أطلقت الشرطة السودانية الغاز المسيل للدموع على محتجين في جامعة الخرطوم أمس، بعد يوم من اعتقال السلطات سياسياً معارضاً ضمن حملة اعتقالات وقمع ضد الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط نظام الرئيس عمر البشير الذي أعلن أن دستور البلاد سيكون «100 في المئة إسلامياً». كما اتفقت الخرطوم وجوباً على وقف الاعمال الحربية بين السودان وجنوب السودان، لكن من دون التوصل إلى اتفاق حول قضايا الخلاف. وقال شهود إن نحو الف من طلاب جامعة الخرطوم هتفوا أمس، «الشعب يريد إسقاط النظام» و«يسقط يسقط حكم العسكر» وحاولوا شق طريقهم خارج الحرم الجامعي لكن الشرطة أعادتهم بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع. وقال طالب ناشط إن نحو 150 طالبا اخترقوا لفترة وجيزة الطوق الامني بعد رشق الشرطة بالحجارة قبل ان تعيدهم الى الداخل. وأكد شهود ان قوات الأمن اطلقت ايضا الغاز المسيل للدموع على مصلين كانوا يحاولون مغادرة مسجد للتظاهر. ولجامعة الخرطوم اهمية رمزية في التاريخ السياسي للسودان، إذ كانت مركز الانتفاضتين الشعبيتين في العامين 1964 و1985 وكلتاهما اطاحتا بحاكم عسكري. ومن ناحية اخرى قالت زوجة السياسي السوداني المعارض كمال عمر إن قوات الأمن اعتقلته، وذلك بعد أيام من دعوة الأحزاب المعارضة الرئيسية للإضراب والاحتجاج من أجل الإطاحة بالحكومة. وأضافت ان قوات الأمن وصلت إلى منزل عمر وهو عضو بارز في حزب المؤتمر الشعبي المعارض ليلا واعتقلته. وقالت «جاءت سيارتان الى المنزل ودخل نحو خمسة من ضباط الأمن». وأكد قيادي آخر بالحزب اعتقال عمر. وجاء الاعتقال بعد إعلان يوم الأربعاء الماضي، الذي وقعت عليه أحزاب المعارضة الرئيسية، يؤيد التظاهر على الرغم من أنها لم تدع أعضاءها للخروج الى الشوارع بأعداد كبيرة. وفي كلمة لزعماء الطرق الصوفية في الخرطوم اشار البشير الى ان دستور السودان الجديد خلال فترة ما بعد الانفصال قد يساعد في توجيه التحول السياسي بالمنطقة. وقال البشير انه يريد ان يقدم دستورا يمثل نموذجا للدول المجاورة، وأضاف ان «هذا النموذج واضح فهو دستور اسلامي بنسبة مئة في المئة». وأردف قائلا انه يقول لغير المسلمين انه «لا شيء سيحفظ لهم حقوقهم سوى الشريعة الإسلامية لأنها عادلة». وقال البشير، الذي يواجه احتجاجات على نطاق محدود تدعو الى استقالته، إنه سيتم تشكيل لجنة تضم كل الاحزاب والطوائف الدينية والصوفية لإعداد دستور. في المقابل، جدد السودان وجنوب السودان السبت الماضي التزامهما بوقف الاعمال الحربية بينهما على خلفية خلافاتهما الحدودية وتقاسم عائدات النفط، غير انهما لم يتوصلا بعد الى توقيع اتفاق، على ما افاد مسؤولون. وقطع البلدان هذا التعهد في ختام مفاوضات جرت في مقر الاتحاد الافريقي في العاصمة الاثيوبية، عشية إحياء الذكرى الاولى لاستقلال الجنوب. وقال وزير الدفاع السوداني عبد الرحيم محمد حسين للصحافيين «لقد وافقنا .. بإجماع الطرفين على عدم استخدام القوة بعد الآن لتسوية خلافاتنا، وتعهدنا بوقف الاعمال الحربية». كما اضاف ان الطرفين وافقا على «تعزيز وتحسين التوافق السياسي الذي كان قائما قبل ذلك بين البلدين». ولم يتم التوصل الى قرار حول تحديد منطقة عازلة منزوعة السلاح على طول الحدود المشتركة المتنازع عليها، لكن حسين شدد على ان الاولوية اعطيت «لتطبيع» العلاقات بين البلدين. وقال ان «تحديد (المنطقة العازلة) ليس هدفا بحد ذاته، ما نسعى اليه هو تطبيع العلاقات بين البلدين». وأعرب مفاوض جنوب السودان باقان اموم عن ارتياحه «للذهنية» الجديدة التي سادت في ختام المفاوضات، مؤكدا استعداد بلاده لإقامة علاقات جديدة مع الخرطوم. وقال «سنبحث جميع المواضيع، الامن والاقتصاد، وكذلك التجارة والنفط .. وتعهدنا بتسوية مشكلة الحدود». وقال المفاوض ان المحادثات ستشمل منطقة ابيي، مؤكداً ان الطرفين متفقان على إقامة منطقة مفتوحة امام التجارة على هذه الحدود. وأعلن كبير المفاوضين ثابو مبيكي رئيس جنوب افريقيا السابق ان الطرفين سيتوصلان قريبا الى اتفاق سلام. وقال «اننا على اقتناع .. بأن النهج الذي اعتمده الطرفان سيرسي القواعد لحل سريع للمسائل المطروحة».