مركز الملك فيصل احتضن حفل تدشين قاموس اللغة النوبية النوبيون في الرياض يحتفلون بقاموسهم في حفل وفاء للراحل خليل عيسى دشن الأستاذ الدكتور يحيى محمود بن جنيد الأمين العام لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية قاموس اللغة النوبية (المحس- الفاديجا) الذي أعده كل من الأستاذ مكي علي إدريس والأستاذ خليل عيسى خليل -رحمه الله-، وذلك في الواحدة من ظهر يوم الخميس الماضي، بحضور نخبة من المختصين والمهتمين. شكر الدكتور يحيى للمؤلفين جهدهما المتميز، ولمركز الدراسات النوبية والتوثيق، وأسرة الراحل خليل عيسى حرصهما على دعم هذا العمل المتفرد في بابه، وأوضح أن التنوع الثقافي مصدر ثراء، وأن الحضارة العربية الإسلامية احتضنت كل الثقافات، وأتاحت لها أن تستمر، وأشار إلى أهمية أن يكون مثل هذا الجهد بوعي بأهمية أن يكون إضافة يعتد بها، لا مجالاً لإثارة النعرات. وقدمت الدكتور شادية عيسى شكرها إلى مركز الملك فيصل مثمنة دوره الحضاري، وشاكرة للمملكة التي تستقبل ضيوفها بالترحاب وحسن الوفادة، معبرة عن اعتزازها بما بذله شقيقها والأستاذ مكي علي إدريس من جهد كبير أثمر هذا العمل المتميز، موضحة إصرارها وأسرتها على أن يرى العمل نور. وقدم الأستاذ مكي تنويراً بالقاموس، موضحاً اختلافه عن جهود السابقين، ومشيراً إلى أن العمل سيبلغ مرحلة الكمال بجهود من سيبنون عليه، لأن معاجم اللغة جهد متصل، ولا نهاية له. وقال الأستاذ مكين هذا العمل شارك فيه عدد كبير من المهتمين باللغة النوبية، وعلى رأسهم مركز الدراسات النوبية والتوثيق، ومنتدى دال الثقافي. وتداخل عدد من الحضور على رأسهم الدكتور يحيى بن جنيد الأمين العام للمركز الذي علق على العمل بأسلوب علمي نال إعجاب الأستاذ مكي، وسأل عن عدم استخدام الحرف العربي في كتابة القاموس، فأوضح الأستاذ مكي أن اللغة النوبية كانت تكتب بالحرف اللاتيني، ولكن بعد جهد الدكتور مختار كبار -رحمه الله- في إحياء الحرف النوبي اعتماداً على دراسات لغوية متعمقة أصبح في الإمكان الكتابة بالحرف النوبي، وخصوصاً أن البناء الصوتي للغة النوبية يختلف عن البناء الصوتي العربي، وأشار إلى الشرح باللغة العربية، وهذا ما يقرب اللغة النوبية إلى القارىء العربي، وإلى أجيال النوبيين الذين يتحدثون العربية، مما يسهل عليهم معرفة لغتهم. وقدم عدد من الحضور مداخلات قيمة أثرت النقاش، ومنهم: د.مصباح بوزنيف الباحث بالمركز، والأستاذ سيد الجعفري الصحفي بمجلة الفيصل، والأستاذ مصطفى عبدالعزيز والدكتور عبدالقادر أحمد عبدالغفار والأستاذ محمد سليمان ولياب. وفي الختام، شكر مقدم حفل التدشين د.حسين حسن حسين لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الذي يؤكد باحتضانه تدشين قاموس اللغة النوبية سماحة الحضارة العربية الإسلامية التي أتاحت لأهل الحضارات والثقافات الأخرى أن يحتفظوا بخصوصيتهم الحضارية، وأن يشارك أبناؤها في بناء الحضارة العربية الإسلامية، حتى أصبحوا من أهلها الذين تعتز بهم هذه الحضارة العظيمة، وأشار إلى أن المركز ظل دائماً يدعم النشاط الثقافي والعلمي في السودان، وأوضح أنه أهدى مؤخراً جامعة دنقلا 4500 كتاب في إطار مشروع مكتبات