هل فشل مشروع السوباط..!؟    بلومبيرغ: قطر تستضيف اجتماعا لبحث إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا    سوق العبيد الرقمية!    مخاوف من قتال دموي.. الفاشر في قلب الحرب السودانية    صلاح في مرمى الانتقادات بعد تراجع حظوظ ليفربول بالتتويج    أمس حبيت راسك!    راشد عبد الرحيم: وسقطت ورقة التوت    وزير سابق: 3 أهداف وراء الحرب في السودان    علماء يكشفون سبب فيضانات الإمارات وسلطنة عمان    الصين تفرض حياة تقشف على الموظفين العموميين    (المريخاب تقتلهم الشللية والتنافر والتتطاحن!!؟؟    معتصم اقرع: لو لم يوجد كيزان لاخترعوهم    وكالة الفضاء الأوروبية تنشر صورا مذهلة ل "عناكب المريخ" – شاهد    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    إقصاء الزعيم!    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقائق حول النيل (1) .. بقلم: بروفيسور بابكر عباس محمد أحمد
نشر في سودانيل يوم 23 - 04 - 2015


بسم الله الرحمن الرحيم

المقدمة .
الكل يتابع الجدال الدائر و المتزايد حول قسمة مياه النيل هذه الأيام . و الذي تمخض حتي الآن إلي تقسيم هذه الدول المتعايشة في أمن و سلام منذ مائة عام أو أكثر ألي دول منبع .. ودول مصب . مما يوحي بمراحل استقطاب لاحقة , قد لا تكون مستساغة أو حتي مقبولة كهذه .
و إذا قدر للكاتب أن يبدأ مقالاً بخلاصته , فإنني أقول إن الدول الأفريقية المعنية إذا تقاتلت حول مياه النيل ستثبت للعالم اجمع , ولمواطني القارة علي وجه الخصوص . إننا نحن الأفارقة فعلاً قوم عاطفيون , نحتكم للعموميات لا الحقائق , ونتعامل بالأوهام لا بالواقع , ونلبي أهداف دول أخري لطالما استضعفتنا و فرقتنا , لا لاحتياجات شعوبنا المكافحة و الصابرة والفقيرة . وذلك ينبع من حقيقة بسيطة و واضحة وضوح الشمس , أن مياه هذا النهر العظيم كافية للجميع ليعيشوا في رغد من العيش و الأمن الغذائي و الترفيهي، فقط إذا استلهم الجميع الآفاق الممكنة وفق الإمكانيات المتاحة , و أحسن الجميع استغلال الموارد الطبيعية و البشرية للخير , لا للحرب . للنماء و الرفاهية لا للتمزق .
النيل أرقام و حقائق :
جغرافية نهر النيل
يتكون نهر النيل من نهرين رئيسيين هما ( النيل الأبيض ) الذي ينبع من منطقة البحيرات و تغذيه روافد لا حصر لها داخل السودان . بينما ينبع ( النيل الأزرق ) من الهضبة الإثيوبية (بحيرة تانا ) ولا يكاد يغذيه سوي نهرين صغيرين و إن كانا هامين هما نهر ( الدندر) و ( الرهد ) من داخل الأراضي السودانية إضافة لنهر عطبرة النابع من الحدود الإريترية الإثيوبية قرب الحدود مع السودان.
(1) . النيل الأبيض :
عبارة عن موجة فيضان واسعة وبطيئة تتصرف فيها المياه الفائضة من منطقة البحيرات . حيث تعتبر بحيرة فكتوريا المصدر الأم وهي أكبر بحيرة عذبة في نصف الكرة الشرقي إذ تبلغ مساحتها ( 6700 ) كيلو متر مربع و متوسط عمقها ( 40 ) متراً وقد تصل أعماق بعض قطاعاتها إلي ( 80 ) متراً و تعلوا سطح البحر بنحو ( 1133 ) متراً . وتتغذي من رافدين أساسيين هما .
أ. نهر الكاجيرا و الذ ينبع بالقرب من بحيرة ( تنجنيغا ) بإرتفاع ( 2710 ) متراً.
ب. نهر أكانيارو الذي ينبع من شرقي بحيرة كيفو شمال خط العرض الثالث جنوباً ( رواندا – بورندي ) .
يبلغ إيراد البحيرة ( 114 ) مليار متر مكعب من المياه في العام , حيث تمدها الروافد المذكورة بما يساوي ( 16 ) مليار ويسقط عليها من المطر ما يعادل ( 98 ) مليار متر مكعب ( متوسط الأمطار فوق البحيرة 1190 مليمتر ) . ولكن نسبة لإرتفاع درجات الحرارة فإن البحيرة تفقد معظم مائها محلياً في شكل بخار , حيث تفقد ( 93 ) مليار متر مكعب ليكون الماء المتدفق من نيل فكتوريا ( 21 ) مليار متر مكعب . علماً بأن الماء الساقط من المطر لا يسقط علي البحيرة فقط بل يسقط علي الأراضي التي تحيط بها من وديان وجبال وسهول مما يجعل المنطقة من أغني بقاع الأرض بالماء العذب .
