شاهد بالفيديو.. قائد كتائب البراء بن مالك في تصريحات جديدة: (مافي راجل عنده علينا كلمة وأرجل مننا ما شايفين)    بالفيديو.. "جرتق" إبنة الفنان كمال ترباس بالقاهرة يتصدر "الترند".. شاهد تفاعل ورقصات العروس مع فنانة الحفل هدى عربي    تسابيح خاطر    شاهد بالصورة.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل تسابيح خاطر تنشر صورة حديثة وتسير على درب زوجها وتغلق باب التعليقات: (لا أرىَ كأسك إلا مِن نصيبي)    شاهد بالصورة.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل تسابيح خاطر تنشر صورة حديثة وتسير على درب زوجها وتغلق باب التعليقات: (لا أرىَ كأسك إلا مِن نصيبي)    شاهد بالفيديو.. الفنان الدولي يدخل في وصلة رقص مثيرة مع الممثلة هديل تحت أنظار زوجها "كابوكي"    شاهد بالفيديو.. الفنانة مروة الدولية تعود لإثارة الجدل..تحضن زوجها وتدخل معه في وصلة رقص رومانسية وهي تغني: (حقي براي وملكي براي بقتل فيه وبضارب فيه)    إنتر ميلان يطيح ببرشلونة ويصل نهائي دوري أبطال أوروبا    الهند تقصف باكستان بالصواريخ وإسلام آباد تتعهد بالرد    برئاسة الفريق أول الركن البرهان – مجلس الأمن والدفاع يعقد اجتماعا طارئاً    إستحالة تأمين العمق الداخلي سواء في حالة روسيا او في حالة السودان بسبب اتساع المساحة    والي الخرطوم يقف على على أعمال تأهيل محطتي مياه بحري و المقرن    ترمب: الحوثيون «استسلموا» والضربات الأميركية على اليمن ستتوقف    اعلان دولة الامارات العربية المتحدة دولة عدوان    عادل الباز يكتب: المسيّرات… حرب السعودية ومصر!!    الأهلي كوستي يعلن دعمه الكامل لمريخ كوستي ممثل المدينة في التأهيلي    نائب رئيس نادي الهلال كوستي يفند الادعاءات الطيب حسن: نعمل بمؤسسية.. وقراراتنا جماعية    مجلس الإتحاد يناقش مشروع تجديد أرضية ملعب استاد حلفا    من هم هدافو دوري أبطال أوروبا في كل موسم منذ 1992-1993؟    "أبل" تستأنف على قرار يلزمها بتغييرات جذرية في متجرها للتطبيقات    وزير الطاقة: استهداف مستودعات بورتسودان عمل إرهابي    أموال طائلة تحفز إنتر ميلان لإقصاء برشلونة    قرار حاسم بشأن شكوى السودان ضد الإمارات    بعقد قصير.. رونالدو قد ينتقل إلى تشيلسي الإنجليزي    ما هي محظورات الحج للنساء؟    شاهد بالصورة والفيديو.. بالزي القومي السوداني ومن فوقه "تشيرت" النادي.. مواطن سوداني يرقص فرحاً بفوز الأهلي السعودي بأبطال آسيا من المدرجات ويخطف الأضواء من المشجعين    توجيه عاجل من وزير الطاقة السوداني بشأن الكهرباء    وقف الرحلات بمطار بن غوريون في اسرائيل بعد فشل اعتراض صاروخ أطلق من اليمن    الأقمار الصناعية تكشف مواقع جديدة بمطار نيالا للتحكم بالمسيرات ومخابئ لمشغلي المُسيّرات    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بقالات (التعليم العالي) .. بقلم: المثني ابراهيم بحر
نشر في سودانيل يوم 06 - 02 - 2016

