إن اتفاق سلام الشرق الذي تم بين النظام وجبهة الشرق، لدينا عليه ملاحظات كثيرة منها أننا طالبنا بتسوية عادلة وليس اتفاق للسلام، و إتفاق السلام هذا يعالج مشكلة الحرب وهي نتيجة للمظالم التي لا تزال باقية على الأرض وهي السبب الحقيقي لاندلاع القتال. والاتفاق يؤجل الحرب ولا ينهيها. لم ينفذ الاتفاق فلم يتم استيعاب المقاتلين جميعهم فمن خمسة ألآف مقاتل تم استيعاب ثمانمائة فقط، هؤلاء قنبلة موقوتة يمكن أن تستقطبهم أي جهة لزعزعة الأمن والاستقرار. ولم يتم إعمار المناطق التي دمرتها الحرب، ولم تتم محاكمة مرتكبي مذبحة بورتسودان، ولم يتم استيعاب البجه في وظائف الخدمة المدنية، وليس لممثلي البجه في الحكومة أي نفوذ وهذا يعني ألا تنمية للبجه فمناصبهم منزوعة الصلاحيات. لم تنفذ اتفاقية السلام الشامل التي يعتمد عليها اتفاق سلام الشرق الذي أصبح معلقا بين السماء والأرض. لقد ذكر الأستاذ صلاح باركوين المتحدث الرسمي باسم مؤتمر البجا في لقاء صحفي بعض الحقائق التي توضح أن إتفاق الشرق لم ينفذ منه غير أقلّ القليل، ونورد هنا جزء مما ذكره: إن الاتفاق لم ينزل بعد على أرض الواقع بالشكل المطلوب حتى الآن، فملف الترتيبات الأمنية والعسكرية هو الوحيد أكثر الملفات تقدماً ونأمل أن تنطوي آخر صفحاته بنهاية العام وهي توفير آخر مبالغ مالية خاصة بملحق المقاتلين المسرحين وإدراج (850) وظيفة عمالية وجامعية في الميزانية الجديدة. كذلك هناك بعض المنسوبين لمؤتمر البجا تم تحويلهم لشركات بترولية لتقوم بتوظيفهم فلم تستوعبهم الشركات وجاري العمل في ايجاد بدائل لتحويلهم إلى مواقع انتاجية أخرى. الشركات لم تستوعبهم لظروف خاصة بها نحن لا ندري عنها شيئاً فهناك شركات استوعبت بعض منسوبينا وأخرى لم تستوعب فهذه قضية الجهات المختصة بتوظيفهم وهي منظمة ال DDR هذا الملف تبقت منه فقط هذه النواقص التي ذكرتها لك ويمكن الانتهاء والفراغ منه. أما ملف السلطة لم يتم التنفيذ فيه سوى قائمة الستين التي تقدمنا في الأول إضافة إلى الوظائف التي يشغلها أبناء الشرق من منسوبي الأحزاب الأخرى من الموجودين أصلاً من الوزراء والولاة وخلافهم ما دون ذلك لم يتحقق شئ من ملف السلطة. وملف الخدمة المدنية لم يتم تنفيذه حتى الآن فإدماج الاتفاقية في الدستور الانتقالي لم يتم وهناك مجلس تنسيق الولاياتالشرقية لم يتم وإختيار منسوبينا في المجالس التشريعية المحلية لم يتم والملتقى التشاوري الجامع لم يتم، فإذا راجعت نص ملف السلطة في اتفاقية لن تجد تنفيذ أي من بنودها سوى تعيين الدستوريين من مساعد رئيس الجمهورية حتى أعضاء المجالس التشريعية بالتالي هذا الملف عليه علامة استفهام كبيرة. أما ملف الثروة المعلم البارز فيه هو صندوق إعمار شرق السودان وهذا الصندوق تم الاتفاق على رصد (600) مليون دولار على مدى خمس سنوات تدفع من خزينة الدولة وليس من أي مصدر آخر كاستحقاق من استحقاقات السلام نحن الآن في السنة الثالثة على الأقل يفترض أن نكون وفرنا (600) مليون دولار في هذا الصندوق نحن لم نستلم رسمياً في حساب الصندوق سوى ثلاثين مليون دولار فقط وما تبقى من عمر الصندوق وما تبقى من أموال لم تدفع تجيب