شاهد.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (نجوت من 3 محاولات اغتيال في نيالا والدور على عمر جبريل.. الضابطة "شيراز" زوجت إبنتها التي تبلغ من العمر 11 عام لأحد قيادات الدعم السريع والآن مستهدفة لهذا السبب)    شاهد بالفيديو.. سيد الخطيب يفك طلاسم الطلقة الأولى في الحرب ويكشف حقائق جديدة    شاهد بالفيديو.. "ما بشيلها أبوي بدقني بقول لي أداك ليها منو" طالب سوداني في مرحلة الأساس يرفض إستلام حافز مالي بعد مقولته الشهيرة في الحصة: (أتبرع لأمي بكليتي وأنا أموت وأمي تعيش)    شاهد بالفيديو.. "ما بشيلها أبوي بدقني بقول لي أداك ليها منو" طالب سوداني في مرحلة الأساس يرفض إستلام حافز مالي بعد مقولته الشهيرة في الحصة: (أتبرع لأمي بكليتي وأنا أموت وأمي تعيش)    شاهد بالفيديو.. سيد الخطيب يفك طلاسم الطلقة الأولى في الحرب ويكشف حقائق جديدة    أمثال مادبو والذين يطعنوا في ضهر الجيش هم وِلاد بلد عاقين ولا يتشرف بهم الجيش    لمن يدَّعون أن الجيش عجز عن صد مسيرات مليشيات الدم السريع الإرهابية    البرهان يزور مطار الخرطوم الدولي ويؤكد عزم الدولة على القضاء على التمرد    تحذير من تموضع حوثي عبر غطاء إيراني قرب السواحل السودانية    ترامب: نهاية حماس ستكون وحشية إن لم تفعل الصواب    3 أندية سودانية تطلب الانضمام للدوري الرواندي    إحباط تهريب مواد كيميائية وبضائع متنوعة بولاية نهر النيل    قوات الدفاع المدنى تنجح فى إنتشال رفاة جثتين قامت المليشيا المتمردة بإعدامهما والقت بهما داخل بئر بمنزل    والي الخرطوم يبحث مع نائبة المفوض السامي لشئون اللاجئين قضايا اللاجئين وخطة الولاية لترحيل الأجانب    الاتحاد الأوروبي يدفع بأربعة شروط لأطراف النزاع في السودان    تقرير: السودان تحول من مرحلة أزمة العملة إلى "ما بعد العملة"    وفاة الكاتب السوداني صاحب رواية "بيضة النعامة" رؤوف مسعد    إيران تلغي "اتفاق القاهرة" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    وزارة الدفاع الكولومبية تعلن دعم مشروع قانون يحظر أنشطة المرتزقة في البلاد    محمد صلاح ليس وحده.. 5 أسباب وراء انهيار ليفربول    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    بقيادة"السافنا"..خطوة مثيرة للميليشيا في مدينة سودانية    دولة أجنبية تحاول زعزعة منتخب السعودية    ردّ ناريّ من ضابط عسكري سوداني    الأمل يدشن الإعداد تحت إشراف منعم تيه وأبوبكر شريف    القوز يتوج بطلاً للسوبر بعد فوزه على اتحاد الشرطة بثنائية مثيرة بأبوحمد    مليشيا محمد حلفا!!    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    ( "لينتي" كفكفت من عيني دمعات الليالي وجدتُ نفسي غارقا في الحب عاشقاً، محباً ومُريدا).. شاهد ماذا كتب العريس أحمد العربي لزوجته لينا يعقوب في أول يوم لهما بعد نهاية حفل زواجهما الأسطوري    القضارف.. توجيه رئاسي بفك صادر الذرة    المريخ يرحب بإقامة قمة في بنغازي تكريما للجمهور السوداني    أسطورة ليفربول مهاجماً صلاح: يجب رميه في الدكة    مدير شرطة اقليم الأزرق يثمن جهود إدارة المباحث الجنائية المركزية بالاقليم في كشف غموض العديد من الجرائم    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    أسعار الذهب إلى أين؟    