يتحدر نيل فكتوريا شمالاً فوق شلالات ريبون و شلالات أوين , و التي أغرقها سد ينته الحكومة المصرية عام 1954م لتوفير الكهرباء ليوغندا و لتخزين المياه , و سعته مائة مليار متر مكعب من الماء . يسير النهر بشئ من السرعة لمسافة قصيرة ( 80 كلم ) ثم يتحول إلي نهر بطئ محفوف بالمستنقعات و النباتات المائية حتي يدخل بحيرة ( كيوجا ) وهي بحيرة ضحلة عمقها ( 4-6 متر ) وتبلغ مساحتها ( 180 كلم مربع) ثم يدخل منها حتي يصل شلالات ( كروما ) ثم شلالات ( مرشيزون ) ثم ألي بحيرة ( ألبرت ) .
تمثل بحيرة ( كيوجا ) منطقة فقدان نسبي و تبخر للمياه حيث تدخلها ما مجموعه ( 32.1 ) مليار متر مكعب و يخرج منها ما مقداره ( 19.7 ) مليار متر مكعب .
تبلغ مساحة بحيرة ( ألبرت ) 5300 متر مربع و متوسط عمقها 12 متر و تعتبر المخزن الرئيسي للبحيرات الإستوائية حيث تتجمع فيها مياه نيل ( فكتوريا ) و أنهار ( سمليكي ) و الذي يصرف بحيرات ( إدوارد – جورج ) و مجموعات عديدة من الروافد الصغيرة و النشطة . رغم صغر حجمها تتميز بحيرة ( ألبرت ) بقلة الفاقد بالبخار مما يرشحها لتكون بداية لمشروع تخزين مستمر للمياه لكل الدول المستفيدة من مياه النيل .
من الشمال الغربي لبحيرة ( ألبرت ) يخرج النيل ويمر ببحيرة صغيرة (بحيرة نو ) علي الحدود السودانية الأوغندية وكان يعرف بنهر ( ألبرت ) ولكن الآن يعرف بإسمه الحقيقي ( نهر الجبل ) حيث يدخل السودان بهذا الاسم و يحمل ما يعادل ( 22 ) مليار متر مكعب من المياه . ويتصل بالعديد من الروافد داخل السودان والتى ترفده بمقدار متوسط من المياه ( حوالى56-70 مليون متر مكعب يومياً) في موسم الأمطار ( إبريل إلي أكتوبر ). ونسبة للتذبذب الشديد في هذا الإمداد فإن من المشاريع المقترحة ، إقامة سدود علي هذه الروافد للتحكم في مياهها وتخزينها عند الذروة الموسمية .
من بلدة منقلا ( 225 كلم شمال بحيرة ألبرت ) يدخل النيل منطقة السدود الممتدة حتي بحيرة (نو ) حيث تتغير صفات النهر و تكثر المجاري الفرعية . إذ أنه يدخل منطقة سهول منخفضة ، فتكثر الحشائش و البعوض و المستنقعات و تفقد كميات مقدرة من المياه بالتبخر و ( التوهان ) في مستنقعات عديدة تتناثر أثناء الفيضان و لا تعود مياهها إلي النهر بعده، إذ أنها تقبع في المجاري الفرعية , فتبدو المنطقة و كأنها مستنقع شاسع لا يكاد يري فيه مجري النهر الرئيسي .. ونسبة لإجتماع ذروة الفيضان مع موسم ذروة الأمطار ( 800 ملمتر ) فإن ذلك يؤدي لفيضان بحر الجبل المألوف و الذي لم ينقطع يوماً . وإلي الشمال من بلدة جونقلي فى جنوب السودان تختفي الضفاف نهائياً , ويزداد الفاقد بدرجة عظيمة , وتتكون ظاهرة عجيبة وهي الجزر المتحركة وهي عبارة عن كتل ضخمة من الأشجار و النباتات يجرفها الفيضان و يقتلعها من مواقعها الأصلية عاماً إثر عام و تظل طافية علي سطح النهر , وتتجمع أحياناً بكميات ضخمة يصعب اختراقها ،و تشكل سلسلة سدود كاملة متحركة ( وتعرف بمنطقة السدود) .. لذلك اقترحت المنطقة لإنشاء قناة صناعية ، لتصريف النهر ( أو السدود ) في إتجاه شمالي ينعطف قليلاً للشرق لكي يصل مدينة ( ملكال ) دون العبور أو الدخول في المستنقع . وقد تعطل إنشاء القناة ( وهي مشروع سوداني – مصري ) عام 1983م أثر إندلاع حرب الجنوب الأخيرة بعد أن قطع العمل شوطاً طويلاً.
