شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد.. صور الفنانة ندى القلعة تزين شوارع أم درمان.. شباب سودانيون يعلقون لافتات عليها صور المطربة الشهيرة (يا بت بلدي أصلك سوداني) والأخيرة ترد: (عاجزة عن الشكر والتقدير)    شاهد بالصورة والفيديو.. طفل سوداني غاضب يوجه رسالة للمغترين ويثير ضحكات المتابعين: (تعالوا بلدكم عشان تنجضوا)    شاهد بالصورة والفيديو.. عريس سوداني يحتفل بزواجه وسط أصدقائه داخل صالة الفرح بالإنشاد الترند (براؤون يا رسول الله)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    نقاشات السياسيين كلها على خلفية (إقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً)    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قطر.. الداخلية توضح 5 شروط لاستقدام عائلات المقيمين للزيارة    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    هل رضيت؟    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    منى أبوزيد: هناك فرق.. من يجرؤ على الكلام..!    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    ضبط فتاة تروج للأعمال المنافية للآداب عبر أحد التطبيقات الإلكترونية    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    إجتماع ناجح للأمانة العامة لاتحاد كرة القدم مع لجنة المدربين والإدارة الفنية    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    إيران وإسرائيل.. من ربح ومن خسر؟    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    الأهلي يوقف الهزائم المصرية في معقل مازيمبي    ملف السعودية لاستضافة «مونديال 2034» في «كونجرس الفيفا»    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروابط الموضوعية بين الشعبين السوداني والمصري عبر التاريخ: قراءه منهجيه .. بقلم: د.صبري محمد خليل
نشر في سودانيل يوم 27 - 04 - 2017

د.صبري محمد خليل/ أستاذ فلسفه القيم الاسلاميه في جامعه الخرطوم
تمهيد (ملخص الدراسة): تهدف هذه الدراسة إلى التأكيد على أن هناك روابط موضوعيه تربط بين الشعبين السوداني والمصري، والمقصود بموضوعيه هذه الروابط أن وجودها غير متوقف على ما هو ذاتي " كالوعي أو العاطفة أو المصلحة..."، لأنها مؤسسه على حقائق موضوعيه" تاريخيه ، جغرافيه، حضاريه، دينيه..". وهذه الروابط تربط بين تربط بين الشعبين السوداني والمصري ، وان لم تكن تربط بالضرورة بين النظم السياسية السودانية والمصرية. ثم تحاول الدراسة تقديم تفسير منهجي لطبيعة هذه الروابط ، ومضمونه أن هذه الروابط "الموضوعية" تشد أجزاء" شعوب" الامه الواحدة "هي الامه العربية المسلمة، التي أوجدها الإسلام كأمه واحده ، بعد أن كانت قبله شعوب وقبائل متفرقة"، رغم التجزئة السياسية التي فرضها الاستعمار. وتنتهي الدراسة إلى أن هناك خيارين تجاه هذه الروابط الموضوعية: الخيار الأول هو محاوله إلغائها ،وهى محاوله فاشلة، لكنها تمهد الطريق أمام مزيد من التجزئة "التفتيت" ، أما الخيار الثاني فهو أتاحه الفرصة لهذه الروابط الموضوعية أن تعبر عن ذاتها ،وذلك باتخاذ كل الخطوات الممكنة نحو وحده وادي النيل ،بأسلوب عملي – واقعي ، اى بشكل تدريجي/ مؤسساتي " اى يتم عبر إنشاء مؤسسات مشتركه"/ سلمى"اى بدون إكراه" / شعبي" اى مستند إلى الاراده الشعبية لشعبي وادي النيل ومنطلق منها".
موضوعيه الروابط: الموضوعية نسبه لموضوع المعرفة ، والذي هو "موضوع" خارج وعى الإنسان، فهي تدل على ما هو مستقل عن وعى الإنسان " الذاتي" وغير متوقف عليه "وجودا وعدما" ، وهى نقيض الذاتية،نسبه للذات اى النفس أو الوعي، فهي تدل على ما هو موجود داخل ذات الإنسان من أفكار وميول وأهواء وعواطف وانفعالات ومصالح.... وبناء على هذا التعريف فان المقصود بموضوعيه هذه الروابط ان وجودها غير متوقف على ما هو ذاتي كالوعي أو العاطفة أو المصلحة ، اى أنها ستظل موجودة سواء عرفناها أم جهلناها، أعجبتنا ام لم تعجبنا،حققت لنا مصلحه ام لم تحقق ،لانها مؤسسه على حقائق موضوعيه " تاريخيه ، جغرافيه ، حضاريه ، دينيه ...". ولا يعنى هذا إلغاء ما هو ذاتي " والمتضمن للوعي و العاطفة والمصلحة"، ولكن يعنى أن ما هو ذاتي ، ياتى لاحقا لما هو موضوعي "الوجود الموضوعي لهذه الروابط". وللتمثيل نذكر مثالين : المثال الأول: أن موضوعيه قانون غليان الماء في درجه مائه فهرنهايت ،في الضغط الجوى العادي، تعنى أن الماء سيظل يغلى في درجه مائه فهرنهايت، في حاله الضغط لجوى العادي ، حتى لو لم نعلم بذلك او لم يعجبنا أو لم نستفيد منه، المثال الثاني: أن الاخوه ستظل تربطهم رابطه موضوعيه "رابطه الدم"، حتى لو اختلفوا في أنماط التفكير والسلوك لحد التناقض.
