بسم الله الرحمن الرحيم في كتابها الذي جاء بعنوان: (إفريقيا في الفكر السياسي الصهيوني) ترصد وتستعرض الباحثة والدكتورة هبه محمد البشبيشي، الأستاذة بمعهد الدراسات والبحوث الإفريقية، تاريخ العلاقات الإفريقية الصهيونية، وتحلل رؤية المفكرين الصهاينة لإفريقيا، منذ أن طرحت الصهيونية كفكرة بالمؤتمر السادس الذي أقيم بمدينة بازل بسويسرا، وسعيهم لإقامة وطنًا لهم في أوغندا والسودان إذا فشلوا في فلسطين. صدر الكتاب الحاصل على جائزة حلمي شعراوي للدراسات الإفريقية، عن مركز البحوث العربية والإفريقية، وطبعته دار مكتبة جزيرة الورد بالقاهرة، وجاءت طبعته الأولى في 232 صفحة من الحجم الكبير. وقدم له البروفيسور إبراهيم نصر الدين وقال"إن الدراسة طرحت سؤالاً مهماً . وهو هل الدراسات الإسرائيلية تجاه القارة الإفريقية تعد إنعكاساً للسياسة الإسرائيلية؟ ام العكس هو الصحيح.؟ أي إن السياسة الاسرائيلية تجاه إفريقيا تبنى على فكر المفكرين الصهاينة؟" وأوضح نصر الدين، أنه لم يكن هناك أحد قادر على الاجابة على مثل هذا السؤال سوى شخص دارس ومتخصص في اللغة العبرية وكانت هبه البشبيشي قادرة على قراءة وتجميع الكتابات العبرية وتحليلها ثم صياغتها في كتاب. يُحمد للكاتبة في المؤلف أنها استطاعت أن تغطي معظم القضايا الإفريقية التي تعرض لها المفكرون الصهاينة مثل قضايا الاستعمار وحق تقرير المصير، وحقوق الإنسان، والأقليات، والصراعات الداخلية، وقضايا المرأة، والنظم السياسية الإفريقية، وغيرها من الموضوعات. احتوى الكتاب على ثلاثة فصول رئيسية تناولت كل الموضوعات التي أرادت الكاتبة مناقشتها وبتفصيل عبر مباحث ومطالب داخلية. ففي الفصل الأول ناقش الكتاب الاطار النظري للفكر السياسي الصهيوني تجاه القارة الإفريقية واستعرض العوامل المؤثرة في الفكر السياسي ، ونظرة السياسيين الصهاينة لإفريقيا ، وقضايا الاستعمار وتحقيق المصير وقدَّم حالات ونماذج للاستقلال ببعض الدول الإفريقية وحق تقرير المصير. في الفصل الثاني تناولت المؤلفة مسألة الصراعات الداخلية والحروب الأهلية وقضايا المرأة الإفريقية في الفكر السياسي الصهيوني وتصنيف الصراعات الإفريقية وفقاً لرؤية المفكرين الصهاينة. وفي الفصل الثالث ناقش الكتاب النظم السياسية الإفريقية والعلاقات الدولية من المنظور الصهيوني والاتجاهات الصهيونية وعلاقاتها بحكم العسكر ، والحزب الواحد، بعد الحصول على الاستقلال وقضايا التعدد الحزبي والديمقراطية والعلاقات الافريقية الاسرائيلية من منظور الفكر السياسي الصهيوني. تؤكد البشبيشي في كتابها بأن العرب هم المسؤولون عن التوغل الإسرائيلي في القارة السمراء بابتعادهم عن قضاياها ووقوفهم مكتوفي الأيدي أمام ما يتعرض له الأفارقة من اضطهاد وتعذيب، وفي المقابل لم يجد الأفارقة سوى يد الصهاينة ممدودة إليهم فتفاعلوا معهم وهنا أصبحت إفريقيا بالنسبة للكيان الصهيوني مجالًا حيويًا تكتسب منه مكانة مختلفة أمام العالم، محاولة منها لإيجاد فرصة تمكنها من تقديم نفسها بصورة أفضل من الدول العربية التي وقفت – حسبما ترى الكاتبة - تنظر ببرود ولا مبالاة، أمام مشاكل القارة السمراء. تناولت الكاتبة أيضاً تدخل إسرائيل والصهيونية في قضايا السودان الداخلية وأشارت إلى دورهما في إثارة كثير من القضايا السودانية الداخلية خاصة في مسألة تدويل قضية دارفور وعند تحليلها السياسي لكيفية تدخل إسرائيل في قضايا حقوق الإنسان عبر المدخل الإنساني قالت بأن قضية دارفور صيغت من منظور واحد للعالم وشبهها اليهود بما تعرضوا له من إبادة وحرق على يد هتلر وقد حصلت إسرائيل بهذا التشبيه على تعاطف دولي سريع وكبير مع القضية وذلك بسبب قوة الآلة الإعلامية. خلُصت الكاتبة بنهاية كتابها إلى أن الإدارة الصهيونية ظلت تستقي من الفكر الصهيوني وتحليلات المفكرين الصهاينة ومعين قراءاتهم الأفكار والسياسات والاستراتيجيات بشكل مباشر، أو غير مباشر. وكل ذلك وفقا لطبيعة المصالح الصهيونية في إفريقيا. قيمة الكتاب الأساسية في أنه جاء من المعين الفكري الأساسي للمفكرين الصهاينة، وهو بذلك أصبح أشبه بالملفات الاستخبارية والتقارير المترجمة. لأن المؤلفة قامت بتجميع مادة كتابها من مصادر أولية كالتقارير والصحف والمؤلفات العبرية ثم قدمتها وقامت بعرضها وتحليلها بالكتاب. وكانت هذه هي المهمة الصعبة التي لم يستطع فعلها الكثيرون. عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.