الأمر الهام في هذا النهر الشاسع ( بحر الجبل ) أنه تصل إليه داخل جنوب السودان المياه الناجمة عن خط تقسيم المياه بين حوض نهر النيل وحوض نهر الكنغو و التي تحملها أنهار عديدة منها ( نهر ياي – نهر التونج – نهر مريدي الذي أقيم عليه سد عام 2010م – نهر النعام – نهر الجور – نهر اللول ) وتقدر ما تحمله هذه الأنهار من مياه بنحو ( 8 ) مليار متر مكعب سنوياً . علاوة علي تصريف نهري بحر العرب و بحر الغزال البالغة ( 8-11 ) مليار متر مكعب تصب في النيل الأبيض .
عليه فإن السودان يجب أن يحتل مكانه الحقيقي كدولة منبع ودولة مصب أو علي الأصح و علي وجه الدقة . دولة منبع ودولة عبور إذ لا النيل , و لا أحد فروعه، ينتهي في السودان .
هل هذا الوضع الحقيقي يعطي السودان موقعاً أفضل أم أسوأ في المفاوضات و الجدل أو لنقل النزاع القائم .!! .
لا شك أن ذلك متروك لحنكة الدبلوماسية السودانية ، و التى تحتكم للظروف الداخلية للسودان و الأقليم المحيط به, و لكن من الواضح أنه يعطي السودان موقعاً متميزاً و مختلفاً و يبعده من المحورية ويجعله دولة وسيطة , وهذا ما عرف به السودان :مأوى اللاجئين و المهاجرين الذين تضيق بهم بلادهم , ومصدر غذاء لكل جيرانه ...
(2 ) النيل الأزرق :
هذا النهر العظيم له أهمية فريدة فهو الذي يمد النيل الكبير بما يعادل 70% من المياه , و يعبر مناطق التلال في كل من إثيوبيا و السودان. يخرج النيل الأزرق من بحيرة ( تانا ) و يعرف محلياً بإسم ( أبايي أى الأب أو الكبير ) وترتفع محابسه العليا( 1840 ) متر فوق سطح البحر. يتقوس أبايي تقوساً شديداً داخل إثيوبيا ، كما يلاحظ عمقه الشديد و الذي يبلغ أحيانا ( 1500 ) متر علاوة علي كثرة الشلالات و الجنادل التي يمر بها و أهمها شلالات ( تيسأت ) و التي تسقط فيها المياه من علو ( 50 ) متراً . و نسبة لتقوسه الشديد فإنه يجمع كميات ضخمة من المياه أثناء عبوره الهضبة الحبشية . فبينما يخرج من بحيرة ( تانا ) وهو يحمل فقط 6% من مياه النهر , يجمع أثناء تموجه العجيب ما يفوق 90% من المجموع الكلي للمياه التي يحملها من الروافد العديدة و الأمطار الموسمية , و ينحدر النهر إنحداراً شديداً في طريقه غرباً نحو السودان , بمعدل متر كل كيلو متر حتي يصل السودان عند مدينة الروصيرص علي مسافة ( 975 ) كيلو متر من منبعه في بحيرة ( تانا ) , ونسبة لإنحداره الشديد فهو قوي التيار , ويؤدي ذلك لظاهرتين هامتين هما :
أ. انعدام الفاقد بالتبخر ( إلا النذر اليسير ) .
ب. عملية التحاك و التي تذيب التربة و الصخور البركانية وتجعل ماء النهر مصدر للطمي و الخصب في السودان و مصر .
ينحدر النهر بيسر نسبي من الروصيرص إلي الخرطوم ( 640 كلم ) و يجري فوق سهول صلصالية رسوبية كونها النهر نفسه في الأزمان السابقة و التي كان يفيض فيها فيضاناً و اسعاً يغطي مساحات شاسعة من السهول السودانية المنبسطة , كما لا تضيع من النهر كميات كبيرة من المياه خلال فترة الفيضان نسبة لإرتفاع ضفافه . ونسبة لالتوائه الشديد حتي في السودان فإنه أحياناً تتكون في مجراه بحيرات داخلية تحفظ كميات كبيرة من المياه حتي في موسم أدني الفيضانات و لعدة شهور بعد إنتهاء موسم الأمطار. وفي طريقه صوب الخرطوم يلتحم به رافداه الوحيدان: نهري ( الدندر – الرهد ) وهما و إن كانا موسميان يجفان تماماً بعد انقضاء فصل الأمطار إلا أنهما سوياً يمدان النهر بمقدار 4% من مائه ( 3% نهر الدندر – 1% نهر الرهد ) وعليه يمكن جرد حساب مياه النيل الأزرق عند الخرطوم و البالغة نحو ( 52 ) مليار متر مكعب سنوياً كألاتي:
- من بحيرة تانا 6%
- من روافده بالحبشة 90%
- من نهر الدندر 3%
- من نهر الرهد 1%
- المجموع 100%
يعتبر التقاء النيلين الأبيض و الأزرق في الخرطوم من أبدع المشاهد الطبيعية فى العالم، ويمكن تمييز ماء النهرين حتي عدة كيلومترات بعد المقرن . فماء النيل الأزرق في الموسم الهادي ماء صافية شديدة الزرقة ، و ماء النيل الأبيض ماء عكر رمادي يميل للاصفرار . أما في ذروة الفيضان فمياه الأزرق بنية داكنة مزبدة شيئاً ما ، بينما مياه الأبيض صافية مائلة للاخضرار و هادئة يكاد ينعدم فيها الموج إلا في الضفاف. يبلغ تصريف النيل الأزق عند سوبا ( جنوب الخرطوم ) في ذروة الفيضان نحو اً من ( 600 ) متر مكعب من المياه في الثانية .
