تفسير مثير لمبارك الفاضل بشأن تصريحات مساعد قائد الجيش    مستشار رئيس الوزراء السوداني يفجّر المفاجأة الكبرى    عثمان ميرغني يكتب: إيقاف الحرب.. الآن..    البرهان بين الطيب صالح (ولا تصالح)..!!    دار العوضة والكفاح يتعادلان سلبيا في دوري الاولي بارقو    مان سيتي يجتاز ليفربول    التحرير الشنداوي يواصل إعداده المكثف للموسم الجديد    كلهم حلا و أبولولو..!!    السودان لا يركع .. والعدالة قادمة    البرهان يطلع على أداء ديوان المراجع العام ويعد بتنفيذ توصياته    لقاء بين البرهان والمراجع العام والكشف عن مراجعة 18 بنكا    شاهد بالفيديو.. لدى لقاء جمعهما بالجنود.. "مناوي" يلقب ياسر العطا بزعيم "البلابسة" والأخير يرد على اللقب بهتاف: (بل بس)    السودان الافتراضي ... كلنا بيادق .. وعبد الوهاب وردي    شاهد بالصورة والفيديو.. ضابطة الدعم السريع "شيراز" تعبر عن إنبهارها بمقابلة المذيعة تسابيح خاطر بالفاشر وتخاطبها (منورة بلدنا) والأخيرة ترد عليها: (بلدنا نحنا ذاتنا معاكم)    شاهد بالصور.. المذيعة المغضوب عليها داخل مواقع التواصل السودانية "تسابيح خاطر" تصل الفاشر    جمهور مواقع التواصل بالسودان يسخر من المذيعة تسابيح خاطر بعد زيارتها للفاشر ويلقبها بأنجلينا جولي المليشيا.. تعرف على أشهر التعليقات الساخرة    المالية توقع عقد خدمة إيصالي مع مصرف التنمية الصناعية    أردوغان: لا يمكننا الاكتفاء بمتابعة ما يجري في السودان    وزير الطاقة يتفقد المستودعات الاستراتيجية الجديدة بشركة النيل للبترول    أردوغان يفجرّها داوية بشأن السودان    وزير سوداني يكشف عن مؤشر خطير    شاهد بالصورة والفيديو.. "البرهان" يظهر متأثراً ويحبس دموعه لحظة مواساته سيدة بأحد معسكرات النازحين بالشمالية والجمهور: (لقطة تجسّد هيبة القائد وحنوّ الأب، وصلابة الجندي ودمعة الوطن التي تأبى السقوط)    إحباط محاولة تهريب عدد 200 قطعة سلاح في مدينة عطبرة    السعودية : ضبط أكثر من 21 ألف مخالف خلال أسبوع.. و26 متهماً في جرائم التستر والإيواء    الترتيب الجديد لأفضل 10 هدافين للدوري السعودي    «حافظ القرآن كله وعايشين ببركته».. كيف تحدث محمد رمضان عن والده قبل رحيله؟    محمد رمضان يودع والده لمثواه الأخير وسط أجواء من الحزن والانكسار    وفي بدايات توافد المتظاهرين، هتف ثلاثة قحاتة ضد المظاهرة وتبنوا خطابات "لا للحرب"    أول جائزة سلام من الفيفا.. من المرشح الأوفر حظا؟    مركزي السودان يصدر ورقة نقدية جديدة    برشلونة ينجو من فخ كلوب بروج.. والسيتي يقسو على دورتموند    "واتساب" يطلق تطبيقه المنتظر لساعات "أبل"    بنك السودان .. فك حظر تصدير الذهب    بقرار من رئيس الوزراء: السودان يؤسس ثلاث هيئات وطنية للتحول الرقمي والأمن السيبراني وحوكمة البيانات    ما الحكم الشرعى فى زوجة قالت لزوجها: "من اليوم أنا حرام عليك"؟    غبَاء (الذكاء الاصطناعي)    مخبأة في باطن الأرض..حادثة غريبة في الخرطوم    رونالدو يفاجئ جمهوره: سأعتزل كرة القدم "قريبا"    صفعة البرهان    حرب الأكاذيب في الفاشر: حين فضح التحقيق أكاذيب الكيزان    دائرة مرور ولاية الخرطوم تدشن برنامج الدفع الإلكتروني للمعاملات المرورية بمركز ترخيص شهداء معركة الكرامة    السودان.. افتتاح غرفة النجدة بشرطة ولاية الخرطوم    5 مليارات دولار.. فساد في صادر الذهب    حسين خوجلي: (إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار فأنظر لعبد الرحيم دقلو)    حسين خوجلي يكتب: عبد الرجيم دقلو.. إن أردت أن تنظر لرجل من أهل النار!!    الحُزن الذي يَشبه (أعِد) في الإملاء    السجن 15 عام لمستنفر مع التمرد بالكلاكلة    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسلسل السدود مستمر: ضحايا المشهد القادم 150 الف شخص بشرق السودان!
