي مع آخرين أقرأ لبعضهم. غايتنا النهائية هزيمة السلطة القضائية الفاسدة. لتمكين الشباب من إنشاء قضائية جديدة كالشرط الضروري لأي تغيير ذي معنى في السودان. وإلا تمكن القضاة الطغاة الفاسدون في سلالة الإنقاذ، في معية المحامين الفاسدين، من إعادة دولتهم المدحورة في أشكال جديدة. وهم سيعلقون الشباب والشيوخ في المشانق.فعلوها من قبل.
.ثانيا، كل تعامل جاد مع الفساد القضائي لابد أن يسمي الأشياء بأسمائها. بما في ذلك أسماء القضاة. مع تبيين ما يكفي لإثبات فسادهم. ومع الإشارة إلى مظان للبينات محددة، وإلى أشخاص متاحين لمراجعتهم من قبل الصحفيين للاستيثاق من مدى صحة الادعاءات. وهنالك فرق واضح بين الإسناد القائم على البينة، وذلك المستدعى من التخيلات.
غير ذلك سنستمر نتحدث في العموميات، وسيضحك علينا القضاة الفاسدون. يقولون إن ما نكتبه لا ينطبق عليهم، حيث نحن لم نذكرهم بالاسم. فلكأنا نحرث في البحر بالكلام المعمم عن الفساد القضائي.
فالأسماء ضرورية.
عشاري أحمد محمود خليل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.