يستفاد من مياه النيل الأزرق في الري بالراحة ( الانسيابي ) لزراعة حوالي ( 1,5 ) مليون فدان في مشروع الجزيرة , و ( 40 الف ) فدان في مشروع السوكي و ( 100 الف ) فدان في مشروع الرهد , ومشاريع صغيرة أخري لا تكاد تساوي ما تسحبه من ماء واحد من عشرة (0.1%) من المائة في حجمها ، إذ يبلغ ما يسحب من الماء من خزان سنار ما يكاد يساوي فقط تدفق المياه في يوم واحد من أيام الفيضان !
(3 ) نهر عطبرة .
يلحق بالنيل في مجراه الموحد شمالاً نحو مصر و ينبع من تخوم منطقة غندار(فى الهضبة الأثيوبية )، رافده الرئيسي نهر( باسلام ) و ينحدر قريباً من منطقة القلابات الحدودية متحداً مع نهر تكزاي ( ستيت داخل السودان ) و الذي يسير في خط حدودي بين إثيوبيا وإريتريا قبل أن ينحدر بسرعة انحدار تبلغ ( 12,5 متر في الكيلو الواحد ) مما يؤدي لجرف التربة و تفتيت الصخور . لذلك يحمل هذا النهر أثناء الفيضان ( شهر يوليو- أغسطس ) حوالي ثلاثة كيلو جرامات من الطمي في المتر المكعب من الماء، بينما يحمل النيل الأزرق نحو كيلو جرام واحد من الطمى في المتر المكعب من الماء. يتميز نهر عطبرة بجريانه السريع حاملاً نحو (12 ) مليار متر مكعب من المياه لتصب في النيل قرب مدينة ( عطبرة ) علي بعد نحو (280 ) كيلومتر شمال الخرطوم و يعتبر نهر عطبرة آخر الروافد التي تصب في النيل في مساره شمالا" و يقدم 17% من طاقة النيل المائية الكلية .
حقائق حول النيل(2)
(4) الظواهر النيلية .
من الظواهر النيلية التي حار فيها الباحثون كثيراً هي كثرة الجنادل و الشلالات في مجري النيل الرئيسي ( المتحد ) , إذ تبلغ ( 6 ) شلال و جنادل بداية من شلال السبلوقة (أو الشلال السادس) شمال الخرطوم حتي ينتهي بالشلال الأول جنوب أسوان , ويعتقد العديدون أن ذلك ناجم من حداثة مرور مجري النهر بهذه المنطقة ( جيولوجياً ) و إلي تداخل أنواع الصخور , حيث استطاع النهر أن ينحت الصخور اللينة كالخرسان النوبي ( الحجر النوبي الرملي الذي بنيت به الأهرامات شمالاً وجنوباً ) حتي إذا وصل إلي الصخور الجرانيتية الصلبة فكان لابد من مرور وقت أطول حتي يستطيع أن يزيلها من مجراه تماما، فظلت كجزر صخرية تعترض المياه . لذلك تنتشر في النيل الرئيسي العديد من الجزر النيلية التي يطيب فيها العيش وعمرها النوبيون و العديد من المجموعات الأثنية الأخرى عمراناً متواصلاً استمر عدة قرون ومنها جزر ( مقرات – شيري – صاردية – الشبيلية ) و جزر أخري عديدة ، حيث تنتشر زراعة أجود أنواع النخيل و الفواكه و البقوليات و التوابل.
هل كان للنيل في الزمن السابق مجري آخر ؟؟
هل كان النيل مثلاً ينعطف غرباً حتي بحيرة تشاد وردم مجراه زحف الصحراء الكبرى فانقطعت بحيرة تشاد ، وتحول النيل شرقاً وتثني بالنحت في الصخر حتي إنساب شمالاً ؟!