نشر في الراكوبة يوم 08 - 06 - 2013

تستعد ادارة السدود لتهجير قرابة المائة وخمسين الف نسمه من مساكنهم، لمصلحة بناء سدي اعالي نهر عطبره وسيتيت بولايتي كسلا والقضارف واجزاءً من ولاية نهر النيل، في رقمٍ سيكون هو الاعلى في تاريخ التهجير بالسودان. ومع ملاحظة ضعف التناول الاعلامي للمشروع الضخم الذي تبلغ تكلفته مليار و150 مليون دولار وقد تصل لملياري دولار في مراحله الختامية، تنتاب المهجرين حالة من الغضب والتوتر بسبب عدم اشراكهم في المراحل الاولية والرئيسية، ذات الاثر المباشر علي حياتهم ومصادر انتاجهم.
ووفقا لكل من تحدثتُ اليهم في جولتي علي عدد من القرى والمدن التي سيتم تهجيرها، فإن مناطق التهجير الجديدة مرفوضةٌ وتمت دون مشاورتهم، كما ان التعويض ضعيفٌ للغاية.
ولاتبدو نذر المواجهة وتكرار احداث التهجير في مناطق اخرى بعيدةً اذا ماتم التدقيق بين سطور عبارات مقرر اللجنة الشعبية لمتاثري السد اشرف محمد البدوي الذي يُكرر: "علي الاعلام ان ينقل عنا اننا نرفض مبدا التهجير مطلقا ولن نتحرك من مساكننا الا بالقوة، وحتى بالقوة لن نتحرك وهذا رأينا جميعا".
في السياق، يتهم اتحاد المزارعين واللجنة الشعبية للمتاثرين بالسد ادارة السدود بوضع يدها علي آلاف الافدنة من الاراضي الزراعية المملوكة للمواطنين دون ان تقوم بتعويضهم او حتي باخطارهم، وانها تواصل توسعها وامتدادها كل يوم علي اراضٍ جديده.
ومما يزيد من غضب الاهالي في محليتي ودالحليو والفشقة؛ التي يتم بناء السدود علي اراضيها، حرمان منطقتهم باكملها من قنوات الري التي ستتجه لمناطق بعيدة عنهم، مايعني انهم لن يستفيدوا من مياه السدين في ري اراضيهم الزراعية؛ وستستمر زراعتهم تعتمد علي الري المطري الموسمي.
اما الرعاة وهم الشريحة الاكبر من السكان بجانب المزارعين فيتساءلون بحيرةٍ أيضاً عن مصير مليون وستمائة الف راس من الابل والماعز والضان التي لايعرف اصحابها الي اين سيتجهون بها، بعد انشاء السد، وتحويل مجري النهر، وتغير استخدامات الارض وملكيتها؟.
ورغم المعارضة والرفض الذي يواجه به الاهالي وقياداتهم الطريقة التي يُدار بها الملف وترتيباته إلا انهم يلخصون موقفهم بعبارة استمعت اليها من عدد منهم : "السد مشروع عملاق ويأتي لمصلحة السودان ونحن نسعد به، ولكن سعادتنا يجب ألا تأتي خصماً على حقوقنا".
