تحليل سياسي مني أركو مناوي قضي حتى الآن أكثر من أربعة أعوام منذ أن وقع فى الخامس من مايو 2006 بالعاصمة النيجرية أبوجا على اتفاق أبوجا لإحلال السلام فى دارفور . و قد تقلد حينها و لذات هذه المدة منصبين هامين للغاية ، أولهما كبيراً لمساعدي الرئيس ، بما جعله الرجل رقم 4 فى هرم الدولة السيادي ،و رئيس السلطة الانتقالية لإقليم دارفور بولاياته الثلاث . وحين ينظر اى مراقب لكل هذه المدة الطويلة نسبياً (4 أعوام) لحركة ظلت هى الأسبق فى العملية السلمية و يجري مقابلة بما حققه مناوي على ارض الواقع ، فهو دون شك يشعر بأن مناوي فى الواقع لم يتحرك اى حراك سياسي فاعل ليفعل شيئاً . كل الذى ظل الرجل يفعله انه يجأر بالشكوي و يسافر الى أنحاء دارفور حيث توجد قواته لأشهر و أسابيع دون أن ينخرط بفاعلية فى قضايا الاقليم الهائلة سواء فى مجال التنمية او المجال الأمني أو المجال السياسي. و فى الشأن السياسي فان السياسي الذى يتذرع بأعذار على شاكلة لم يلتزم الطرف الآخر.. لم يفعل الطرف الآخر.. لم يصغي الى الطرف الآخر.. فهو أبعد ما يكون عن الفعل السياسي لأن السياسة كما عرَّفها الساسة هى فن الممكن ؛ وما أكثر فن الممكن فى بلد كالسودان و فى دارفور على وجه الخصوص ، حيث تزدحم القضايا و المشاكل و تتجلي مهارة السياسي الذكي و الحصيف . لقد أسرف ميناوي فى الخلافات داخل حركته و استأثرت هذه الخلافات بغالب وقته ، حيث تنازع مع قادته و انشق البعض عليه لأسباب تنظيمية لا قيمة لها . كما أسرف الرجل فى المطالبات ليدلل على انه لا يملك الفعل الايجابي و عنصر المبادأة و المبادرة ،وهى عناصر يمتلكها الوطني الغيور على وطنه و على إقليمه . لقد كانت أسوأ صورة شائهة قدمها ميناوي هي فقدانه للصلة السياسية بولاة ولايات دارفور طوال السنوات ا لماضية ، حيث لم يراه أحد يقود عملاً تنموياً او سياسياً على الأرض فى اقليم فيه مجال واسع للعمل و تحفيز من يريد العمل . و كانت آخر هذه الصور الشائهة اتجاهه نحو جوبا عاصمة الجنوب ، ربما اعتقاداً منه ان هناك دولة جنوبية فى الطريق عليه ان يتقرب منها عسي و لعل ان ينال دعمها! و لم يتواني ميناوي من تشجيع انفصال الجنوب بقوله ان الدعوة الطوعية للإنفصال خير من الدعوة القهرية للوحدة ! و أي مؤازرة وتأييد للانفصال اكثر من ذلك ؟ مع ان ميناوي لم يعرف عنه توجهاً انفصالياً و ما ينبغي له قط ذلك من كل النواحي حتى لو أراد . و يبقي من المهم هنا ان نشير إلى ان هذه هى أزمة( الثوار) الذين يحملون السلاح وجعبتهم خالية من الرؤي و الأفكار ؛ فقط غضبوا لأسباب بعينها و قاتلوا و حين تم وضعهم أمام المسئوليات الوطنية و الواجبات لم يتمكنوا من ان يكونوا على مستوي هذه المسئوليات الوطنية.