نارالشائعات دائما، ما يمنحها (هشيم) الصمت، فرصة لمزيد من الاشتعال، وقد ظللت اتابع ما يدور فى بعض المواقع الإلكترونية من حديث حول إغتصاب صفية اسحق،وكنت فى غاية الإستغراب إزاء صمت الأجهزة الرسمية تجاه ما دار طيلة الفترة الماضية ، وتيقنت حينها تماما أن غياب الفعل أو الصوت الرسمي من الرواية ،اتاح مساحة، تمددت فيها كثير من المعلومات التى نقلت الحادثة برواية واحدة وزادت الموقف تأزماً. والبلاغ سادتي، يتلخص فى أن الناشطة صفية اسحق قالت إنها أُغتصبت بواسطة بعض أفراد الأمن ، وما يهمنا فى الأمر هو أن الشرطة وتأكيداً لحيادها ومهنيتها، حولت البلاغ إلى النيابة للتحري وكشف ما ترى أنه ملابسات لازمت البلاغ، وتناقضات انتظمت إفادات صفية. القضية دخلت النيابة الآن، وحتى تكتمل الصورة التى زادتها تأكيدات الشرطة غموضاً، سننتظر لأن مثل هذه القضايا تفرض على كل من يتناولها أن يتعامل معها بحساسية كبيرة، خاصة وأن الحقائق مازالت قيد البحث والتحري، فالشرطة تتحدث عن ملابسات تؤكد فيها تضارب أقوال صفية، ولا أعتقد أن هذا دورها فى الوقت الراهن، لأن التحريات كفيلة بالتوصل إلى نتائج تعطي كل ذى حق حقه. ما قالت صفية أنها تعرضت اليه مسلك لن يجد القبول من أحد إلاّ من كان فى نفسه مرض، ولا أظن أن الذين يتصدون لما تأتي به الأخبار فى بعض المواقع الإلكترونية، يباركون هذا الفعل بقدر ما ينفون ويشككون فى الروايات المتلاحقة التى أخضعت البلاغ- للأسف- الى (التوظيف السياسي) غير الرشيد ، وقد نبهت غير مرة إلى أن المواجهات السياسية تفسد هيبة المنطق، وتضعف سلطة القانون، وتصرفنا حكومة ومعارضة ومجتمعاً، عن تدبر حالنا فى كثير من القضايا التى دائما تتحول إلى حجارة للتراشق السياسي. لن يسامح الحكومة أحدٌ إذا قصَّرت فى التحري، والتحقيق، وتوقيع أقصى العقوبات إن صح أن بعض منسوبي أجهزتها اقترفوا مثل هذا الإثم، ولابد أن يكون هنالك تنوير للرأي العام فى مثل هذه القضايا التى تضع الأجهزة الرسمية فى (قفص الإتهام)، فسقف محاسبة الفساد الذى فتحه الرئيس عمر البشير يستوعب أعمال القوة الرادعة، لكل فعل مخالف للدين والأخلاق والضمير،وبذات القدر فإن المعارضة مواجهة بخطر السقوط فى فخ (التهريج) إذا استمرت فى التعامل مع (صفية)- بإلغاء اعتبارات مهمة- كوقود لتحريك الشارع ، لحظتها ستموت القضية فى ميدان المواجهة السياسية وسيتفرغ دمها بين الأجندة لأن محاولات إحراج الحكومة فيما قرأت، كانت أكبر من الحرص على تثبيت الواقعة، وتعرية المتورطين، والإقتصاص منهم، ومحاكمة القوانين حول ما إذا كانت توفر حماية للآثمين أم تضعهم أمام مقصلة القانون. أخطر ما قاله مدير شرطة الخرطوم، أن صفية حاولت إستغلال بعض المواقع لتشويه صورة الأجهزة الأمنية، واشارته إلى أن التقرير الطبي لا يؤكد وجود آثار للإغتصاب خلال الفترة التى ذكرتها، وتنبيهه الى وجود تضارب فى افادات صفية حول الحادثة.. ومثل هذه الحيثيات تعيدنا مرة أخرى الى دائرة التحذير من إستخدام قنابل السياسة الحارقة فى قضايا، من المفيد جدا للمجتمع أن تمضي فى مسارها القانوني، حتى ترسي سوابق رادعة فى محاكمة كل من تسول له نفسه إستغلال القانون لإرتكاب جريمة، أو من يدلي كذلك بمعلومات كاذبة هدفها الإحراج السياسي، على كل سننتظر ما تسفر عنه التحقيقات وحينها سيكون لكل حادثة حديث. نقلاعن الراي العام 9/3/2011