(مناقشة الإصلاحات القانونية اللآزمة في قانون حرية الحصول على المعلومات لسنة 2015) د. سامي عبد الحليم سعيد المقدمة في السودان و منذ زمنٍ، ظلت مشكلة تعقب جرائم التعدي على المال العام، و الفساد، و غير ذلك من الجرائم المرتبطة بالمال العام، و بإهدار موارد الدولة، تواجه تحدى الوصول للمعلومات من مصادرها داخل السلطة العامة، و هذا النقص التشريعي و المؤسسي، ظل على الدوام ملاذاً آمنا، و خندق يتستر داخلة، المفسدون لا سيما من كبار الموظفيين. هذا الوضع بصورته تلك ظل مرصوداً و مؤشراً بوصفه أحد أبرز مواطن الضعف في عملية مراقبة المال العام و حمايته، و في إجراءات تعقب الجناة من المفسدين. لذلك ظل السودان على مدى عقود، موسوماً بألا شفافية، في تعاملاته الماليه، و كذا تنبهت السلطة العامة في السودان إلا خطورة هذا الأمر، فنادت بتعديلات في نظام حماية المال العام. فصدر قانون حماية حرية الحصول على المعلومات في هذا العام 2015، و كذا هناك إجتهادات في إصدار قانون خاص بمفوضية محاربة الفساد. و لما كانت الشفافية، هي حجر الزاوية في نظام حماية المال العام في أي نظام مالي و قانوني، فإن هذه الورقة، تعيد قراءة قانون حرية الحصول على المعلومات لسنة 2015، من زاوية مدى وفائه بمتطلبات محاربة الفساد و حماية المال العام، و ذلك ضمن مجهودات منبر منظمات المجتمع المدني لمراقبة الموازنة العامة. ان النظر لحرية تداول المعلومات كحق أصيل في المعرفة، يرتبط بالمسئولية و المحاسبة، و هي الاهداف المركزية لأي نظام ديمقراطي، و يعتبر من أهم الأدوات بيد المواطنين من أجل ممارسة كامل حقوق المواطنة، فبدون توافر المعلومات لا يستطيع المواطن ممارسة أي دور فاعل في المجتمع، و يبقى عرضة لإستلاب حقوقه أو الإنتقاص منها، لذلك من واجب الدولة أن تعمل على توفير الوسائل و الآليات التي تمكن الجميع من ممارسة هذا الحق في الحصول على معلومات مفيدة حول كيفية صنع القرار و رسم السياسات العامة و على الآراء ووجهات النظر المختلفة في أي موضوع معين... لقد تصاعدت الاصوات مؤخراً في العالم، إذ قامت العديد من الجهات الدولية التي تضطلع بمسؤولية تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها بالاقرار بأهمية الحق في حرية المعلومات، لا سيما من زاويته كحق، و من زاويته القانونية و إلى الحاجة إلى وجود تشريع فاعل لتأمين الاحترام الفعلي لذلك الحق. و هذا الحق لا يقتصر فقط على تلقي المعلومات، و انما يمتد ليشمل آلية أخرى تتعلق بحق الشعب في المشاركة الايجابية في وضع الآراء في مناخ خال من الغموض، و هذا يعزز الثقة بين الدولة و المواطن، و يحول دون الاشكال المختلفة للمقاومة أو الصدام أو عدم الإهتمام و اللآمبالاة... خلاصة القول، أن حق حرية الحصول على المعلومات هو حق إنساني و المفهوم منه بشكل عام هو الحق في الحصول على المعلومات التي تحتفظ بها أي جهة، و أن يكون الإستثناء من ذلك بسبب الضرر للأفراد أو للمصلحة العامة" " و في هذا الشأن أكد إعلان المبادئ و أهداف القمة العالمية لمجتمع المعلومات و التي عقدت بجنيف و تونس عامي 2003 و 2006 على التوالي، على أيجاد البيئة المناسبة لمجتمع المعلومات من خلال تسهيل الوصول إلى المعلومات و تقليص كلفة تبادل و تراسل المعلومات للمواطن وإلغاء كل القوانين التي تحد من حرية حصول المواطن إلى المعلومات. كما نص الإعلان العالمي لحقوق الانسان في مادته 19 على أن لكل شخص الحق في التمتع بحرية التعبير و الرأي و يشمل حريته إعتناق الآراء دون مضايقة، و في التماس الإنباء و أفكارها و نقلها إلى الآخرين بأية وسيلة دونما إعتبار لحدود". في هذه الورقة و بهدف الإحاطة بأهمية الموضوع، في سياقه السوداني على نحو خاص، و إطار تأسيس إصلاحات جوهرية في نظام الموازنة العامة في السودانية، نتناول موضوع إصلاحات نظام الشفافية في السودان من ثلاث زوايا، كل واحدة تقودنا إلى الأخرى بحيث نستخلص النتائج المرجوة بكل يسر، و ذلك وفق التفصيل أدناه. أولاً: الإطار القانوني للشفافية: 1- الاطار الدولي: لقد إعترفت الاممالمتحدة منذ وقت مبكر بالحق في حرية المعلومات. فقد تبنت الجمعية العمومية للأمم المتحدة في عام 1946 ، القرار 59 (1) الذي نص على: أن حرية الوصول إلى المعلومات حق إنساني أساسي و... معيار كافة الحريات التي من