من عمق الأرض و من قلب الفجيعة أتين موشومة أجسادهن بمراويد اوجاع الوطن الأزلية... جداتي القبيل حين كسرن قيد الحديد عملن ممرضات و دايات و مع كسر قيد حديدهن الذاتي كسرن قيود ملايين النساء الرمزية .... جداتي القبيل هربن حفاظاً على حناجرهن من قانون نظام عام القبيلة و غنين لأجمل المعاني و أكثرها انسانية محاربات رمى الأمهات أطفالهن قبل أن تكون هنالك دار مايقوما حين صدحت بأعمق و أدمي التراجيديا عشة الفلاتية (جاهل صغير داير الرقاد في أيدي) .... عشة و رفيقاتها غير المرئيات رفدن الساحة الفنية بمعاني و مضامين جديدة, و باصواتهن, دموعهن, و أجسادهن عبدن طريق الحرية موجب المسير لملايين النساء.... هربن حفاظاً علي الذي في الارحام و ناضلن ضد المستعمر بوسائلهن و لكن التاريخ النظيف, التاريخ المكتوب بأقلام السادة الساسة تنكر لهن و جعل ادوارهن كما شخصياتهن غير مرئيات... و تواصل هروب جداتنا الفردي الي ان جاء الخروج العظيم و الذي أيضاً من صنع الساسة السادة ضيقي الأفق واسعي الزمم سادة الاستقلال, سادة أكتوبر و سادة السادة و السادة دمو تقيل يما...خرجوا خفافاً الا مما يرتدون, خرجوا أتقاء الانتوف, البوت, الخيل و الليل... و من عمق الأرض من قلب الفجيعة أتوا و كما أقرانهم الرجال الاتين من قلب الفجيعة خابرين الحروب و ويلاتها, أتوا الحضر فقط بثيابهم مخلفين ورائهم كل مهارات و أدوات كسب رزقهم.... أتوا لأن قسمتهن في الثروة لم تصل الي من يسد الرمق يوما ... كما أن نصيبهن في السلطة معدوم... تميزن و تفوقت علي اقارنهن الرجال بظلم النوع الذي تواطا عليه الأغلبية.. ... من عمق الأرض و من قلب الفجيعة أتت الأم عوضية محمود و زميلات بارودها, رصاصها, خيلها ,جوعها و ليلها.... اتين المدينة بعد ان إجتزن إمتحان الانتخاب الطبيعي الذي فشلت الكثيرات في اجتيازه.... عوضية و رفيقاتها كنازحات في وطن أرخص سلعة فيه الانسان لم يكن لهن خيار آخر غير العمل في مهن تعتبر امتداد طبيعي لعملهن المنزلي.... فغلين دمائهن قبل أن تغلي الكفتيرا ... عجن أحلامها مع دقيق الفتريتا و بعنها كسرة .. جبن البيوت و المؤسسات كدلاليات.... عملن في بيوت الأخرين و خبرن الإذلال و الضيم... عملن في مهن حلم صاحبها في الترقية معدوم.. فرصيفهن الرجل الذي أتي معهن كان لحد ما حظه معقول أو هكذا قالت الأم النسوية عوضية, فالرجل الذي يعمل كمساري له فرصة أن يكون سائق مركبة .... صبي في ورشة و ذات يوم قد يصير معلم, جندي و عم قريب يصير وكيل عريف و من ثم عريف... و لكن ماذا تصير بائعة الشاي؟.... تظل بائعة شاي الي أن تكبر و تخلفها ابنتها أن كانت محظوظة و لها ابنة (و الما عندها بنية مدفونة حية). من عمق الأرض و من قلب الفجيعة أتت الام عوضية و زميلات وجعها التاريخيات.... الحكومة تنظر اليهن كرصيد للحركات التي تناضل ضد الظلم التاريخي و بالتالي صنفن ضمن قائمة الأعداء الأزليين, و بالمقابل المعارضة تتعامل معهن بحذر بإعتبار انهن نساء فقيرات و في الغالب الأعم مؤهلات أن يكن لقمة سهلة الاذدراد لأجهزة إستخبارات الدولة و بهذا قاتلن وحيدات الا من ارادة الفولاذ اللائي يملكنها, نظمن انفسهن في تعاونيات صغيرة و كون الاتحاد النسوي للنساء العاملات في المهن غير الرسمية ... قاتلن كشة البوليس, المحليات و عسف الزبائن وحيدات و في قلب الخرطوم الي ميدان الشرف قدمن شهيدات الخبز و الرزق الشهيدة عوضية عجبنا و الشهيدة نادية صابون.... اليوم يعرفني الأغراب و اليوم يعرفني الأمريكان و اليوم قد صرت مرئية ..... الكل يري بوخ كفتيرتي.... الكل يسمع انيني بعد يوم طويل من غسل الملابس, اليوم الكل يعرف معني انا تتحول من لا مرئي الي عكسه .... و اليوم تتوج خالتي عوضية ضمن أشجع نساء العالم و هنيئاً لأمنا الريح لهاجر المتعبة بالجائزة و هنيئاً للجائزة بها. حافظ حسين خرطوم السجم 29-3-2016 عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.