بكري المدنى يكتب: المسيرات والخيارات    معلومات مهمّة لمسؤول سكك حديد السودان    تحذير خطير..الألغام تهدد طريق رئيسي وتحاصر 3 مناطق في السودان    الطاهر ساتي يكتب: لو كان يساوم ..!!    حي العرب بورتسودان يُكوِّن القطاع الرياضي ولجنة تأهيل وصيانة الميز    فوز المغرب والنهب والسرقة وغياب الضمير..!!    المريخ يختبر جاهزيته أمام العساكر    بالصورة والفيديو.. وجدوه بعد سنوات من البحث عنه.. شاهد: لقاء مؤثر بين معلم سوداني وتلاميذه السعوديين الذين قام بتدريسهم قبل أكثر من 40 عام    شاهد بالفيديو.. الفنانة هدى عربي: (أنا ما طيبة ومافي زول مالي عيني.. أي فنان أو فنانة يقول هو صاحب الجميع قول ليهو هدى قالت انت منافق ولماذا تسألوني عن علاقتي بإيمان الشريف تحديداً؟)    شاهد بالفيديو.. سيد الخطيب يفك طلاسم الطلقة الأولى في الحرب ويكشف حقائق جديدة    شاهد بالفيديو.. "ما بشيلها أبوي بدقني بقول لي أداك ليها منو" طالب سوداني في مرحلة الأساس يرفض إستلام حافز مالي بعد مقولته الشهيرة في الحصة: (أتبرع لأمي بكليتي وأنا أموت وأمي تعيش)    بالصورة والفيديو.. وجدوه بعد سنوات من البحث عنه.. شاهد: لقاء مؤثر بين معلم سوداني وتلاميذه السعوديين الذين قام بتدريسهم قبل أكثر من 40 عام    شاهد.. "بقال" يواصل كشف الأسرار: (نجوت من 3 محاولات اغتيال في نيالا والدور على عمر جبريل.. الضابطة "شيراز" زوجت إبنتها التي تبلغ من العمر 11 عام لأحد قيادات الدعم السريع والآن مستهدفة لهذا السبب)    شاهد بالفيديو.. سيد الخطيب يفك طلاسم الطلقة الأولى في الحرب ويكشف حقائق جديدة    لمن يدَّعون أن الجيش عجز عن صد مسيرات مليشيات الدم السريع الإرهابية    والي الخرطوم يبحث مع نائبة المفوض السامي لشئون اللاجئين قضايا اللاجئين وخطة الولاية لترحيل الأجانب    3 أندية سودانية تطلب الانضمام للدوري الرواندي    إحباط تهريب مواد كيميائية وبضائع متنوعة بولاية نهر النيل    قوات الدفاع المدنى تنجح فى إنتشال رفاة جثتين قامت المليشيا المتمردة بإعدامهما والقت بهما داخل بئر بمنزل    تحذير من تموضع حوثي عبر غطاء إيراني قرب السواحل السودانية    ترامب: نهاية حماس ستكون وحشية إن لم تفعل الصواب    البرهان يزور مطار الخرطوم الدولي ويؤكد عزم الدولة على القضاء على التمرد    تقرير: السودان تحول من مرحلة أزمة العملة إلى "ما بعد العملة"    وفاة الكاتب السوداني صاحب رواية "بيضة النعامة" رؤوف مسعد    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    إيران تلغي "اتفاق القاهرة" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    وزارة الدفاع الكولومبية تعلن دعم مشروع قانون يحظر أنشطة المرتزقة في البلاد    محمد صلاح ليس وحده.. 5 أسباب وراء انهيار ليفربول    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    دولة أجنبية تحاول زعزعة منتخب السعودية    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    ( "لينتي" كفكفت من عيني دمعات الليالي وجدتُ نفسي غارقا في الحب عاشقاً، محباً ومُريدا).. شاهد ماذا كتب العريس أحمد العربي لزوجته لينا يعقوب في أول يوم لهما بعد نهاية حفل زواجهما الأسطوري    القضارف.. توجيه رئاسي بفك صادر الذرة    المريخ يرحب بإقامة قمة في بنغازي تكريما للجمهور السوداني    أسطورة ليفربول مهاجماً صلاح: يجب رميه في الدكة    مدير شرطة اقليم الأزرق يثمن جهود إدارة المباحث الجنائية المركزية بالاقليم في كشف غموض العديد من الجرائم    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    أسعار الذهب إلى أين؟    