"اليونيسف" تدين مقتل 11 طفلاً في هجوم الدعم السريع على مسجد الفاشر    ديمبلي يتوج بالكرة الذهبية لعام 2025    تكليف مجلس تسيير لاتحاد الالعاب المصغرة الوليد بكسلا    شاهد بالصورة والفيديو.. فتاتنين سودانيتين يثرن ضجة إسفيرية غير مسبوقة ويتبادلن "القبلات" الساخنة بطريقة مثيرة على الهواء والغضب يجتاح مواقع التواصل    *الجاموس.. كشف ضعاف النفوس..!!    ثنائي الهجوم الأحمر يصل رواندا    قيادة الجيش بالفاشر: الأوضاع تحت السيطرة    جنوب السودان..تفاصيل مثيرة في محاكمة رياك مشار    كامل إدريس إلى الولايات المتحدة الأمريكية    القوز يعود للتسجيلات ويضم هداف الدلنج ونجم التحرير    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة ترد على التيكتوكر المثيرة للجدل "جوجو": (شالت الكرش وعملت مؤخرة ورا ورا ويشهد الله بتلبس البناطلين المحذقة بالفازلين)    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    شاهد بالفيديو.. الحرب تشتعل مجدداً.. المطربة عشة الجبل تهاجم زميلتها هبة جبرة: (نصف الشعب عرفك بعد شكلتي معاك.. شينة ووسخانة وأحذرك من لبس الباروكة عشان ما تخربي سمعتنا)    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة ترد على التيكتوكر المثيرة للجدل "جوجو": (شالت الكرش وعملت مؤخرة ورا ورا ويشهد الله بتلبس البناطلين المحذقة بالفازلين)    شاهد بالصور.. الفنانة ندى القلعة تصل القاهرة وتحل ضيفة على أشهر الصحف المصرية "في حضرة الكلمة والصحافة العريقة"    الهلال والجاموس يتعادلان سلبيا والزمالة يخسر من ديكيداها    اللجنة المالية برئاسة د. جبريل إبراهيم تطمئن على سير تمويل مطلوبات العودة لولاية الخرطوم    شاهد بالفيديو.. ظهر وهو يردد معها إحدى أغنياتها عندما كان طفل.. أحد اكتشافات الفنانة هدى عربي يبهر المتابعين بصوته الجميل بعد أن أصبح شاب والسلطانة تعلق    من سيحصد الكرة الذهبية 2025؟    كندا وأستراليا وبريطانيا تعترف بدولة فلسطين.. وإسرائيل تستنفر    ترمب .. منعت نشوب حرب بين مصر و إثيوبيا بسبب سد النهضة الإثيوبي    وزارة الطاقة تدعم تأهيل المنشآت الشبابية والرياضية بمحلية الخرطوم    "رسوم التأشيرة" تربك السوق الأميركي.. والبيت الأبيض يوضح    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    ليفربول يعبر إيفرتون ويتصدر الدوري الإنجليزي بالعلامة الكاملة    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فهمى هويدى : السودان بوّابةٌ ينبغي أنْ يُحافظ عليها العالم العربي
نشر في سودان موشن يوم 06 - 10 - 2013

الاستبداد يدمر الحاضر والمستقبل و خرجنا فى مصر مشوهين نفتقد للخبرة والممارسة الديمقراطية
أكد الكاتب والمفكر فهمى هويدى انه ان أحد الناس اللذين يلوحون دوما بانه لا بد ّ أن يكون هناك خصوصية في العلاقات المصرية السودانية، وخصوصية في العلاقات المصرية الليبية، هذه مسائل من المُفترض أنْ تكون من الثوابت. والكلام عن المؤامرات قد يكون فيه مُبالغة،