لأهمية شريحة الشباب في المجتمع كشريحة فاعلة,كانتمن اولويات أجندة العصبة الحاكمة قبل استيلائها علي السلطة استهدافهذه الشريحة عبر برنامج يستهدف (هدرهم) عن طرق تدمير التعليم باهمالالجودة والتركيز علي الكم لانتاج اجيال فاقدة للتركيز , وبالتالي اصبحت الحياةالتعليمية في عهد الانقاذ تمضي في تضخم خالية من اي محتوي قيمي, كلهذا العبث من اجل انتاج اجيال غير مؤهلة اكاديميا بالشكل الكافي, لستضد التوسع في سياسة التعليم العالي,ولكن بطريقة علمية تتناسب مع حوجةالمجتمع, فالتعليم برمته يمثل حاليا قمة المأساة التي تعبر عن حال الوطنالمنكوب, بفعل سلوك هذه العصبة التي استهدفت الوطن ضمن سلسلة من المناهج تهدف لاثقال كاهل المواطن السوداني المغلوب علي امره, عبر افقارهوادلجة مناهج التعليم بطريقة تخدم توجهاتهم الحقيرة....! وكيف ان التعليمانهار علي نحو يدعو للشفقة, يشهد عليه تدني مستوي الخريجين حتي صارتبعض دول الخليج لا تقبل خريجي الجامعات السودانية للعمل في مؤسساتهاالمختلفة, بجانب كثرة الاخطاء الطبية نتيجة لضعف القدرات لدي الكوادر الطبيةالتي تخرجت من جامعات ومعاهد ثورة التعليم العالي المدعاة من عصبة الجبهةالاسلامية,فالجامعات كانت منابر ومنارات لتكوين الوعي,وقبول الرأي الاخر, اذ لا بد ان يتعرف الطالب علي الاخر وينفتح علي العالم حتي علي المختلفينمعه ثقافيا وسياسيا وحتي علي المستوي ودينيا, لكي يختبر العقل بمعرفةالافكار المختلفة معه ويقبل ان يناقشها ويحاورها, ولكن بكل اسف اصبحتثورة التعليم العالي مصنعا لأنتاج انسان الانقاذ المؤدلج, فلا يوجد اي اهتمام بالجودة ,وبالتالي الحياة العامة اصبحت في تضخم فنذكر عشرات الجامعات, في كذا وكذا, وكل يوم نشهد افتتاح جامعة فهي في الواقع زيادة اصفارفقط, فكلها مسألة كمية لا تعمل اي اضافات حقيقية .و لكن السؤال, هل(هؤلاء) مؤهلين علميا ولهم ثقافة واسعة ولديهم قدرة علي التفكير المستقل.......؟هل مؤسسات التعليم العاليالتي يقولون انها انشأت لغرض تطوير وتنمية هذاالوطن قد نجحت في مسعاها.....؟
جامعة البحر الاحمر نموذجا لافرازات ثورة التعليم العالي...! فقد قررت الجامعة انشاء كلية للزراعة بمدينة طوكر, وبناء علي هذا القرار تمالشروع في تنفيذ متطلبات المشروع,فأنشاء كلية جامعية علمية يتطلبامكانيات مادية عالية, خصوصا في منطقة بعيدة كمدينة طوكر , بخلاف الهيكل الوظيفي الذي يتكون من الاساتذة والموظفين والعمال ,والي هنا والامرعادي جدا, ولكن المدهش انه بعد كل هذا المجهود لم يقدم لهذه الكلية غير عدد خمسة طلاب فقط...! بحسب افادة موظف العرض في المعرض المقامضمن احتفاليات مهرجان السياحة , وبحكم النظ واللوائح التي تحكم الجامعة لا يمكن ان تستمر الدراسة بهذا العدد الذي لا يتخطي اصابع اليد الواحدة...! ولهذا قررت ادارة الجامعة ان تجمد دراسة الكلية المعنية للعام القادم ليروا ما ذاهم فاعلين.......! (قمة) الفوضي والعشوائية (ليري) الجميع العقلية التي تداربها جامعات ومعاهد التعليم العالي في هذا الوطن المنكوب......! فراعيالضان في الخلا لو (تمت) استشارته بخصوص انشاء كلية للزراعة في ظلالوضع الراهن لأجابهم بكل وضوح عن نسبة معدلات النجاح أو الفشل فيظل وفرة كليات الزراعة بما تفيض عن حاجة البلاد, و في ظل هذه الظروفالمأساوية التي يشهدها قطاع الزراعة, اضافة الي حال خريجين كلياتالزراعة الذي يغني عن السؤال...! ثم النقطة الاهم هل نحن حقيقة في حوجةلكلية زراعية....؟ فكيف فكر أولي الامر في انشاء كلية للزراعة وهي خاسرة بكلالمقاييس....؟ ام ان الامر مجرد مجاملة لدواعي سياسية او جهوية كما هوشائع في أتون الوطن المنكوب.
