توقفت فجأة أمس الأول محكمة قضية الجاسوسية، المتهم فيها اثنان من المتعاونين مع وزارة الخارجية، وذلك بناءً على استئناف تقدم به المحامي كمال الجزولي الذي كان قد طلب من محكمة الموضوع إعلان عدم اختصاصها بالقضية وإحالة ملفها إلى (محكمة جرائم المعلوماتية) حيث أنها هي المختصة بنظرها، لكن محكمة الموضوع قررت رفض الطلب، فاستأنف قرارها لدى محكمة الاستئناف التي طلبت إحضار الأوراق من أمام محكمة الموضوع. وفيما يلي نص الاستئناف: السيد/ رئيس محكمة استئناف الخرطوم (الدائرة الجنائية)، الموقر باحترام، ونيابة عن المتهم طالب الفحص، نرجو قبوله تحت المادة المذكورة، وقد تجدون من المناسب قراءتها مع نص المادة/179/ج إجراءات، وذلك تأسيساً على ما يلي: (1) يتعلق هذا البلاغ بأفعال يُدَّعى ارتكابها باستغلال الوظيفة للدخول، عن طريق أحد أجهزة الحاسوب، إلى مواقع رسمية، ونظم معلومات، ووسائل إليكترونية، وما إليها، بغرض إفشائها إلى الغير. (2) صحيح أن المادة/3 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م تنص على أن أحكامه تطبق "على إجراءات الدعوى الجنائية، والتحري، والضبط، والمحاكمة، والجزاء، المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في القانون الجنائي لسنة 1991م أو أي قانون آخر، مع مراعاة أي إجراءات خاصة ينص عليها في أي قانون آخر". (3) لكن، لئن كان قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م قانون عام، فثمَّة قانون خاص يفرض معالجة هذه الحالة، ابتداء، أمام نيابة جرائم المعلوماتيَّة، ثمَّ التَّحري فيها بوساطة شرطة جرائم المعلوماتية، وأخيراً محاكمتها أمام محكمة جرائم المعلوماتية، وفق المواد/28 ، 29 ، 30 ، على التوالي، من قانون جرائم المعلوماتيَّة لسنة 2007م، وذلك حيث ينص: أ/ في المادة/28 منه، وجوباً، على أن: "ينشئ رئيس القضاء وفقاً لقانون الهيئة القضائية لسنة 1986م محكمة خاصة للجرائم المنصوص عليها في هذا القانون". ب/ وفي المادة/29 منه، وجوباً، على أن: "تنشأ بموجب أحكام قانون تنظيم وزارة العدل لسنة 1983م نيابة متخصصة لجرائم المعلوماتية". ج/ وفي المادة/30 منه، وجوباً، على أن: "تنشأ بموجب أحكام قانون الشرطة لسنة 1999م شرطة متخصصة لجرائم المعلوماتية". (4) النصوص المشار إليها نصوص آمرة Jus Cogens، أي واجبة الاتباع في كل الأحوال، ولا يجوز إغفالها، أو تأويلها بغير مقتضاها، إذ لا شك أن الخصوص والتخصص اللذين حددهما المشرع في هذه المواد نابعان من ضرورة المعرفة المتخصِّصة في هذا المجال، مما يفترض التدريب الخاص، لحداثة مجال المعلوماتية في قضائنا. (4) مع ذلك، للأسف، اُتُخذت هذه الإجراءات، ابتداءً، وعن طريق خطأ واضح، أمام نيابة الجرائم الموجهة ضد الدولة، تحت المواد/53 ، 55 ، 21 من القانون الجنائي لسنة 1991م، ومن ثمَّ أحيلت، بنفس الخطأ، إلى محكمة جنايات الخرطوم شمال، في تجاهل تام لوجود قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007م، رغم أنه قانون خاص، ومعلوم أن الخاص يقيد العام. (5) واتساقاً مع مطلوبات المادتين/29، 30 من قانون جرائم المعلوماتية لسنة 2007م، حددت وزارة العدل ديوان النائب العام أن تتولى الاختصاص بجرائم المعلوماتية نيابة التحقيق الجنائي، وليست أية نيابة أخرى. وهكذا فإن النيابة المذكورة وشرطة التحقيق الجنائي هما وحدهما المختصتان بفتح الدعوى ومباشرة إجراءاتها كافة، كالضبط، والتحري، وتوجيه التهمة، قبل الإحالة إلى المحكمة المختصة المنصوص عليها ضمن المادة/28 من هذا القانون، وليست أية محكمة أخرى بطريق التجاوز لأي من هذه النصوص الآمرة. (6) كانت محكمة جنايات الخرطوم شمال قد شرعت في إجراءات هذا البلاغ، بجلسة 10 مايو 2015م، قبل تكليفنا بتولي الدفاع عن المتهم الأول. لذا لم يكن من الممكن، لدى ظهورنا، أن نطلب إلغاء ما اتخذ من إجراءات في تلك الجلسة، أي سماع المتحري، نظراً لما تنص عليه المادة/32 إجراءات من أن الإجراءات التي تكون قد اتخذت أمام المحكمة لا تبطل لمحض أنها كان ينبغي اتخاذها أمام محكمة أخرى متى اتخذت بحسن نية. (7) لذا فقد تقدمنا بطلبنا تحت المادة/1/31 إجراءات، كي تستخدم المحكمة الموقرة صلاحيتها في إحالة الدعوى إلى محكمة جرائم المعلوماتيَّة، اقتداءً بالمادة المذكورة التي تجعل من اختصاص المحكمة، متى أحيلت إليها دعوى من وكالة النيابة، وقدرت، طبقاً للأوامر المنظمة للاختصاص، أن من الأوفق أن تتولاها محكمة أخرى، أن تحيلها إليها. لكن محكمة الموضوع الموقرة رفضت، للأسف، الاستجابة لطلبنا، رغم أنه مؤسس جيداً على القانون. (8) عليه، ولما تقدم، ولمَّا كنا نثق في حسن تقديركم لكون الأوفق لهذه الدعوى أن تحاكم أمام محكمتها المختصة، لا سيما وأنها ما تزال في أولى عتباتها، فإننا نلتمس إصدار أمركم العادل بإحالتها لتُنظر أمام محكمة جرائم المعلوماتية، وفقاً لنص المادة/31/2 من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م. وتفضلوا بقبول وافر التقدير والإجلال