روابط بين شعوب وليس بالضروره بين نظم سياسيه: هذه الروابط الموضوعية تربط بين الشعبين السوداني والمصري قبل أن تربط بين النظم السياسية السودانية والمصرية،فالنظم السياسية متعددة متغيره والشعب واحد ثابت،وهذا يعنى أن الخلافات بين النظم السياسية لن تلغى الروابط بين الشعبين السوداني والمصري ، ولو بلغت الخلافات بين النظاميين السياسيين السوداني والمصري حد ألمقاطعه الشاملة- رغم أن النظم السياسية حينها تكون متناقضة تماما مع اراده الشعبين- وانه لا يجوز تصعيد الخلافات "السياسية" بين النظم السياسية السودانية والمصرية ، لتصل إلى المستوى الشعبي "الاهلى".
تفسير طبيعه الروابط : والإقرار بهذه الروابط الموضوعية يكاد يكون محل اتفاق بين الجميع – بصرف النظر عن إيديولوجياتهم – لكن ما هو محل خلاف هو تفسير طبيعة هذه الروابط ،والتفسير المنهجي لطبيعة هذه الروابط ، هو أن هذه الروابط "الموضوعية" تشد أجزاء" شعوب" الامه الواحدة "هي الامه العربية المسلمة، التي أوجدها الإسلام كأمه واحده ، بعد أن كانت قبله شعوب وقبائل متفرقة "، رغم التجزئة السياسية، التي فرضها الاستعمار"اتفاقيه سيكس بيكو1916- تطبيق سياسة فرق تسد..."
أنماط الروابط الموضوعية بين شعبي وادي النيل:
ا/ الروابط التاريخية: تربط شعبي وادي النيل روابط تاريخيه من مظاهرها التاريخ المشترك ، حيث " تربط مصر والسودان مقومات تاريخية ، وتعد رمزا للتكامل السوداني المصري ، حيث تدل لآثار التاريخية في السودان ومصر على وحدة التاريخ المشترك عبر القرون" ( مصر والسودان : وحدة تاريخية مشتركة عبر القرون / المركز السوداني للخدمات الصحفية/ 22 - 05 - 2008 )
الرد على بعض دعاوى أنصار محاوله إلغاء الروابط الموضوعية بين شعبي وادي النيل: واستنادا إلى الحقائق التاريخية نقوم فيما يلي ببيان أوجه الخطأ في بعض دعاوى أنصار محاوله إلغاء الروابط الموضوعية بين شعبي وادي النيل.
اولا: دعوى أن مصر ظلت تحتل السودان عبر التاريخ إلى أن استقل عام 1956: والرد على هذه الدعوى أن مصر تعرضت بسبب موقعها الجغرافي الاستراتيجي ، في قلب العالم القديم، والذي يربط بين قارتي أسيا و أفريقيا،إلى موجات متتالية من الغزو والاحتلال والاستعمار ومنها – على سبيل المثال:غزو الهكسوس والأشوريين والنوبيون والبلاطمه والإغريق والرومان في العهد الفرعوني،ثم غزو المغول والتتار والصليبين والأتراك والاستعمار البريطاني في العهد العربي الاسلامى ، وهذا يعنى أن جزء كبير من تاريخ الشعب المصري هو تاريخ مقاومه الغزو أو الاحتلال أو الاستعمار – حتى أطلق عليها اسم "مقبرة الغزاة"- وبالتالي تسقط هذه الدعوة، لان الاحتلال والاستعمار هو إلغاء الاراده السياسية اللازمة لاحتلال الغير. وفى كل الأحوال فان الفترات التي كانت فيها سلطه سياسيه لمصر في السودان،فقد كانت سلطه سياسيه اسميه، بينما السلطة الفعلية كانت لشيوخ القبائل "ما أطلق عليه لاحقا اسم الاداره الاهليه"، فضلا عن أن السودان – ككل- لم يعرف الدولة المركزية إلا بعد عام ا182
الحكم التركي: أما دعوى احتلال مصر للسودان في عهد محمد على باشا عام 1821 فيرد عليها بالتالي:أولا:أن محمد على باشا – وكل ذريته التي حكمت مصر حتى قيام ثوره 23 يوليو 1952 - ليس مصري بل الباني الأصل، وقام بفتح السودان باسم دوله الخلافة العثمانية- لذا أطلق عليها اسم الحكم التركي- ثانيا: انه يجب التمييز بين الروابط "الموضوعية" التي تربط أجزاء الامه الواحده،والغايات "الذاتية" للقادة والحكام الذين سعوا لتوحيد هذه الأجزاء ،وبالتالي فان ادانه نزعه محمد على باشا الاستعلائية ،لا يعنى إنكار هذه الروابط الموضوعية ،وهنا نشير ان الامبراطوريه العربية التي أسسها محمد على لم تكن مقصورة على السودان ، بل ضمت الشام والحجاز إلى أن تدخلت القوى الاستعمارية ألناشئه ، وتجبر محمد على على التنازل عن الشام والحجاز. ثالثا:أن النزعة الاستعلائيه لمحمد على باشا وأسرته لم تكن موجهه ضد الشعب السوداني فقط،-والذي قام بعده ثورات ضدها آخرها الثورة المهدية - بل وجهت ضد الشعب المصري أيضا ، حيث حولت الاسره العلوية مصر إلى إقطاعيه مملوكه لهذه الاسره والمحسوبين عليها ، حتى قيام ثوره 23 يوليو 1952،والتي ألغت حكم هذه الاسره الملكية غير المصرية، وكذا الإقطاع.