أجلها تم تكريس الأممالمتحدة. كما يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، لعام 1948، الوثيقة الأكثر أهمية فيما يتعلق بكفالة الحصول على المعلومات بوصفها من حقوق الإنسان. فالمادة 19، تكفل حق حرية التعبير والحصول على المعلومات كما يلي: يتمتع الجميع بحق حرية الرأي والتعبير؛ ويشتمل هذا الحق على حرية الاحتفاظ بالآراء دون أي تدخل وبحث وتلقي ونقل المعلومات والأفكار من خلال أي وسيلة إعلام وبغض النظر عن الحدود. و في خطوة لآحقة، تبني الميثاق الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية (ICCPR)، لعام 1966،تكفل المادة 19 أيضاً، حق حرية الرأي والتعبير ضمن الشروط المشابهة نفسها التي وردت في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (UDHR). و مواصلة لتلك الجهود من قبل الاممالمتحدة، في عام 1993 قامت لجنة الأممالمتحدة المتعلقة بحقوق الإنسان بتأسيس مكتب مقرر اللجنة الخاص التابع للأمم المتحدة والمتعلق بحرية الرأي والتعبير. و يعد من أهم واجبات مقرر اللجنة هو شرح و بيان و نشر مضمون المحتوى الدقيق لحق حرية الرأي والتعبير. في تقريره السنوي عام 1998، صرح مقرر اللجنة الخاص بوضوح أن حق حرية التعبير يتضمن الحق بالحصول على المعلومات التي تحتفظ بها الدولة: "يفرض حق البحث والتسلم ونقل المعلومات يفرض التزاماُ إيجابياً على الدول لضمان الوصول إلى المعلومات، بخاصة فيما يتعلق بالمعلومات التي تحتفظ بها الحكومة بكافة أشكال أنظمة الحفظ والاسترجاع..." . تم تتويج تلك الجهود بعقد القمة العالمية في جنيف 2003. كما أن هناك عدد كبير من الاتفاقيات و الآليات الدولية التي تتطلب الشفافية لمحاربة العديد من الجرائم ذات الطابع الدولي، مثل جريمة الفساد، و غسيل الاموال و الاتجار في الاسلحة. 2- الإتحاد الأفريقي و بوصفها عضو في منظمة الأممالمتحدة، عملت الدول الافريقية أيضاً على مناقشة مبدأ حرية المعلومات، فتبنت اللجنة الأفريقية المتعلقة بحقوق الإنسان والشعوب "إعلان مبادئ حرية التعبير في أفريقيا" في عام 2002. و أقر الإعلان بكل وضوح، على حق الحصول على المعلومات ، وتنص المادة 4 منه على: إن السلطات العامة لا تحتفظ بالمعلومات لنفسها بل للصالح العام ويحق للجميع الحصول على هذه المعلومات. أقر إعلان حرية التعبير في إفريقيا، على ان يتم ضمان حق الحصول على المعلومات بموجب القانون، بحيث يؤسس القانون بوضوح للمبادئ التالية: - يحق للجميع الحصول على المعلومات التي تحتفظ بها جهات عامة؛ - يحق للجميع الحصول على المعلومات التي تحتفظ بها جهات خاصة الأمر الذي يعتبر ضرورياً لممارسة أي حق أو حمايته؛ - سيكون أي رفض لكشف المعلومات خاضعاً للتقدم بالتماس إلى أية جهة مستقلة و/أو إلى المحاكم؛ - سيكون مطلوباً من الجهات العامة، حتى في حال عدم وجود أي طلب لذلك، نشر المعلومات الهامة بشكل فاعل والتي تعتبر ذات أهمية للصالح العام؛ - لا يجب ان يكون أي شخص عُرضة لأي عُقوبات لنشره مَعلومات عن حسن نية، حول تجاوز ما من شأنه الكشف عن تهديد خطير للصحة أو السلامة العامة أو سلامة البيئة، إلا إذا كان فرض عقوبات يخدم مصلحة مشروعة ويعتبر أمراً ضرورياً في أي مجتمع ديمقراطي؛ - يتم تعديل القوانين المتعلقة بالخصوصية إذا اقتضت الضرورة للتقيد بمبادئ حرية المعلومات. - يتمتع الجميع بحق الحصول على معلوماتهم الشخصية وتحديثها و تصحيحها، سواء أكانت تحتفظ بها جهات عامة أم خاصة. 3- تطورات وطنية: هذا التطور، على المستويين، الدولي و الاقليمي، ألقى بظلاله على الدول، من خلال المعاهدات الملزمة، و التدابير الثنائية أو الجماعية، و بالتالي وجد المبدأ طريقه للرسوخ و الاعتراف، و صارت الفرضية الثابتة، داخل النظم القانونية الوطنية، بأن حق الحصول على المعلومات هو حق أساسي من حقوق الإنسان. و بذلك وجد المبدأ إعترافاً في العديد من الدساتير الوطنية، بينما قامت المحاكم العليا في دول أخرى بتفسير الضمان العام لحرية التعبير على انه يشمل حق الحصول على المعلومات. ولهذا الأخير أهمية خاصة كتفسيرات وطنية لضمانات دستورية لحرية التعبير ذات علاقة لفهم مضمون نظيراتها الدولية. ثانياً: علاقة الشفافية بحماية المال العام: 1- علاقة حرية المعلومات بديمقراطية إدارة الدولة: بادئ ذي بدء، يعتبر الحق في المعلومات