وهل سيغير النيل مجراه في زمان آتي ؟؟ !
تتحدث الأساطير القديمة عن نهر مفقود في الصحراء الكبرى , ويقف شاهداً علي ذلك بقايا الأسماك و الحيوانات المائية الأخرى كالأفيال و فرس النهر والتماسيح و التي يعثر عليها بين الفينة و الأخرى في مواقع و أصقاع تبعد مئات الكيلومترات عن مجري النيل الحالي .
كما إن التفسير الحالي لظاهرة الواحات يترك مجالاً للتأمل في كونها حلقات متبقية من مستنقعات سابقة أو بحيرات نيلية جفت ظاهرياً بينما بقي جوفها الداخلي طامحاً بالماء , و الشاهد الماثل أن بحيرة تشاد قد تقلصت مساحتها إلي (1 : 300 ) من حجمها التاريخي قبل ألف عام إلي حجمها الحالي و الآخذ في النقصان عاماً إثر عام ... فهل ستندثر هي الأخرى وتتحول إلي ( واحة ) ؟
نخلص إلي أن النيل الناتج من رافدين عظيمين ينبعان في منطقة البحيرات و الهضبة الإثيوبية و الذي يتغذي بما يقارب 20% في طريقه شمالاً تتجمع حوله شعوب متعددة اتخذته مصدراً للعيش منذ عدة قرون , و الأمر كذلك فإن النهر حيوي وهام لكل دول المنطقة و عليه فإن الاستفادة منه يجب ألا تقتصر علي شعب أو قطر دون الآخر , كما إن الإدارة المشتركة لموارده هي الأنسب آخذاً في الاعتبار حقيقة و ضرورة أن من يحتاج للماء أكثر يجب أن يحصل عليه , ولكن عليه أيضاً أن يساهم بقدر أكبر في مساعي المجموعة الهادفة لاستغلال النهر و زيادة عائده.
النيل و الناس
تختلف اهمية مياه النيل حسب الوضع البيئي والزراعي داخل كل دولة من دول حوضه المتعددة . ومن الواضح ان الاقاليم التي تقع جنوب خط 10-5 عرض لديها معدلات أمطار عالية ، تفوق المتر احياناً ، علاوة على تدفق كميات شاسعة من الانهار نتيجة الانحدار نحو وسط القارة (من الغرب والشرق ) شمال خط الاستواء . هذه الدول تشمل اوغندا، الكنغو ، دول البحيرات ، تنزانيا، وسط وجنوب اثيوبيا ، وجنوب السودان . ولكن تزداد اهمية مياه النيل كمورد مباه رئيس كلما اتجهت شمالاً: كل مصر، والسودان شمالي الخرطوم، وغرب وشمال اثيوبيا .
وقد بدأت محاولات تأمين احتياطات الجزء الادنى من النهر ( او ما يعرف الان بدول المصب) في اواخر القرن التاسع عشر . ففي عام 1894 حصلت حكومة بريطانيا من حكومة ايطاليا (انابة عن اثيوبيا) على تأكيدات مختلفة تحفظ حق مصر والسودان في مياه النيل أعالي الحبشة ، حيث تعهد الملك منليك امبراطور اثيوبيا عام 1902 بعدم اقامة مشروعات مياه على بحيرة تانا الا بعد موافقة بريطانيا .
ومنذ ذلك الزمان الباكر قسم الموسم المائي لنهر النيل الى فترتين ، فترة التحاريق من نوفمبر الى يوليو ، وفترة الفيضانات من يوليو الى اكتوبر . وسميت الفترة من اول فبراير الي وسط مايو بالفترة المقيدة – اي الحرجة، والتي يشرع فيها استعمال المخزون من المياه حسب جدول زمني دقيق . بني سد اسوان عام 1902 لهذا الغرض وتمت تعليته مراراً (عام 1912؛1933). ثم بني سد جبل اولياء جنوبي الخرطوم عام 1937م لتخزين المياه لمصر ( 3 مليار متر) ؛ كما بني خزان سنار على النيل الأزرق في السودان عام 1922 لرفع الماء المخزون لري مشروع الجزيرة والذي بدأ بثلاثمائة الف فدان ورفع الى المليون عندما تبيت الميزات الطبيعية لتربة الجزيرة الحافظة للماء مما سمح بزيادة الرقعة الزراعية دون زيادة تذكر في المقنَّنات المائية ؛ وقد اثار هذا الامر حفيظة الفنيين المصريين الذين اعتبروا ان الانجليز خدعوهم ، وفرضوا امراً واقعاً لا يمكن نقضه إلا بأثارة غضب اهالي السودان .