قسم دراسات النقل البحري هو احد التخصصات بكليةالاقتصاد بجامعة البحر الاحمر , هو الاخر قرار انشائه لم يستند الي معاييرعلمية ...! فهذا القسم بحالته الراهنة كان من الاولي ان يدرج ضمن مناهجكليات الاقتصاد الاخري كمعلومات يستفيد منها طالب الاقتصاد, فالمشكلةالحاضرة أن الطلاب الذين تخرجوا من هذا القسم (جذبهم) أسم التخصصفأنخدعوا له خاضعين...! وهم الان يعضون بنان الندم (لولوجهم) ذاكالتخصص.....! فالمدهش ان التخصص كان الغرض منه أن يلبي حوجة الوطنفيما يتعلق بدراسات النقل البحري والموانئ والجمارك, ولكن غالب المؤسساتالمعنيه لا تهتم بخريجين النقل البحري......! فقد حكي لي احد الخريجين الذينتخرجوا من قسم النقل البحري بأن مؤسسة الخطوط البحرية السودانية(سودان لاين) كانت قد اعلنت عن وظائف, ليس من بينها من تخصصوا فيالنقل البحري...! وعندما أحتج الخريجين المتقدمين في هذا الامر اشار لهمالمسؤلون بأنهم التخصص ليس من ضمن خياراتهم....! ومجموعة من خريجينقسم درسات النقل البحري كانوا قد قدموا الي وظائف أعلنت عنها مؤسسةالجمارك ,فكان المدهش في رد المسؤلين انهم لم يجدوا لهم تصنيفا....! وفيالنهاية تم تصنيفهم مع المتقدمين لوظائف قسم الحسابات....! وحاليا غالبية العاملين في شركات الملاحة البحرية لا علاقة لهم بتخصص النقل البحري , اضافة الي ان الوظائف التي تتاح لاساتذة التعليم العالي في دول الخليج ليسمن بينها من تخصصوا في دراسات النقل البحري....! بمعني ان أساتذةقسم دراسات النقل البحري الوحيدون الذين لم ينالوا حظهم من الاغتراب مثلرفقائهم في التخصصات الأخري....! اذن علي اساس انشأت هذه الكلية لولاالفوضي والعشوائية التي تدار بها مرافق التعليم العالي.

في العام2014 اعلنت جامعة البحر الاحمر عن وظائف اساتذةومساعدي تدريس , احد الاشخاص الذين اعرفهم يحمل درجة الدكتوراة فيالفيزياء البحرية نرمز اليه ب(م ص), وتخصصه من الوظائف التي اعلنت عنهاالجامعة, وكانت فرصتة كبيرة لنيل الوظيفة بالاضافة الي عدم وجود منافسينيحملون درجته العلمية , وبعد ان قدم مستنداته ومن ثم اجري المعاينات كانمزهوا للحد البعيد , وهيأ نفسه لتلك الوظيفة بأعتبار ان أمر توظيفه اصبحتمسألة وقت فقط....! وذهب لاكثر من ذلك عندما اخطر صاحب المنزل بالخرطومالذي يسكنه بأنه سيخلي المنزل ليبحث له عن مستأجر جديد...! ولكني كنتاردد عليه بأستمرار بأن لا يطلق العنان لتفائله ,واردد عليه : (لا تنسي نحن فيالسودان ,حتي ولو كنت وحيدا لا ينافسك شخص اخر في هذه الوظائف ) لأنما يحدث من محن في عهد حكومة الانقاذ, تجعلنا ان لا نستطيع مجرد ان نتكهن بنتيجة اي منافسة مهما بلغت درجة استقرائاتنا....! وبالفعل عندماظهرت النتيجة تم استبعاده ....! وعندما استفسر عن السبب كان العذر اقبحمن