جاء في صحيفة سودانايل الالكترونية بقلم د. مصطفى أحمد علي وهو يكتب عن الأستاذ المرحوم محمد الواثق ما يلي: ((... و تنعقد الصلة بين الطالب الشاب و الشاعر الثائر على خلفية أحداث ثورة شعبان واعتقال الشاعر الذي نشر قصيدة رائعة المعاني، بديعة الاستهلال، في رثاء المناضل الجنوبي الشيوعي جوزيف قرنق، كانت حينها حديث الركبان: إذا فاح من جسمها الصندل يخالطه العود والمندل ومرّت تحيّيك والتفتت كما التفت الشادن الأكحل و كانت إذا بسطت كفها تطيل السلام ولا تعجل كان ذلك في أواسط عقد السبعينيات من القرن الماضي، و كان الواثق رحمه الله في قمّة عطائه الإبداعي في منتدى الأربعاء الأسبوعي الذي كان متنفسا للمبدعين من طلاب الجامعة، على اختلاف مشاربهم ،و في أم درمانياته التي كانت في واقع الأمر شكوى و بكاء و تحسّرا على ما كان يعهده من سعة و رحابة في لندن و باريس، و من كدر و ضيق في أم درمانوالخرطوم!)). نقول للدكتور المحترم أن القصيدة رائعة المعاني بديعة الاستهلال التي كتبها محمد الواثق على خلفية أحداث ثورة شعبان لم تكن في رثاء المناضل الجنوبي جوزيف قرنق بل كانت عن تجربة الاعتقال الشعبانية عام 1973م وكان يحكي فيها تجربته في السجن بعد حسن التخلص من أبيات الغزل المذكورة حيث يقول: كذاك استجاش الأسير الذي تكنَّع في قيده يحجلُ فتىً طال في السجن ما قد ثوى فمن سوره الدار والمنزلُ وهي قصيدة طويلة يذكر فيها طلاب التنظيمات السياسية المختلفة الذين كانوا معه في السجن: فمنهم فتىً لا يلذُّ الورى وأدمعهُ ثرةٌ منهلُ فمشعلُه كان مصحفه يورِّعه آيهُ المُنزلُ ومنهم فتىً عركته الدنا عصيباً بدا أمرُه المشكلُ فمشعلُه كان مطرقةً يعانقُ حافاتها المنجلُ وسائرُهم فتيةٌ أينعوا رأوا شعلة النور فاستبسلوا أما رثاء المناضل جوزيف قرنق الذي أشار إليه د. مصطفى فقد كان بعد أحداث يوليو 1971م التي أعدم فيها قرنق مع بقية رفاقه: هاشم العطا وفاروق حمدنا الله وبابكر النور وغيرهم، وقد كتب الواثق قصيدة الرثاء بتفعيلة حرة تحلل فيها عن القصيدة العمودية إذ يقول: صديقي المثابر جوزيف قرنق ترامى قبيل احتدام الشفق إلى سجن كوبر حيث شُنق فيا ربِّ هل .. على روحه أقرأ الفاتحة فقد عدم القبر والنائحة وألحد في التُّرب كيف اتفق صحيح أن تفعيلة القصيدة هي تفعيلة بحر المتقارب (فعولن، فعولن، فعولن، فعل) لكن لم يقيد الشاعر نفسه بحرف الروي كما في القصيدة العمودية بل زاوجه مزاوجة (شُنق، فيا ربِّ هل..، الفاتحة، النائحة، اتفق..الخ). أورد د. مصطفى أحد أبيات أم درمان تُحتضر خلافاً لروايته حين قال: ما كلّ يوسف من تعرى النساءُ له خذي ثيابك يا أم درمان فاستتري في عجز البيت يا دكتور: هذي ثيابك يا ام درمانُ فاستتري وليس خذي ثيابك، فالتفعيلة الأولى في عجز البيت سليمة حسب روايتها في الديوان وليست مخبونة كما جاء بها الدكتور. وفي الدالية روى الدكتور: وكلّ بيضاء ملء الدرع ناهضة والرواية الصحيحة: وكلّ بيضاء ملء الدرع بهكنةٌ ... والبهكنة هي الغضة الناعمة كما في القواميس. المعلومة الأخيرة أن الندوة التي كان ينظمها أستاذنا الواثق هي ندوة الإثنين الأدبية الأسبوعية وكان لي عظيم الشرف بعضويتها منتصف الثمانينيات الأولى ولم تكن هي منتدى الأربعاء إذ ليس لي فكرة عن منتدى أربعاء كان ينظمه فقيدنا، قال الشاعر سيد أبو إدريس أبوعاقلة يمجد جامعة الخرطوم: أخلافُ درَّك حُفَّلاً قد شمتها في ندوة الإثنين والعقادِ حيث تصادف أن حضر الشاعر سيد أبو إدريس الندوة وكان الموضوع المناقش عن عباس العقاد. هذا ما لزم التنويه له وشكراً د. مصطفى أحمد على إثارة الذكرى.