استعمار بريطاني للسودان ومصر وليس حكم الثنائي: وهنا نشير إلى أن ما أطلق عليه اسم الحكم الثنائي"المصري البريطاني " لم يكن في واقع الأمر إلا احتلال بريطاني لمصر والسودان ، مع سيادة اسميه"صوريه" لمصر على السودان.
ثوره 23 يوليو 1952:كان من أهم أهداف ثوره 23 يوليو 1952 التحرر من الاستعمار،ورغم اعتقاد قائدها الزعيم جمال عبد الناصر ه بضرورة الوحدة العربية، إلا انه كان يرى فى ذات الوقت أن تحقيقها يجب ان ينطلق من الاراده الشعبية للشعوب العربية ، لذا أقرت ثوره 23 يوليو بحق الشعب السوداني في تقرير مصيره ، مع دعمها للقوى الوحدوية، واحترمت قرار البرلمان السوداني بإعلان الاستقلال عام 1956.
ثانيا:دعوى الغزو الاحادى الجانب: ومن هذه الدعاوى أن مصر ظلت عبر التاريخ القديم تغزو السودان ،والعكس"اى غزو السودان لمصر" غير صحيح،والرد على هذه الدعوى أن الغزو في التاريخ القديم متبادل، فقد قامت الدولة المصرية في العهد الفرعوني بغزو بلاد النوبة عده مرات، كما قامت دول نوبية متعاقبة بغزو مصر في ذات العهد،وفيما يلي نورد بعض الامثله:
مملكة نباتا ( 747 ق م - 200 ق م ) وتوحيد قطري وادي النيل:.تأسست مملكة نبتة على يد الملك النوبي "كاشتا" أول ملوك هذه الدولة عندما نجح في استرداد عرش بلاده من الإمبراطورية المصرية وأقام دولة نوبية كانت عاصمتها في مدينة " نبتة " بالقرب من الشلال الرابع ،. خلف "كاشتا" على العرش ابنه "بيا" المعروف ب "بعانخي" ، والذي تمكن من توحيد قطري وادي النيل فعليا بعد أن استنجد به المصريون لحماية طيبة في الجنوب من خطر الملك الشمالي تفنخت . استجاب بايي لطلب المصريين وحرر مصر كلها ليتوحد وادي النيل. توالى على عرش نبتة بعد بعانخي العديد من الملوك أهمهم ابنه "شبتاكا" الذي تصدى للزحف الآشوري عندما أرسل جيوشه بقيادة أخيه الأصغر "تهارقا" إلى الشام لمساندة حكام سوريا وفلسطين الذين استنجدوا به ، إلا أنه هزم وعاد إلى مصر . وقد خلف شبتاكا في الحكم أخاه الأصغر "تهارقا" الذي شهد عهده استقرارا في بداياته نسبة لانشغال الآشوريين بخلافاتهم الداخلية مما هيأ الفرصة ل"تهارقا" لتوجيه جهده للبناء والتعمير في مصر ، حتى لقب "بالملك البناء" . هذا الاستقرار لم يدم طويلا إذ أطل الخطر الآشوري على حدود مصر من جديد في أواخر عهد "تهارقا" الذي وجد نفسه مضطرا للتخلي عن نشاطاته المدنية والتصدي للآشوريين ، إلا أنه اضطر للتخلي عن للآشوريين وانسحب منها إلى طيبة التي ظل بها حتى وفاته في عام 663 ق.م .خلف تهارقا ابن أخيه "تانوت أماني" الذي تمكن من استعادة منف من الآشوريين وأعاد وادي النيل بأكمله لسيادة النوبة ، إلا أن الملك الآشوري اشور بن بعل سرعان ما تمكن من استعادة منف ثم توغل جنوبا نحو طيبة التي انسحب منها "تانوت أماني" إلى كوش التي ظل بها حتى توفي في عام 653 ق.م . وبانسحاب "تانوت أماني" آخر ملوك الأسرة الخامسة والعشرين من مصر ينتهي حكم النوبة لمصر ، والذي استمر لمدة 100.
