عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته. في خانمة حلقات "مفاهيم في قواعد أخلاقيات مهنة العمل الصحافي"، لابد من توضيح حقيقة مهمة تتعلق بالأسلوب الصحافي، من حيث التأثير عليه، ايجاباً وسلباً، وهي أن الذخيرة اللغوية للصحافي نفسه، اضافة الى بعض العوامل الأخرى التي تؤثر فيه تأثيراً واضحاً، من ذلك اللغة التي يستخدمها بعض الشخصيات الرسمية، أو من يكتبون رسائل إلى المحررين، وذلك بواسطة المحررين للتخلص مما بتلك الرسائل أو التصريحات من أخطاء لغوية، أو ألفاظ سوقية.. وعملية "التنقية" التي تتم ليست بالضرورة لحماية مصدر الأخبار، فعادة ما يكون التبرير لها هو أن التعليق الذي ذكره المصدر، يصبح أكثر وضوحاً، وأقرب إلى فهم القارئ، أو أن الجمهور سوف يعترض بشدة على الألفاظ المستخدمة في الأصل. ومن الضروري أن يواكب الأسلوب الصحافي المستجدات. فاللغة مؤسسة واسعة، لذلك لا ينبغي أن يًضيق ما فيه سعة. أما الحقيقة فهي سيرورة ديناميكية، فان كان الواقع يتغير بسرعة، فاللغة تتغير بوتيرة أبطأ. وقد يعمد الصحافيون عن قصد، أو غير قصد، إلى جعل عبارات أكثر تداولاً دون غيرها. وفي حياة الناس، يقع الأمر نفسه، حيث يظل كم هائل من الألفاظ مهملاً في ثنايا القواميس والمؤلفات الجادة. لا شك أن الاستعمال الخاطئ للغة، سواء أكان داخل وسائل الإعلام، أم خارجها، يُعطل فكر أهله، ويشل قدرات الناس الذهنية، ويفسد لسانهم. ومما لا ريب فيه، أن التطور التكنولوجي في عالم الاتصالات أدى الى تغير المشهد الصحافي بالكامل، وظهور مشاكل أخلاقية جديدة مثل: المنافسة الشرسة بين وسائل الاعلام والتي تضع مضاغطات على المؤسسات الاعلامية للحصول على معلومات تغير الجمهور الذي أصبح أكثر سعيا ورغبة في أخبار أكثر سرعة ومن أكثر من مصدر، مما اضطر الوسائط الصحافية والاعلامية الى ادخال أدوات جديدة للحفاظ على جمهورها، ولجذب جمهور جديد، مع مراعاة ما يتطلبه ذلك من مهارات جديدة ومتعددة يجب أن يتقنها الصحافي. ولكن للأسف صحافتنا السياسية والرياضية والاجتماعية كلها لجأت في الوفت الراهن الى أساليب المخاشنة والملاسنة والاعتسافات اللفظية التي لم يألفها الجمهور من قبل. ودليلي على ذلك أرتال الشكاوي في نيابة الصحافة ولجنة الشكاوي بالمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحافية، اضافة الى معالجات الأجاويد من خلال أهل الخير والاحسان في تقريب شقة الخلاف والاصلاح بين الفرقاء، صحافةً وجمهوراً. كما أن هنالك المحكمة الدستورية في القضايا المتعلقة بانتهاك الحقوق الدستورية. ومما تجدر الاشارة اليه في هذا الصدد، أن السياسات التحريرية، تُوضع وتُصاغ تحت وطأة وهيمنة السلطة السياسية الحاكمة لتعبر عن وجهات نظرها، كما تلعب عوامل مثل رأس المال (الإعلانات)، وتوجهات مٌلاك الصحف، دوراً حاسماً في تحديد السياسات التحريرية المكتوبة وغير المكتوبة. ومن هنا تأتي أهمية الكشف عن محددات السياسة التحريرية، وتسليط الضوء على دور السياسات التحريرية المتبعة في الوسائط الصحافية والاعلامية، من حيث كونها سياسات لا تزال غير مكتوبة، ولا يتم الحديث عنها إلا عبر توجيهات ذات طابع شخصي وغير علني. وهذا ما يجعل من المحتوى الصحافي، خصوصا المحلي منه، خاضعا وبصورة كلية لحارس البوابة والصلاحيات الواسعة المعطاة له في التحكم المباشر في المعلومات المنشورة، بل وحتى التفسيرات والتأويلات التي يجب ان تُصاحب الأحداث. وتأتي أهمية السياسة التحريرية للصحيفة في الاجراءات والقواعد والمبادئ التى أقرتها لكي تستهدي بها فى عملها. وهكذا فإن سياسة التحرير الصحافية تهيمن على كل وجوه الصحيفة، من نوع الأخبار التى ستنشرها إلى حجم الحروف التى تعتمدها فى الطباعة. ومن المهم أن نعرف أن مفاهيم أخلاقيات العمل الصحافي، تشمل نطاق أوسع من الصحافة نفسها، فمبادئ تلك الأخلاقيات مشتقاة من مبادئ سياسية واجتماعية أكبر. فعلي سبيل المثال فان من أحد مهام الصحافة، هي أن تكون رقيباً علي الحكومات في اطار واجبها الأخلاقي تجاه حماية الديمقراطية. وفي الوقت نفسه، يجب ألا تغفل عن رقابة المعارضة، ومناقشة أطروحاتها البديلة في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. أخلص الى أنه من الضروري، أن تُولي المنظومات المعنية بترقية العمل الصحافي في السودان، كالمجلس القومي للصحافة والمطبوعات الصحافية والاتحاد العام للصحافيين السودانيين، اضافةً الى كليات وأقسام الصحافة والاعلام في الجامعات والمعاهد والمراكز التي تُعنى بالتدريب الأكاديمي والمهني، اهتماماً بهذا الجانب، حتى لا يتضرر المتلقي كثيراً، وتنحدر أساليب الصحافة السودانية ولغتها الى درك سحيق، ومن ثم يصعب انتشالها منه بعد حينٍ.