اتفاقيات مياه النيل بين مصر والسودان
لم يكن هناك اتفاق رسمي قبل عام 1929 على ما يسحبه السودان من ماء النيل، ماعدا التقرير بان " ما يسحبه السودان يجب الا يؤثر على احتياطات مصر ". وبمعنى آخر فقد كان في مقدور السودان ان يسحب من المياه ما يكفيه في فصل الفائض ؛ ثم كانت اتفاقية 1929 والتي استمر بها العمل حتى عام 1959 حيث عدلت باتفاقية اخرى راعت ما تقرر انه تطورات حديثة في كلا البلدين ؛ وكان من هذه المتغيرات : زيادة عدد السكان؛ زراعة القطن طويل التيلة في السودان ؛ التخزين الذي بات ممكناً بحكم الانشاءات المصاحبة لزراعة القطن طويل التيلة في السودان . وكما كان لحدوث فيضان عام 1914 المنخفض جداً اثر اخر في اعادة النظر في الاتفاقيات القديمة لتلافي اية اثار لظواهر مماثلة لاحقاً.
ويلاحظ المراقب السوداني ان المفاوض المصري عام 1959 قد استخدم الارقام الجديدة للسكان . والتي شملت السوريين حيث كانت الوحدة بين مصر وسوريا قد تمت ( الجمهورية العربية المتحدة ) ؛ وان الجانب المصري بالغ في احتياجات الفرد المصري ؛ كما انه بالغ ايضاً في نسبة الفاقد بالبخر في اعلى النهر لتقارب 80% احياناً وهو شيء غير واقع .
كما يأخذ السودانيون على اتفاقية 1959 انها تمت في ظل ضعف تكويني ونفسي للمفاوض السوداني ؛ فقد تمت الاتفاقية ووقعت في ظل حكومة عسكرية جاءت للحكم- مقصية ديمقراطية حقيقية في السودان .وأقدمت الحكومة العسكرية على توقيع الاتفاقية المذكورة (1959) فقط بعد اقل من عام من توليها للحكم ، وهي فترة غير كافية لدراسة الملف فنياً وسياسياً ، ناهيك عن بلورة رؤية استراتيجية مستقبلية نحوه ، في بلد يمتد قرابة المليون ميل ، ويحيط به ثمان دول ذات حدود مفتوحة مما يجعله دوماً في موقف دقيق من ناحية الامن الغذائي .
ووفق اتفاقية 1959 فقد برزت للسطح ما يسمى بالحقوق المكتسبة للبلدين (السودان ومصر) حيث نصت الاتفاقية في بندها الاول على ان ما تستخدمه الجمهورية العربية من المياه هو 48 مليار متر مكعب محسوبة عند سد اسوان "وهو حق مكتسب لها" . وما تستخدمه جمهورية السودان من مياه النهر حتى هذا الاتفاق وهو 4 مليار متر مكعب " وهو حق مكتسب لها " . وفي البند الثاني تم التنويه على اتفاق انشاء خزان السد العالي كأول حلقة في سلسلة مشروعات التخزين المستمر على النيل ، في مقابل ان تنشئ جمهورية السودان خزان الروصيرص او " اية اعمال اخرى لازمة لاستغلال نصيبها ".
وبعد تشغيل السد العالي بالكامل( وهو امر لم يتم حتى الآن) فقد تم الاتفاق في نفس الاتفاقية على ان يوزع صافي فائدة السد بين البلدين بنسبة 14.5 مليار متر مكعب للسودان و7.5 مليار متر مكعب لمصر ، وعليه يكون نصيب كل بلد – بإضافة هذا القدر للحقوق المكتسبة المشار اليها هو : السودان 18.5 مليار متر مكعب والجمهورية العربية 52.5 مليار متر مكعب. كما شملت الاتفاقية بند غامضا" و غريبا" يؤكد حصول مصر على حوالى 5.5 مليار متر مكعب من المياه في شكل "سلفة" مائية من السودان.. دون تحديد مدى زمنى أو طريقة استرجاع أو أى تعويض..
مما لاشك فيه ان الاتفاقية (1959) تحمل مزايا جمّه للبلدين ؛ ورغم الخلاف الفني – حول بعض التفاصيل الدقيقة – كفترات وكميات السحب والمقنَّن المائي الموسمي .. الخ ، فان الاتفاقية تعتبر جيدة . والزعم الشائع بأن السودان (ظُلم) في الاتفاقية غير مبرَّر. فما عدا ملابسات "هجرة النوبيين" وضعف التعويضات المترتبة على ترحيلهم من اجل بناء السد ، والامل الذي كان معقوداً بان تلعب مصر دوراً اكبر نحو تحقيق رفاهيتهم في موطنهم الجديد- حفظاً للولاء التاريخي ووفاء لما قدّموه من تضحيات من اجل تأمين المياه لمصر بقيام السد العالي فوق اراضيهم – لا يوجد – في الاتفاقية ما يعيق حق السودان في استغلال نصيب كافي من مياه النيل . كما ان اية نظرة جيوسياسية طويلة المدى يجب الا تغفل ضرورة تأمين الحوجة المائية للشعب المصري ، ولذلك لحيوية الدور المصري في استقرار وامن الاقليم النيلي برمته .