مملكة البليمي والتوغل في المناطق الجنوبية لمصر : تمكن البليمي في أواخر عهد الإمبراطورية الرومانية في مصر وتدهور مملكة مروي من التوغل في المناطق الجنوبية لمصر والنوبة العليا وأقاموا مملكة قوية جنوب أسوان سميت بمملكة البليمي .
تفسير منهجي:إن الغزو المتبادل كان هو قانون العلاقات الدولية في العصور القديمة" القبلية- الشعوبية- وغير مقصور على العلاقة بين السودان ومصر-فما أن تقوى دوله وتضعف أخرى مجاوره حتى يكون الغزو ، هذا القانون عبر عنه بقاعدة" حق الفتح "التي استمرت فتره طويلة، إلى أن انتقلت البشرية إلى طور الأمم، وظهرت قاعدة " حق الأمم في تقرير مصيرها".
ثالثا: دعوى أن تاريخ العلاقة بين الشعبي وادي النيل هو تاريخ صراع "حرب" فقط:والرد على هذه الدعوى أن تاريخ العلاقة بين شعبي وادي النيل تضمن المشاركة والسلم والتبادل التجاري،والمعاهدات والاتفاقيات،كما تضمن الصراع والحرب والغزو"وهى خاصية مميزه للعصور القديمة القبلية – الشعوبية في كل أنحاء العالم"،وفيما يلي نعرض لأمثله:
بروز المجموعة الحضارية الثالثة (2300 ق م - 1550 ق م ) في المجتمع المصرى : وقد تحركوا أبان تفكك المملكة المصرية شمالا إلى مصر كرعاة أو جنود وبرزوا في المجتمع المصري ، كما لعبوا دورا كبيرا في الصراعات التي نشأت في عصر المملكة المصرية الوسطي حوالي 2050 ق م .
التبادل التجاري مع مصر في عصر حضارة كرمة الثانية : ازدهرت منطقة النوبة ونمت كمركز تجاري مهم ،وقامت فيها العديد من الصناعات المهمة خاصة صناعة الفخار، لذا كان من الطبيعي نشوء علاقات قوية مع مصر كانت تقوم على التبادل التجاري بينهما ، خاصة وأن مدينة كرمة كانت تقع في وسط الممر التجاري ما بين أفريقيا و مصر .
مملكة مروي (200 ق م - 300 ق م ) والصلح مع مصر الرومانية : في عام 23 ق.م عقدت مصر الرومانية معاهدة صلح مع الملكة النوبية أماني ريناس ،انفتحت بعده أبواب النوبة العليا أمام النوبيين، الأمر الذي سهل التجارة وانتقال الثقافة والفنون النوبية لمصر ، إلا أن هذا الصلح لم طويلا ، إذ قامت أماني ريناس بخرقه بعد أعوام قليلة لتعود المناوشات مرة أخرى بين مصر الرومانية والنوبة التي ما انفكت تثير القلاقل على الحدود الجنوبية لمصر حتى سقوطها .
معاهده البقط : بعد فشل محاولات الفتح العسكري لمناطق النوبة في العهد العربي الاسلامى في مصر تام عقد معاهدة البقط ، والتي استمرت لمده تتراوح بين ستة لثمانية قرون، لذا يعتبرها بعض المؤرخين أطول معاهده في التاريخ.
وجوب التمييز بين الصراع الداخلي والصراع الخارجي: بالاضافه إلى ما سبق تقريره من أن تاريخ العلاقة بين شعبي وادي النيل تضمن المشاركة والسلم ، كما تضمن الصراع والحرب والغزو،وكون الصراع والحرب ى خاصية مميزه للعصور القديمة القبلية – الشعوبية في كل أنحاء العالم،والتي تجاوزها تاريخ العلاقة بين الشعبين في العهد العربي الاسلامى ،حيث أصبحا جزأين من كل واحد هو الامه العربية المسلمة،فانه يجب التمييز بين نمطين من أنماط الصراع:
الصراع الخارجي:وهو الصراع مع قوى من خارج المنطقة،ومن أشكاله الصراع مع الاستعمار،ولا يتضمن اى امكانيه للوحدة بين قواه،لأنه قائم على محاوله إلغاء كل قوه لوجود الأخرى، فهو صراع وجود وليس صراع حدود كما يقول الزعيم جمال عبد الناصر.
الصراع الداخلى:وهو صراع بين قوى تنتمي كلها لذات المنطقة،ومن أشكاله الصراع بين شعوب وقبائل المنطقة التي ستسمى لاحقا المنطقة العربية،ويتضمن امكانيه تحقيق الوحدة بين قواه،لأنه صراع حدود وليس صراع وجود، وقد شكل هذا النمط من أنماط الصراع جزء كبير من تاريخ اغلب الأمم.