الذنب...! فقد تم اختيار شخص يحمل درجة الماجستير, والادهي من ذلكان الذي تم اختياره متخصص في الفيزياء البحرية في مرحلة الماجستير, وليس متخصصا منذ مرحلة البكلاريوس, بعكس (م ص) الذي تخصص في الفيزياء البحرية منذ مرحلة البكلاريوس, وحتي الدكتوراة بتقدير يؤهله للوظيفةالمطلوبة , وكانت المفارقة المدهشة في رد الجامعة بأنهم لا يريدون في هذاالتخصص من يحمل درجة الدكتوراة.....! فكون الجامعة تعين استاذا بدرجةالدكتوراة فمعني هذا انه لن يكلفها اي عناء لتأهيله اكاديميا بعكس طالبالماجستير الذي ستتكفل الجالمعة بنفقات تأهيله لدرجة الدكتوراة , اضافة اليانه سيكون في فترة اجازة طوال فترة الدراسة, والاهم في ان المقارنة معدومةبينهما كون(م ص) متخصص, بعكس الشخص الذي تم اختياره حامل شهادةالماجستير يحمل تخصص مغاير في مرحلة البكلاريوس , وبالتالي تنعدمالمقارنة بينهما من حيث الجودة ,واتقان التخصص في الوظيفةالمطلوبة.فالفوضي التي تمارس في اختيار المتقدمين لا تخضع لأي معاييرمهنية , وبالتالي تجوز كل الممارسات الخاطئة في جوهر الدين من اجلالانتصار للاسلام والحفاظ علي دولة الاسلام وبأي ثمن , وذلك وفقا لمفهومهمالقاصر للاسلام, ولذلك تجوز كل الممارسات اللا اخلاقية.
كلية التربية بجامعة البحر الاحمر انشأت في مدينة(جبيت) النائية التي تنعدم فيها الكثير من مقومات الحياة الاساسية ....! يقولون ان الغرض الاساسي للمساعدة في تنمية المنطقة...! ولكن ايهما الافيدان تقيم مؤسسة اقتصادية تفيد الناس في شؤون معاشهم وبالتالي تساهم فيالتنمية في المجالات الاخري ,ام مؤسسة تعليمية ينقصها الكثير للأرتقاء بماهو مطلوب ....! فهناك كليات كثيرة انشأت في مناطق تفتقد لابسط مقوماتالحياة وعلي سبيل المثال لا الحصر(حبيت) و(دار مالي) ( رومي البكري)(طيبةالخواض) تشكل عبئأ ومتطلبات مادية , في ظل هذ الظروف التي لا تساهمالحكومة بأي نفقات تساعد علي تطوير الجامعات او لترقية الاستاذ الجامعيوتطوير البحث العلمي وتطوير المناهج , و هناك كلية للسياحة سيتم انشائها في سنكات.....! فمن الطبيعي في ظل هذه الظروف ان تهتم الجامعة بالكموتهمل الكيف....! فقد حكت لي أحدي الموجهات التربويات الكثير من المحنالتي افرزتها ثورة التعليم العالي من خلال اشرافها علي المدارس : احديالمعلمات وهي (خريجة) من كلية التربية كتبت علي السبورة في حصة للتربيةالاسلامية(صورة.......) بدلا من ان تكتب (سورة .......) واحداهن هي ايضاخريجة كلية التربية جامعة البحر الاحمر في (درس) الرياضيات تكتب(مسألة) الرياضيات من الكتاب اضافة الي (حل) المسألة ايضا يتم نقله منالكتاب علي السبورة....! فالجامعة اصبح (جل) حرصها علي جمع المال منطلاب الدبلومات , وطلاب القبول الخاص الذين يتم قبولهم دون اي معاييرعلمية....!