الفيصل، وقال إن الدكتور سعدالدين محمد مدير الجامعة قد أرسل شاكراً للقائمين على المركز وعلى رأسهم صاحب السمو الملكي الأمير تركي الفيص رئيس مجلس الإدارة، موضحاً أن الجامعة ستقيم مكتبة باسم الملك فيصل، رحمه الله. وفي اليوم التالي، أقام أصدقاء الراحل خليل عيسى أمسية لإحياء ذكراه الثالثة، والتدشين الشعبي للقاموس بمشاركة عدد كبير من محبي اللغة النوبية، الذين ضاقت بهم قاعة فندق الشروق ديلمون في مدينة الرياض. تحدث في البداية الدكتورة شادية عيسى التي شكرت لأصدقاء الخليل وفاءهم، معبرة عن إحساسها بأن روح شقيقها ترفرف فرحة بهذا الإنجاز الذي كان يحلم به. وبلغة عربية رصينة، قدم الدكتور صلاح محجوب كلمة اللجنة المنظمة التي ترأسها الأستاذ علي سيد همد، مقدماً التحية لهذه الأسرة الكريمة التي أصرت على أن يبلغ مشروع القاموس إلى مرحلة الصدور، وتحدث عن الراحل خليل عيسى وارتباطه بلغته على الرغم من أنه ولد خارج السودان. وقدمت الدكتورة منال أحمد خليل التحية لأصدقاء خالها خليل، الذي كان حريصاً على أن يعلمهم اللغة النوبية، وقد جاءت خصيصاً من دبي لحضور هذا الحدث المهم، لا على المستوى الذي تعلق بخالها، وإنما على مستوى الحضارة النوبية. وبدأت الجلسة التعريفية لحفل التدشين بتقديم الدكتور حسين حسن تعريفاً بالمؤلفين من خلال إفاداتهما، التي عبرت عن أفكارهما وارتباطهما بجذورهما النوبية، وقد كانت المرأة حاضرة في هذا الارتباط باللغة سواء أكانت السيدة نعيمة (نأيمة) محمد دهب والدة خليل عيسى، أم السيدة فاطمة (بابه) الشيخ والدة الأستاذ مكي، أو جدته آشة أبدون (عائشة عبدون). وأوضح الأستاذ مكي علي إدريس ما بذل من جهد على مدى 9 سنوات لإنجاز القاموس، وأشاد بشكل خاص بجهد الأستاذة سعاد إبراهيم أحمد، وثلة من الباحثين النوبيين، وأشار إلى مفاتيح هذا القاموس، واعتماده على التحليل اللغوي. وفي مداخلته العلمية، أوضح الدكتور أحمد الصادق أستاذ اللغويات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن اللغة النوبية لغة قوية الشكيمة، واستطاعت أن تتجاوز كثيراً من التحديات، واشار إلى أن الوصف الصحيح للعمل المنجز أنه أقرب إلى الموسوعة، لما يشتمل عليه من معلومات قيمة. وتحدث عن النوبة المصرية الأستاذ وائل عكاشة ابن المناضل النوبي الأستاذ أحمد إسحاق، الذي عبر عن فرح النوبيين على امتداد بلاد النوبة بهذا الإنجاز العلمي، الذي يمنح اللغة النوبية حياة جديدة. وشكر الأستاذ حمدان إبراهيم ممثل جبال النوبة للمؤلفين ولأسرة الفقيد خليل عيسى موضحاً أن هذا العمل محفز لكل أهل اللغات المهمشة في السودان للاقتداء به، من أجل أن تثري لغات السودان الثقافة السودانية، التي تكتسب تميزها من تنوع روافدها. وقال الأستاذ عباس حكمدار - من جبال النوبة وهو أحد المساهمين في القاموس- إن لغات جبال النوبة متعددة، وأن لها صلة بلغة النوبة في الشمال، وقدم نماذج عن التماثل اللغوي أدهشت الحاضرين. وقدم الطفل محمد رشدي ابن شقيقة الأستاذ الراحل خليل عيسى نماذج لما يحفظه من كلمات نوبية، كان خاله يحرص على تعليمه إياها. واختتم حفل التدشين بترحم على روح خليل -رحمه الله- بأدعية بصوت الأستاذ رفعت أحمد خليل.