لكنّني من الناس المُقتنعين بأنّ السودان يتعرّض لمؤامرةٍ منذ سنوات، السودان، هذا البلد الذي يُشكّل جسراً بين العالم العربي وأفريقيا، هذه البوابة مطلوبٌ أنْ تُمزّق وتُغلق وقال وكان هويدى يتحدث فى ندوة نظمتها جريدة الشرق القطرية وقال السودان يراد أنْ لا يهدأ له بال،
وأنْ تظلّ المشاكل تنفجر مرةً في الجنوب ومرّةً في دارفور ومرةً في الشرق ... هناك مشاكل، والحكومة تتحمل ّ المسؤوليةً كُبرى من حيث إنّه ينبغي أنْ يكون واعيا من أنّ البلد يُمزّق، وحريصاً بالتالي على الاحتواء والتماسك وليس الاصطفاف والانقسام.واضاف : هناك مسؤوليّةٌ مصرية ومسؤولية عربية. وأنا أظنّ أنّه لا نظام البشير منتبه بشكلٍ كافٍ إلى حماية وحدة السودان، ولا مصر منتبهة بشكلٍ كافٍ، ولا العالم العربي.. نستطيع القول إنّ السودان ظالمٌ ومظلوم؛ الذين حكموه ظلموه، والذين أحاطوا به ظلمه، ولكنّ السودان بوّابةٌ ينبغي أنْ يُحافظ عليها العالم العربي، وبلدٌ له إمكانياتٌ تؤهّله لأن يكون ذا وزنٍ ثقيلٍ في العالم العربي، إلا أنّه مُمتحنٌ بهذه المُلابسات التي ذكرتها.
فى توصيف للحالة المصرية الراهنة قال من المعروف أن الاستبداد يدمر الحاضر والمستقبل وقد خرجنا فى مصر مشوهين نفتقد للخبرة والممارسة الديمقراطية وإدارة الدولة والقوى السياسية خرجت لتصطدم ببعضها البعض ولا تثق فى بعضها ، وكان من الطبيعى ان تتعثر المسيرة ، فقد وقع الرئيس السابق مرسى فى أخطاء تعد طبيعية والاخطاء لم تكن مقصورة عليه ولم تكن هناك بدائل افضل منه ، واضاف ما يحدث في العالم العربي، وبالذات في مصر، لا يقتصر تأثيره على مصر وحدها بل علينا أيضاً في الخليج، لقد ازداد انقسامنا وغدَت الرؤية ضبابيةً أمامناً، وأصبحنا نخاف من الغد.. من خلال قراءتك للمشهد الحالي في الساحة العربية، هل تستشرف في المستقبل ما يدعو للتفاؤل؟
_ إنّ ما نُسمّيه نحن ب"الربيع العربي" يُشكّلُ تحوّلاً تاريخياً في العالم العربي، لا يقتصر على بعض الأنظمة التي تغيّرت أو اهتزّت عروشُها أو رئاستها، ولكنّ هناك تغيراً مهماً في المواطن العربي لا يُركّز الكثيرون عليه، وهو أنّ المواطنَ العربي عنده الآن حالةٌ من الجرأة وفّرتها وسائل الاتصال الحديثة، فالكلّ يمتلك جريدةً الآن، إذ بإمكانه استخدام تويتر وغيره، إذا يوجد حالةٌ من الجرأة من ناحية، ورغبةٌ عارمةٌ في الإصلاح والتغيير في العالم العربي كلّه،من جهة أخرى.
وتكمُن أهميّة هذه النقطة في أنّ ما نُسميه ب"الحراك" الموجود في العالم العربي يعكسُ تلك الرغبة في التغيير والتطلّع والاستقلال والتقدّم، وكأنّه يُحاول استعادة الوطن من الخرائط والهيمنة والتبعية التي فُرضت عليه في عام 1916 بعد الحرب العالمية الأولى. ما أريد أنْ أقوله هو أنّ هناك تحولٌ مهمٌّ في منطقةٍ استراتيجيّةٍ جداً. الدول والمنظومات الغربية التي تُفكّر في شرق أوسط جديد مُلحق بها، فوجئت بشرق أوسط جديد، تُفكّر الناس فيه بشكلٍ مختلف، ولديها تطلّعاتٌ مُختلفة، وترغب في تحقيق الإصلاح. لا أظنّ أنّ الناس في المجتمعات الخليجية تتكلّم عن تغييرٍ للأنظمة، الناس تتكلّم عن إصلاحاتٍ داخليةٍ تسمح لهم بالمشاركة وتحميهم من الظلم الاجتماعي والسياسي.
