عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. كثيرا ما تأخذ السوانيين الحيرة بسبب المواقف المصرية تجاة السودان و بشكل اكثر تحديدا المواقف السياسية . و لم يشمل الالتباس عامة السودانيين فقط , انما اخذ بتلابيب حتى المشتغلين بالسياسة ورهط من الاكاديميين و المثقفين ,الذين سببت لهم تلك المواقف كثيرا من الالتباس و عدم فهم مآلاتها و أهدافها لعدم تطابقها فى كثيرا من الاحيان مع المعلن من المواقف . غير اننا لا نعنى بالالتباس التماهى الى حد التماثل الذى سمم مفاهيم البعض من الذين يعانون من الاستلاب الثقافى المزمن ,كما وصفهم د. الطيب بوعزة فى تحليلة لمفهوم الالتباس , لانهم اختاروا و بوعى القومية على الوطنية و الانقياد بدل المعاملة بالمثل . و المواقف المصرية الغامضة ورائها استراتيجية مصرية بغيضة تهدف لتحويل السودان الى دولة ضعيفة وفاشلة . لتمرير و تنفيذ استرتيجيتهم القائمة على ايجاد الحلول لأزمة الدولة المصرية و المتمثلة فى قلة الموارد والمياه على حساب السودان . وذلك عن طريق جره الى مستنقع المشاكل الداخلية لاستنزاف قدراته و طاقاته عن طريق الصراع المستمر بين أطيافه المتباينة. و استغلت الاستراتيجية المصرية هشاشة مكونات المجتمع السودانى المتمثلة فى أختلاف الثقافات و التركيبة السكانية الغير متجانسة بتأجيج الصراعات المرشحة أصلا للانفجار بين الفينة و الاخرى بسبب أختلال توزيع الثروة و صراع الهوية الذى لم يعالج بشكل ديمقراطى . وذلك بدفع كل هذة المكونات فى صراع لا متناه مع السلطة المعبرة دائما عن مكون وحيد بأعتبار ذلك الطريقة المثلى للاقعاد بهذاء الوطن . و لا يخفى على احد ابتداءً دعم و مساندة المصريين لاثنيات و مكونات و أحزاب بعينها على حساب الاخرى . و الطريقة المثلى لدفع تلك المكونات لتتصادم فيما بينها بشكل عنيف هو أن يتم قهرها عن طريق التاثير على نظام الحكم . ولذلك ساهمت الانظمة المصرية و فى قلبها العقلية الامنية بقيام انظمة حكم غالبا عسكرية تعبر عن اثنيات معينة لا تتراضى علية كل مكوناته , لا يحفظ حقوق جميع الاطراف ولا يعزز العدالة الاجتماعية الامر الذى أدى الى رفضها من قبل تلك المكونات و من ثم برر لها ذلك الرفض بأستعمال القوة لفرض سيطرتها . و محاولة ترويض مجتمع متعددة الاعراق و الثقافات و الهويات مثل السودان حتما سيقود تلك الجماعات المظلومة و المهضوم حقوقها الى مقاومة عنف السلطة . مما ادى الى خلق توترات و حروبات دائمة تمخضت عنها حكومات ضعيفه غير قادرة على الوقوف امام الاطماع المصرية. ويقودنا هذاء الى التساؤل الى السر وراء دعمت الحكومات المصرية المتعاقبة للانظمة و الانقلابات العسكرية فى السودان ؟ بالقطع لانها سوف تنتج أنظمة ضعيفة و معزولة بطبيعتها عن الجماهير ، وعزلتها تجعلها غير قادرة على تعبئة الجماهير فى أوقات الكوارث الوطنية او أتخاذ أى مبادرات مصيرية تحقق مصالح الوطن العليا .و لانها بوضع لا يحسد علية قادرة على اشاعة الفرقة بين مكونات المجتمع لعدم قدرتها على ادارة التنوع و احترام آلياتة و الصبر عليه باتاحة الفرصة لة للتعبير الحر ، مما قاد الى توترات و صراعات بين مكوناته حول الهوية و الثروة , الامر الذى جعلها غير قادرة على حماية السيادة الوطنية بل على العكس كانت على استعداد لتقديم التنازلات المؤلمة للبقاء فى السلطة . و هوعين ما كانت تهدف الية لاستراتيجية المصرية و التى ان لم تكن تورطت بطريقة مباشرة احيانا فأن اياديها الخفية لا تحتاج الى دليل فى معظم التغييرات السياسية التى حدثت فى السودان طوال تاريخه . و من الثابت تاريخيا أن الدولة المصرية منذ نيل السودان لاستقلاله ظلت تتدخل و تؤثرعلى استقرار الانظمة السياسية و شكل الحكم الذى يجب أن يسود بشتى السبل لتحقيق استراتيجيتهم . و منذ وقت مبكر من استقلال السودان عملت الدولة المصرية على تخريب التحالفات السياسية بأيعاز منها للتنظيمات السياسية المواليه لها ضد التيارات الاستقلالية للتأثير على الحكومة الديمقراطية الاولى ضد انتهاج اى خط استقلالى . فى الوقت الذى اوعزت فية لعناصرها و مخابراتها داخل الجيش بمراقبة عناصر معينة داخل الجيش لضرب وحدتة. و يرى كثير من المراقبين أن المخابرات المصرية و أذيالها فى اجهزة الدولة ليست ببعيدة عن تحرك 17نوفمبر1958 . و ما آلت الية سلطة الفريق عبود و انصياعها الذليل بالتنازل عن منطقة وادى حلفا و التغاضى عن تعديات السلطة المصرية للسيادة الوطنية خير دليل على تغلغل السلطة المصرية فى مفاصلها. ولم يتوقف التغلغل المصرى المكشوف فى الساحة السودانية عند نظام الفريق عبود فقط انما امتد الى الحكومات التى تلتة سواء كانت مدنية او عسكرية. و ليس ادل من ذلك من تباهى سلطة مايو عيانا بيانا بالدعم المصرى لتثبيت اركان نظامة ، فى الوقت الذى تغاضى فية عن التعديات على موارد السودان مثل مياة النيل وتوقيع الاتفاقات المجحفة فى حق الوطن كأتفاقيات التكامل و الدفاع المشترك . و كان الثمن البخث الآخر هو التغاضى عن التجنيد الفاضح للمخابرات المصرية لعناصر فى الجيش بدعاوى التدريب و الدراسات بالاكاديميات العسكرية المصرية ، الامر الذى يكشف مدى تغلغل العقلية الامنية المصرية فى مجريات الحياة السياسية فى السودان . هذاء ما يفسر لنا بوضوح وقوف الانظمة المصرية السابقة مع نظام الانقاذ فى ايامة الاولى بالرغم من خلفيتة الاسلامية السافرة , و التغاضى عن حلقات التأمر التى نالتة منة بدون توقف , ثم آخيرا التماهى مع مواقفة رغم كل ما يحملة من عداء مبطن للسلطة الحاكمة . غير مواقف القيادات المصرية تجاه النظام الحالى تتسق تماما او على الاقل مع الاستراتيجية المصرية تجاة السودان ، و التى تتمثل فى دعم و مساندة الانظمة و الحكومات المعادية للشعب السودانى مهما كانت درجة الاختلاف من حيث الطبيعة الايديولوجية و الفكرية و المذهبية ، طالما ظل هذا النظام مبقيا على الوطن ضعيفا ممزقا و غير قادر على حماية سيادتة .