بقلم: لوك كوث داك – اطلنطا جورجيا – الولاياتالمتحدة [email protected] تلقى بريدي الالكتروني الأسبوع الماضي سيلا من رسائل وردود وتعليقات من جمهور قراءة الصحف الالكترونية, على اثر المقال الذى سطرته بعنوان ( هل يكره الجنوبيون اللغة العربية ؟ ), كان جل تلك الرسائل التى تلقيتها مؤثرة وايجابية ومشجعة للغاية , ولكن جزءا يسيرا منها اتسمت بالحدة والغلظة وعدم احترام الراى الاخر, وذلك لاعلانى الصريح والواضح المؤيد والمنحاز الى طبقة لا يستهان بها من الجنوبيين ممن يرون ان الانفصال هو السبيل الوحيد لاخراج البلاد من محنتها الحالية . أنا اعتز وافتخر بموقفي هذا, لاننى اتخذته بمحض ارادتى وفى كامل قواى العقلية ونضوجى الفكرى والسياسى , لم ادع عواطفى وميولى الشخصية تلعب اى دور فى اتخاذ قراري هذا بالخروج من النفق المظلم إلى نور الهدايا والحرية والتحرر الفكرى , بيد ان بعض زملائي واصدقائى ألقوا باللائمة على , وأخذهم الاستغراب لعلمهم بتأثري بالثقافتين العربية والإسلامية , و بتوجهاتي الوحدوية وميولى السياسية من جهة وايمانى بوحدة التراب السوداني من جهة أخرى , حقا لقد كنت وحدويا حتى النخاع, فقد كنت أظن وبعض الظن إثم ان الأشياء التي تفرقنا قليلة ويسيرة جدا بالمقارنة للتي تجمعنا , ورأيت من غير العسير سد تلك الفجوات والثغرات اذا تحلى من يتولون أمورنا بالإرادة الوطنية الحقة, والشجاعة فى ايجاد المعالجات الناجعة لها , بروح وطنية خالصة , لا تعرف الفرق بين الجنوبى والغربى وبين الشرقى والشمالى , وبين الدين المسيحى والاسلامى , وبين الشيوعى والاتحادى , وبين المؤتمر الوطنى وحزب سانو , وبين الحركة الشعبية والمؤتمر الشعبى على سبيل الأمثلة , ولكن الذى يؤسف له لم يحدث شئى من هذا القبيل , فالحكومة المركزية ( الوحدة الوطنية ) المنوط بها القيام بتلك المهمة الوطنية بموجب اتفاقية السلام الشامل , لم تف ولو بمقدار ذرة فى التزاماتها بجعل خيار الوحدة جاذبة لدى المواطن الجنوبى الذى ذاق أمر طعم الذل والهوان منذ بزوغ فجر الاستقلال وحتى يومنا هذا , وذلك عن طريق بناء الطرق وإنشاء المدارس والمستشفيات والتوسع في الزراعة وبناء المؤسسات وبسط الأمن والاستقرار وتضميد الجروح وبناء الثقة والتواصل , مما يجعل المواطن الجنوبى يشعر ان هنالك فائدة من بقاء السودان تحت سقف واحد , فبدلا عن ذلك صارت الحكومة أول من ابتدع بدعة إنتاج الازمات وإشعال النعرات وضيق الخناق وزرع المزيد من الفتن والأحقاد و تأصيل العنصرية والجهوية , ونتيجة لذلك وجد الوحدويون الجنوبيين انفسهم فى واد اخر , بل رأوا انهم يسبحون ضد تيار جارف فى محيط لا ساحل له , حينها بدا البحث المضني عن بدائل أخرى تصون حقوق أهلهم المهضومة , فكان ان وجدوا الانفصال خيارا جاذبا, وذلك لان الأشهر القليلة المتبقية حتى اجراء الاستفتاء على حق تقرير المصير لا تكفى حتى لتنفيذ كافة بنود اتفاقية السلام الشامل , ناهيك عن جعل الوحدة خيارا جاذبا . ويندهش المرء ويصاب بالغثيان وهو يقرأ النبذ والشتم فى كتابات صحافيي وكتاب التهليل والتكبير والتكفير من أمثال ضياء الدين بلال وراشد عبد الرحيم وعادل الباز وسيد احمد خليفة وكمال حسن بخيت بالاضافة لخال الرئيس وشيخ العنصريين الطيب مصطفى ,وأعجب لماذا لم يوجه مدعى المحكمة الجنائية الدولية اليهم (حتى الان ) تهم الابادة الجماعية, لتحريضهم الشماليين على ارتكاب جرائم القتل فى جنوب السودان وغربه وشرقه وجبال النوبة والانقسنا , فهولاء القوم هم شاعلوا نيران تلك الحروب الجهادية ومازالوا يقومون بهذا الدور حتى اليوم من خلال مقالاتهم التحريضية الركيكة التى طالما امتلاءات بها صحفهم من أمثال الرأي العام , سودان سفارى , أخبار اليوم , الانتباهة , اخر لحظة , الرائد وجريدة الوطن , بالاضافة الى التلفزيون والإذاعة المسميتين بالقومية , والسؤال الرئيسي هو هل يمكن ان تقوم الوحدة فى ظل هذه الاجواء المشحونة بالحقد والاستعلاء العنصرى والثقافى والدينى؟؟؟؟ , فى اعتقادي الإجابة واضحة وضوح الشمس وهى ( النفي )