ب/ الروابط الجغرافية: كما تربط شعبي وادي النيل روابط جغرافيه ومن مظاهرها: أولا: الجوار الجغرافي والحدود المشتركة،ثانيا: انعدام وجود حواجز طبيعيه "كالجبال والبحار.." بين البلدين، ثالثا: نهر النيل الذي يربط بين البلدين.
مصر جزء في موقع القلب من الامه العربية المسلمة : وهنا نشير لحقيقة موضوعيه غير متوقفة - وجودا او عدما - على وعى أو أراده احد ، هي أن مصر بعد الفتح العربي الاسلامى أصبحت جزءا فى موقع القلب من الامه العربية المسلمة، وهذه الحقيقة الموضوعية تؤكدها الجغرافيا والتاريخ والدين :أولا: الجغرافيا: حيث ان اقليم مصر يتوسط جغرافيا الامه العربية المسلمة، ويربط بين جناحيها الافريقى والاسيوى . ثانيا: التاريخ: كما ان التاريخ يخبرنا ان دور مصر سيتغير نوعيا ابتداء من الفتح العربي الاسلامى، فتصبح جزء فى موقع القلب من الدولة العربية الإسلامية . ثالثا: الدين :فقد ورد ذكر مصر فى القرآن الكريم في اكثر من عشرين موضعًا، منها ما هو صريح؛ كما في قوله تعالى ﴿ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ ﴾ (البقرة : 61 ) ،ومنها ما غير مباشر كما في قوله تعالى ﴿ قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ﴾ (يوسف: 55).وأوصى الرسول (صلى الله عليه وسلم) المسلمين بمصر وأهلها، فقد روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وسلم"( إنكم ستفتحون أرضا يذكر فيها القيراط، فاستوصوا بأهلها خيرا، فإن لهم ذمة ورحما). كما ورد في أقوال العلماء ما يفيد بطرق شتى أن مصر هي قلب الامه العربية الاسلاميه :يقول الإمام ابن تيميه ( لا يقوم الإسلام إلا بمصر و الشام ، ولا يموت الإسلام الا بموت مصر و الشام ).وورد في كتاب" فضل مصر المحروسة" لأبن الكندي( وجعلها الله تعالى متوسطة الدنيا) .وقال سعيد بن أبي هلال( مصر أم البلاد، وغوث العباد. وقال عمرو بن العاص( ولاية مصر جامعة، تعدل الخلافة). (منقول من كتاب فضائل مصر المحروسة لأبن الكندى)
التفسير الصحيح لمقوله "مصر قلب الامه "ورفض التفسير الشعوبي: والتفسير الصحيح لمقوله " أن مصر هي قلب الامه العربية المسلمة" أن هناك تأثير متبادل بين مصر كجزء من كل هو الامه العربية المسلمة ، وباقى أجزاء الامه ، فالقلب كعضو بالجسم لا حياه له ، إلا من خلال دوره، قائمه على ورود الدم له من سائر الجسم ، وضخه هو للدم الى كل الجسم ، وبناء على هذا فإننا نرفض التفسير الشعوبي لهذه المقوله ، والذى يضع مصر فى موقع التأثير دون التأثر، ويقوم على اعتبارها كل قائم بذاته ومستقبل عن غيره.
السودان شريان قلب الامه العربية والبوابة الجنوبية للامه العربية وإذا كانت مصر قد أصبحت بعد الفتح العربي الاسلامى ، جزءا في موقع القلب من الامه العربية ،فان السودان هو الشريان الذي يضمن الحياة لهذا القلب ، حيث ان النيل" يملى على مصر أوامر المحدد الجغرافي الاقليمى مع كل قطرة ماء تأتى من السودان" (د. عصمت سيف ألدوله / محددات الدور الموضوعي لمصر في الوطن العربي). كما أن السودان بموقعه الجغرافي ،هو البوابة الجنوبية للامه العربية بكل أجزائها بما فيها مصر ،والتي يمثل السودان عمقها الاستراتيجي.
الرد على دعوى أن علاقة السودان بمصر مكافئه لعلاقته بغيرها من جيرانه:والرد على هذه الدعوى أنها مؤسسه على الرابط الجغرافي فقط، بل احد مظاهره وهو الجوار الجغرافي،ولكنها تتجاهل الروابط الموضوعية الأخرى: التاريخية، الدينية، الحضارية، الاجتماعية...التي لا تتوافر بكاملها إلا في العلاقة بين السودان ومصر.