ولكن هناك امران هامان .
اولهما ان السودان ومصر لايمكنهما التمترس – الى الابد – خلف " الحقوق المكتسبة " لكل منهما – وفق اتفاقيات وقعت اولاً في عهود حكم استعماري وثانياً في غياب الاطراف الاخرى ( دول المنبع ) .
وثانيهما ما يدور من احاديث وتقاريرعن اتفاقيات ووعود (ولو لفظية ) بنقل مياه النيل خارج القارة..
فحول المحور الاول :
يجب ان نلاحظ ان " الحقوق المكتسبة " تاريخياً" لم يتم مراعاتها أو الحفاظ عليها حتى من " دول المصب " او دولة المصب بحسب الطرح الحالي السودان ليس دولة مصب بأي حال، فالنزاع بين مصر و السودان حول مثلث حلايب البالغ مساحته 150 كلم مربع والذي يشمل شاطئاً بطول 114 كلم على البحر الاحمر يقف شاهداً على ذلك . نعم : ان حدود السودان " التاريخية" مع مصر عند خط عرض 22 شمالاً . وقد ظل الحال كذلك حتى عام 1901 عندما وقعت اتفاقية كوم أمبو بين حكومة السودان (بريطانيا) وحكومة مصر (بريطانيا ايضاً) تم بمقتضاها ضم مثلث حلايب لحدود حكومة السودان لأنه مرعى ومجال حركة تاريخي لقبائل سودانية رعوية ( البشاريون والعبابدة والهنر واخرون ) وعرفت "بالحدود الادارية " والاتفاقية موجودة وموثقة في كل الوثائق القديمة والحديثة لحكوات السودان و مصر و بريطانيا . عندما انشئت هيئة الامم المتحدة عام 1945 وتم اقرار وثيقتها الاساسية تم التقرير بالالتزام بمبدأ " الحدود الراهنة للدول " بحكم أن الحروب الكونية السابقة كلها نجمت عن اشكالات حول الحدود بين الدول. ووفق ذلك المبدأ كسب السودان مثلث حلايب ؛ وفقد مثلث " اللّومي " الطامح بالمياه في حدوده الجنوبية الشرقية مع كينيا ؛ ولم يثر السودان اية مشاعر نحو الامر الاخير؛ واعتبرت حلايب جزاءً من السودان و اعترفت بذلك مصر طوال العقود الماضية . واجريت فيها انتخابات الاعوام 1953؛ 1957؛1968؛ 1986 و1992؛ وتمت ادارتها بواسطة حكومة السودان حتى احتلالها الاخير (2006). ويلاحظ هنا ايضاً ان "الجمهورية العربية المتحدة" والتي انشئت " الحقوق المكتسبة " بوجبها هي نفسها قد تلاشت.
حقائق حول النيل (3)
أما حول الامر الثاني:
و هو الأمر المتعلق بمطالب دول المنبع بنصيب اوفر من مياه النيل والذي ينبع من اراضيها فأرجو ان ابدي وجهه النظر التالية .
اولاً : لا يستطيع احد ان يوقف تدفق نهر النيل . واذا نشئت بعض المشاريع الخيالية – وهي فوق قدرة دول المنبع- فأن المتضرر الاول منها هو تلك الدول التي تنشئها ، وذلك لحتمية غرق اراضي زراعية وغابية وبستانية شاسعة، بل ستغرق مدن بأثرها، خاصة المدن المحيطة بالبحيرات والمنشاة على ضفاف الانهار ، و سوف تتدمر مجمعات بيئية ضخمة و مؤثرة في اقتصاديات تلك الدول ، بعضها تشكل موارد سياحية تاريخية ، يعتمد عليها الاقتصاد الوطني و المحلى لتلك الدول.
ثانياً: ان المشاريع التي تلوِّح بها هذه الدول ، هي – اذا انشئت – فستكون في مصلحة اقليم المصب على المدى الطويل . فمشروع سد تانا (سد النهضة الأثيوبي) و الذى أثار جدلا" واسعاط مؤخرا" مطلب تاريخي لكل علماء مياه النيل . وقد ذكر العلامة هرست(1957) انه بدون خزان تانا فان كل مياه النيل الازرق مضافة الى التخزين الحالي لخزان سنار لن توفي بأكثر من 60% من احتياجات السودان ( خاصة بين شهري يناير وابريل ). وقد أُقترح خزان تانا منذ الخمسينات لاستخدامه للتخزين القرني تماماً كالبحيرات الاستوائية اذ يمكن ذلك من استخدام هذا المخزون المائي في السنوات قليلة المطر .
