إسماعيل عبدالحميد شمس الدين – مقيم في قطر جمهورية أثيوبيا الفدرالية الديمقراطية التي أسماها الناس قديماً الحبشة ، حباها الله بالهضاب العالية ومجرى النيل الأزرق الذي ينبع منها و يصب خيراً عليها وعلى السودان ومصر ، وتُعد ثاني أكبر الدول في شرق أفريقيا من حيث السكان . شاء القدر أن تكون الملاذ الآمن لشعوب الأمة الأفريقية لدرء الأخطار ومواجهة الصراعات الدامية ،وبيت الحكمة والعقل من خلال المقر الدائم للاتحاد الأفريقي التنظيم الأوحد الفعال للقضايا الإقليمية بل أن دورها فاق المنظمات الدولية وعلى رأسها الأممالمتحدة .يقصدها الفرقاء من دول القارة السمراء لينفضوا منها وقد حملوا رايات الوفاق والسلام ويتوج اللقاء بمسمى (اتفاق أديس أببا) هكذا عرفناها ولعل أبلغ دليل على هذا أتفاق أديس أببا عام 1973 بين الشمال والجنوب السوداني ، هذا الاتفاق الذي سوف يظل رمزاً وعنواناً لحكمة الفرقاء في ذلك الوقت ، الأمر الذي يجعلنا نستبعد المقارنة بين تلك المفاوضات وما يحدث من جولات على مر السنوات الماضية للأسباب التالية. 1-عندما تم اختيار المفاوضين من الجانبين كانت اُسس ومعايير الاختيار للكفاءة العالية والوطنية الصادقة والرؤية الواضحة لمستقبل الشعب السوداني شماله وجنوبه وايقاف آلة الحرب والدمار والتشريد والنزوح ويكفي أن كان من بينهم حكيم السودان والقاضي العادل أبل ألير والقانوني الضليع النقيب عابدين إسماعيل ونخبة من قادة الفكر والسياسية من شمال السودان وجنوب السودان ، ولاقت الاتفاقية نجاحاً منقطع النظير إلى أن تم إجهاضها من داخل السلطة وعرابها من ذوى الرؤية القاصرة ، والمهم في الأمر أن النخبة السودانية المقتدرة هي التي كانت تقود التفاوض الى بر الأمان . 2- المفاوضات الحالية التي تشتت من تلاطم الهضاب الأثيوبية بفعل المفاوضين لأسباب عديدة أيضاً ومنها على سبي المثال : من الذي فوض هؤلاء من الجانبين لإجراء مفاوضات قد تقود لانشطار أجزاء أخرى من الوطن السودان ؟ وأمر ٌ آخر اما كان الأجدى للسلطة الحاكمة الاستنارة بمستشارين من أهل الرأي والفكر ممن تم اقصائهم بهدف احلال الولاء محل الكفاءة وهم اليوم داخل السودان وفي دول المهجر وتشهد لهم أعمالهم في الحقل الدبلوماسي والسياسي والفكري بل وصل بعضهم لمهام مستشارين في عدة دول ولحكومات ، وايضاً للمنظمات الدولية ويشار اليهم بالبنان ولكنه الكبر والاستعلاء الذي صاحب أصحاب القرار لمدة 25 عاماً. 3- أن كلا الطرفين من المفاوضين قد قدموا للدولة الإثيوبية وهم على دراية تامة وقناعة مطلقة بفشل المفاوضات لا للقصور الذي يصاحبهم فحسب ولكن للغشاوة على ما هو ظاهر للبيان ، فالسلطة أعلنت عن انتخابات رئاسية خلال أشهر وبدأت بالتسجيل الانتخابي ومقبلة على ذلك في إصرار والمعارضة من الجانب الآخر منقسمة على نفسها وتستند على ( حيطه مايلة -حائط مائل) سموها اتفاق باريس أو نداءات الشجب والاستنكار المتكررة ونسوا أو تناسوا ان أصحاب القضية الحقيقيين في الداخل السوداني. إن هذه المفاوضات وغيرها من المفاوضات الثنائية كان لا بد أن تلقى مصير سابقتها في اطالة عمر الانقاذ سنة بعد أخرى ولخمس سنوات قادمة كما خُطط لها ، فاذا كان التفاوض الحالي بين الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني فأين بقية الأحزاب التي أحصاها السيد رئيس الجمهورية (83) حزباً والمدهش أن القرآن الكريم شمل 60 حزباً فتفوق أهل السياسية في العدد ، وأين الغالبية الصامتة الصابرة من شعب السودان وأين الشباب من الجنسين الذي إعتلى صوته في شموخ في انتفاضة سبتمبر 2013 وتركتموه وحده يواجه النظام قتل وسجون وملاحقة ، ومع اقتناعنا التام بأن لأهل جنوب كردفان والنيل الأزرق ودارفور قضية وقضايا تدمي لها القلوب فأهل السودان جميعهم يعانون الويلات من الغلاء والمهانة والملاحقة الأمنية ، وخاطبوا أنفسكم أيها الفرقاء بكل صراحة أهي القوة التي تستندون اليها في السلطة الزائلة من أجهزة الأمن والقوات المسلحة الطاهرة التي دفعتموها دفعاً لمعارك لا علاقة لها بها ، فهو صراع بين السياسيين على السلطة والمال والاقتصاد المنهار بالفساد ، أما أنتم الذين تعتمدون على حل السلاح في وجه جيش بلادكم ، فمن يأمنكم يوم تعتلوا أجهزة الحكم والجري وراء العنصرية، وما هي البطولات التي أنجزتموها على الأرض ولا يزال أهل دارفور يعانون الويلات ومن الدلائل قضية تابت التي تتوج المعتدين بالخزي والعار لهم ولأسرهم والهروب خلف الأسوار الخارجية من قادة الحركات . أقول ويقول غيري الى أين نجن سائرون ؟ وما هو المصير الذي ينتظر شعب السودان والثورات العربية قد تجاذبتها قوى متصارعة لتضيع أرواح شهداء الثورات هدراً ، أقول لكم أتركونا أتركوا شعب السودان إذا كان هذا حالكم وهذه هي أعمالكم فلماذا لا تتفقوا بلا مفاوضات على الرحيل فتجربة الشعب السوداني أثبتت ضعف القيادة في أكتوبر 1964 وأبريل 1985 وهو القادر وحده بعون الله على التغيير والرحمة من الخالق الجبار. [email protected]