الروابط الاجتماعية: كما تربط شعبي وادي النيل روابط اجتماعيه ومن مظاهرها موجات ألهجره المتبادلة عبر التاريخ، والتي ساعد فيها الجوار الجغرافي والوحدة السياسية التي استمرت حقب طويلة، والتماثل الاثنى "العرقي" المتمثل في القبائل المشتركة بين الشعبين ، وعلاقات المصاهرة والنسب بين الشعبين...وهنا لا يمكن الاستناد إلى العنصرية لإنكار هذه الروابط الاجتماعية، لان العنصرية غير مرتبطة حصرا باللون، الذي هو مجرد استجابة فسيولوجية لمعطيات المناخ ، تتنقل بالوارثة عبر حقب طويلة نسبيا، بل هي في الأصل ظاهره اجتماعيه سلبيه،فهى من مخلفات الطور القبلي، الذي معيار الانتماء إليه العرق، وسبب استمرارها هو تخلف النمو الاجتماعي والحضاري،لذا يجب العمل على القضاء عليها بالقضاء على أسبابها ، وليس الاحتجاج بها لإنكار الروابط الاجتماعية بين شعوب الامه.
الروابط السياسية: كما تربط شعبي وادي النيل روابط سياسيه ومن مظاهرها الوحدة السياسية بين الشعبين ،والتي استمرت حقب تاريخيه طويلة، إلى أن عمل الاستعمار البريطاني على تجزئه الشعبين، وكذلك شعار وحده وادي النيل الذي تنبته الحركة الوطنية السودانية والمصرية،وكذلك تفاعل شعبي وادي النيل بالأحداث السياسية في البلدين...
الروابط الاقتصادية: كما تربط شعبي وادي النيل روابط اقتصاديه ومن مظاهرها التبادل التجاري بين البلدين والمستمر عبر التاريخ.
الروابط القومية: كما تربط شعبي وادي النيل روابط قوميه- تفسر الروابط السابقة - ومن مظاهرها: أولا: أن شعبي وادي النيل هما جزأين من كل واحد هو الامه العربية المسلمة، التي أوجدها الإسلام كأمه واحده ، بعد أن كانت قبله شعوب وقبائل متفرقة "، رغم التجزئة السياسية، التي فرضها الاستعمار.ثانيا: اللغة العربية هي اللغة القومية المشتركة لشعبي وادي النيل، ، فكل من اللهجة السودانية والمصرية هما محصله تفاعل ذات اللغة العربية مع اللغات واللهجات الشعوبية والقبلية السابقة على العهد العربي الاسلامى في كليهما.أن للشخصية العامة السودانية والمصرية علاقات انتماء متعددة، منها علاقة الانتماء القوميه العربىه، إلى الامه العربية، ذات المضمون اللساني غير العرقي.
الرد على منكرى علاقة الانتماء العربية للشخصية السودانية: وهناك من ينكر علاقة الانتماء القومية العربية للشخصية السودانية،استنادا إلى وجود جماعات قبليه وشعوبيه سودانيه ذات أصول عرقيه غير عربيه ، ووجود جماعات قبليه وشعوبيه سودانيه تتحدث بلهجات ولغات غير عربيه ، والرد على هذه الدعوى ان علاقة الانتماء القومية العربية ذات مضمون لساني لغوى غير عرقي لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) (ليست العربية فيكم من أب وأم، وإنما العربية اللسان فمن تكلم العربية فهو عربي ) ، وإذا كان بعض العلماء قد نقدوا هذا الحديث من ناحية السند، فان الإمام ابن تيميه قد قرر أن معناه صحيح من بعض النواحي ،فبالمقصود بتقرير علاقه الانتماء العربية للشخصية السودانية ، الإقرار بأن اللغة العربية هي اللغة القومية المشتركة للجماعات القبلية والشعوبية السودانية بصرف النظر عن أصولها العرقية ، ولهجاتها القبلية و لغاتها الشعوبية الخاصة . وهنا نشير إلى خطا مذهب العصبية القبلية العربية الذي يتحدث عن العرب الحاليين كما لو كانوا سلاله عرقيه لعرب الجاهلية، ووجه الخطأ في هذا المذهب ، لانه يخلط بين العرب في طور الامه- الطور القومي- والذي معيار الانتماء إليه اللسان والعرب فى طور القبلي الذي معيار الانتماء إليها النسب "الإعراب" . بناء على ما سبق فانه لا صحة للحديث عن النقاء العرقي لاى من شعوب الامه العربية ، لأنهم محصله اختلاط العرب بغيرهم من شعوب ، فالشعب المصري هو محصله اختلاط العرب" الساميين" مع القبائل و الشعوب المصرية القديمة ، والشعب السوداني هو محصله اختلاط العرب "الساميين"مع القبائل والشعوب السودانية القديمة ،والفارق بينهم فقط هو كون القبائل والشعوب المصرية القديمة يغلب عليها أنها سامية،وكون القبائل والشعوب السودانية القديمة يغلب عليها أنها سامية –حاميه.
الروابط الدينية: كما تربط شعبي وادي النيل روابط دينيه ومن مظاهرها:أولا:أن الإسلام يشكل الهيكل الحضاري للامه العربية بكل أجزائها ،بما فيها شعبي وادي النيل، ثانيا:يكاد يكون هناك تماثل بين بنيه التدين الشعبي السوداني والمصري،فالأول سني طبقا للمذهب الأشعري"عقديا"والمذهب المالكي"فقهيا" مع اثر صوفي ،والثاني سني طبقا للمذهب الأشعري"عقديا"والمذهب الشافعي"فقهيا" مع اثر صوفي"مع وجود طرق صوفيه كثيرة مشتركه". فالفارق بينهما هو غلبه المذهب المالكي في الأول، مع وجود اثر للمذهب الشافعي، مع غلبه المذهب الشافعي فيه، مع وجود اثر للمذهب المالكي.