أحد الأعمدة الأساسية للديمقراطية ووسيلة فعالة لتعزيز مبدأ الحكم الرشيد، فالحكومة لا تحتفظ بالمعلومات لنفسها ولكنها تقوم بذلك بالنيابة عن الشعب. ومن شأن الشفافية الحكومية تحسين العلاقة بين الدولة والمواطنين وبناء الثقة وتطوير الخدمات العامة، كما تزيد الشفافية من قدرة الجمهور على مساءلة الحكومة، و تعزز الدور الرقابي بين المؤسسات العامة، و تتيح للصحافة أن تقوم بدور في الرقابة و في التثقيف و تحليل سياسات الحكومة، و بالتالي تقل فرص الفساد، و يشارك المواطنون بصور شتى في إدارة البلاد و في رصد ومراقبة أنشطة الحكومة وأدائها. إن الأنظمة الشمولية، تتخذ وسائل عديدة لترسيخ قبضتها، و لكنها تعتمد بشكلٍ أسياسي في وجودها علي أمرين لا يقل أحدهما أهمية عن الآخر وهما: - أولاً: احتكار المعلومات والمعرفة. - ثانياً: احتكار القوة والعنف . و من خلال هاتين الآليتين، تتمكن السلطات الشمولية أن فرض سيطرتها و تفوقها علي القوي السياسية والفعاليات الاهلية الاخرى، ولذا لا تتهاون هذه الأنظمة في ضمان احتكارها للمعلومات والمعرفة وحتى احتكارها للحقيقة ، وتحرص علي مد الآخرين فقط بالمعلومات التي تفي بحاجتها هي ، كما تفرض رقابة مشددة علي الأجهزة الإعلامية، بل وحتى علي الوسائط الجديدة فتغرقها بالشائعات. 2- علاقة الشفافية بحماية المال العام: الأمر يتعلق بمزيد من المساءلة للحكومة وتغيير العلاقة مع مواطنيها من سمات الديمقراطية الدستورية، إنشاء أكثر من مركز بين السلطات العامة، بالقدر الذي يمكن معه أن تراقب كل سلطة السلطات الأخرى. و المواطن و بوصفه صاحب مصلحة، في طريقة الحكم المتبعة، و بوصفه ممول للخزينة العامة من خلال الضرائب، و من خلال تمكينه للحاكمين من إستغلال موارد الدولة، فإنه أيضاً يحتاج إلى طريقة لمراقبة الموازنة العامة والإنفاق حتى يستطيع المشاركة برأيه والتيقن من إنفاق الأموال العامة يتم بطريقة صحيحة. الهدف ليس فقط تمكين المواطنين بل أيضا تحسين أسلوب الإدارةو تشجيع التنمية وزيادة فعالية الخدمات التي تقدمها الحكومة. فالإفصاح عن الموازنة العامة هو أحد ركائز إصلاح أي نظام للحكم و الإدارة في السودان. ويُعلي الدستور السوداني لسنة 2005 و المعدل في عام 2015 من المبادئ الأساسية للإفصاح والشفافية والمساءلة. وللمرة الأولى في تاريخ السودان، يتم أصدار قانون متخصص في حرية الحصول على المعلومات في عام 2015 ، عسى أن يكون ذلك مَدخلاً لتأسيس نظام يعمل على طرح الموازنة بصورة شفافة للمواطن السوداني، ربما من خلال تبني ما أطلق عليه وسط منظمات المجتمع المدني "مُوازنة المُواطن" أو تطبيق سياسة "الإنفاق المفتوح".. وشفافية المالية العامة مهمة لتحسين القرارات الاقتصادية والمالية بالقطاعين العام والخاص، وتعزيز المساءلة في تخصيص واستخدام الموارد العامة النادرة من خلال إشراك وتوعية المواطنين. و لتحقيق تلك الغاية، ثمة تطبيق جديد أطلقه البنك الدولي يعمل على تيسير الحصول على بيانات الموازنة يسمى"Boost" هذا التطبيق الجديد الذي وضعه معهد البنك الدولي يساعد الحكومات على إنشاء برنامج يتيح للجمهور الاطلاع على البيانات الخاصة بالموازنة بطريقة بسيطة وجذابة. هذه التطبيقات العملية، والمبتكرة أيضا، تمكن المواطنين من خلال إتاحة حصولهم على بيانات الموازنة. ويسمح هذا للمواطنين بأن يفهموا فهما كاملا كيفية استخدام الأموال العامة، كما يعتبر وسيلة لقياس فعالية الحكومة في التصدي لأولويات السياسات. و تتصاعد أصوات منظمات المجتمع المدني في السودان من أجل إجراء إصلاحات في الإدارة العامة و نظام الحسابات العامة، فيما يجري وضع الأسس لنظام شفاف خاضع للمساءلة. على الرغم من أهميتها البالغة، وتظل الموازنة العامة في السودان واحدة من أكثر الوثائق القانونية صعوبة، وأبعدها عن المواطن غير المتخصص، والمتخصص على حدٍ سواء، مما يُصعب من مُشاركة المواطنين في صياغة السياسة الاقتصادية العامة للدولة. ومن ثم فإن، إحتكار المعلومات، أو منعها من التداول، وغياب شفافية الموازنة لا يمكن تناوله فقط على أنه مخالفة بالغة لقواعد الديمقراطية والحكم الرشيد، ولكن يجب أن يضاف إلى ذلك أن غياب الشفافية يؤدى إلى مشكلات اقتصادية ومالية خطيرة ترتبط بتفشي الفساد والهدر، و مساعدة المفسدين في الهروب من العدالة، و يعيق