150 الف نسمة عدد المهجرين
بدأ العمل في تنفيذ السدين منذ 15 مايو 2010م وسيستمر حتي سبتمبر 2015م بتكلفة تقدر بمليار و 150 مليون دولا، تم تمويلها بقروض من المانحين بمؤتمر تنمية الشرق بالكويت (ديسمبر 2010م) والصين والجزائر والسعودية.
وفكرة المشروع ودراساته قديمة، وزادت الحاجة اليه بعد تراكم الطمي علي خزان خشم القربة الذي يروي مشروع حلفا الجديدة الزراعي وتراجع سعته التخزينية. ويقع المشروع في أعالي نهري عطبرة وسيتيت ويبعد حوالي 20 كلم اعلى النهر من ملتقى النهرين، و80 كلم جنوب خزان خشم القربة و30 كلم من مدينة الشوك، حيث يقع بجزئيه بمحليتي ودالحليو في ولاية كسلا والفشقة بولاية القضارف.
ويهدف المشروع - حسب الموقع الالكتروني لوحدة تنفيذ السدود - لتوفير المياه اللازمة لري أراضي مشروع حلفا الجديدة الزراعي، وتوفير المياه ببحيرة المشروع طوال العام للشرب والزراعة للمواطنين القاطنين في المنطقة من موقع السد وحتى التقاء النهر بالنيل عند مدينة عطبرة ولولاية القضارف، وتوفير المياه لري مشروع أعالي عطبرة الزراعي المقترح، وتوليد الطاقة الكهربائية بإنشاء محطة توليد بسعة 320 ميقاوات، وزيادة الثروة السمكية بإنتاجية كلية تقدر ب 1700 طن فى العام. وتشير تقديرات غير رسميه الي ان مياه السدين تكفي لري مليوني فدان من الاراضي الزراعية.
ولا توجد تقديرات رسمية معلنة لاعداد من سيشملهم التهجير، وتشير بعض المعلومات الي ان 52 قرية ومدينة سيشملها التهجير، واورد الموقع الالكتروني لوحدة تنفيذ السدود ان 30 الف وحدة سكنية سيتم بناؤها في مناطق التهجير الجديدة البالغة 13 منطقة.
وتؤكد عدد الوحدات السكنية التي يتم بناؤها ان عدد المهجرين لايقل عن 27 الف اسرة كما ورد في بعض الاحصاءات، وبحساب كل هذه الارقام وتوزيعها علي معدلات كثافة الاسر (المرتفعة جدا في هذه المناطق) يمكن القول ان عدد المهجرين قد يزيد عن 150 الف نسمة.
غياب الاهالي لعام ونصف من انطلاق المشروع
بدات الترتيبات الاولي للسد في منتصف العام 2010م بحصر القرى والمناطق المتضررة، وبالتوازي مع ذلك بدات مباشرة اعمال الانشاءات والتنفيذ الفعلي للمشروع دون انتظار نتيجة التشاور مع الاهالي والاستماع لرأيهم.
ووفقاً لرئيس اللجنة الشعبيه لمهجري سد سيتيت الزاكي علي عمارة في حديثه ل "التغيير" فان الاهالي المتضررين من السد لم "يتم التشاور والجلوس معهم لعام ونصف منذ انطلاق المشروع"، وبعد ان احس الاهالي بالخطر عقدوا اجتماعا موسعا بمدينة ودالحليو في نوفمبر 2012م شكلوا خلاله اللجنة الشعبية التي اعترفت بها الحكومة.
واوضح رئيس اللجنة الزاكي عمارة انهم ظلوا منذ اليوم الاول للشروع في انشاء السد، يطالبون بقيام اللجنة التي لم تر النور الا بعد عام ونصف : "كانت خلالها مياهٌ كثيرة قد جرت تحت الجسر وعملية البناء والانشاءات قطعت شوطاً طويلاً"، كما يقول عمارة.
