في الذكرى العاشرة لرحيل والدي هذه ليست سيره ولكنها نقرشات على جدار ذاك الانسان النبيل الذي دخل لهذه الدنيا بهدوء وخرج منها بهدوء..لم تغريه بهرجة ولم يكن يتطلع كثيرا للوصول للثرياء..ولِد ورَبّى وما خيب ظنه بنوه ولا احفاده...الحاج محمد يوسف محمد خليل المولود بحوش الكلامين ذلك الحوش المتداخلة بيوته وكذلك ساكنيه، في سنة ما من الربع الاول من القرن العشرين ولما بلغ مبلغ الرجال تقدم لخاله احمد عبد الله ليخطب اعز وأغلى بناته (امريوم) وينتقل من حوش الكلامين لحوش نسيبته بخيته بت امبلي ويمضيا في طريق واحد يتشاركا فيه السراء والضراء لسنين تجاوزت النصف قرن باكثر من العشر سنوات انجباء البنين والبنات والحفدة وكانوا سندا لهم فقبل يرحلا وهما في راحة بال.. كم تخيلت طيف ابي كانه امامي الساعة..رجل طويل ونحيف الجسم ابيضه ينظر إليّ معاتباً بسبب غربتي الطويلة وقد طال الفراق..فما ظَنُّك برجل وسيم الطلعة تشتهي ان تراه وهو في جلبابه الأبيض وذو هيبة اما طريقته في لف العمامة فهي التي لن انساها كما لم ولن أنس تلكم الهيية الأبوية وما ابهاك...ولو لم يكن هذا الرجل لتمنيت ان يكون ابي..ولا أظنك لم تتمنى ان تراه.. من الاشياء التي لاتزال عالقة بزهني الي الان اننا عندما كنا صغار ننتظرالوالد وهو ياتي من حواشته التي تقع في ترعة كاب الجداد(الجداد هو الدجاج بعاميتنا) وكانت تبعد كثيراً من القرية، وكل همنا ان نحظى بقصب نمضغه وهو اقرب لقصب السكر لكنه في حجم اقل وهو عباره عن سيفان للذره ونجلس اخوه وأخوات نأكل في ذلك النبات ونحن فرحين اما القصة الثانية فهي شعوري بالسعاده التي لا تضاهى وانا اجد احد جلاليبه الناصعة البياض تلك وهي مغسله ومكويه وادخل في احداها وانا مملوء بشخصية ابي حتى اشعر بان الناس ستناديني بود العيش الليله انت ماشي وين وخبارك قاشر، وارى الفرحة في عينيك وانت ترى نفسك في هذا الود الود العيش الاَخر.. لا اعرف يا والدي ان كنت في مكتوبي هذا عنك قد اوفيتك وكفيت ورغم اني بضع منك ولكن يصعب على الواحد منا الكتابة عن اعز الناس ومن هو ذاك الأعز الناس سأحاول اناجي روحك الغالية علني ارتوي من اريح تلكم الايام العزيزه..افتقدك الان ابي وافتقد فيك روحك المتسامحة وطبعك الهادي وبساطتك وكريم خُلقك وأخلاقك وخصالك النبيلة وهزارك معنا وبعدك عن التعنيف..كم افتقد هدوئك العجيب وحلاة نفسك وكيف انك كنت تتحمل ضجيجنا في نومك او صحيانك ونحن عُصْبة جُبِلت على الصخب والتفكير بصوت عالي (أظننا رضعناها من اهل الوالده عليها رحمة الله وعليك) ولكنك لا تهتم لانك شخص هادي الطبع في نومك او صحيانك وما أكرمك.. اتذكر انك تنام على صوت المذياع ليلاً وكنت آتي متلصصاً لكي اخذه من جنبك ولكن ولدهشتي تحس بي وتأذن فيه فقد كان المذياع هو الوسيلة الوحيدة للترفيه في تلك الايام وأظنني أخذت منك هذه العاده النوم الخفيف والمذياع بجواري.. افتقدت تصالحلك مع الكل واشهد انني لم اسمعك تشتم قط او تغاضب او تخاصم اوتفجر أحداً وما اعظمك..حتى فراقك كان في هدوء تان ولم ترد ان تزعج أحداً برحيلك فقد نمت نومتك الابدية وكان من معك من أحفادك وهم لا يدركون انك ذهبتٓ بنفسك الراضية الي بارئكما وانت كنت عودت الكل بهدوئك وسكينتك ولكن سكينتك تلك لم يدري احد انها لم تكن عادية سكينة الموت وهو هادم اللذات...ثم انك لم تودع احد ليس لجفاءٍ منك حاشاك ابي ولكن لانك لا تريد ان تزعج احد كعادتك وهذا طبع الخيرين وما أجملك. حتماً افتقدك هولاء الأحفاد خاصة احمد وهو الأقرب اليك ونزار وعمار ومحمد يوسف وصديق، باسط، حسام، سعيد، مصعب وشبيهك وسميك محمد مهدي ومعاذ وثابت وفيصل وقصي وخالد وحفيداتك فقد كنت انت تمازحهم وتلاطفهم وتساوي بينهم جميعاً في الحب والحنان نم هنيئاً ابي فقد عشت سعيداً مع نفسك ومع من حولك وفيهم من هم معك بارواحهم بادلوك الحب الاخوي والموده الصادقة وكم كنت أسمعهم ينادونك بألقاب ابتدعتوها بينكم وتعرفون سرها ومنها ود العيش وهو اللقب الذي سار عليك وودفانه، ود الغله وود الشُرْ وكنت ترد عليهم بعض من تلك الالقاب خاصة مع قريبك وصديقك حسن مجذوب رحمه الله اما انا فأبنك وانت ابي واسال الله ان يجمعنا بك في جناته. احبك ابي وكم كنت اتمنى ان اقولها لك في حياتك ولكن!! كتاب الله علينا ان نموت وتبقى الذكرى عطرٌ يتنسمه من عشنا معهم..اللهم تقبل والدي عندك قبولاً ترضاه وانت من ترض عن عبادك.. عثمان يوسف خليل المملكة المتحدة عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.