مشروعات التنمية، ويسهم في عدم انعكاس الإنفاق العام على تحسين حياة الموطنين، ومن ثم فإنه يجب ألا تظل المعرفة المرتبطة بالموازنة العامة للدولة معرفة مقتصرة على الخبراء والمتخصصين بأي حال من الأحوال. يقصد بالشفافية المالية مبدأ يقوم على خلق بيئة تكون فيها المعلومات المتعلقة بالمالية العامة والقرارات والأعمال الخاصة بها متاحة ومنظورة ومفهومة، وبشكل أكثر تحديداً وجعل القرارات المتصلة بالسياسة المتعلقة بالمال العام معلومة من خلال النشر في الوقت المناسب والانفتاح لكل الأطراف ذوي العلاقة. فالأرقام الصماء لا تعد شفافية، كما ان الشفافية ليست فقط سرد مجموعة من الأرقام والبيانات حول الإنفاق والإيرادات ولكنها تعنى توفير المعلومة التي يفهمها المواطن والتي تمس حياته وتعبر عن تقدير الدولة وتثمينها لوعيه ومشاركته في صنع القرار، فلكي تكون الموازنة شفافة مثلًا في بند الأجور لا بد من توضيح أجور كل درجة وظيفية ونصيب كل منها من هذا البند وأسباب ارتفاع أو انخفاض أي منها، ولا بد من ربط الإنفاق بأهداف واضحة يفهمها المواطن ويسائل الدولة عليها. 3- الشفافية في إجراءات الموازنة العامة: يجب على المؤسسات العامة المعنية بأمر الموازنة العامة، أن تطبق مبدأ إتاحة المعلومات المتصلة بالموازنة العامة من خلال العديد من الاجراءات التي تضمن علانية اعداد الميزانية، وتنفيذها والابلاغ بنتائجها، وذلك من خلال : 1. عرض تقرير سابق عن الميزانية قبل تاريخ مناقشة واعتماد الميزانية السنوية وبوقت كافي ، مع بيان نوايا الحكومة الاقتصادية والمالية العامة في المدى المتوسط ، وإبراز مجموع الإيرادات ومجموع المصروفات والفائض أو العجز أو الدين العام ، وعرض مشروع الميزانية على السلطة التشريعية قبل بداية السنة المالية بثلاثة أشهر على الأقل واعتماد الميزانية قبل بداية السنة المالية . 2. ينبغي أن يتاح للجمهور الإطلاع على الآثار المالية العامة التقديرية لجميع التشريعات المقترحة من الحكومة . 3. ينبغي تصنيف المعاملات حسب الأنشطة أو المخرجات وحسب البرامج أو النتائج ، وينبغي أن تشمل وثائق الميزانية معلومات أداء تفصيلية مالية وغير مالية عن جميع المخرجات والأنشطة والبرامج على بيانات مقارنة عن سنوات سابقة . 4. ينبغي عرض تقارير المصروفات والإيرادات الشهرية والربع والنصف سنوية في مواعيد محدد قانوناً على السلطة التشريعية . 5. ينبغي إجراء مراجعة مستقلة للنتائج المتحققة بالقياس إلى جميع أهداف الأداء وعرضها على الجهات ذات الاختصاص في مواعيد محدد قانوناً . ثالثاً: تنظيم حرية المعلومات في السودان: إستناداً على المادة (39) من دستور جمهورية السودان الإنتقالي لسنة 2005، صدر قانون حق الحصول على المعلومات لسنة 2015 لمقابلة المتطلبات التي دعت أليها المادة 39، و هي كما يلي: - لكل مواطن حق لا يُقيد في حرية التعبير وتلقي و نشر المعلومات والمطبوعات و الوصول إلى الصحافة دون مساس بالنظام و السلامة و الاخلاق العامة. - تكفل الدولة حرية الصحافة و وسائل الإعلام الاخرى وفقا لما ينظمه القانون في مجتمع ديمقراطي. - تلتزم كافة وسائل الاعلام بأخلاق المهنة و بعدم إثارة الكراهية الدينية أو العرقية أو العنصرية أو الثقافية أو الدعوة للعنف أو الحرب. إهتمام الدولة بإصدار قانون سوداني لحرية تداول المعلومات و يؤسس للتحول الديمقراطي و يغير ثقافة السرية و يفعل ثلاثية الشفافية و المساءلة و المحاسبية، مما يقلل من فرص الفساد و التلاعب، و يحقق أهداف الحكم الراشد بتقنين حق حرية الحصول على المعلومات و نشرها عبر وسائط الاعلام وفقاً للمعايير الأخلاقية و المهنية. إلزام الاجهزة الحكومية بنشر المعلومات الاساسية يعزز بفعالية فكرة الحكومة المفتوحة. لذلك يجب تعديل القوانين التي تتفق و مبادئ كشف و نشر المعلومات الاساسية، و التي لا تسبب ضرراً للمصلحة العامة. و أن تكون الاستثناءات من ذلك واضحة و محددة و خاضعة لإختبارات الضرر و المصلحة العامة. و كان محور المعلوماتية في الاهداف الاستراتيجية للخطة الخمسية (2007 - 2011)، قد إستند على مبدأ حرية المعلومات، و تضمنت رسالة المحور على ضرورة " تنظيم بيئة المعلومات بما يكفل حرية الحصول عليها و تيسير إسترجاعها و الإستفادة منها". و نصت سياسات المحور على ان ضرورة "إتاحة المعلومات العامة