على أسئلتك حول الصندوق وإنفاذ مشروعاته. وهذا الصندوق يفترض أن يرتفع سقف تمويله لأكثر من مبلغ الستمائة مليون دولار وذلك عبر إشراك المانحين والدول الصديقة والشقيقة وغيره. وهنالك إلتزام من الدولة بأنها ستوفر الظروف والمناخ المناسب لاستقطاب الدعم للصندوق حتى يتم رفع سقفه إلى مليار أو مليارين وهذا لم يتم إطلاقاً ولم تتوفر الإمكانيات والظروف التي تسمح بانعقاد مؤتمرات المانحين من المقرر أن يكون هنالك مؤتمر للمانحين بالكويت في مارس المقبل خاص بشرق السودان ولا أدري هل سيقام في ظل هذه الظروف، هذا هو حال اتفاق سلام شرق السودان الذي تحدث عنه الجميع بأنه سوداني وأنه لم يركز على المحاصصات بقدر ما ركز على مبادئ ومفاهيم وتمييز ايجابي ولفهم متطور من النواحي العلمية والفلسفية ويعبر عن الاتفاقات الوطنية الخالصة التي تخلو من أي مؤثرات خارجية أو مصالح لآخرين. وقضية شهداء 29/ يناير 2005م قضية لا تسقط بالتقادم وما لم نحققه عن طريق المفاوضات أمّنا تحقيقه من خلال وجودنا داخل السلطة ودعونا كثيراً وتحركنا على كافة المستويات في سبيل الوصول لتحقيق جنائي محايد أو مستقل فيما جرى في أحداث بورتسودان ونحتفل سنوياً بذكرى الشهداء وهناك مستويات متعددة حتى وصلنا الى المحكمة الجنائية الدولية ولم نستطع أن نقيم الدعوة في المحكمة الجنائية الدولية لأسباب فنية تتعلق بأحداث بورتسودان وبتأسيس المحكمة الجنائية واختصاصها الزماني والمكاني لذلك أصبحت هذه القضية من قضايا القضاء السوداني وهذه القضية هي ايضاً من القضايا التي صمت عنها الشعب السوداني وقواه الفاعلة السياسية والقضائية والقانونية والنقابات وغيرها سكتت عن هذه القضية. وستقام في كل من بريطانيا وأمريكا ندوات بمناسبة الذكرى الرابعة لمذبحة بورتسودان. لقد أخذ الجنوب حقوقه بتوقيع اتفاق نيفاشا، وبالرغم من أن دارفور تشهد أكبر كارثة إنسانية إلا أن كل الإعلام العالمي مسلط عليها والإهتمام الدولي والإقليمي موجه نحوها، وهذا يجعل مشكلة الشرق وحدها منسية بالرغم من أن الشرق هو الأكثر تهميشا وفق الاحصاءات الحكومية والدولية والطوعية. تقام في الشرق مشاريع قومية مثل الموانيء والطرق السريعة والتنقيب عن الذهب، وبينما يذهب عائدها للمركز تترك المشاكل الناجمة عنها للحلول بالإمكانات المحلية. أفرزت المشاريع أمراض كثيرة وطالبنا بنصيب للتنمية المحلية واصحاح البيئة وقد جلب التنقيب عن الذهب أمراضا خطيرة بسبب طريقة استخراج الذهب التي تتجاهل صحة الإنسان والبيئة. بالنسبة للرعاة وبالرغم من أهمية الثروة الحيوانية فلقد صادرت الحكومات أراضي المراعي وباعتها للمستثمرين الأجانب، مما نتج عنه موت الحيوانات وأصبج البجه عمال أجراء في المزارع بعد أن كانوا ملاك للأرض. استمر الرعاة بثقافتهم الرعوية ولكن بدون حيوانات يعيشون مشردين في أطراف المدن في مساكن غير صحية نتيجة للجفاف والحرب وتقليص المراعي لهذا نزح البجه من قراهم لأطراف المدن حيث يضطرون إلى سداد قيمة خدمات وسلع كانوا يحصلون عليها مجانا في قراهم الأصلية، مثل السكن والمياه واللبن وحطب الوقود، ولكنهم لا يملكون مالا لذلك مع عدم وجود فرص لتشغيلهم. ولا