بعد أدائه القسم في «الشيوخ».. ياسر جلال يستعين ب مشهد كوميدي ل «مرجان أحمد مرجان»    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    وزير الخارجية المصري: ننسق مع السعودية لإنهاء الحرب في السودان بسرعة    حكومة الجزيرة تدعم مركز القلب بمدني بمولد كهربائي 550 KV    الرئيس التركي: الصراع في السودان"يؤلمنا بشدّة"    القبض على الفنانة عشة الجبل    الذهب السوداني.. لوبيات تتحكم وسلطة خانعة    محافظ بنك السودان المركزي تلتقي مديري عموم المصارف وتؤكد على الإصلاح المؤسسي واستقرار النظام المصرفي    إيقاف جميع التعاملات النقدية في ولاية سودانية    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    شريف الفحيل: تهديد جمال فرفور سبب مغادرتي السودان وتقديمي اللجوء في كندا    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحق في التجمع السلمي وحرية التعبير في الدستور والمواثيق الدولية
نشر في الصحافة يوم 02 - 02 - 2011

ينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر في 10 ديسمبر 1948م في البند العشرين، على حق أي شخص في المجتمع السلمي والتنظيم، فالحق في التجمع السلمي حق أصيل، وهو من حقوق الانسان الاساسية ولا يجوز منعه إلا وفقاً لضوابط واجراءات محددة على سبيل الحصر تتمثل في مجملها، إلا يكون الهدف من التجمع ارتكاب جريمة أو الخلال بالامن والطمأنينة العامة (Public Traquility) وقد نص عليه ميثاق الأمم المتحدة في الفقرة الثالثة والعشرين، وجاء النص عليه في البند العاشر من الميثاق الافريقي، والمادة «18» من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966م تقر كالآتي:
(يكون الحق في المجتمع السلمي معترفاً به ولكل فرد حق في تكوين الجمعيات مع آخرين، بما في ذلك حق انشاء النقابات والانضمام إليها من اجل حماية مصالحه، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذين الحقين، إلا تلك التي تفرض طبقاً للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم.
والحق في التجمع السلمي نصت عليه معظم الدساتير السودانية السابقة، فقد ورد النص عليه في المادة (50) - (51) من الدستور الدائم لجمهورية السودان الديمقراطية، وتتحدث عنه المادة «26» من دستور 1998م.
أما الدستور الانتقالي لسنة 2005م، فقد كان اكثر الدساتير السودانية تقدماً في مجال حقوق الإنسان، فقد أفرد اثنتي عشرة مادة لحقوق الإنسان وسماها بوثيقة الحقوق (المواد 27 إلى 48)، ووضع تعريفا محددا لوثيقة الحقوق، والزم الدستور في الفقرة الثانية من المادة (27) الدولة بحماية هذه الوثيقة وتعزيزها وتنفيذها، والوثيقة تحدثت باستفاضة عن الحق في الحياة الكريمة والحق في الحرية الشخصية والحرمة من الرق والسخرة، والمساواة أمام القانون، وحقوق المرأة والطفل، والحرمة من التعذيب، والحق في المحاكمة العادلة، والحق في التقاضي، وتقييد عقوبة الاعدام، والخصوصية وحرية العقيدة والعبادة وحرية التعبير، حرية التجمع، حق الاقتراع، حرية التنقل والاقامة، حق التملك، الحق في التعليم، حقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، الحق في الرعاية الصحية العامة، حقوق المجموعات العرقية والثقافية. واختتمت وثيقة الحقوق بالمادة (48) التي تشير إلى عدم جواز الانتقاص من الحقوق والحريات المنصوص عليها في الوثيقة، والزام المحكمة الدستورية والمحاكم المختصة الاخرى بصيانة وحماية وتطبيق الوثيقة. وتراقب مفوضية حقوق الانسان تطبيقها في الدولة وفقاً للمادة (142) من الدستور التي تنص على انشاء مفوضية لحقوق الانسان، ومعلوم لدى الكافة أن مفوضية حقوق الإنسان لم تر النور حتى تاريخه، وما يهمنا في هذا السرد هو نص المادة (40) من الدستور الانتقالي لسنة 2005م التي تنص على الآتي:
1/ يكفل الحق في التجمع السلمي، ولكل فرد الحق في حرية التنظيم مع آخرين، بما في ذلك الحق في تكوين الاحزاب السياسية والجمعيات والنقابات والاتحادات المهنية أو الانضمام إليها حماية لمصالحه.