وقال :المهم هو أنّه عندما يحدث تغييرٌ في منطقةٍ بهذه الحيويّة والأهميّة في الاستراتيجيات العالمية فلابدّ من أنْ يلقى مُقاومةً ويواجهَ صعوبات. لا توجد ثورةٌ في التاريخ حَسمت أمرَها في سنتين أو ثلاثة.. مستحيل. التغيير الدولي المهم لا بُدّ من أنْ يواجه عقبات؛ بعضها من قوى داخلية وبعضها من قوى إقليمية، وبعضها من قوى دولية، لأنّ كل أصحاب المصلحة في إبقاء الأوضاع كما هي، لا بُدّ أن يستنفروا ويُحاولوا الدفاعَ عن مصالحهم بطريقةٍ أو بأخرى.. من هنا كان توقّع العثرات أمرٌ طبيعي، ليس فقط بسبب الترسّبات والتآمر، ولكنْ أيضاً لأنّه في "الربيع العربي" في ظلّ الأنظمة التي لم تكُن تسمح للشعوب بالمُشاركة. وأنا دائماً أقول إنّ الاستبداد يُدمّر الحاضر والمستقبل؛ يُدمّر الحاضر من حيث إنّه يحتكر السلطة والثروة، ويُدمّر المستقبل لأنّه يحرق بدائله.
وقال :نحن في مصر خرجنا كلّنا مشوّهين، بمعنى أنّه ليست هناك خبرة لا في الممارسة الديمقراطية ولا في إدارة دولةٍ مُعقّدةٍ وتاريخيةٍ مثل مصر، وأيضاً القوى السياسية خرجت تجهل بعضها البعض، لم يُتّح لها أنْ تتفاعل، ولا تثق في بعضها البعض، وكان من الطبيعي أنْ تسود الشكوكُ وأنْ تتوتّر العلاقات وتتعثّر المسيرات.. يعني الرئيس مرسي حينها وقع في أخطاء، وهي أخطاءٌ طبيعيةٌ، ولم يكُن الأمرُ مقصوراً عليه لأنّ بدائله لم يكونوا أفضل منه بكثير، وبالتالي فكلّ هذه القوى السياسية لم تكُن مهيّأةً لإدارة الدولة.
وقال هويدى :من المشكلات التي نواجهها الآن في مصر، مشكلة "الإخوان"، ومشكلة العلاقات مع العسكر، ومشكلة الوطن. المشكلة أنّ هذا العراك بين "الإخوان" والعسكر والتجاذب المتمثّل في المظاهرات والاعتصامات أصاب البلد بالشلل: لا اقتصاد يتحرّك، ولا سياحة، ولا مشروعات، فالنتيجة هي أنّ البلد توقّفت.. وأنا قُلت إنّنا خرجنا من حفرةٍ فوقعنا في بئر، والمطلوب الآن هو إعادة التفكير، فكيف يُمكن تهدئة البلد. أنا لا أعرف كيف يُمكن تهدئتها، لكنّني أفهم أنّ ما تمّ من عنفٍ في الاعتصامات لا يُبشّر بخير. وما أخشاه هو أنّ الأمر إذا استمرّ على ما هو عليه فسيُعيد أمرين كُنا قد تجاوزناهما منذ زمن: أولهما هو التنظيمات السرّية، والآخر هو العنف المُسلّح.. أرجو أنْ لا يحدث هذا، ولكنْ عندما يكون الحدّ الأدنى حوالي 3 آلاف قتيل، وحوالي 20 ألف مصاب، و10 آلاف نُعتقل، فما هو الردُّ على هذا؟ وكيف يُمكن أنْ تُهدّأ من النفوس؟