بعد أدائه القسم في «الشيوخ».. ياسر جلال يستعين ب مشهد كوميدي ل «مرجان أحمد مرجان»    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    حكومة الجزيرة تدعم مركز القلب بمدني بمولد كهربائي 550 KV    وزير الخارجية المصري: ننسق مع السعودية لإنهاء الحرب في السودان بسرعة    الرئيس التركي: الصراع في السودان"يؤلمنا بشدّة"    القبض على الفنانة عشة الجبل    محافظ بنك السودان المركزي تلتقي مديري عموم المصارف وتؤكد على الإصلاح المؤسسي واستقرار النظام المصرفي    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    إيقاف جميع التعاملات النقدية في ولاية سودانية    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعارضة وجائحة الإسهالات المائية .. بقلم: د. محمد عبد الحميد
نشر في سودانيل يوم 24 - 10 - 2016

كنت أتحين هذه الفرصة لأهمس في أذن المعارضين ببضع كلمات علها تكون تذكرة لكل من يلقي السمع وهو شهيد ، فمنذ أن أخذت تظهر في عناوين الصحف وصفحات الأسافير أخبار جائحة الإسهالات المائية التي ضربت أجزاء من النيل الأزرق وسنار وكسلا ونهر النيل بل وبعض الحالات في الخرطوم – كنت أمني النفس أن تنقشع هذه الجائحة بأسرع ما يمكن ، لأن تفشي وباء في بلد كالسودان فيه مستويات مركبة من الهشاشة لأي خطر من أخطار الكوارث إن كان بفعل الطبيعية أو بفعل الإنسان ستكون له عواقب ماحقة علي الأنفس والممتلكات والمقدرات.
فالثابت في علم مخاطر الكوارث أن الخطر لوحده لا يحدث كارثة . وإنما في ظل إشتراطات معينة من أهمها وجود عنصري الهشاشة والمخاطر. ومع توفر هذان العنصران وبقوة في السودان كانت الإحتمالات أن تجتاح السودان كارثة عظمي Mega Disaster واردة. بل ويمكن الإدعاء أنها لم تزل واردة طالما تواجد عنصرا الهشاشة والمخاطر. لذلك فقد كان الأمل أن ينحصر عمق هذا الخطر في أضيق نطاق وبأقل خسائر، ذلك لأن الأوبئة تمثل كارثة بسبب أنها تتوافر عن عاملين هما القدرة علي التمدد في النطاق الجغرافي بمعني أنها سهلة وسريعة الإنتشار من حيث العدوي والوسيط وهشاشة العائل . كما أنها عميقة الأثر بحيث أنها فتاكة فلا تصيب المنازل أو البني التحتية علي سبيل المثال ، وإنما تصيب الإنسان الكائن. فالخسارة التي تحدثها الأوبئة علي قدر من الفداحة باهظ لأنها تفتك بالإنسان وتقتله وفي أدني الحالات ربما تتسبب له عاهة تمنعه بأن يكون فرداً قادراً علي العطاء ، وحتي في وسط بني الإنسان فهي تؤثر علي الفئات الأقل مقاومة كالأطفال وكبار السن والنساء لاسيما الحوامل منهن . بهذا المعني فأن الأوبئة أكبر أخطار الكوارث فتكاً وهي تراكمية الأثر هذا فضلاً عما يصاحها من صدمات نفسية ليس فقط وسط المصابين ، وإنما حتي الأصحاء المعرضون للإصابة بها أو الذين لديهم أشخاص مصابين،
فقد راودني ذات الشعور إنحسار المرض بسرعة إبان إجتياح مرض الإيبولا مؤخراً في غرب أفريقيا . فقد كان السودان كقطر داخل دائرة الخطر وذلك لأسباب متعددة أهمها الطريقة التي ينتقل بها المرض ،فضلاً عن طول حدوده وضعف قدرات المراقبة والرصد لمثل هكذا خطر .. غير أن الله قد سلم ولم يسجل السودان أي حالة مع تلك الدرجة العالية من القابلية . وقد تدخلت العناية الإلهية تارة أخري في انحسار وباء الإسهالات المائية أو أي ما كانت التسمية من ذاتها ، فقد قدر الله أن تكون الكتير من الأوبئة الفتاكة يحدث لها إنحسار ذاتي بعدر أن تبلغ من العنف مبلغا ًكما يحدث ذلك في الطاعون والجدري وغيرهما .