المشاهد اعلاه توضح واقع التعليم العالي في هذا الوطنالمنكوب , فقد كان البريطانيون يفاخرون بأنهم خلفوا افضل الجامعاتخارج بريطانيا في السودان , وكانت جامعة الخرطوم تعرف بأكسفورد افريقيا, ولكنها الان تدهورت الي القاع ,وفارقت عهدها الزاهي ,لتمكين القلة المتنفذةومحاسيبها بعد ان اصبح الاختيار يتم لاقل الناس كفاءة, وتقدم الانتهازيينوانصاف الكفاءات الصفوف , واصبح الفرد بانتمائه للحزب الحاكم ومحاسيبه, اوبقدرته علي التملق التسلق علي اكتاف الاخرين , فمن الطبيعي ان تتدهورالجامعات علي نحو لم تشهده من قبل ,و من المفارقات المدهشة ان هذا النظامالذي (دشن) سدنته ثورة التعليم العالي ولا يزالوا يتباهون بها ,ما يدهش انغالبية ابناؤهم يدرسون في جامعات بالخارج .....! وهذا دليل علي فشلهميقدمونه بانفسهم....! ولكنهم رغما عن هذا لا يعترفون بالفشل..
منذ العام 1989 تعاقبت علي الجامعات السودانية ادارات (مسيسة) تناست احتياجات التعليم العالي الاساسية في بلد نامي كالسودان وركزتجهودها علي تضخيم ثورة التعليم العالي المتوهمة,وتكريس عقلية النظامالحاكم الاقصائية داخل الجامعات عبر الاستهداف والفصل التعسفي لاسبابسياسية, والتواطؤ المكشوف مع منسوبي الحزب الحاكم في انتخابات الروابطوالاتحادات الجامعية, وانشاء الوحدات الجهادية كي تمارس عنفها المنظم ضدالطلاب وتنظيم امتحانات المجاهدين التي يتنافي اجرائها مع معايير النزاهةالعلمية المتفق عليها عالميا , وتبدي السلوك الانتهازي الواضح للنظام من خلالالاستثمار في التعليم وفتح ابواب القبول الخاص علي مصراعيه الامر الذيادي الي تراجع الجامعات السودانية في التصنيف العالمي لسبب التركيز عليمناهج التلقين النظري وانعدام برامج التدريب والتأهيل العملي ,وفي المحصلة غابت جامعاتنا عن طوال الفترة الماضية عن المساهمة في اعداد البحوثالاكاديمية الجادة والاكتشافات العلمية المميزة باستثناء البحث الشاق والتدقيقالممعن في علوم الحيض والنفاس التي اذدهرت وتطورت كثيرا في عهدالانقاذ.
كل من يريد أن يستثمر امواله في ما عليه الا يستثمرها فياسهل الاشياء في هذا الوطن المنكوب, وهي انشاء كلية او جامعة,فبحسبالاحصائيات السودان الان يمتلك اكبر رصيد من الجامعات والمعاهد العليا فيافريقيا والوطن العربي, وانتشرت الكليات والمعاهد العليا حتي في داخلالاحياء وأصبحت مثل ( السوبر ماركت والبقالات) فمن الطبيعي ان يتدهورالتعليم العالي يبلغ مرحلة من السوء لا توجد في دولة في العالم , وكما أشار دعمر القراي في احدي مقالاته" صارت الشهادات العليا والشهادات العلمية منالماجستير والدكتوراة توزع بلا حساب علي عناصر المؤتمر الوطني ,يمنحونالدرجات العلمية من قمة الجامعات ,والذين يمنحونهم هذه الدرجات هم الذينعينوا سياسيا في قمة الجامعات ليقوموا بهذا الغرض من ضمن اغراضاخري, فأعضاء المؤتمر الوطني حين يمنحون بعضهم الشهادات العليا يعتبرونذلك من ضمن سياسة( التمكين) التي طردوا بها الالاف الموظفين من اصحابالمهنية العالية واحتلوا مكانهم دون اي كفاءة " فهناك متاجرة سياسية بالتعليمالعالي في السودان الذي لم يشهد طوال تاريخه انهيارا كالذي يشهده الان,فلدينا حوالي 50 كلية طب في عشرة سنوات , هذا لم يحدث في اي دولة , ,فجامعة الخرطوم ام الجامعات عاجزة عن توفير احتياجاتها ما عندا بندالاجور , فلا يوجد اي تطوير والاستاذ يعاني والطالب يعاني ومع ذلك نتكلم عنانشاء كليات طب وجامعات جديدة.....!فمن مصلحة الوطن ان تكون هناككوادر مؤهلة, ولكن كل المعاينات واختبارات القدرات التي اجريت فيمؤسسات القطاع العام والخاص وامتحانات مهنة الطب او القانون يكشف عنحجم الخلل البائن....! فعلي سبيل في الخارجية قبل اعوام لم يجتاز الامتحانسوي خمسة فقط من بين الالاف المتقدمين...! فليست لديهم مهارات او معرفةباللغات هذا علي مستوي اللغة العربية ناهيك عن اللغات الاجنبية وهذا مؤشرغاية في الخطورة فنسبة فشل الخريجين عالية جدا الا من رحم الله.