ويعتقد محمود دناش وهو احد اعضاء اللجنة الشعبية للمهجرين انه لولا الضغط الشبابي والشعبي لما تكونت اللجنة اساسا واعترفت بها الحكومة، ولكن تكوين اللجنة كما يرى دناش (وهو احد شباب المنطقة الغاضبين علي ماجرى والطريقة التي تدير بها ادارة السدود عملها) جاء في وقتٍ متأخر جدا وكانت الحكومة وادارة السدود قد قامت قبله : "بفعل كل شئ ولم تجد اللجنة بعد تأسيسها مايمكنها ان تقوم به".
المعلومات غائبة والبيئة في خطر
يشتكي الاهالي من عدم معرفتهم بالجهة المسؤولة عنهم مباشرة، حيث تبرز عدد من الاطراف وهي ادارة السدود، ولايتا كسلا والقضارف، محليتا ودالحليو والفشقة، الشركات المنفذة. وترى ادارة السدود ان تعاملها المباشر مع الولايات وليس مع المواطن، وهي بنص القانون تقوم باستلام الاراضي جاهزة من الولايات دون اي نزاع قانوني، فيما لا تتحدث حكومات الولايات عن التفاصيل المهمة وتركز في خطاباتها على الخطوط العامة والاحاديث الاحتفائية ذات الطابع الدعائي.
ويوجه بعض المتابعين اتهامات للحكومات الولائية وادارة السدود بعدم الشفافية والاضرار بالبيئة، ويستدلون على ذلك ببيع موارد طبيعية تخصُّ الاهالي دون اخطار ممثليهم واعلان قيمة المقابل المالي، ويضربون مثلا لذلك جبل (اكلاييت) الواقع شمال ودالحليو والذي افادت تسريبات ان ولاية كسلا قامت ببيعه لادارة السدود بعشرة مليارات جنيه دون ان يتم الاعلان عن ذلك، وبالفعل فإن الجبل الآن في طريقه للاختفاء.
ومع اعمال تفجير الجبال بالديناميت وجرف الاراضي وتحريك الرمال وتحويل مجرى النهرين، يقول عدد من ابناء المنطقة (حسب تعبيرهم) ان "بئيتهم وسلامة مستقبلهم في خطرٍ، بينما لاتضع الحكومات والشركات المنفذة ذلك في اعتبارها مطلقا".
حادثة التهجير الاكبر في تاريخ السدود
يعترض الاهالي المهجرون على الطريقة والاجراءات التي سيتم تهجيرهم من خلالها، ويقول امام وخطيب مسجد ودالحليو الكبير واحد قيادات المنطقة الشيخ هارون عيسي محمد ان المناطق الجديدة التي انشاتها ادارة السدود مرفوضةٌ عندهم لان : "موقع التهجير ارض طينية لاتصلح للسكن وستكون هناك صعوبة في التنقل اثناء الخريف"، ويضيف محمد : "المنازل لا تصلح للسكن بسبب ضيقها وهشاشة مكوناتها ودورات المياه يمكن ان تؤدي لكارثة صحية".
واوضح محمود دناش وهو احد ابناء المنطقة واعضاء لجنة المهجرين ان ادارة السدود وحكومات الولايات قامت باختيار مواقع التهجير بدون التشاور مع المواطنين، وهذا يخالف قوانين السدود نفسها ويتناقض مع حقوق المهجرين.
وكشف دناش ان ادارة السدود بعد ان شعرت بالحرج من الضغط الشعبي قامت بابتعاث وفدين من سكان المنطقة لموقعي تهجير سدي مروي والروصيرص للمفاضلة بين الموقعين، ورفض الاهالي النموذجين وطالبوا بنموذج حلفا الجديده التي تشابه جغرافيتها مناطقهم، لكنهم فضلوا نموذج مروي في حالة الفشل في توفير نموذج حلفا الجديده. غير ان ادارة السدود مضت (والحديث لدناش) في الاتجاه الاسهل والاقل تكلفة "واختارت نموذج الدمازين الذي لايصلح مطلقا وسنرفضه بكل حزم"،.