فهذه النصوص صريحة وواضحة في كفالة وصيانة وحماية الحق في التجمع السلمي وبقية الحقوق المرتبطة به، والحق في التجمع السلمي، والحق في التعبير والاعتصام والتظاهر حقوق مكفولة بموجب الدستور. ومن المعلوم بداهة بالضرورة أن هذه الحقوق التي نص عليها الدستور تمثل حقوق الانسان الاساسية، ويجب مراعاتها وتفعيلها والعمل بها، وليس إبقاءها مجرد نصوص باردة في جوف الدستور، فالمشروع عندما نص عليها كان يهدف لتطبيقها والعمل بموجبها، وأية دعوة للانتقاص منها، وجعلها مجرد ديكور لتزيين الدستور تخالف الدستور، فالنص الدستوري يتمتع بالقدسية ويجب احترامه باعتباره أبو القوانين، وفي بريطانيا على سبيل المثال لا يوجد دستور مكتوب، ولكن هذه الحقوق محل الاحترام والحماية والتطبيق، والالتزام الادبي والاخلاقي يقتضي تفعيل هذه النصوص، والعمل على تطبيقها حرفياً والاهتداء بروح النص والحكمة من تشريعها، وعدم اجهاض قصد المشرع بالنص عليها، وتضمينها نصوص الدستور لم يكن مجرد عمل عبثي لا طائل منه، وانما يهدف لتحقيق غاية سامية تتمثل في حماية وترقية حقوق الانسان، فالحق في التجمع السلمي حق يكفله الدستور والمواثيق الدولية، وليس من قيد عليه إلا اذا كان بقصد ارتكاب جريمة أو الإخلال بالامن. ولقد اعلن السيد والي ولاية الخرطوم عن كفالة التجمع السلمي والحق في التعبير، ولقد جاء الدستور الانتقالي اكثر تقدماً، وأعمق تناولاً لمفهوم حقوق الانسان، بالنظر للدستور الذي سبقه (دستور 1998م)، مستلهماً الظروف التي أوجدته، والاهداف التي يسعى لتحقيقها، حيث انه جاء في اعقاب توقيع اتفاقية السلام الشامل (نيفاشا)، والهدف الاساسي لهذا الدستور هو تحقيق التحول الديموقراطي، بنص صريح في المادة (2) بأن السيادة للشعب على العكس من دستور 1998م الذي رأي النور وعراب الإنقاذ، د. حسن عبد الله الترابي يمسك بكل خيوط اللعبة السياسية، لذلك جاء النص بأن الحاكمية لله، وصدر قانون التوالي السياسي، وما صحبه من تأويلات وألفاظ غريبة سعياً لإعادة صياغة الانسان السوداني وفقاً للأدبيات التي سادت في تلك المرحلة.
دستور 2007م يعتبر خطا خطوات كبيرة نحو حماية وترقية حقوق الإنسان بالنص على وثيقة الحقوق في المادة (27) التي نصت في الفقرة (3) على الآتي:
(تعتبر كل الحقوق والحريات المضمنة في الاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الانسان المصادق عليها من قبل جمهورية السودان جزءاً لا يتجزأ من هذه الوثيقة).
وغنى عن القول فإن الاعلان العالمي لحقوق الانسان 1948م لا يحتاج للمصادقة عليه، وتتعامل معه الدول كموجه لسياسات حقوق الانسان.
وقد صادق السودان على العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966م إبان الفترة الانتقالية في عام 1986م، ووفقاً لنص المادة (27) من الدستور فإن هذا العهد يعتبر جزءاً لا يتجزأ من وثيقة الحقوق.