بعض الناس لا علاقة لها بالإخوان ولا غيرهم، خرجوا في المظاهرات وهؤلاء قد أصبح عندهم ثأر، لا أعرف كيف يُمكن أنْ نُعبّر عنه.. أتمنّى أنْ تبتلع الناس أحزانها وترتقي فوق جراحها، ولكنْ من يستطيع أنْ يضمن في عشرات أو مئات الألوف أنّه لن يخرج أحدٌ شاهراً سلاحه ومُتطلّعاً إلى تصفية حساباته.. وإذا صحّت النوايا في عملية الإغلاق الحاصلة، وما قيل عن حلّ الإخوان وما إلى ذلك.. حركة لها 85 سنة في مصر لا تُحلُّ بقرارٍ صغيرٍ في محكمةٍ غير مُختصّة. ولا توجد فكرة تختفي بقرارٍ إداري ولا قرار قضائي، وأيضاً، الإخوان ليسوا وحدهم، هم حلفاء مع تنظيمات أخرى،
حوالي عشرة أحزابٍ بأسماء وأشكال مختلفة، ولكنّ هؤلاء، وخصوصاً التجمّعات التي مارست العمل المسلّح والسري مثل الجماعة الإسلامية وحركة الجهاد، كل هؤلاء اصطفوا في العلن ودخلوا في العملية السياسية.. وعندما تأتي وتُلغي وتُلاحقهم وتُغلق الأبواب فسيعودون إلى السراديب مرّةً أخرى، وهذا ما أخشاه، وهذه دوّامةٌ كان من المُفترض أنّنا تجاوزناها منذ ثلاثين عامٍ، وأرجوا أنْ لا تعود ظلال العنف مرةً أخرى، ولا ظلال العمل السري الذي سيكون البديل إذا تمّ إغلاق الأبواب، ومخاطِرُه كثيرةٌ وشرورُه كثيرة.
لا أعرف كيف يُفكّرون في مصر ولكنّ هذه مخاوف تأثيرها ليس فقط على استقرار الحالة الأمنية بل أيضاً مُنسكِب على اهتمامات البلد وترتيب أولوياتهم، ووزن مصر في ظروف الدول كلّها. المنطقة تمرُّ بتمزّقات، سوريا فيها مشاكل، السودان فيها مشاكل، اليمن الجنوبي فيه مشاكل، العراق فيها مشاكل، هناك ظروفٌ تحتاج من الأمة العربية أنْ تتماسك، ودولةٌ عربية كبيرة كمصر تحتاج أنْ تكون حاضرةً لا غائبة، فإذا غُيّبت وانشغلت وانكفت على جراحها الداخليّة، فإنّ ذلك سيُضرّ بمصالح الأمة العربية وليس بمصالح الأمة المصرية فحسب.
وحول المشهد الدينى قال هويدى هناك مجموعةٌ من القيم يتمّ الإتجار فيها كلّها، فالليبرالية استُخدمت أيضاً، ألم تُنتهك الليبرالية؟ والليبراليون الآن في مُقيّضة مؤيّدي العسكر.
