هل هدّد أنشيلوتي البرازيل رفضاً لتسريبات "محرجة" لريال مدريد؟    "من الجنسيتين البنجلاديشية والسودانية" .. القبض على (5) مقيمين في خميس مشيط لارتكابهم عمليات نصب واحتيال – صورة    دبابيس ودالشريف    "نسبة التدمير والخراب 80%".. لجنة معاينة مباني وزارة الخارجية تكمل أعمالها وترفع تقريرها    التراخي والتماهي مع الخونة والعملاء شجّع عدداً منهم للعبور الآمن حتي عمق غرب ولاية كردفان وشاركوا في استباحة مدينة النهود    وزير التربية ب(النيل الأبيض) يقدم التهنئة لأسرة مدرسة الجديدة بنات وإحراز الطالبة فاطمة نور الدائم 96% ضمن أوائل الشهادة السودانية    النهود…شنب نمر    إسحق أحمد فضل الله يكتب: (ألف ليلة و....)    "المركز الثالث".. دي بروين ينجو بمانشستر سيتي من كمين وولفرهامبتون    منتخب الضعين شمال يودع بطولة الصداقة للمحليات    ندوة الشيوعي    الإعيسر: قادة المليشيا المتمردة ومنتسبوها والدول التي دعمتها سينالون أشد العقاب    د. عبد اللطيف البوني يكتب: لا هذا ولا ذاك    الرئاسة السورية: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي تصعيد خطير    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    المرة الثالثة.. نصف النهائي الآسيوي يعاند النصر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذهنيّة الأستاذ نقد ومفهوم الأقليّات السودانيّة (3) .. بقلم: محمد عبدالله محمدين- المحامي
نشر في سودانيل يوم 10 - 01 - 2010

أتابع بإهتمام الحوار الجاد والعميق الدائر بين بعض المتداخلين على صفحات الإنترنت حول المقالين السابقين وهو حوار فيه جهد مهم تتقاصر أمامه مساهمتي المتواضعة في هذا الشأن. ان هدفي هو إثارة مثل ذلك الحوار الجاد حول أمور ذات أهمية ترتبط بوجودنا في وطن واحد وما يترتب على ذلك الوجود من حقوق وإلتزمات متساوية وأعتقد دون أدنى شك ان سوداننا يذخر بأمثال هؤلاء المتداخلين ذوي الفكر الثاقب والتحليل العميق لكشف المسكوت عنه وتمهيد الساحة السودانية لبناء ثقافة تمجدنا جميعاً أبناء لهذا الوطن. ان المطلوب دوماً هو أن نجعل من تعددنا قوة نعتد ونفتخر بها وليس مدخلاً لتكريس سيادة البعض على البعض الآخر. أن دولة كاملة التأسيس تقريباً كالولايات المتحدة الأمريكية توزع سنوياً عشرات الآلاف من بطاقات الهجرة (اللوتري) علي كل دول العام بحثاً عن التنوع وتقبل أن يحكمها رئيس عصامته الآن في كينيا ، حيث أتى والده للدراسة فقط قبل بضع وأربعين عاماً، في هذا الوقت يعمل فيه البعض في السودان على جعل تنوعنا مزيّة لهم للإستعلاء على أبناء وطنهم ويعيّرونهم وينعتونهم أحياناً باللاسودانية لأن اصولهم من قبائل تتواجد في دولة أفريقية غير السودان أو إن اجدادهم نزحوا الى السودان من داخل أفريقيا متناسين إن أفريقيا هي أرض واحدة قبل الحدود السياسية التي رسمها الإستعمار مؤخراً. العجيب في الأمر إن بعض مستخدمي ذلك الأستعلاء هم في الأصل أفارقة ولكن لكي يتمايزون علواً عن الآخر ينتسبون الي العروبة (نقد مثالآ) وهو إستعلاء لم يدعيه العرب السودانيين الأقحاح أنفسهم كحق يبرر سيادتهم علي الآخرين.