والمادة (39) من الدستور الانتقالي 2005م تنص على حرية التعبير صراحة وهي تقرأ كالاتي: لكل مواطن حق لا يقيد في حرية التعبير وتلقي ونشر العلومات والمطبوعات والوصول إلى الصحافة دون مساس بالنظام والسلامة والأخلاق العامة، وذلك وفقاً لما يحدده القانون).
/2 تكفل الدولة حرية الصحافة ووسائل الاعلام الأخرى.
وباستقراء هذه النصوص والمادة (19) من العهد الدولي للحقوق المدنية السياسية 1966م تنص على الآتي:
(2- لكل انسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها).
فحرية التعبير (Freedom of Expression) حق أصيل من حقوق الانسان نصت عليه معظم المواثيق والعهود الدولية والاقليمية، وقد جاء النص عليه في المادة (13) من الاتفاقية الامريكية لحقوق الانسان، وجاء النص على هذا المبدأ في الاتفاقية الاوروبية لحقوق الانسان، أما الميثاق الافريقي فقد نص على حرية التعبير في المادة الثانية منه.
هذا الاصرار على تضمين مفهوم حرية التعبير في هذه الاتفاقيات، يعكس أهمية هذا المبدأ، حيث انه يشكل مرتكزاً أساسياً، تنطلق منه حقوق أخرى، ويرتبط بهذا المبدأ آخر لا يقل عنه هو مبدأ (حرية التنظيم) وبدونهما لا يمكن أن تكون هنالك علمية انتخابية حرة ونزيهة، فحرية التعبير حق أصيل، وهو الحق في أن تقول ما تعتقد، والحق في أن تسمع ما يقوله الآخرون، والحق في انتاج وتوزيع المقالات والخطب والحق في انتاج وسائل الاعلام والغناء وأية وسيلة من وسائل التعبير. ويشمل حرية تلقي واستيراد الأفكار والمعلومات دون تدخل أو عوائق، ويتم تطبيقه عبر الحديث والكتابة والنشر والاذاعة والمسرح. وكما أسلفنا فإن حرية التعبير تمثل الاساس التي تنطلق منه بقية الحريات، وحرية التعبير ليست منحة من السلطة ولكن يمكن تحديدها مراعاة للمصلحة العامة، أو الخاصة في بعض الأحيان، ولكن لا يجوز مصادرتها أو وضع قيود صارمة على ممارستها سعياً وراء افراغها من مضمونها.
وقد سبق أن أوضحنا أن الدستور الحالي 2005م، جاء أكثر انفتاحاً وتقدماً في النص على الحقوق والحريات الاساسية، إلا ان هذه النصوص الرائعة لم تجد حظها من التفعيل والتطبيق، وظلت حبراً على ورق، واقتحمتها العبارات الشهيرة التي تفرغ أي نص من محتواه وتجهض الهدف من النص عليه، هذه العبارات التي تزين معظم النصوص الدستورية، مثل وفقاً للقانون (According to the Law)، طبقاً للقانون (Subject to the Law) وما إلى ذلك من عبارات تبدو في ظاهرها متوافقة مع النص الدستوري، إلا انها تحمل بين ثناياها آلية اجهاضه. فالنص على حرية التعبير وحرية التجمع والتنظيم والخصوصية وفي نفس الوقت سن قوانين تضع القيود عليها واشتراط موافقة السلطات على ممارسة أنشطتها، واطلاق يد الجهات الامنية في ايقافها وعدم السماح بممارستها، أو ممارستها في نطاق شكلي ضيق، أو السماح بها عند حاجة السلطة إليها، أو للموالين لها، يجعل منها نصوصاً باردة، منمقة، بالعبارات الجميلة الهدف منها كسب ود المنظمات المعنية بحقوق الإنسان، والايماء بأن حقوق الإنسان تتمتع برعاية الدولة، والدليل على ذلك ادراجها في صلب الدستور.
والتجربة العملية أكدت أن هذه النصوص لم تسهم في عملية التحول الديموقراطي، ولم تؤدِ لاشاعة ثقافة الحرية والديمقراطية.
المحامي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.