و حماية حرية الحصول عليها". كما تضمنت الاهداف الإستراتيجية للمحور على امين حرية الحصول على المعلومات و نشرها عبر وسائط الاعلام وفقاً للمعايير الأخلاقية و المهنية 1- معني مصطلح "معلومات": عرف القانون السوداني المعلومات في مادته الثانية على أنها " البيانات و النصوص و الصور والاشكال و الاصوات و الرموز و قواعد البيانات و ماشابه ذلك بصرف النظر عن شكلها أو مصدرها أو تاريخ إنشائها أو حالتها القانونية أو طريقة حفظها"، و في هذا نلاحظ بأن القانو أعتمد على التعريف من زاويته المادية، فهذا التعريف لا يشمل المعلومات التي لم تتخذ بعد صورتها المادية المتمثلة في (البيانات و النصوص و الصور والاشكال و الاصوات و الرموز). و قد كان القانون اليمني قد توسع في تعريف المعلومة بأن أضاف لها الجانب المعنوي بقوله " المعلومة هي حقائق مدركة في الوعي، تتواجد معنوياً كقيم معرفية"، و ذهب القانون اليمني إلى تعريف الجانب المادي للمعلومة بالقول "و مادية في شكل أرقام و أحرف و رسوم و صور و أصوات". 2- من هي الجهة المناط بها تقديم المعلومة: نصت المادة (9) من القانون السوداني على الجهات التي يمكن أت تعد مصدرا للمعلومة و التي يقع على عاتقها تقديم المعلومات لطالبيها، و التي بموجبها اصبح لكل شخص الحق في الاطلاع و الحصول على المعلومات من الاجهزة و الوحدات الحكومية على كافة مستويات الحكم و القطاع العام و شركات المساهمة العامةو الشركات التي تشارك فيها الحكومة بأي نسبةو أي مؤسسة عامة يرى الوزير المختص أنها تعمل عملاُ مشابهاُ للقطاع العام و منظمات المجتمع المدني و من الملاحظ أن النص قد جاء ركيكاً و يكرر نفسه من خلال تكرار المُصطلح نفسه بطرق مُختلفة، و كان الاجدى أن يعتمد مبدأ "أي مؤسسة أو مشروع يتم تمويله من الخزينة العامة" و أن يجعل حق الحصول على المعلومات من منظمات المجتمع المدني في فقرة منفصلة، بوصفها منظمات عامة غير حكومية. عموماً، أن بناء نظام الشفافية و حرية تداول المعلومات في السودان، ليس وقفاً على إنشاء قانون لحماية حرية الحصول على المعلومات، و ليس بإنشاء مفوضية لمراقبة تنفيذ قانون حرية الحصول على المعلومات، وإنما يستدعي الامر إجراء إصلاحات شمولية، لا سيما في القوانين المقيدة لحرية التعبير، و في ضمان مبدأ سيادة حكم القانون. إن مجتمعات أنظمة احتكار المعرفة تحتاج الي معالجات تختلف عن تلك المتبعة عند المجتمعات الديمقراطية ، لذا ينبغي قبل إلزام أنظمة احتكار المعرفة بسن قوانين كقانون حق الحصول علي المعلومات ينبغي إلزامها ب :- - أولاً : تأسيس نظام سيادة حكم القانون، و الذي فيه تكون المؤسسات مستقلة عن بعضها، بما يتثنى لها القيام بدور رقابي فعال تجاه بعضها البعض، - ثانياً : ضمان مبادئ دولة حكم القانون، - ثالثاً : كفالة حق الاجتماع والتنظيم ، - رابعاً : كفالة حرية الصحافة و النشر، - خامساً: كفالة حرية البحث العلمي. 3- حرية الحصول على المعلومات لقد نظم القانون السوداني إجراءات الاطلاع او الحصول على المعلومات في المادة 10 منه إلا أنه من الملاحظ أن القانون تضمن قيوداً على حرية الحصول المعلومات أكثر من كونه قام بحماية حق، فقد أحاط القانون ظروف الحصول على المعلومات بعدد من الشروط، كما يلي: (1) اشترط الكتابة في طلب الحصول على المعلومات كما أعطى المفوضية الحق في فرض شروط شكلية بجانب الكتابة، مثلما نصت عليه المادة 10 الفقرة (د) و التي اعطت للمؤسسة حق فرض نموذج معين لطلب المعلومة (2) نصت الفقرة (ب) من المادة 10 أن يتضمن الطلب (وصفاً للتفاصيل) حتى تتمكن المؤسسة من معرفة اذا كانت المعلومة متوفرة لديها أم لا. و لكن لم يعرف القانون معني وصفا للتفاصيل و التي بدون تعريف قد تقف حائلا دون الحصول على المعلومات (3) كان يستلزم على القانون أن يحض المواطنين و الشخصيات المعنوية على طلب المعلومات، و تشجيع تأسيس فضاء الشفافية، و مثل هذا التشجيع كأن تنص المادة 10 على أنه "لا يجوز أن يترتب على تقديم طلب المعلومات أية مسآءلة قانونية أو تدابير إدارية" و القانون السوداني يفتقر بشكل لآفت إلى هذا الجانب. (4) لمزيد من التوضيح و تعزيزاً لمبدأ الشفافية، كان يستلزم على القانون أن ينص صراحة على حق الأجنبي في الحصول على المعلومات من المؤسسات العامة، حيث لا يجب الإعتداد بالجنسية و