النقطة الأكثر أهمية وبعد إنحسار هذا الوباء وبغض النظر عن الأثر الذي أحدثه ، الا أنه لم يزل خطراً ماثلاً Eminent Hazard وهذا معطي تؤكده الشواهد الميدانية، فبنظرة سريعة و فاحصة لمستوي الإمداد المائي كبنية تحتية في السودان يتأكد تماماً أن هذا الخطر ليس ماثلاً فقط ، وإنما ذو قدرة علي الإرتداد إن في هذا العام أو العام القادم أو في الخريف الذي يليه أو حتي بدون خريف . طالما كان يعتمد الكثير من أهل الريف علي الحفير الذي تشرب منه السعاية والحمير ، وطالما كانت مصادر المياه في العديد من البقاع تعتمد علي التخزين أو الحصاد التقليدي دون معالجات كيميائية تتكفل بقتل الجراثيم والبكتيريا فسيظل الخطر محدق ولربما بمعدل أقوي وأكثر فتكاً. هذا فضلا عن عادة التبرز في العراء لدي الكثير من السكان.
حيث يطل التساؤل الذي يجب أن تجيب عليه كل القطاعات التي كانت تكيل النقد في كيفية معالجة هذا الخطر ماهي البدائل المطروحة الآن من قبل من تمنوا أن تسقط جائحة الإسهالات الحكومة من حيث إمداد المياه الصحية النقية القابلة للإستخدام الآدمي ليس فقط في الأرياف ، وإنما علي أطراف المدن التي لم تزل "تشرب بالجوز" وماهي إستراتيجياتهم لعملية حصاد مياه يوفر مياه نقية ومعالجة لكل من يحتاج اليها حتي لو كان في ركن قصي عن الريف؟؟ّ!!
لقد كانت الدعوات محمومة لحمل الحكومة لإعلان كارثة الكوليرا .وأعترف أن الموقف الذي أتخذته الحكومة ومع ما به من قدر من عدم الشفافية ،الا أنه كان موقفاً موفقاً. فإعلان كارثة بموجب وباء كالكوليرا كفيل بأن يكبد البلاد خسائر مادية ومعنوية قد تفوق حجم الكارثة نفسها . ولكل أن يتخيل وهو مسافر خارج السودان مستوي إجراءات الحجر الصحي التي كان يمكن أن تطبق عليه ، ومدي تعطيل المصالح التي يترتب ذلك . وضعاً في الإعتبار ما تكبدته مصر من خسائر بمجرد إنتشار خبر أنها تعمل علي سقاية منتجاتها الزراعية من مياه الصرف الصحي المعالجة. فكيف كان يمكن لأي نظام حاكم أن يعلن وباء بمستوي الكوليرا علي العالم حتي لو تضارفت جهوداً هذا العالم لإحتوائه.
هنالك درسان مستفادان من هذه التجربة أحدهما مهني فني والآخر سياسي. فالأول يقضي بأن إحتمالية تفشي هذا الوباء مجددا أو أي وباء آخر يستدعي حالة من الجاهزية تضع كل الاحتمالات والسيناروهات في الحسبان. والجاهزية كأحدي مقومات عملية ادارة الكوارث تؤكد علي ضرورة أن تكون مؤسسات الخدمة العاملة في الحد من مخاطر الكوارث ذات كفاءة، وذلك بإنشاء معامل ذات قدرة علي فحص الأوبئة ، وإقامة مستشفيات بدرجة عالية من القدرة علي الاستجابة للطوارئ بكادر يضع نصب عينيه أن الوطن هو المصاب وليس النظام السياسي. كما يجب في ذات الوقت أن تقوم هذه المؤسسات ببث ما يعرف بالرسائل المعيارية والتي ترتبط بالتأهب وسلوك الإستجابة حتي لا تنتشر الشائعات ويعم الذعر والفزع.
الثاني يجب ألا تكون الكوارث بغض النظر عن أصل الخطر الذي تنشأ عنه مجالاً للمساومة والمماحكة السياسية، فهي أمر لا يستحمل التشفي السياسي، كما أنها ليست ميدانا للصراع حول السلطة، وإنما هي ميدان لتعلم فن البقاء حتي وإن أُضطر البعض لوضع يدهم مع الشيطان.
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.