أياً كان المصير الذي آل إليه ،، أو سيؤول إليه أقدم رجل في الحكم على مستوي المنطقة العربية والإفريقية ((42 عاماً)، ونعني به بالطبع العقيد معمر القذافي، فأنه على أية حال يجازيه الآن شعبه على ما اقترفته يداه طوال سنين حكمه من ممارسات وجرائم لا أول لها ولا آخر بحق جيرانه، وبحق دول عديدة – وحين نقول دول عديدة فإننا نعني مئات الحوادث المفجعة التي ثبت ضلوع القذافي فيها في مناطق وأنحاء عديدة من العالم وهو يعتقد أنه يحسن صنعاً، وانه يدعم حركات تحرر وطنية!! وتبقي لوكربي وحدها كأسطع نموذج لارتكاب الجريمة وإنكارها، ثم العودة والاعتراف بها، والاستسلام الكامل للغرب. لقد حاول القذافي – مع فارق جوهري وأساسي – اقتفاء خطي جمال عبد الناصر في دعم حركات التحرر، والفارق الجوهري وبصرف النظر عن كل شيء هو أن القذافي يرتكب جرائم وتفجيرات ويعبث بأمن بلاد وجيران لا شيء سوى لأنه يملك مالاً طائلاً يعتقد انه هو ماله وحده يتصرف فيه كيف يشاء بداعي المجد والعظمة والسؤدد. وما يهمنا بشأن القذافي هنا في السودان، أنه ما ترك السودان وشأنه مطلقاً، وظل منذ عهد الرئيس الراحل جعفر نميري عدواً لدوداً للسودان وليس فقط لنظام الحكم القائم. والكل يعلم أن القذافي دعم (بالمال والسلاح) حركة الدكتور قرنق في بدايتها ولولاه لما شبت عن الطوق وتمددت،، وظل يهاجم السودان لدرجة إغارة طائرة ليبية في العام 1984م على الإذاعة السودانية في أم درمان في عهد الرئيس نميري نهاراً جهاراً. وحين صرف ما صرف على الحركة الشعبية وفي خاتمة المطاف جنحت إلى السلم، فانه سرعان ما تحول الى دعم الحركات الدارفورية المسلحة، وتشير متابعات (سودان سفاري) إلى أن القذافي صرف ما يجاوز المليار دولار في دعم وتسليح الحركات الدارفورية، وحتى حين كانت هذه الحركات في تشاد فان الداعم الأساسي لها كان هو القذافي وليس الرئيس التشادي إدريس دبي، بل أن الهجوم الفاشل الذي شنته حركة الدكتور خليل إبراهيم في مساء العاشر من مايو 2008 على مدينة أم درمان كان بكامله مقدماً من العقيد القذافي حيث تمكنت السلطات السودانية المحققة من اثبات هذه الحقيقة وفقاً لأدلة قاطعة أغلب الظن أن الرجل لم يكترث لها ظناً منه أن الهجوم ولشدة ما كان مدعوماً بقوة لن يفشل وكان ذلك سبيله للتباهي والتفاخر عقب نجاح الهجوم. ومع ذلك فان الحكومة السودانية وحفاظاً منها فيما يبدو على حسن الجوار لم تشأ الإفاضة والاسترسال في الأمر مع أنها كان بوسعها تصعيده لإلحاق أكبر ضرر بالرجل . عاود القذافي – حتى بعد هذا الجرم المثبت المشهود – دعم الحركات المسلحة مرة أخرى بدليل استخدامه لجزء منها الآن في حماية نظامه وبدليل وجود د. خليل نفسه حتى الآن هناك. لقد عاني السودان من القذافي في الواقع كما لم يعاني من أي جار آخر ولهذا فان السودان دون شك يري أن من الطبيعي أن يقوم شعب القذافي بمعاقبته، والاقتصاص منه، وما من شك أن الدرس هذه المرة أبلغ وأوجع!!