- كما ان سد البرت ( عند مخرج نيل البرت) في أوغندا قد اقترح بواسطة الري المصري منذ عام 1946 وتبلغ سعته المأمولة 50 ملياراً . وقد كان اعتراض اوغندا الوحيد هو على موقع الخزان ، وليس على حيويته والذي سوف يجعل أوغندا من اكبر الدول المنتجة للطاقة في الاقليم باسره. وكذلك الحال سد نمولي ( عند مدخل النيل بالسودان)؛ علاوة على مشروعي سد كيوجا وقناة جونقلي : فكل هذه المشاريع تعود فوائدها على دول الاقليم باسره ، والمستفيد الاكبر منها اقليم المصب او العبور.
- وقد يتبادر للذهن عندئذٍ سؤال مهم : اذن ما المشكلة؟ ان المشكلة تتعلق برغبة الدول المعنية في تعويض مجزٍ عن مساهمتها في اقتصاد وامن دول أو اقليم المصب , هذا هو المحك ، والمحرك لكل الجدل .
- وفي عالم اليوم- والاقتصاد العالمي على ما هو عليه، والتمحور العالمي يجري على قدم وساق بهدف اعادة تشكيل الخارطة الجيوسياسية لكل العالم، فان دول اقليم المصب – او المعبر – يمكنها ادارة الملف بحنكة وحزم اذا استصحبت الرؤا التالية :
- التقرير بان " الحقوق المكتسبة " يمكن ان تكون قاعدة او منطلق تفاوض وتعاد صياغتها اخذاً في الاعتبار التطورات والمتغيرات الراهنة ( اثيوبيا مثلاً بلغ عدد سكانها 80 مليون وتحتاج الى غذاء أكثر ؛ أوغندا اتضح انها محرومة من اي مخزون نفطي او غاز !! ).
- المشاريع الزراعية التي ترغب دول فقيرة في المياه في تأسيسها لزيادة أمنها الغذائي يمكن أن تنشأ في أي من الدول الغنية بالمياه و تدار لمصلحة الطرفين.
- ابداء الجدية نحو تنفيذ مشاريع مبادرة حوض النيل والتي مضى عليها اكثر من 20 عاماً ولم تر النور .
- المساهمة الفعلية في دعم اقتصاديات دول المنبع بمشاريع تنمية مشتركة . خاصة في مجالات الطاقة والخدمات ( التعليم والصحة ).
- دعم الاتحاد الافريقي خاصة مشاريعه الهادفة نحو الكونفدرالية الافريقية واشراك اكبر قدر من اللاعبين المحليين و الدوليين من أجل خلق راي عام متفهم لدقة موقف اقليم المصب .
- اعتبار السودان راس الرمح في سياسة اندماج افريقي حقيقي تتحرك وفقها كيانات اجتماعية وثقافية من اجل بلورة راي وسيط ووفاقي حول الموضوع( أي : تنشيط الدبلوماسية الشعبية).
- تأسيس مشروع سوداني / مصري لتخزين المياه في ذروة الفيضانات داخل الاراضي السودانية في شكل بحيرات صناعية صغيرة ومتعددة على طول مجرى النيل الرئيسي ( والنيل الابيض و نهر عطبرة ) يمكن ان تنشأ عليها مشاريع زراعية وسمكية و سياحية . ان هذا المشروع قليل التكلفة وعظيم الفائدة ولا يمكن لاحد الاعتراض عليه كما انه لا يتطلب تهجير سكان او اغراق مناطق، بل يساهم بشكل فعّال في الامن الغذائي والمائي للبلدين .
- وفي الختام فان ما يحمله نهر النيل من مياه كافٍ – بل به فائض سنوي يذهب للبحر كل عام !! وفي غياب الوعي ، او الانسياق وراء دبلوماسية الاستقطاب الحالية فان ثلاث سيناريوهات محتملة ، تشمل :
- انهيار الاتفاقيات و استخدام مياه النيل "على الشيوع" (كل يأخذ ما يريد)!!
- انخراط "محور المنبع" في مشاريع " كيدية" وليست اقتصادية او مجدية مما يستفز دول المعبر والمصب وهذا سيؤدي لكارثة . و يجب ألا ننسى أن هناك دول و كيانات تحترف إثارة الحروب بالوكالة خدمة لمصالحها.
- التوصل الى رؤية ناضجة تستلهم المصلحة المشتركة لدول المنبع والمصب (او المعبر) مما يفك الاحتقان ويحقق أمن الاقليم باسره .
المراجع:
السودان : دراسة الوضع الطبيعي و الجغرافي.. محمد العتياد ومحمد عبد الغني سعودي (1966) مطبعة جامعة الخرطوم.
مصادر مختلفة من الصحافة و المؤتمرات العالمية و الشبكة الإلكترونية.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.