باستمرار يبدو كبير مساعدي الرئيس والموقع الرئيسي لاتفاق أبوحا 2006م والذي يشغل منصب رئيس السلطة الوطنية الانتقالية في دارفور منذ ما يجاوز الثلاثة أعوام، باستمرار يبدو كمن (يعارض نفسه وحدها) وهو وضع تأسف غاية الأسف أن نتعرض له، ولكن الرجل لم يدع لنا مجالاً لذلك، فاتفاق أبوجا بالنسبة لحركة كبير مساعدي الرئيس مني اركو مناوي مفتاح ذهبي له كان بوسعه لو أحسن اللعب أن يفتح به أبواباً سياسية كبيرة تعود على حركته وعلى أهل دارفور بالكثير، ولكنه – لأسباب هي أيضاً تظل مجهولة ومحيرة – آثر أن يجعل من منصبه وموقعه محلاً لتساؤلات هو وحده المعني بالإجابة عنها. اذ ليس من الحصافة السياسية أن يتذرع لقائد لفصيل ورجل في منصب دستوري رفيع يضعه في الموقع رقم (4) في سلم الدولة بأنه لا يملك المعطيات السياسية اللازمة للعمل وقد أوجز الرجل الأمر كله عقب تظاهرة الاثنين الماضية في مقولة صارت موضع تندر به حين وصف نفسه بأنه (مساعد حلة) وهي صفة مأخوذة عن ثقافة سائقي الشاحنات التي تعمل في نقل البضائع بين المدن، ويكون من بينها شخص مخصص للطهي والطبخ! ومع أن ميناوي – إذا اصح ما نقل عنه – وهو لم ينف ذلك حتى الآن – مع انه قصد التقليل من موقعه السياسي والإشارة إلى أن شركائه في المؤتمر الوطني يستهزءون به إلا انه فات عليه أن مساعد الحلة هذا المسئول عن الطهي تظل له أهميته كونه يمد من معه بأمر حيوي يتمثل في ما يقوم بطهيه وطبخه لتستمر الحياة والرحلة وتصل إلى مبتغاها، اذ لولا (مساعد الحلة) هذا لما تسني لمن يقومون بعملية النقل وقيادة الشاحنة الاستمرار في عملهم وإيصال الشاحنة إلى معقدها. غير أن هذا لم يكن هو محور حديثنا عن كبير مساعدي الرئيس، فالسيد مني ميناوي دخل في تحالف جوبا تحت لافتة معارضة، في حين أن اتفاق ابوجا الذي جاء به في موقعه هذا موجود وجرى تنفيذ الكثير منه ولديه (آليات عديدة) للتنفيذ أذا تعثر أو تعذر. وقد كان مشهده يوم التظاهرة مشهد بالغ الغرابة فهو الرجل الرابع في السلطة ومع ذلك فهو يتظاهر ضد سلطته، ولعلنا نذكر السيد مني ميناوي أن اتفاق أبوجا مجاله الحيوي دارفور، حيث كان من المفترض أن (ينشغل) الرجل بالأحوال الأمنية والإنسانية وقضايا الخدمات بين أهله في دارفور ويشتغل السانحة لإعداد حركته التي قال انها صارت (حزباً) للانتخابات المرتقبة، لأن الانتخابات هي امتحان مفصلي لن يقف فيها الناخب السوداني لأعذار ميناوي، ومعاناته التي مافتئ يرددها مع شركائه، ولعل ميناوي الذي ظل يردد في كل اللقاءات التي أجريت معه عقب التظاهرة انه لم يتحقق شيء من اتفاق ابوجا الذي وقعه لم يشأ الحديث عن ما أداه من عمل وما قام به من دور كرئيس للسلطة الانتقالية في دارفور في الوقت الذي رأينا ولاة دارفور الثلاثة منخرطون في عمل تنموي خدمي مستمر للدرجة التي لم نشهد فيها منذ أشهر حضور أي منهم إلى الخرطوم! في الوقت الذي ظل فيه ميناوي يتنقل بين جوبا ليشارك في مؤتمر أحزاب معارضة تقوده الحركة الشعبية التي تعرف وجهتها، وهو يسايرها ولا يدري لاين ستقوده مركبها؟ وفي الوقت الذي فيه يعاني فيه ميناوي من تنظيم حركته ويقضي جل وقته في منازعات ومشاكل داخلية مع رفقائه في التنظيم. أن السياسة لا شان لها بالأعذار التي تثير الشفقة أو الرثاء فالذي يتصدي للعمل السياسي عليه أن تيقن كل فنونه فهي فن الممكن واليوم الذي يعود فيه السياسي ليقول للناس: لم أستطيع، ولا أستطيع وأنهم لم يمنحوني ما أريد، فهو بذلك يعطي لنفسه شهادة وفاة سياسية يكتبها بنفسه بما يخالف السير العادي للأمور!!