سأواصل ما تناولته بالتعليق في الحلقتين السابقتين وهو ان وصف الأستاذ محمد إبراهيم نقد سكرتير عام الحزب الشيوعي السوداني السودانيين الجنوبيين جملة بالأقلية لا ينطبق عليهم لا من حيث المفهوم اللغوي أو القانوني وان ذلك الوصف إنما يقوم على مفهوم الأقلية في ذهنية نخب قبائل الشمال/نيلية الحاكمة ذات العقل الواحد و(الجلد الواحد) وهو مفهوم يقوم علي ثنائية ود بلد/عَبْ ود بلد/آخر-غرابي-جنوبي-فلاتي الخ ويكرس ويجذر فكرة الصفاء العرقي والحق الطبيعي لذلك العرق الصافي بالسيادة والإمساك بمقاليد الحكم أبدآ في السودان. الحقيقة ان ما يعبر عنه الحزب الشيوعي السوداني عبر وثائقه وسكرتيره العام، وهو حزب التقدم والإستنارة، إنما ينطلق من مفهوم الآخر في ذهنية ومخيلة قبائل الجلد الواحد وهو مفهوم لشد ما تم تكريسه بكافة الوسائل، صار كالحقائق يردده بعض السودانيين وإن إحتقرهم مضمونه أما البعض اللآخر، وهم غالباً من إهل الجلد الواحد، يرددونه دون مراعاة أو إحترام للآخر وكأنه جزء من حقائق أزلية، ولي مثالين في ذلك هذه المرة:
قرأت في بداية التسعينيات من القرن الماضي مقالة للأستاذ عبد العظيم عوض سرور حول أحداث مذبحة بيت الضيافة في يوليو1971 حيث ذكر أنه وفي ذات التوقيت الذي تحركت فيه قوات الثورة المضادة الموالية لنميري، كان هناك تحرك إنقلابي عنصري بقيادة الضابط تشومبي تحرك من جبل أولياء. هذا الجزء الأخير هو ما لفت إهتمامي، فعبد العظيم عوض سرور والذي كان ضابطاً مشاركاً في إنقلاب يوليو 71 لم ير في إنقلابهم شياً من العنصرية لأن قادته من الشمال وهو ما لم يراه أيضاً في إنقلاب نميري الأول أو المضاد لكنه لم يجد أي حرج في وصف تحرك تشومبي بالعنصري لأنه، أي تشومبي، ينحدر من غرب السودان. إن عبد العظيم عوض سرور الذي لا ينتمي عرقياً لأهل الجلد الواحد هو نموزج حي لنجاح (أولاد البلد/أهل الجلد الواحد) في صياغة وبرمجة عقل (الآخر)، فهو يردد دون وعي ما يحتقره كآخر ويستمد تصورة للآخرمن مخيلة أهل الجلد الواحد! ياترى ماذا كانوا سيصفون عبد العظيم إذا كان هو نفسه قد قاد إنقلاباً.
وهكذا تسير القافلة فإنقلاب عبود ومن بعده بعض المحاولات الإنقلابية الأخرى الفاشلة التي قادها شماليون ليست عنصرية ولكن في المقابل إنقلاب حسن حسين عنصري لأنه غرابي ومحاولة الجبهة الوطنية يوليو 1976 حركة مرتزقة وهو إسم لم يطلق على قادتها (أهل الجلد الواحد)، الذين سرعان ما تم إستيعابهم في السلطة إلا من أبى، ولكنه إسم اطلق على جيشها الذي يتكون من أهل غرب السودان. أما في العهد القريب فالشيخ حسن الترابي والذي كان يعتبر وسط الإسلاميين هبة الله للأرض وكادوا أن يؤلهونه والذي خطط ونفذ إنقلاب الإنقاذ ووضع قادة سلطة الأنقاذ كحجارة السيجة علي مفاصل السلطة، لم يتورع هولاء من إزاحته (كالشعرة من العجين) حين فكر في إستلام السلطة و(إسترداد أمانته) ناسياً أو متناسياً إنه ليس من أهل الجلد الواحد الذين لا يفرطون في الأمساك بالسلطة أو يتهاونون فيها ليلتقطها الآخر، أو لربما ساق حسن الظن شيخ الترابي الي الأعتقاد ان الأسلام قد أذاب الفوارق ووحد بينه وأولاد البلد وصاروا أخواناً في الأسلام وأمة وآحدة وقد كان واهماً في ظنه. أما أهل الجلد الواحد فقد فروا من شيخهم الترابي كفرار العير من الجمل الأجرب وقالوا إن أصوله تشادية من قبيلة الصليحاب " البرقو " وكأن ليس من حق هؤلاء الحكم، ولم يتبق معه وهو حسيراً في هذا العمر إلا المصنفين ب(الآخر) وقليل من أهل الجلد الواحد ليضمنوا ان ذلك الشيخ الأسطورة في كل شيء إلا حكم السودان.
المثال الثاني هذه المرة من تيارالوسط في السياسيين السودانيين أسوقه فقط كنموذج لكيف يفكر أهل الجلد الواحد بنفس الذهنية وإن اختلفت تياراتهم. كانت تربطني علاقة جيدة مع أحد أقطاب الإتحاديين أيام تواجدي بالقاهرة كان الرجل يحترمني ويأخذ راحته عندما نجلس سوياً وكان يعبر عن استياءه للطريقة التي تم بها إستقلال السودان وفوات الفرصة علي الوحدة مع مصر وكان يردد متحسراً بأنه بدل الوحدة مع مصر فتح (آباء الأستقلال) البلد للغرابة والفلاتة ودول غرب أفريقيا و الذين شوهوا البلد ويضيف لو كانت الوحدة تمت مع مصر لكانت فرصة لتحسين نسلنا ولكن اضعناها!!!!! يقول ذلك دونما أدني تقدير لشخصي كواحد من أبناء الغرب.
ونواصل
محمد عبدالله محمدين-المحامي
mohamed mohamdain [[email protected]]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.