في حقيقة الأمر، نحن في منحدرٍ ألقى بظلاله على أنشطةٍ كثيرة، وأظنّ أنّ المؤسّسة الدينية، سواءً الإسلامية أو القبطية، دُفعت دفعاً إلى الاستقطاب، لأنّه عندما أُعلن بيان الفريق السيسي الذي بدا منحازاً إلى طرفٍ في مواجهة طرفٍ آخر، كان شيخ الأزهر موجوداً، وبطريرك الأقباط، وما كان لهؤلاء أنْ يوضعوا في موقف خصومةٍ مع الطرف الآخر، هذه مراجع، وكان ينبغي أنْ تكون في مقامٍ أعلى، فهذا أساء كثيراً لعلاقة المسلمين بشيخ الأزهر، وأظنّ أنّه أساء كثيراً لعلاقة المسلمين بالأقباط.وحذر بان مصر الآن في طريقها إلى عزلة خارجية؛ توتّر مع تونس، وقطع علاقات اتفاقيات مع السودان، وانقلاب كامل في علاقاتها في غزّة وغيرها.. هل النظام السياسي المصري الحالي قادرٌ على استيعاب التحدّيات الداخلية والخارجية الصعبة التي تُواجهه؟
وردا على سؤال حول المشهد في إيران وخصوصاً في ظلّ وجود زعيم جديد وبعد خطابه الأخير؟ وكيف يجب أن تكون علاقاتنا، سواءً العربية أو مع إيران، وخاصةً ربطها بمصر؟
_قال : الثورة استمرت أكثر من ثلاثين سنة في إيران، من عام 1979، وكانت العلاقات الخليجية الإيرانية دائماً شائكة وملتهبة في أغلب البلدان، وأظنّ أنّه لم يكن هناك علاقات مستقرة نسبيّاً إلا بالنسبة لقطر وعمان، والباقي كانت تتراوح في سخونتها وبرودتها. الأمر معقّد لأن الخليج ليس وحده وإنّما هو جزءٌ من العالم العربي.. إذا ضعف العالم العربي ضعف الخليج وإذا ضعف الخليج فسيتزايد الخوف من إيران في هذه الحالة، وأنا أرى أنّ بعض الخوف من إيران مُبالغٌ فيه لأنّه يوجد اتفاقات عدم تعاون، وكان هناك وسائل.
هناك دول استقوت في مواجهة إيران بأمريكيين وفرنسيين وبريطانيين. إيران ليست بلداً بسيطاً، هي بلدٌ قويٌّ وكبير، وللأسف الشديد في الضعف العربي أصبحت إيران دولة كبرى في المنطقة؛ يعني مصر تراجعت وسوريا تراجعت والسعودية تراجعت والعراق دُمّرت، فلم يعد في المنطقة غير إيران من ناحية، وإسرائيل من ناحيةٍ أخرى.. للأسف المنطقة لميعُد لها كبير بمعنى أنّه ليس لهم سندٌ يتّكئون عليه.
مشكلة الغرب مع إيران هي مشكلة النووي في إيران، مشكلة إسرائيل هي مشكلة النووي.. وأنا أظنّ أنّه لو تخلّصت إسرائيل من الكيماوي في سوريا والنووي في إيران فأصبحت في حالة من الاسترخاء الاستراتيجي الهائل الذي يسمح لإيران أنْ تستريح وتتفاءل وتطمئن، في هذه الحالة على العالم العربي أن يجد حلّاً.
.
وردا على سؤال حول البعد الدولي؛و ما المطلوب من الدولة الأمريكية؟ هل المطلوب أنْ يكون الدور الأمريكي أكثرَ فاعليّةً بمعنى أنْ يُعيد الإخوان إلى الحكم، أو أنْ يُمارس نوعاً من الضغط، أم أنْ تستمر أمريكا كما هيَ بأنْ تُراقب من بعيدٍ دون أن تفعل شيئاً، كما الوضع مع سوريا ومصر، وموقفها مع دول الخليج حيث كان هناك مطالبات والدور الأمريكي لم يفعل شيئاً؟
اجاب هويدى : الطرف الأجنبي له مصالح يتحرّاها، غير صحيحٍ أنّ الأمريكان لا هم مع الإسلام ولا هم ضدّه؛ علاقاتهم مع السعودية وخادم الحرمين علاقاتٌ ممتازة، ولا يوجد إشكال. الطرف الأجنبي يُريد مصالحه، فالمنطقة هنا بالنسبة له فيها: سوقٌ، ونفطٌ، وإسرائيل. ونحن كلّنا _مع الاحترام_ لا نُساوي شيئاً في الحسابات الأمريكية؛ إذا النفط بخير، وإذا إسرائيل بخير، وإذا السوق مفتوحة للاستهلاك، لِفعل العرب ما يشاؤون.
