في الجزء الاول من هذا المقال لم اتطرق الي علاقة الحركه الشعبيه بالمؤتمر الوطني الحاكم او اي من الاحزاب والحركات السياسيه الاخري، حيث ان تركيزي ينصب علي اداء الحركه الشعبيه في الجنوب فقط خلال الفتره التي اعقبت توقيع اتفاقية السلام المتتبع للشان الجنوبي يجد ان الحركه الشعبيه قد رفعت حيز الامال و التطلعات لدي المواطن السوداني، من خلال دعوتها لبناء سودان جديد يتساوى فيه الجميع امام القانون ولا تتم فيه تفرقة المواطنين على اي اساس. كان هذا عاملا مساعدا في نشأة حركات سياسيه اخرى انطلقت لتطالب بحقوق المهمشين في مناطق اخري من السودان كانت الفرصه مواتية امام الحركه لاثبات تميزها في الحكم من خلال تنفيذ برنامجها في الحكم علي ارض الواقع في جنوب السودان، و اللذي تتمتع فيه بسلطه مطلقه، بدلا من ذلك اختارت الحكم الشمولي في جنوب السودان واستبعدت من يختلفون معها في الرأي و لم تعقد اي شراكه او ترسي اي شكل من اشكال التعاون مع اي من القوي السياسيه الجنوبيه الاخري اذا نظرنا الي حال التجار الشماليين في جنوب السودان وجدنا انهم يعانون من التمييز و سوء المعامله بصوره لا تختلف كثيرا عن التمييز الذي طالما اشتكى منه المواطن السوداني الجنوبي في شمال السودان، وهذا ان دل علي شئ فانما يدل علي ان الذهنيه الحاكمه هي اقصائيه انتقاميه اكثر منها اداريه منهجيه من ناحيه بناء هياكل اداريه ومؤسسات خدميه لتوفير الخدمات الاساسيه للمواطن الجنوبي، نجد هناك قصورا كبيرا حيث لا تزال خدمات الصرف الصحي و المياه النقيه، ناهيك عن التعليم و العلاج، لا تزال هذه الخدمات بعيده عن متناول الغالبيه الساحقه من المواطنين، و لا تلوح في الافق اي مشاريع لانجاز بني تحتيه تحقق للمواطن اي من هذه الخدمات. بدلا من ذلك تتحدث التقارير عن نجاح مصنع مصنع للبيره وعن صفقات سلاح ، وهذا لايدل علي وضع صحيح لاولويات التنميه حيث ان المواطن السوداني يحتاج الي المياه النقيه والدواء اكثر من حاجته الي الكحول و الاسلحه ناتي للحديث عن الاداره الماليه لموارد حكومه الحركه في الجنوب، و الحديث هنا يقلب مواجع كثيره، اذ يذكر باداره حكومه الانقاذ لموارد الدوله عامة، ولعائدات البترول خاصة. وجه الشبه بالطبع هو غياب اي جهاز محاسبه او تدقيق في اوجه صرف العائدات الحكوميه، بالاضافه الي تغييب المواطن بصفه تامه عن آلية صنع القرار فيما يتعلق بتحديد اوجه واولويات صرف موارد الدوله. النتيجه الطبيعيه و المنطقيه لذلك هي ان تصرف اموال الشعب بدون رقيب او حسيب في شتي الاتجاهات بدون ان تتحقق للمواطن اي فائده، بل وتتضخم ثروات البعض بدون تفسير بينما يتظاهر الجنود مطالبين برواتبهم، فيما يكثر الحديث عن الفساد المالي و الهدر حكومه الحركه فشلت في امتحان الديموقراطيه كما فشلت في وضع هياكل اداريه وخدميه او مؤسسات لاداره الحكم في جنوب السودان، بدلا من ذلك انهمك السياسيون من الحركه الشعبيه في القاء التهم علي المؤتمر الوطني الحاكم محملينه مسؤوليه الفشل في تطبيق اتفاقيه السلام و ملقين عليه تبعات الانفصال القادم واقع الحال هو ان نظام الانقاذ لا يرجى منه خير، لكنه قطعا ليس المسؤول عن فشل الحركه في تحسين اوضاع المواطن السوداني في الجنوب بصوره ملموسه خلال السنوات الماضيه، خصوصا مع تدفق المليارات علي حكومه جنوب السودان نظام الانقاذ كان و مازال الشماعه التي يعلق عليها قيادات الحركه مسؤوليه فشلهم، او بالاصح الواجهه التي يستترون خلفها لصرف الانظار عن الواقع المرير للمواطنين في الجنوب. السؤال هو: كيف سيتم تبرير الفشل عندما ينفصل الجنوب اخيرا (سلما او حربا) ثم لا تعود هناك واجهه اخري يستترون خلفها عندما يبدوا الفشل غير قابل للتبرير ؟ المؤلم في الامر هو ليس فقط حجم الفرصه التي اضاعتها الحركه لتقديم نموذج حكم افضل او تحويل الشعارات الي حقائق، بل الذي يؤلم حقيقة هو تحول الحركه الشعبيه ومن خلال حكمها للجنوب الي نسخه اخري من حكم الانقاذ، مع بعض الفروق الغير جوهريه نعم و للاسف، تحمل حكومه جنوب السودان الحاليه بذور دوله اخري فاشله، ستكون بديلا للمواطن السوداني في الجنوب عن الدوله الفاشله القائمه الان في عموم السودان. هل من اجل هذا خاض الجميع تلك الحروب؟ لا نغفل بالطبع ان الجنوب الان يعاني من انفلات امني، تبدو ملامحه في الصدامات المسلحه بين شتي العناصر و المكونات في كافه انحاء الجنوب. هذه الصدامات التي لا تجد الان من الدوله تدخلا حاسما يؤكد للمواطن ان امنه يمثل اولويه للقائمين علي الامر، هذه الصدامات تمثل بوادر حروب اهليه داخليه تنتظر الفرصه لتمتد و تستشري ، مما يحمل المرء علي السؤال: هل يستبدل الجنوب بعد انفصاله الحرب مع الشمال بالحرب مع الجنوب؟ الاخوه الساسه في الجنوب حتما سيرفضوا هذا التصور و سيؤكدوا ان مستقبل الجنوب بخير وان الانفصال الفعلي عن الشمال سيعطي الفرصه للقاده لاعاده ترتيب البيت الجنوبي من الداخل قبل الانطلاق في التنميه المشكله في هذا الطرح هو انه وللاسف نفس الطرح الذي بدأت به الجزء الاول من مقالي. سمعت مثل هذا القول من بعض الاخوه الساسه في الجنوب ممن تقلدوا المناصب المؤثره ابان عودتهم بعد توقيع اتفاقيه السلام. قالوا بالحرف ان انتهاء الحرب و توليهم حكم الجنوب بانفسهم سيعطهم الفرصه لتوحيد الفصائل و الجماعات والعمل مع المواطنين سويا علي بناء الجنوب، وها نحن بعد مرور عده سنوات مازلنا بانتظار تحقيق ذلك amjud mustafa [[email protected]]