ويمضي مقرر اللجنة الشعبية لمتاثري السد اشرف محمد البدوي في طريقٍ اكثر تشددا برفضه فكرة التهجير من الاساس، التي يرى أنها تدفع بهم للمجهول علي حساب الاستقرار الذي يعيشونه ويقول : "علي الاعلام ان ينقل عنا اننا نرفض مبدا التهجير مطلقا ولن نتحرك من مساكننا الا بالقوة، وحتى بالقوة فلن نتحرك وهذا رأينا جميعا".
ويقول رئيس اللجنة الشعبيه لمهجري سد سيتيت الزاكي علي عمارة : "علي ادارة السدود ان تعلم ان المواطنين قادرون علي الدفاع عن اراضيهم ومقاومة نزع اراضيهم، ولكننا في اللجنة نقوم بتهدئتهم واعطائهم الوعود بان حقهم سيعود".
ويُشكل التهجير العنوان الابرز لاحاديث مواطني وسكان تلك المناطق في اماكن العمل، ووسائل النقل، والقهاوي. ويبرز الرفض والتشكيك لما تقوم به ادارة السدود كقاسم مشترك بين الجميع بما فيهم قيادات وقواعد حزب المؤتمر الوطني الحاكم وصاحب القرار.
وللرفض مايبرره، فمن خلال جولة "التغيير" على القري الجديدة الواقعة علي بعد كيلومترات قليلة شمال مدينة ودالحليو شاهدنا المساكن في مرحلة بنائها : ومساحتها 400 متر مربع وبداخلها غرفتان 4 أمتار مربعة، مشيدة من السكسبندا وحديد وفلين وخلطة خرسانية مسقوفة بالزنك وليس لها اساس على الارض؛ وتبدو اشبه بالمساكن المؤقتة التي يتم تشييدها للعمال والمشاريع المؤقته.
وحمامات المنازل بلدية صغيرة عمقها لايزيد علي ثلاثة امتار وهو مايمكن ان يؤدي لكارثة بيئية. وسور المنازل قصير من الزنك، ويقول الاهالي انه شبيه لنموذج أمري الذي توفرت فيه مساحات شاسعة للمنزل الكبير 1200 متر والمنزل المتوسط 900 متر والصغير 600 متر، ومحتويات منزل امري : حوش كبير وحمامات سايفون منفصلة للمنزل والديوان وغرفتان للأسرة بمساحات 56 متراً و45 متراً ومطبخ 44 متراً وهذا المطبخ يعادل الغرفة السكنية في سيتيت من حيث المساحة. كما ان الارض الطينية ستشكل مصاعب كبيرة للسكان في الخريف مع انتشار العقارب والثعابين التي يُصاب بلدغاتها الآن يومياً العاملون بانشاءات السدود.
ويدور جدل حول القيمة الحقيقية للمنازل الجديدة، حيث اوضح رئيس اللجنة الشعبية للمتاثرين الزاكي عمارة ان ادارة السدود ابلغتهم ان قيمتها 55 الف جنيه (55 مليون) وهو ماينفيه عضو اللجنة اشرف محمد البدوي الذي يقول ان : "قيمة المنزل الجديد في حدود الثمانية الآف جنيه".
ويرتبط هذا الجدل بما قامت به ادارة السدود من المساواة بين جميع الاهالي في التعويض، وهو بحسب الزاكي عماره منهج مرفوض لان : "قيمة المنازل تتفاوت من منزل لاخر كما هي الحال في اي منطقة اخرى".
وكمخرج وحل للازمة القادمة يقترح امام وخطيب مسجد ودالحليو الشيخ هارون عيسي محمد ان تجلس الجهات المسؤولة للتفاوض مع الاهالي والاستماع لآرائهم، ويُشدد محمد علي ان اقل ماسيرضون به هو: "التعويضات كحزمة كاملة علي نسق ماحدث في مروي وتشمل الحواشات، والمنازل، وباقي التعويضات".
مصادرة الاراضي الزراعية
وفقاً لرئيس اتحاد صغار مزارعي ودالحليو (وهم الملاك لاقل من 200 فدان) محجوب سعيد مصطفي فقد قامت ادارة السدود هذا العام بوضع يدها علي اربعة آلاف فدان من الاراضي الزراعية المملوكة ل 350 مزارعا، وهي اراض مسجلة لدى وزارة الزراعة بكسلا (ابرز لنا مستندات ملكية عدد كبير من المزارعين للارض).