خياران تجاه الروابط الموضوعية بين شعبي وادي النل: وهناك خيارين تجاه الروابط الموضوعية بين شعبي وادي النيل:
الخيار الأول: محاوله إلغاء الروابط الموضوعية ( مزيد من التجزئة"التفتيت"): يقوم هذا الخيار على محاوله إلغاء الروابط الموضوعية التي تربط بين الشعبين السوداني والمصري ، رغم التجزئة السياسية التي فرضها الاستعمار، وموضوعيه هذه الروابط يعنى أن هذه المحاولة فاشلة ، إلا أنها تساهم في تعويق النمو الاجتماعي والحضاري للشعبين، وتمهد الطريق أمام مزيد من التجزئة "التفتيت"،على أساس شعوبي أو قبلي في دولتي وادى النيل ،وللتدليل على ذلك فان تجزئه دولتي وادي النيل مهد الطريق أمام تجزئه دوله السودان "انفصال جنوب السودان، ثم قيام صراع قبلي فيه بعد انفصاله، وظهور حركات مسلحه مطالبه بانفصال أجزاء أخرى من دوله السودان"كجبال النوبة وجنوب النيل الأزرق".. وظهور حركات انفصاليه تطالب بانفصال بعض الأقاليم او الجماعات العرقية أو الدينية في مصر "كسيناء، والنوبة في جنوب مصر و الأقباط .."
مشاريع ومذاهب وقوى يلزم منها محاوله إلغاء الروابط الموضوعية بين شعبي وادى النيل:
ا/ الاستعمار القديم: عمل الاستعمار القديم" على تجزئة الامة العربية المسلمة ( اتفاقيه سيكس - بيكو)، وقد قام الاستعمار البريطاني بتجزئه وادى النيل لأول مره،والمقصود بالتجزئة هنا وضعه حدود جغرافيه تفصل بين الشعبين، وبنائه لنقاط تفتيش حدودية،وإصداره لأوراق لازمه لعبور الحدود،و إنشاءه لجهاز أدارى مستقل لكل شعب...
ب/مشروع الشرق الأوسط الجديد "الامبريالي الصهيوني": كما ساهم في محاوله إلغاء الروابط الموضوعية بين شعوب الامه العربية عامه، وشعبي وادى النيل خاصة، في المرحلة الراهنة مشروع الشرق الأوسط الجديد الامبريالي الصهيوني، الذي بدا تنفيذه بعد وفاه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر 1970 ،وتولى السادات الحكم بعده، وارتداده عن سياساته المعبرة عن الاراده الشعبية العربية ،تنبيه لسياسات نقيضه بدعم من الغرب بقياده الولايات المتحدة الامريكيه ، والذي يهف إلى تفتيت الامه العربية إلى دويلات طائفيه،مع ضمان بقاء إسرائيل كحارس لهذا التفتيت.
ج/ دور الكيان الصهيوني (الموساد ومراكز الأبحاث الاسرائيليه): كما قام الكيان الصهيوني عبر الموساد ومراكز الأبحاث الاسرائليه بمحاوله إلغاء هذه الروابط الموضوعية من خلال أعمال التجسس والتخريب والتشجيع على الانقسامات والفتن داخل العالمين العربي والإسلامي... (دور الموساد ومراكز الأبحاث الإسرائيلية / إعداد: إحسان مرتضى/ قضايا إقليمية / العدد 321 - آذار 2012 / نقلا عن الموقع الرسمي للجيش اللبناني)
د/مذهب إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي : كما ساهم في محاوله إلغاء الروابط الموضوعية بين شعوب الامه العربية عامه، وشعبي وادى النيل خاصة، بعض الحركات والجماعات التي تنسب نفسها للإسلام، والتي ترتب على إقرارها بعلاقة الانتماء الاسلاميه إنكارها لعلاقات الانتماء الأخرى ومنها علاقة الانتماء القومية العربية، كما ترتب على سعيها لتحقيق الوحدة الاسلاميه رفض الوحدة العربية، وهى تستند في كل ذلك إلى مذهب إنكار وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي ، القائم على افتراضين خاطئين :الأول هو أن الإسلام ينكر وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي المتعددة،وهو افتراض يتعارض مع حقيقة إقرار الإسلام كدين لوحدات وأطوار التكوين الاجتماعي المتعددة وهى :الأسرة كما في قوله تعالى ﴿وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة﴾، وقوله تعالى ﴿ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة﴾.والعشيرة كما فى قوله تعالى ﴿وانذر عشيرتك الأقربين﴾ .