المواطنة في حرية تداول المعلومات. و كان قد نص القانون اليمني في مادته الرابعة على أنه يجوز للأجانب الحصول على المعلومات، و قد نصت الفقرة الرابعة من إعلان قمة جنيف للمعلومات على ضرورة تمكين أي إنسان من المعلومات دون إعتبار للحدود الجغرافية. (5) نصت الفقرة (و) من المادة (10) على أنه في حالة رفض طلب الحصول على المعلومات، يجب أن يكون قرار الرفض معللاً و مسبباً و يعتبر الإمتناع عن الرد ضمن المدة المحددة، قراراً بالرفض. و هذا حماية لمقدمي الطلبات ضد التعسف الحكومي، و بالتالي يساعد في إجراءات تقديم إستئناف بخصوص القرار. (6) لا يكفي أن يطلب القانون السوداني من الجهات العامة أن تستجيب لطلب الحصول على المعلومات المقدم بموجب الفقرة(أ) من المادة(10). إن تحقيق أغراض القانون، و كفالة الحق في الحصول على المعلومات يستدعي على السلطات العامة ان تقوم بنشر وتوزيع لأنواع أساسية من المعلومات حتى في غياب الطلب عليها. هذا منهج ديمقراطي، يسهم في التنمية، و في رفع الوعي الشعبي بالمسئوليات العامة التي تقع على المواطنين، و التي تبدأ بمناقشة المصالح العامة، و مراجعة سياسات الحكومة، و تقديم بدائل، و محاسبة المفسدين، و نشر المعلومات لاكبر قدر من المواطنين، يعني إشراك أكبر قدر من المواطنين في الشأن العام، خاصة وأن التكنولوجيا الحديثة تجعل من عملية نشر وتوزيع المعلومات أسهل واقل تكلفة و أوسع نطاقاً. 4- المعلومات المستثناة: لقد ذهب القانون السوداني في المادة 12 إلى وضع قائمة من المعلومات التي لا تخضع لاحكام هذا القانون و بالتالي لا يجوز تقديم طلب بخصوصها. و وضع قائمة بالمعلومات المستثناه، أمر متبع في العديد من القوانين الوطنية، و لكن هذا الاستثناه يوضع في الاساس لحماية حقوق سامية مثل منع الضرر للافراد او لحماية مصلحة عامة. شملت المادة 12 على 11 فقرة، في مجملها، عبارة عن المعلومات المستثناه من حرية الحصول على المعلومات. تناول بالتعليق على بعض تلك الاستثناءات، كما يلي: (1) المعلومات السرية المحمية بموجب قوانين أخرى: نصت الفقرة (أ) من المادة (12) على استثناء (الأسرار و الوثائق المحمية بموجب أي تشريع آخر)، و تكررت ذات الحماية للوثائق السرية المرتبطة بالعلاقات الخارجية، كما جاء في الفقرة (ب) من ذات المادة. و كان الأولى للقانون أن يعرف مصطلح (الأسرار و الوثائق المحمية) و إذا كانت معرفة في قانون آخر أن يحيل الناس الى ذلك القانون بالاشارة اليه، فقد عرف القانون مصطلح "المعلومات المصنفة" بأنها المعلومات ذات (الطبيعة السرية)، و بحسب إطلاعي و بحثي في هذا الصدد لم أجد أي تشريع سوداني يعرف مصطلح، هذا الامر مهم إذ تم إعادة استخدام مصطلح (أسرار) أيضاً في الفقرة (ج) مما كان يستلزم تعريفه و التمييز بين (المعلومات) و (الأسرار). أما فيما يختص بالمعلومات السرية المتصلة بالعلاقات الدولية و التي جاء ذكرها في الفقرة (ب) فهذا تكرار غير ضروري، فقد تحدثت الفقرة (ج) عن حماية الاسرار الخاصة بالسياسات الخارجية للدولة. (2) و حتى تتحقق الغاية من حرية المعلومات، يجب على القانون أن يعمل على حماية الأفراد من أي عقوبات قانونية أو إدارية أو وظيفية تترتب على مساعدته في تقديممعلومات حول الفساد. يعتبر مَبدأ حِماية المُبلغين و الشِهود، جزء هام في مبدأ سيادة القانون، و سهولة الوصول للعدالة، و ذلك بأن توفر الدولة الحماية القانونية اللآزمة للمبلغين و الشهود و الخُبراء و الضَحايا الذين يتقدمون بشهادة تتعلق بافعال يجرمها القانون و تشمل هذه الحماية اقاربهم و الاشخاص وثيقي الصلة بهم، من اي انتقام أو ترهيب محتمل ، و قد نصت المادة 32 من اتفاقية الاممالمتحدة لمحاربة الفساد على حماية الشهود و الخبراء في مادتها 32 و نصت على حماية المبلغين في المادة 33، و هذا ما نصت عليه ايضاً المادة الرابعة عشرة من الاتفاقية العربية لمحاربة لمكافحة الفساد. (3) (ج) الأسرار الخاصة بالدفاع الوطني و أمن الدولة أو سياستها الخارجية: و هي قائمة مفتوحة من المعلومات جاء تحديدها في الفقرة (ج) من المادة 12، و يعيب هذه الفقرة بأنها مذكورة على إطلاقها. الجديربالذكر أن القانون إستخدم مصطلح (أسرار) و لم يستخدم مصطلح (معلومات)، و إشترط فيها أن لا تكون قد مر عليها خمسون عاماً. و في ظل عدم تحديد (المعلومات ذات