بالطبع هم يتعيّن عليهم الدفاع عن مصالحهم، لكنّ المهم هنا هو قدرُ الحصانات والمناعات التي يتمتّع بها القسم العربي حتّى يتحرّى مصالحه في هذه الأجواء. ممكن أنْ تلتقي الدول العربية في مواقف وتختلف في مواقف أخرى، لكنّها لن تستطيع أنْ تُفكّر فيما يُخطّطه الآخرون والأولى بها أنْ تُفكّر فيما يتعيّن عليها فعله في الداخل لِتسبّت أقدامها وتكون دولاً حقيقيةً فيها احترامٌ لكرامة الناس، وفيها حالةٌ من الاستقرار والتماسك، وفيها موازينُ قوّةٍ يُحسبُ لها حساب، لا أحد يحسب حساباً للعالم العربي الآن في أيّ شيءٍ.
وفيما يتعلّق بالقوى الإقليمية الموجودة في المنطقة، كانت تركيا على علاقة قويّة مع مصر عقب ثورة يناير، إلا أنّ الثالث من يوليو أحدث شرخاً في العلاقة، مما أثّر على دول المنطقة قاطبةً لدرجةٍ وصلت إلى سحب الاستثمارات بين تركيا وبععض الدول العربية.. من الخاسر الأكبر باعتقادك دكتور؟
يرد هويدى قائلا : هناك مستوى اقتصادي،
ومستوى سياسي. سياسياً: الكل خاسر. كما أنّ هناك في العالم العربي دولٌ مركزيةٌ ، أيضاً في الإقليمي دولٌ مركزيةٌ أيضاً؛ مصر دولة مركزية، تركيا دولة مركزية، إيران دولة مركزية، كلّ هذه دولٌ لها أوزانٌ استراتيجياً واقتصادياً وتاريخياً، وهذا لا يُقلّل من قدر الآخرين فقد يكون لديهم أيضاً قوىً ومصادرَ أخرى، ولكنّ تركيا خاسرة، والعالم العربي خاسر،
فعندما حصلت في سوريا مشكلة، ضُرِبت الصناعة التركية وحصلت انتكاسةٌ كبيرةٌ في الاقتصاد التركي وتوقّفت عملية تحويل البضائع التي كانت تأتي إلى الخليج من خلال أسطولٍ بحري كان يعمل مع الموانئ المصرية، وعندما جرى تخريبُ العلاقات توقّفت تلك العملية.. لماذا حينما يتعارك السياسيون تُقطع الماء والكهرباء، وتُقطع أرزاق الناس، ويُغلق الاقتصاد!؟
تركيا مختلفةٌ مع إيران في أشياء كثيرة، هناك خلافٌ شديد في موضوع سوريا لكنّ العلاقات الاقتصادية جارية، يوجد إدارةٌ رشيدة، فالخلافات لا يجب أنْ تؤدي إلى قطع الأرزاق، وتمزيق جميع الوشائج، والضرر بالمصالح وبجميع الأطراف..
هنا المواطن التركي يُضر والمواطن المصري يُضر، فاستثمارات تركيا في مصر بلغت حوالي 3 مليار، وهناك نحو 250 مصنع تركي يعمل فيه ما يُقارب الخمسين أو الستين ألف أسرة مصرية. المسألة ليست بالبسيطة، والقضية هي: كيف يُمكن أن يؤثّر الخلاف السياسي على بقية العلاقات؛ الاقتصادية والثقافية والمصالح المتبادلة، هناك ناس ليس لها علاقة وليست طرفاً في ذلك العراك.. هناك مصالح استراتيجية مُتبادلة ينبغي أن نُحافظ عليها مع كلّ الأطراف، وللأسف معاركنا في العالم العربي معاركُ بدائيّة، كأنّها لازالت معارك قبائل لا دول.. فكُلّنا خاسرون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.