يجدون عمل لأنهم غير متعلمين، ونتج عن هذا أمراض صحية واجتماعية واقتصادية وأمنية للبجه في أطراف المدن. الصحة: معظم الأمراض ناتجة من سوء البيئة وسوء التغذية، السل، البلهارسيا الربو، الملاريا، وموت الأطفال والنساء أثناء الحمل أو الولادة بسبب العادات الضارة. ظهر مع الحرب واللاجئين الايدز ودمار مكثف للبيئة. لا بد من الاهتمام بالتوعية الصحية والطب الوقائي أكثر من الطب العلاجي. التعليم: لأنه باللغة العربية يدخل الأطفال البجه في منافسة غير شريف'، الأطفال جزء من الافتصاد الرعوي والزراعي، لا داخليات ولا مدارس في الريف، عدم وجود تعليم يعني عدم توظيف. يجب تطبيق سياسة الانحياز الإيجابي للبجه. التنمية: من ليس له سلطة ليست له تنمية، والبجه بلا سلطة بل في وظائف رمزية, ومهمشون حتى في إقليمهم وفي مدنهم كل دواوين الحكومة والوظائف الرسمية يشغلها غير البجه، تخصيص الموانيء جعل 28 ألف عامل يفقدون وظائفهم يجب تدريبهم لأعمال اخرى لإعالة أسرهم. التنمية المستدامة تكون في الإنسان. دفع البجه ثمنا غاليا لمعارضة النظام، فلقد استغلت كل فصائل المعارضة وعلى رأسها الحركة الشعبية مناطق شرق السودان المحاذية لاريتريا، والآن هذه الفصائل جزء من الحكومة ولم تقم بعمل أي شيء لاصلاح المناطق التي تسببت في تدميرهابسبب الحرب تم تدمير أكثر من عشرين قرية في البحر الأحمر وأربعين في ريفي كسلا وخمسة وستين في منطقة همشكوريب ونزح البجه من قراهم المدمرة لأطراف المدن حيث يضطرون إلى سداد قيمة خدمات وسلع كانوا يحصلون عليها مجانا في قراهم الأصلية، مثل السكن والمياه واللبن وحطب الوقود، ولكنهم لا يملكون مالا لذلك مع عدم وجود فرص لتشغيلهم. ولا يجدون عمل لأنهم غير متعلمين، ونتج عن هذا أمراض صحية واجتماعية واقتصادية وأمنية للبجه في أطراف المدن. قد استشهد عدد كبير من البجه في منطقة جنوبطوكر وريفي كسلا وهمشكوريب، ونحن نطالب بسرعة اعادة اعمار هذه المناطق وتعويض السكان عن محاصيلهم ومزارعهم وحيواناتهم، كما نطالب بتشكيل لجنة للتحقيق في القتل الذي طال هؤلاء السكان ودفع الديات لذويهم، ونشر تقرير لجنة التحقيق. الشرق موقعه استراتيجي عالمي، وظهر هذا من الاهتمام العالمي بالبحر الأحمر الذي يشهد وجود أساطيل دولية دولت مشكلة السودان وقد أدخلت السياسات الحكومية الشرق في دوامة النزاع الدولي. فلقد تم اتهام السودان بتهريب أسلحة لدول الجوار، وسمعتم جميعا بالقصف الجوي المتكرر للقوافل التي كانت تسير بين السودان واحدى دول الجوار ومقتل العشرات، لقد تم تصنيف الشرق كمعبر لتهريب السلاح والبشر لدول الجوار. كذلك أدى عدم استقرار دول القرن الإفريقي إلى زيادة عدد اللاجئين إلى السودان في طريقهم إلى دولة معروفة وبعضهم بالبحر إلى أوروبا حيث يموت معظمهم في البحر، لقد دخلت الأساطيل للبحر الأحمر بزعم مكافحة القراصنة الصوماليين وتم قصف وقتل صيادين سودانيين من قبل هذه الأساطيل. نحن لا نريد للشرق أن يكون بؤرة نزاع دولي نتيجة لسياسات حكومية حمقاء تستهدف زعزعة استقرار دول الجوار، ويجب دعم مؤتمر البجه كخيار ديمقراطي لقيام حكم مستقر في السودان. mohamed ali [[email protected]]