رغماً عن سنوات حكم العقيد القذافي التي قاربت على ال42عاماً الا انه مازال في طور المراهقة السياسية ولم يستخلص الدروس والعبر من ما يجري حوله ومازال يتشبث بحكمه وعند انتقال رياح التغيير العربية الى ليبيا لم يعالج الامور بحنكة ودراية بل انتقم منهم بصورة اعادت للشعب الليبي صوراً من الماضي والتاريخ عندما تكرر ذات المشهد مع زعيمهم الروحي عمر المختار في مواجهة الغزاة الطليان. فما حدث ويحدث بليبيا الآن على ايدي معمر القذافي واذرعه العسكرية تعد جريمة ضد الانسانية متكاملة الاركان ودون اي ثغرات قانونية. ودعونا الآن نعد جرد حساب لنعرف من هو الرابح ومن هو الخاسر من سقوط القذافي. فطبعاً يأتي على قائمة رأس الرابحين الشعب الليبي فأداء القذافي الاقتصادي والسياسي افقر الشعب الليبي رغماً عن خيرات وثروات ليبيا النفطية التي صنفت كرابع منتج للنفط في العالم ورغماً عن ذلك شاهدنا كيف اكتست وجوه الشعب الليبي بالبؤس والفقر. كما ان ملك الملوك والقائد الملهم والقائد العظيم والزعيم وحكيم افريقيا كان يمسك بكل المقاليد والامور في يده في اغرب نظام وادارة دولة في العالم مع ادعائه بانه ليس برئيس دولة ولكنه زعيم ثورة حتى يصبح مخلداً في الحكم ولتعقيد حجته تلك على رؤوس البسطاء قام بتدمير التعليم والمتعلمين في ليبيا. كما قام باسكات معارضيه بصورة بشعة كانت عبرة لمن يعتبر.. واقتصادياً فهنالك فجوة كبيرة بين مستوى دخل الدولة ومستوى دخل الفرد مما اشعر الشعب الليبي انه لا يستفيد من خيرات بلاده. ويدل ذلك على حجم الفساد وسوء استخدام الثروة التي آلت له ولأفراد عائلته حتى بلغت 130 مليار دولار وهي ميزانية 17 دولة افريقية.. ان مرض جنون العظمة الذي اصاب العقيد جعله يشعر بانه مخلص العالم وان اي تغيير يحدث بالعالم لابد ان يكون عن طريقه مما جعله يصبح عراب اي ثورة تمرد تحدث مما اهدر ثروات الشعب الليبي في دعم ثورات التمرد.. وانعكس ذلك اجمالاً في اقتصاده وسياسته الخارجية وكان ذلك في شكل عقوبات من مجلس الامن وحصار تام لفترة طويلة دون ان يكون للشعب ذنب في ذلك.والرابح الثاني من سقوط القذافي هو التضامن والوحدة العربية، فعمالة القذافي للغرب تتضح جلياً في دوره في اضعاف وتفتيت اى اجماع وحدة عربية.. ورأينا وشاهدنا جميعاً كم من اجتماع مفصلي وهم للقمة العربية إلا اجهضه القذافي واجهز عليه بتخريماته وشذوذه السياسي ومرضه النفسي الذي يصور له انه ملك ملوك وشاهدنا كذلك مهاتراته التي تخرج الاجتماع عن مضمونه واهدافه.. حتى انه حاول ان يفرغ الجامعة العربية من مضمونها واهدافها بتبنيه وانشائه منظمة الوحدة الافريقية التي ما قامت الا على فكرة واحدة وهي تدمير جامعة الدول العربية. وكم سمعناه يسخر من الجامعة العربية ومن ادوارها والرابح الثالث من سقوط القذافي هو السودان حكومة وشعباً. فلقد اذاق القذافي بسياساته الرعناء الشعب السوداني. الويل فمرة بتدميره الاذاعة السودانية في عام 1984م ومرة باسترداد مديونيته على نظام نميري واستمرت بما يعرف بقرش الكرامة.. وحتى في العهد الحالي لم ينسَ القذافي دوره في دعم الحركات المسلحة ومن قبلها جون قرنق... فمتمردو دارفور وجدوا الرعاية والدعم التام من قبل القذافي ففتح لهم فنادقه وخزائنه ودعم خليل ابراهيم باكثر من 300 سيارة لاندكروزر وزوده بالأسلحة وكانت الطامة الكبرى هو اعتذار القذافي عن استقبال الرئيس عمر البشير ابان انعقاد القمة الفرانكفونية الأخيرة بطرابلس في حدث فطر قلوب جميع السودانيين. اما الخاسرون من سقوط القذافي فهم كثر مثل الرابحين ويأتي على رؤوس الخاسرين الدول الغربية وحليفتها اسرائيل فعمالة القذافي لا تخطئها عين. وكثير من سياساته وافعاله كانت تصب في مصلحتهم سواء بطريقة مباشرة او غير مباشرة ولكن صمت الغرب عن افعال القذافي الأخيرة وابادته لشعبه اثارت كثيرًا من علامات الاستفهام ولم تتحرك الدول الغربية الا بعد مناشدات كثيرة.. من منظمات المجتمع المدني.. او من الشعب الليبي.. وبدأت منذ الآن كثير من الملفات الحساسة والمؤامرات التي كان يحيكها نظام القذافي في الظهور للعلن ومن ضمنها حقيقة مقتل موسى الصدر المعارض الشيعي وكذلك قضية لوكربي والايام القادمة حبلى بالمفاجآت. نقلاً عن صحيفة الانتباهة 3/3/2011م