مسلسل النزاع حول الارض بين المواطنين انفسهم من جهة وبين اجتياح القوات النظامية ضد المحتجين على فقدان اراضيهم وممتلكاتهم من جهة أخرى ، اصبح أمرا متكررا ظل يعاني منه الوطن خصما على استقراره ، ففي منطقة الجريف شرق اجتاحت القوات الحكومية الثلاثاء 25 اكتوبر المنطقة لصد المواطنين المحتجين على نزع اراضيهم بقنابل الغاز والهراوات والرصاص المطاطى وفي ذات الوقت أفادت تقارير متعددة من بلدة كوكري الواقعة في المنطقة الحدودية بين دولة جنوب السودان مع ولاية سنار، بوقوع إشتباكات دموية بين المدنيين وقوات الإحتياطي المركزي، حيث تعود الأسباب الرئيسية للمشكلة لخلاف حول الأراضي أيضا . ومازالت مثل تلك النزاعات تتكرر بشكل يومي في مناطق غرب السودان وشماله وذلك بسبب التهجير او تحويل اغراض الاراضي اوالسطو الحكومي دون مراعاة التعويض العادل . وما نخشاه أيضا ان تتكرر تلك السيناريوهات بشرق السودان وبالتحديد بعد الانتهاء المرتقب لسدي اعالي عطبرة وسيتيت، لأن نذر المواجهة وتكرار احداث التهجير في مناطق اعالى عطبرة وسيتيت ليست بالبعيدةً اذا ماتأملنا الواقع الذي ينذر بالخطر لمتاثري السد الذين يكررون في أقوالهم وافعالهم واستمرار رفضهم للتهجير والتحرك من أرضهم ومساكنهم بالقوة ودون تعويض عادل ومنصف . فإن الخطوة التي استبقتها ادارة السدود بوضع يدها علي آلاف الافدنة من الاراضي الزراعية المملوكة للمواطنين دون ان تقوم بتعويضهم او حتي باخطارهم، ومواصلتها للتوسعه ومد نفوذها كل يوم علي اراضٍ جديده وتمليكها لغيرهم بحجة الاستثمار لهو الخطر بعينه . فقد أصبحت النزاعات على ملكية الأراضي أكثر تدميرا لأرواح الشعب خاصة بعدما طوعت القوانين التي تخول للحكومة استعمال القوة من أجل حماية ما تسميه «أراضيها»، وانتهاجها برنامج تكديس الأراضي من قبل أقلية المستثمرين ذوي النفوذ من الداخل والخارج مما أدى إلى عزل المزارعين والرعاة عن حواكيرهم التقليدية . ما لم تتدارك الدولة الامور في بوادرها بوضع الحلول الناجعة لتداركها فسيستمر مسلسل النزاعات التي اقعدت السودان طويلا وستشهد المنطقة نزاعات من نوع جديد يزيد من رصيد النزاعات المتقدة في أنحاء البلاد . اكثر من 150 الف نسمة عدد المهجرين من منطقة السدين، اما الرعاة وهم الفئة الاكبر من السكان بجانب المزارعين الذين سيفقدوا حوالى مليون ونصف المليون من روؤس الابل والضأن ، دون ان تحدد لهم اماكن تعويضية مناسبة ومقنعة خاصة بعد تحويل مجرى النهر وتغيير استخدامات الارض . إن المواطنين لهم الفهم الواسع عن اهمية المشاريع التنموية لمصلحة البلاد ككل ، ولكن في الوقت ذاته يتمسكون بحقوقهم الحياتية وان لا تكون تلك المشروعات الحيوية خصما على معاشهم ، وما تلك المذكرة التي تقدم بها المتضررون لوالى القضارف في العام 2013م عنا ببعيدة ، والتي اوضحوا فيها أن تجاهل ادارة السدود لقضاياهم امر لا يسكت عليه ، ونوهوا بتكوين هيئة للدفاع عن مهجري أعالي نهر عطبرة وسيتيت ،،، وقد أوضحت عدة دراساتٍ أعدها البنك الدولي والمفوضية الدولية للسدود وبرنامج البيئة التابع للأمم المتحدة أن إعادة التوطين "القسْريّة " في إطار مشروعات التنمية، دائما ما تؤدي الى مخاطر افتصادية واجتماعية إذا لم يتم تعويضهم بأصول ومصادر دخلٍ لها نفس الإمكانيات الإنتاجية . وقد يُصاب الكثير من المهجّرين بالاكتئاب لسنواتٍ طويلة بسبب فراقهم لمراتع طفولتهم وشبابهم، ورؤيتهم ذكرياتهم ومنازلهم ومزارعهم وقبور أحبّتِهم وهي تغرق إلى الأبد تحت بحيرة السدّ ، مما يولد كثير من الفوضى والضجرالذي لا تحمد عقباه !! إن الحكومة لديها السلطة التي بموجبها تستطيع ان تتدارك المواقف المفزعة خاصة في مناطق المشروعات التنموية ويكمن ذلك في إتخاذ القرارات التي تعيد ملكية الأراضي إلى أصحابها الحقيقين، وتقسيم الموارد حسب طبيعة المنطقة و توزيع الاراضي لاصحابها الأصليين وخلق أكبر حد ممكن للمواطنين من حيث السكن والارض الزراعية وتحديد المراعي ومن ثم فتح الفرص للقطاع الزراعي لكل من اراد من اجل ان يتحقق الأمن الغذائي المنشود ودون احداث أي خلل في التوزيع العادل وتعويض الحقوق الضائعة عن اصحابها . ما لم يتحقق ذلك فستشهد المنطقة هي بدورها اكبر نزاع حول ملكية الاراضي الزراعية والمراعي خاصة أن منطقة سدي اعالى عطبرة وسيتيت منظقة تداخل بين ولايتين هما كسلا والقضاف ،،، عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.