الطبيعة السرية)، يكون القانون قد عمل على حصانة طيف كبير من المعلومات، فبموجب الفئات الثلاث هذه (الدفاع الوطني و أمن الدولة أو سياستها الخارجية) تندرج طائفة من المعلومات التي ليس من المصلحة العامة إستبعادها من حرية التداول، و كذلك يفتح الباب على مصراعيه للفساد و الافلات من المساءلة و المحاسبة. فعلى سبيل المثال، المعلومات الخاصة بالسياسة الخارجية، تشمل مجموعة من المعلومات المالية و الادارية و الفنية، التي لا ترقى لمستوى وصفها أسرار دولة، فعلى سبيل المثال، و بموجب هذه الفقرة، يحق لوزارة الخارجية حجب اي معلومات متعلقة بتعيين جيل جديد من الموظفين الدبلوماسيين، أو رواتبهم و مخصصاتهم، و على ذلك يتم القياس في حالتي الدفاع الوطني و أمن الدولة. (4) كان من الاوفق ذكر معلومات محددة في تلك القطاعات الثلاث، فعلى سبيل المثال، في حالة الدفاع الوطني، المعلومات المتعلقة بتفاصيل الاسلحة و التكتيكات الدفاعية و الاستراتيجيات و القوات العسكرية السرية أو العمليات العسكرية التي تهدف إلى حماية الوطن. (5) التحليلات و التوصيات و المقترحات: نصت الفقرة (د) من المادة (12) على أنه يستثنى من تطبيق أحكام القانون المعلومات التي تتضمن تحليلاً أو توصيات أو إقتراحات أو إستشارات تقدم قبل إتخاذ قرار بشانها، و يشمل بذلك المراسلات و المعلومات المتبادلة بين الجهات المعنية في ذلك الشأن. و في رأي المتواضع أنه لايوجد حكمة ظاهرة وراء هذا الاستثناء، و ليس من الواضح وجه الحماية الذي يبتغيه القانون من حجب المراسلات بين الوزارات أو الجهات الحكومية، أو بين الحكومة و جهات أخرى غير حكومية بخصوص شأن عام، يهم المصلحة العامة للبلاد و المواطنين. هذا الاستثناء يتضمن قائمة لاحصر لها من المعلومات، و بالتالي يهدم الغاية الاساسية من القانون، و يلغي بهذه الفقرة مبدأ الشفافية و يعبد السبيل للمتلاعبين و المفسدين و بالتالي يهدر المصلحة العامة. (6) معلومات المفاوضات: الفقرة (ز) من المادة (12) على عدم كشف عن المعلومات التي تؤثر في أي مفاوضات لم تكتمل. و هي مادة غريبة للغاية، و لا سيما حين نجد ان المادة تنص على مصطلح غير مُعرف في المادة (2)، مثل (أي مفاوضات)، و بموجب ذلك الغموض يتمتع عدد غير محصور من المعلومات بالحصانة ضد حرية تبادل المعلومات أو الحصول عليها، و هذا قد يشمل بكل بساطة، كل المفاوضات الجارية أو الغير مكتملة و المتعلقة بالمشتروات و المبيعات الحكومية، و التعيينات و التخصيصات، و التي قد تتضمن، أو يشتبه في أنعا تتضمن فساداً. كان الاوفق للمشرع السوداني أن يحدد على سبيل الحصر المقصود بالمفاوضات التي يريد حماية سريتها، أو أن يحدد طبيعتها، و في إعتقادي إنها غير ضرورية، و فيها تقييد غير مبرر، لا سيما أن الفقرة (ج) من المادة 12، قد كفلت حماية المفاوضات المتصلة بالدفاع الوطني و أمن الدولة أو سياستها الخارجية. (7) المعلومات المتحصل عليها بصفة خاصة و بثقة: و نصت عليها الفقرة (ط) من المادة (12) و التي بموجبها يمنع القانون تقديم طلب للحصول على معلومات تحصلت عليها المؤسسة العامة من مؤسسات أخرى بصورة خاصة و بثقة. فلنتمعن عبارة (تحصلت عليها المؤسسة العامة من مؤسسات أخرى بصورة خاصة و بثقة)، و نحاول أن نتبين الهدف المقصود من تلك الحماية التي يفرضها القانون لمثل تلك المعلومات. و من العسير الاتفاق على معنى موحد، جامع، لعبارة (تحصلت عليها بصورة خاصة و بثقة). هذا الفقرة، لا تساعد في بناء دولة الحكم الرشيد و سيادة حكم القانون و الشفافية، و بالتالي تساعد في إهدار موارد الدولة. (8) المعلومات التي يؤدي كشفها إلى أضرار تجارية: نصت الفقرة (ي) من المادة (12) على عدم الكشف عن المعلومات التي تحوي أسراراً تجارية أو معلومات لربما تؤدي لأضرار تجارية. و هذه الفقرة مثل سابقتها، لا مبرر لها، لا شك أن هناك معلومات قد يسبب الكشف عنها أضراراً تجارية لبعض الشركات أو البيوتات التجارية، و لا أرى في ذلك من عيب، طالما كان الكشف عن المعلومات للمصلحة العامة. و هناك العديد من الاتفاقيات المتصلة بالامتيازات و الاعفاءات الجمركية و الضريبية، التي تتمتع بها شركات تجارية كبرى، و اتاحت هذه المعلومات للجميع، يضمن الشفافية و يساعد في بناء الثقة تجاه العمليات التجارية التي تقوم بها المؤسسات العامة. او