ما يدهش انه وفي ظل هذه الظروف المأساوية ,عندما يطالبالطلاب بجزء من حقوقهم المهضومة , يكون الردع عقابا لهم....!وعلي سبيلالمثال طلاب كلية الطب جامعة الفاشر رفعوا من قبل مزكرة احتوت علي مطالمحددة لهدف تحسين البيئة الجامعية ومعالجة النقص الكبير في الاستاذةوتقليص الفترة المفترضة للتخرج التي امتدت الي ثمانية سنوات بخلاف المعتادبالاضافة الي تكوين اجسامهم النقابية المصادرة منذ عشرة سنوات وعندماتجاهلت الادارة المزكرة بالرغم من انهم سلكوا طريقا مشروعا ,نفذ الطلاباعتصاما وهو سلوك حضاري ردت عليهم الادارة بتعليق الدراسة الي اجل غيرمسمي وتوجيه الحرس الجامعي باخلاء الداخليات من الطلاب والطالبات فيخلال24ساعة منذ ساعة صدور القرار......! فالاجراء عقابي الغرض منهتخويف الطلاب وهو احد سلوك الانقاذ تجاه الطلاب نراه كثيرا في الجامعاتالسودانية ثم تعلن بعد ذلك الادارة المعنية بعد استئناف الدراسة شروط منضمنها الالتزام بلوائح الجامعة التي تمنح من ممارسة اي نشاط سياسي اوثقافي في وطن يتحدث فيه هؤلاء صباحا ومساءا عن شعارات التحولالديمقراطي التي لا تجد طريقها للتطبيق علي ارض الواقع.
من المحن التي لا تحدث الا في هذا الوطن المنكوب ,وقد حدث هذاالمشهد في احدي الجامعات الولائية ,ان قامت الادارة بفصل د محمد عليحمد (اجراس الحرية عدد55)استاذ علوم المناهج في كلية التربية عن العمل, وذلك بدعوي تحريضه للطلاب علي الادارة ,هذا وقد درج د محمد علي حمدعلي اشراك الطلاب في النقاش اثناء محاضراته مع لجوءه لاساليب مبتكرة فيالتدريس تعتمد علي تشجيع ملكة التحليل والمقارنة والاستنباط والاسقاطالعملي علي الواقع المعاش واتاحته الفرصة للطلاب كي يعبروا عن ارائهمبحرية تجاه الاوضاع في الجامعة, استطلعت الصحيفة ادارة الجامعة ممثلةفي عميد شؤون الطلاب, الذي صراح بان المشكلة يمكن ان تعالج ببساطة لولاعناد د محمد علي ورفضه تقديم استرحام لمدير الجامعة.....ّ! ومن جهته رفض الدكتور المقال تقديم اعتذار عن جريمة لم يرتكبها اصلا.....! كما ادان مسلكالادارة الغير تربوي فيما يتعلق بتحريض بعض الطلاب علي التجسس وكتابةالتقارير عن اساتذتهم.....! فبدلا من يتم الاشادة به علي ما يقوم به من جهدتجاه طلابه لتنمية مهاراتهم في الاستيعاب, يتم طرده من التدريسبالجامعة....!
