المفاوضات بين المؤتمر الوطني وحكومة السودان من جانب وقطاع الشمال والجبهة الثورية من جانب آخر ،، في غياب السودان وشعب السودان إسماعيل عبدالحميد شمس الدين – مقيم بقطر تبدأ المفاوضات بين الجانبين تتخللها الضحكات الصفراء والابتسامات التي تتداري خجلاً من أجهزة التصوير، وأعين المراقبين ، حتى لا تكشف بواطن المفاوضين فالوفد الحكومي يكرر نفس النهج الذي سار عليه في الماضي بإقصاء الآخرين من التفاوض في القضايا المصيرية في الوقت الذي يصرخ بالصوت العالي لفتح باب التفاوض مع كل القوى الوطنية متنكراً لأطروحات لم يجف مدادها بعد، والوفد المعارض حاضراً للتفاوض وهو محاط بالنيران التي تتساقط على جنوب كرفان وكادقلي وقرارا ت السلطة الحاكمة باعتبارهم خارجين عن القانون وموصومون بالخيانة العظمى ليس وحدهم بل كل من يتعاون معهم فعلاً او قولاً ، وجلوسهم في مؤتمر التفاوض وقلوبهم مع القضايا الشاملة لشعب السودان دون تفويض من قيادات القوى الوطنية ، فكان لا بد أن يتفرق الجمع وينفض لقاء الطرشان. فلماذا الأنانية والغطرسة السياسية حتى في قضايا شعبنا المصيرية وسط لهيب من حرب مستعرة ومجاعات وتشريد ؟ ولماذا لايعودأهل السياسة موديل القون 21 للتجارب السابقة في التفاوض الذي يُبنى على أسس علمية وقانونية كما فعل أهل السودان في الحكومات المدنية والعسكرية وعلى سبيل المثال ففي اتفاقية أديس أببا عام 1973 اختار الرئيس السابق النميري شخصيات من الصفوة المتميزة في القانون والسياسة أمثال أبن الجنوب البار أبل الير والنقيب القانونيعابدين إسماعيل ولفيف من الأشاوس ويتفاوض الوفد في نقاط ثم يعود كلا الوفدين للقيادة والمشورة حتى يتم الاتفاق. ويتكرر المشهد في اتفاقية السد العالي وتهجير أبناء حلفا على الرغم من اختلاف الناس في نتائجها ولكنه أسلوب التفاوض القيادة المتمكنة والمشورة الصادقة ، وهكذا كانت مفاوضات أهل السودان لنزع الاستقلال واعلان دولة السودان المستقلة التي قال عنها الزعيم الأزهري ( حققنا الاستقلال نظيفاً زي صحن الصيني لا فيه شق ولا طق) نعم صدق الزعيم فلم يتضمن فصل الجنوب أو إشعال الحروب في الغرب والشرق وبدأت الحياة مع دول الجوار وسارت لسنوات الديمقراطية جواراً وأباءا وتصاهراً وعلاقات طيبة مع دول العالم دون حظر أو إقصاء وبقادة دبلوماسية مقتدرة علماً وفكراً وخبرة فكان الرعيل الأول من الدبلوماسيين الذي أذهل العالم بأدائه المتميز أمثال مبارك زروق ومحمد أحمد محجوب وأحمد خير وبشير البكري وغيرهم من الذين سجلوا أسمائهم بسجل من نور في عالم الفكر والمعرفة ولو جلس اليوم طلاب السياسة والدبلوماسية للاطلاع على مذكراتهم لتغير حالهم ولكن للأسف إنتهى الدرس ، وأصبح الطريق الى التوهان المهج المُفضل لهم. الاتحاد الأفريقي الذي اختار أحد القادة الذين ناضلوا أبشع صور الاستعمار والتفرقة العنصرية ( أمبيكي)وهو المحق لجائزة نوبل للسلام ، احتار في أمرهم ومنحهم اجازة مرضية لمدة عشرة أيام ليعودوا بعدها وقد شخصوا عيوبهم وأمراضهم بوصف طبية تقول أن الأمر يهم كل شعب السودان والقضية شاملة فإما أن يُتشكل الوفد جامعاً كل القوى السياسية حزبية ومنظمات المجتمع المدني أو تختار المعارضة وفداً جامعاً ويجلس الجميع للتفاوض في مؤتمر جامع يبحث كل قضايا السودان وتدعيمه وتغذيته بأهل الفكر والمعرفة بالسياسة وأخلاقياتها ، وبلفيف من العسكريين الذين زجوا بهم في حروب أهلية لا حول لهم فيها ولا قوة لأنها حروب الصراع على السلطة والتسلط وهم الأدري بشعاب القضية من الناحية الأمنية. وإن الخطوات الاستباقية سوف تفتح الطريق للتفاوض سواء مع حاملي السلاح أو أبناء شعب السودان مُمثلين في أحزابهم وتنظيماتهم بمبادرة من القيادة العليا بإعلان العفو العام عن جميع المناضلين من حملة السلاح ومن كافة المتهمين في انتفاضة سبتمبر 2013 والسعي بجدية في تشكيل الحكومة الانتقالية إطلاق الحريات العامة، مع عدم إقصاء المعارضين والتحضير للانتخابات الرئاسية والبرلمانية وعلى قادة المعارضة أن يختاروا مرشحهم للمنافسة حتى يظهر على الناس الآن – الآن فيختبروه في برامجه لأن الحكم القادم ربما يكون باروداً سوف ينفجر لمن يضل الطريق عن قضايا شعبنا الذي ذاق الويلات عقود وسنوات وبالله التوفيق. [email protected]