حجبها بموجب نص قانوني مثل هذه الفقرة، سيفتح الباب، بل يشجع ضعاف النفوس عه\لى توظيف هذه الفقرة بالصورة التي تضر المصلحة العامة و بما يحقق منافع شخصية. (9) فيما يخص الفقرتين (ط) و (ي) من المادة (12): يمكن تقديم مقترحاً بتعديل النصين بما يتلآءم و أهداف القانون، أو تأسيس فقرتين جديدتين كما يلي، يستثنى من تطبيق أحكام القانون: a. المعلومات التي من شأن الإفصاح عنها تسبيب ضرر جسيم، وبقاؤها محجوبة يساعد على: - منع جريمة أو إكتشافها - إعتقال أو محاكمة جناة b. المعلومات ذات الطبيعة التجارية أو المالية أو الإقتصادية أو الصناعية أو الأبحاث العلمية أو التقنية التي يؤدي الكشف عنها إلى الإخلال بحق الملكية الفكرية أو بالمنافسة العادلة أو المشروعة أو التي تؤدي إلى ربح أو خسارة غير مشروعة لأي شخص. 5- إختصاصات مفوضية حق الحصول على المعلومات: أولى القانون أهمية كبيرة بتكوين المفوضية، حيث نص عليها في ثلاث فصول( الفصل الثاني و الثالث و الرابع)، و في المادة الخامسة نص القانون على إختصاصات المفوضية. في هذا الجانب يمكننا التعليق على أكثر الفقرات الماسة بحق الحصول على المعلومات. نصت المادة (5) على إختصاصات المفوضية بصورة غلب عليها العموم، فقد أحالت الفقرة ج مسالة الشكاوي المقدمة من طالب الحصول على المعلومات إلى اللوائح. و أمر النظر في الشكاوي أحد أهم إختصاصات المفوضية، و برغم ذلك لم يأتي النص بخصوصها بشكل قاطع. فالذي يتم رفض طلب بناءاً على الفقرة (و) من المادة (10)، قد لايجد ما يحمي حقه الدستوري، فالمادة (5/ج) ليس فيها أي إلزامية قانونية بحماية هذا الحق. فكان من الأوفق على هذا القانون تحديد الإجراءات التي تقوم بها المفوضية في كفالة الحق في الحصول على المعلومات، و كذلك تحديد المحكمة المختصة في حالة أن قرر المفوض رفض الطلب، و كذلك تحديد المدة الزمنية التي يجب على المفوض الإجابة فيها على الشكاوي و التظلمات المقدمة من طالبي الحصول على المعلومات. على كل حال، و حتى كتابة هذه الدراسة القانونية، لم تصدر اللوائح الوارد ذكرها في المادة (5/ج)، و من المأمل أن تحاول اللآئحة تغطية ذلك القصور. فيما يلي مقترحات عملية خاصة بسد جوانب النقص في المادة 5 من القانون السوداني: 1- على المفوضية بعد إستلام التظلم أو الشكوى، و خلال مدة زمنية معينة، ( يفضل أن تكون 30 يوم أو أقل ) أن تتوجه بمخاطبة المؤسسة التي رفضت الطلب كتابةً، و بنسخة من الشكوى المقدمة للمفوضية، و تستوضحها عن سبب رفض الطلب، و تطلب مع الرد صورة من الأسباب التي بموجبها تم رفض الطلب. 2- على المفوض، و بوصفه خبير، و مستقل، أن يقرر ماذا كان رفض الطلب مؤسساً على أساس قانوني؟، أم لا؟، و من ثم إلزام الجهة بوجوب تقديم المعلومات المطلوبة خلال مدة زمنية قصيرة (يفضل أن تكون سبعة أيام). 3- نص القانون السوداني في المادة (8) ان تستانف قرارات المفوضية لدى الوزير المختص، و في ذلك تضارب مع مبدأ إستقلالية المفوضية، و كان من الأوفق اللجوء للوزير المختص قبل تقديم الشكوى أو التظلم للمفوضية. و يجب أن يزال هذا الخلط و تأكيد إستقلالية المفوضية بعدم السماح باستئناف قراراتها امام اي سلطة تنفيذية. 4- على القانون أن يحيل مقدم الطلب، الى المحكمة المختصة في حال أن أيدت المفوضية قرار السلطة العامة برفض طلب الحصول على المعلومات، و يتقدم مقدم الطلب إلى المحكمة المختصة ضد قرار الوزير المعني، أو أعلى سلطة تنفيذية في السلطة العامة التي رفضت الطلب. و في هذا تكون المفوضية جهة فنية و إستشارية و لا تضمن في الدعوى المقدمة أمام المحكمة .و يجب على القانون أن يقوم بتعريف المحكمة المختصة في المادة الثانية منه. 5- يجب أن يقيد القانون رفض المؤسسات العامة لطلب الحصول على المعلومات، حتى لا يطلق يد موظفي السلطة العامة في تقدير اسباب غير قانونية لرفض الطلبات. و في هذا من المناسب إذا تم رفض الطلب فعلى الموظف المختص أن يبين في رد مكتوب يسلمه للطالب السبب في رفض الطلب، ويجب أن لا يخرج السبب عن: - أن المعلومة ليست بحوزة المؤسسة. - أن المعلومة المطلوبة تقع في نطاق الاستثناءات المحدد في هذا القانون. خاتمة: نستعرض هذه الورقة بصورتها الاولية هذه بغرض، إغنائها بالنقاش و المقترحات. شكراً عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.