تهديد ووعيد يثير الاستغراب ساقه رئيس الكتلة البرلمانية للحركة الشعبية ياسر عرمان بشأن قانون الأمن الوطني الجديد، قيد التداول بالبرلمان السوداني والذي قال عرمان أن كتلته سوف تصوت ضده!! وبالطبع لم يستطيع عرمان القول أن كتلته ومعها بقية كتل التجمع سوف تعمل على إسقاط القانون وبالطبع أيضاً، فإن عرمان لم يقل ذلك لأنه يعلم بحقيقة الأسباب. ولكي نضع الأمور في نصابها، وتتضح جوانب القضية، فان شريكي نيفاشا الحركة والمؤتمر اتفقا اتفاقاً تاماً حول كافة القضايا المتعلقة بقوانين الاستفتاء، الأمن الوطني، المشورة الشعبية. حدث ذلك في الاجتماع الرئاسي الأخير الذي امتد لما يجاوز ال (72) ساعة على نحو شبه متصل ولو كان هنالك أية قضايا عالقة او مختلف عليها بشأن هذه القوانين لما انفضت اجتماعات الرئاسة وعاد نواب الحركة ممارستهم لعملهم داخل البرلمان . وقد شهدنا وشهد الجميع كيف أن كل من أمين عام الحركة باقان اموم والدكتور نافع مساعد الرئيس السوداني تحدثا للصحفيين حديثاً واضحاً موثقاً، بأن كافة القضايا التي كانت محلاً للخلاف بينهما قد تم التوصل بشأنها إلى حلول. وقد كان من البديهي أن كان هنالك أمر لم يتفق عليه أن يقول بذلك أمين عام الحركة، مع علم الحركة التام أن ما تبقي من عمر البرلمان قصير للغاية في ظل استحالة تمديد اجله الذي سينهي في بحر هذا الأسبوع. لهذا، فأن عودة رئيس الكتلة البرلمانية للحركة للحديث عن عدم اتفاقهم حول قانون الأمن الوطني و (التهديد) المضحك حقاً بالتصويت ضده أمر يستوقف أي مراقب . فالتصويت ضد القانون حق مكفول لأي عضو، ولأي كتلة برلمانية في البرلمان لأن البرلمان كما هو معروف هو أوسع الساحات السياسية لإبداء الرأي واتخاذ الرأي واتخاذ المواقف. غير أن عرمان – وهنا تكمن غرابة تصريحاته – أضاف لحديثه عن التصويت ضد القانون استياءً من إجازة القانون دون توافق تام للآراء!! وحاول عرمان – عبثاً – التشبث باتفاقية نيفاشا 2005 التي دعت إلى أهمية صدور القوانين بالتوافق . غير أن صدور القوانين بالتوافق لن يظل قاعدة كبرى تحكم قضايا إجازة القوانين في البرلمان، بحيث تطغي على الطرق القانونية المتعارف عليها برلمانياً لاجازة القوانين، فالقوانين – عادة إنما تجاز بالأغلبية، حيث لأ مجال لرفض إجازة قانون لمشئة عدد قليل من الأعضاء لمجرد أن روح الاتفاقية تدعو لإجازة القوانين بالتوافق. ولم يدلنا عرمان أو غيره عن الوسيلة المثلي للتواصل لعملية التوافق هذه إذا تعذرت، وهل يعني التوافق أن تظل الأغلبية دائماً في خدمة أرضاء الآخرين ولو على حساب المصلحة العليا للبلاد؟ وإذا كانت هذه الأغلبية لا تصلح لإجازة القوانين، فما الداعي إذن لوجودها؟ لماذا رضيت الحركة الشعبية من الأساس بمنح المؤتمر الوطني نسبة 52% ورضيت هي ب 28% من السلطة؟ إن الأمر فيه مغالطة واضحة ومكابرة سياسية عديمة الجدوى ونحن هنا – وبغض النظر عن طبيعة نصوص قانون الأمن الوطني – ننظر إلى مصلحة البلاد العليا، اذ أن ما تقرره الأغلبية والتي تراهن عليها الجميع وسلموا بها هي التي تمضي، ولا التهديد ولا الوعيد يجدي وقد شارفت مراحل الاستحقاق الانتخابي على دخول دائرة الفعل السياسي!