شخصيا اتفق مع رأي الاستاذ د محمد علي بأن ملكة الاستيعابلدي الطلاب ضعيفة جدا ,نتيجة لضعف المناهج الدراسية علي كل مراحلالسلم التعليمي وهذا بالطبع شيئ مقصود من النظام الحاكم (لحاجة في نفسيعقوب) واستدل هنا بما اشار له د الباقر العفيف مدير مركز الخاتم عدلانللاستنارة وهو يقول :من خلال الورش التي أقمناها لمجموعة كبيرة من الشبابطلاب وخريجين وبمن فيهم من منسوبي المؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي دونأستثناء علي ان ما يسمعونه او يتعلمونه من خلال هذه الورش والفعالياتالمدنية ,لم يسمعونه او يتعلمونه او يعرفوه من قبل ....!وفي اي مكان اخر,واعربوا عن معرفتهم بوجود اسلوب جديد في التفكير لم يعهدوه من قبل, فهناتحليل جديد ومصطلحات جديدة ولدي نماذج عديدة لمن تغيرت افكارهمومفاهيمهم بشكل ايجابي راديكالي ومنهم من اعترف بأن عينه قد انفتحت علياشياء لم يكن يراهامن قبل رغم حضورها , فالنظام التعليمي القائم بمناهجهومقرراته المحشوة بالحفظ والتلقين تعطل ملكة الفهم والنقاش.
لن تستقيم الأوضع في (ظل) وجود هذه العصبةعلي السلطة,لأنها من سعت لتشوية كل الاوضاع التي كانت موجودة قبل أنتستولي علي السلطة ,و في ظل هذه الظروف المأساوية لا يسعنا الا ان نشيد , بمجهودات الدكتور (بيترادوك) وزير التعليم العالي الاسبق في حقبة اتفاقيةالسلام, فقد دفع بعدة مقترحات حينما كان علي سدة الوزارة,كان سيكون لهاالأثر الايجابي في تطوير التعليم العالي, ابرزها واكثرها اثارة للجدال كانتالتوصية بان تنتخب ادارات الجامعات من قبل مجلس الاساتذة ,وذلك تدعيمالمبدأ الاستقلالية الجامعات عن الحكومة, والمدهش ان القرار الذي دفع بهخصما علي صلاحيات وزارته....! فوجود مجلس اساتذة يمكن ان يجابهالقرارات التي تساعد في التطوير كما كان الحال سابقا في جامعة الخرطوم, ولكن الانقاذ لتكسيره بنقابة تضم كل العاملين في الجامعة .ولكن مقترحاته قوبلت بالرفض والانتقادات من الفئات التي تعبر عن رؤية النظام المستفيد مناستمرار سياسة تعيين مدراء الجامعات السودانية وفق قرار جمهوري يستندعلي معايير ليس من بينها الكفاءة الاكاديمية والقدرات العلمية والحنكةالادارية, ولكن العموم (اليد الواحدة لا تصفق) في ظل هذه الفوضي في ابشعثوبها ,فالتعليم العالي في السودان يحتاج الي مراجعة علمية ومهنية, ولكنالمهم ان د بيتر ادوك وزير التعليم العالي الاسبق نجح في تشخيص جزء من الازمة, يمكن الاستفادة بمقترحاته بعد ذهاب النظام الحاكم من السلطة بأذنالله , فالطلاب والاساتذة لوحدهم لا يمكنهم مواجهة ادارة هوجاء ومتخبطةيسندها تنظيم حاكما اكثر تخبطا منها , لذلك لا بد من فك الارتباط ما بينهماعبر تحييد رئاسة الجمهورية , التي ما فتئت تتدخل سلبا في التعيين , فمقترحات وزير التعليم العالي الاسبق كانت تهدف الي تصحيح الاختلالاتالجامعية لان مستقبل السودان مبني علي التخطيط لتعليم عالي قادر علياستيعاب حاجة البلاد التنموية, الامر الذي يتطلب الي صياغة قوانين جديدةفيما يتعلق بسياسات التعليم العالي, من شأنها تدشين ثورة حقيقية للتعليمبعيدا عن التأثير الحكومي.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.