تواءمت مع قدري فى بلاد المفاتيح.. هذه أرض المستحيل ، وقُدس اقداس الصحارى والسواحل، وسلطنة أفريقيا السمراء، التى لا تفنى ولا تُخلق من العدم..! حِسّك عينك تقول، أن الجماهيرية ، لم تطبِّق الإسلام والاشتراكية ، فوق أنها تدعو الى: الوحدة ، و تحرير العبيد ، و القدس، والساندينيستا،، إلخ.. تركتهم فى وطني، يشطبون المرحلة المتوسطة ، تقرباً الى اللجان الثورية، التي كانت كما الله فى كل مكان..! رأيتهم بِعينيَّ هَاتين ينبطحون للقائد الأُممي الذي بنى طريقاً بإتجاهين.. إفتتح أحدهما وإحتسب الآخر ، فأثنوا عليه كثيراً .. كسروا له جدار السجن، وغيَّروا إسم الحي القديم، إلى "عمر المختار"، لعلّه يرضى.. ثمّ أنصتوا معه خاشعين ل "أصبح الصبحُ ولا السجنُ ولا السجانُ باق"..! ولمّا آب الى أرض مفاتيحه، أُعيد الجِّدار ليبقى السجان فينا، و سيبقى حيناً من الدّهر ، حتى يكتمل بناء الظرف الثوري..! فى مدخل ميدان الشهداء بمدينة الزاوية، حيث تفوح الشطايا، قرأت لافتةٍ كاذبةٍ خاطئة، مكتوبةٌ هكذا: "الجَّان فى كل مكان" .. نعم ، لقد نسيوا" اللّام"، فأصابوا حيث أخطأوا..!ها أنذا أحفظ الكثير من شعارات القائد الأُممي ..إستهواني شعاراً فيها يقول، أن البيت لساكنه، وأن الأُجراء مهما إغتنوا، فهُم نوعاً من العبيد..! و "باهي، باهي".. هذا هو العدل الذي أبتغيه ، هذه هي الاشتراكية التي يريح أعصابى من دفع حقّ الإيجار..! غداً، أيّها الشبل السّعيد ، سأخرج من "بيتي" الذي تحتله أنت الآن ، و سأبحث عن متكأ فى "إرم ذات العِماد"، التى لم يُخلق مثلها إلا فى طرابلس الغرب..سأفترش هناك شقة على البحر، ولن أدفع فلساً واحداً، وسيتقبلها مني أبو مِنْيار ،مساهمةً سودانية خالصة، ضِمن ذاك الشّبق الأُخواني، في تطبيق نصوص الفكر الأخضر..! قد يحدث هذا غداً..! أما الآن، فقد كان الشِّبل الأكبر عِندَ ربّي ، يتمددُ فوق سريري، و يُدير ُ شيئاً مخملياً..... هل أرسله ربّي، لِيتّخذُنِي هُزواً ، أم أنه يَبْغِيني رغم أنفي أنيساً له فى هذا الليل..! ما العمل..؟! فهذا الشِّبل سيرفعني الى كشف الصالح العام ، إن رفعت عليه صوتي..! ما العمل، يا سيدي لينين، هل أنجزَ ماركس وإنجلز، شيئاً بهذا المعنى، فى "فائض القيمة"..؟! كانت أُم كلثوم تكْرُف منديلها، وتتهادى بين مقطعٍ الى كوبليه، بآهاتٍ تُقطِّع نياط القلوب..كانت صفافير العشّاق السُّكارى، تجبرها على إعادة التنغيم، مرّةً ومرّتين..! مد الشِّبل يده بجرأة، ونزع شريط السِّتْ، وقال : خيرك يا سودانى، إنت تسمع أُم كلثوم..!؟ أنظر كيف كان يستكثر عليّ ،سماع النّشيج..! قلت على سبيل الهَدْرسة : نعم، أنا أسمع السِّت، وأشدو مع القماري، وقد كنت عاشقاً في ما مضى ،أما الآن، فأنا في "عرضك"..! شيين "عرضك" هاي يا سوداني..!؟ ..هكذا كان يُسائلني الشِّبل ، وهو في خَدَره اللّذيذ ، الذي كنتُ أحسَدُه عليه ..! قلت ليك ، يا شقي الحال ، قوم من "عنقريبي" خليني أنوم....! فى ذلك الليل ، أدركت لماذا انسحب روميل من هنا، دون أن يُدرك سراً واحداً من أسرار الصحراء.. أخذني الظلام وإختطّ في جبهتي وشمُ السهر، و أصبح الصبحُ دونما هُوادة ، ودونما حياء، ممّا يفعل الثّوار تحت أضواءه الكاشفة.. وماهي إلا لحظات حتى داهمني ربّي صاحب الفُرن الذي جاء ينهرني، وينزع عني غطاء الشّتاء، وهو يصيح :"خيرك يا سودانى، ما زال قاعد راقد"..!؟ ثم سطعت الشمس، فكانت روحي أمام تل من خبزي الحار..إنّه صِناعتي و بِضاعتي، التي لن أبيعها لهؤلاء المفاتيح، إلا بعد السؤال العجيب :"في خُبزا"..؟!