ويناشد مصطفي الحكومة بالتدخل العاجل لحل المشكلة وتمكين المزارعين من اللحاق بالموسم الزراعي القادم قائلاً : "الخريف سياتي قريبا والمزارعون لا ارض لهم بينما اعتمادنا بنسبة 90 % هو علي الزراعة كمورد دخل".
ويضم اتحاد صغار المزارعين في محلية ودالحليو خمسة آلاف مزارع يعملون في مساحة قدرها 150 الف فدان، وسيمتد التاثير ايضاً لآلاف المزارعين الآخرين بمحلية الفشقة.
ويعيش الاهالي قلقا من نوع آخر يتداولون حوله الشائعات. فالسدان علي كبر حجمهما؛ والمساحات الشاسعة التي سيقومون بريَّها، لن تشمل اراضيهم التي تعتبر الاخصب ويقومون بزراعتها مطريا في فصل الخريف فقط.
ويرى البعض ان ادارة السدود مع شركاء آخرين في ولايتي كسلا والقضارف تعمدوا تجاوز المناطق المحازية للسدود الجديدة وغيروا اتجاه الترع لشمال كسلا : "لتحقيق اجندة سياسية وقبلية ضيقة لاتمت بمصلحة للولايتين والسودان".
وتعليقا علي ذلك يقول رئيس اللجنة الشعبيه للمتاثرين بالسدود الزاكي عماره : "ترعة الخزان تبتدئ من القربة حتي شمال كسلا لري مليون فدان مستهدفه وهذه تساوي 200 الف حواشة"، ويضيف عماره : "اذا لم يتدخل اصحاب الاقلام الخضراء، وكان هناك توزيع عادل فهذه المساحات تكفي جميع سكان الولاية"، وبينما رفض عماره توضيح من يعني بمسمى اصحاب الاقلام الخضراء اوضح مرافقه ضاحكا انه مسمى: "لوصف الدستوريين والقيادات الحكومية".
حيرة الرعاة
وفقاً لاحد اعضاء اتحاد الرعاة بمحلية ودالحليو وهو الشيخ عمر صالح عمر فإن تحويل مجرى النهر وقفل عدد من الطرق بعد اطلاق المياه اربك حركتهم، كما ان ادارة السدود وضعت يدها علي مساحات واسعة كانت بالنسبة لهم مراعٍ، ويقول عمر انهم طرقوا ابواب المحلية كثيراً لتقوم بتوجيههم للحلول او تشرح لهم ماسيحدث ولكنهم : "لم يجدوا اي رد او استجابة وهم الآن في حيرةٍ من امرهم".
وفي حديثه ل "التغيير" يقول الشيخ عمر ان منطقة ودالحليو تعتبر من أغنى المناطق بالثروة الحيوانية التي توفر للحكومة موارد ضريبية ضخمة، والسوق تباع وتشترى فيه يوميا اعداد كبيرة من الحيوانات وفي اي راس تباع للحكومة تسعة جنيهات ونصف كضريبة وهذا علي سبيل المثال بجانب الزكاة وانواع الضرائب الاخرى ولكن رغم ذلك يقول عمر : "هم لايقدمون لنا اي خدمات صحية او مياه، ونضطر لدفع اتاوات للعصابات الاثيوبية التي تختطف ماشيتنا".
ومن ما يثير التساؤل ويُّعد مصدر استغراب ان الثروة الحيوانية التي يفوق دخلها من الزكاة بمحلية ودالحليو 500 مليون جنيه سنويا لاتمتلك مكتبا بالمحلية، وتدير اعمالها على الهواء بواسطة موظفين جوالة.
[email protected]
http://www.youtube.com/watch?v=PD3iIaNl1rk
http://www.youtube.com/watch?v=XrAfY8KwaPA
http://www.youtube.com/watch?v=u12wZ6MITz4


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.