والقبيلة والشعب كما فى قوله تعالى (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا . والامه التي مناط الانتماء إليها هو اللسان وليس النسب لقول الرسول (صلى لله عليه وسلم)(ليست العربية بأحد من أب ولا أم إنما هي اللسان فمن تكلم العربية فهو عربي)، كما تتميز باستقرار الجماعات في الأرض، فتكون ديارها، قال تعالى ﴿أنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومني تولهم فأولئك هم الظالمون﴾ (الممتحنة:9) . الافتراض الثاني ان الإسلام ينكر علاقات الانتماء الى وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي وهو ما يتعارض مع إقرار الإسلام كدين لعلاقات الانتماء إلى وحدات وأطوار التكوين الاجتماعي ( ومنها علاقة الانتماء القومية ...) ومن أدله ذلك فى السنة النبوية ورد في الحديث سأل واثلة قال: (يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه) قال (لا ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم) (رواه أبن ماجه والإمام أحمد
ه/الشعوبية : كما ساهم في محاوله إلغاء هذه الروابط الموضوعية ظهور النزعات الشعوبية فى المجتمعات العربية المعاصرة، والشعوبية هي محاولة الارتداد بالشعوب ، التي أصبحت جزء من أمه ، إلى الطور الشعوبي السابق على الطور القومي" طور الامه " ، و طبقا لهذا التعريف فان الشعوبية موجودة في كل أمم الأرض ، وهى تقوم في الامه العربية المسلمة ، على إنكار علافه الانتماء العربية كعلاقة انتماء قوميه إلى أمه معينه هي الامه العربية، التي أوجدها الإسلام كأمه واحده، بعد أن كانت قبله قبائل وشعوب متفرقة، كما تقوم الشعوبية في الامه العربية المسلمة على الدعوة إلى إلغاء أربعه عشر قرنا من التاريخ، أوجد فيه الإسلام للعرب أمة، ليعودوا إلى الشعوب السابقة على العهد الاسلامى، فهي – موضوعيا- مناهضه للإسلام- وبصرف النظر عن النوايا- الذاتية- لأنصارها.
الخيار الثاني:اتاحه الفرصة للروابط الموضوعية أن تعبر عن ذاتها (اتخاذ الخطوات الممكنه نحو الوحدة): يقوم هذا الخيار على العمل على ضمان عدم التراجع خطوات أخرى للوراء بمزيد التجزئة " التفتيت" ، وذلك عبر التوافق بين النخب السياسية السودانية والمصرية ، على جمله من القواعد والقوانين والاتفاقيات..القانونية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية...التي تتيح للروابط الموضوعية "الجغرافية،التاريخية،الاجتماعية،الحضارية..."،التي ستظل تشد شعوب الامه العربية على وجه العموم ، وشعبي وادي النيل على وجه الخصوص ، رغم التجزئة التي فرضها الاستعمار، أن تعبر عن ذاتها بأقصى درجه ممكنه في ظل هذه التجزئة السياسية، و تقلل من مقدره الحدود السياسية على تعطيلها، والعمل على حل الخلافات عبر التفاوض، والتوافق على تحقيق الاستقرار في دولتي وادي النيل، والعمل على اتخاذ كل الخطوات الممكنة اتجاه وحده وادي النيل.
وحده وادي النيل:من الأسلوب غير الواقعي غير العملي إلى الأسلوب الواقعي- العملي "كونفدراليه وادي النيل": ورغم أن الحركة الوطنية السودانية والمصرية قد رفعت شعار وحده وادى النيل لفترة طويلة ، إلا أنها لم تنجح في تحقيقه ، ويرجع ذلك إلى أسباب متعددة منها أنها استندت إلى تصور غير واقعي وغير عملي لوحده وادى النيل ،اى تصور لا يراعى أوجه الاختلاف بين الشعبين، فضلا عن اثر التجزئة التي صنعها الاستعمار، ولذا تصور الوحدة كوحدة اندماجيه "اى دوله بسيطة" ، وتتم بشكل فوري، بالاتحاد "الرسمي " بين النظاميين السياسيين السوداني والمصري ، ولذلك فان تحقيق وحده وادى النيل يشترط فيه ان يستند الى تصور واقعي عملي مضمونه مراعاة أوجه الاختلاف بين الشعبين، ويتم بشكل تدريجي/ مؤسساتي " اى يتم عبر إنشاء مؤسسات مشتركه"/ سلمى"اى بدون إكراه" / شعبي" اى مستند إلى الاراده الشعبية لشعبي وادي النيل ومنطلق منها".وهو يتدرج من الابتداء بنظام كونفدرالى " تعاهدي" ليصل في النهاية إلى نظام فيدرالي "اتحادي".
----------------------------
للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة المواقع التالية:
1/ الموقع الرسمي للدكتور/ صبري محمد خليل خيري | دراسات ومقالات https://drsabrikhalil.wordpress.com
2/ د. صبري محمد خليل Google Sites
https://sites.google.com/site/sabriymkh/
عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.