خاص/ سودان سفاري يجمع العديد من المراقبين و المحللين الاستراتيجيين والعسكريين ان مثلث أبيي المتنازع عليه بين الشمال والجنوب و الذى دارت فيه مؤخراً معارك ضارية تسبب فيها- بإجماع المتابعين - الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية ، يجمعون على ان المنطقة تبدو مرشحة فى المستقبل لاندلاع حرب محتملة بين الشطرين؛ ذلك على الرغم من تأكيدات ظلت تؤكد عليها الحركة الشعبية على وجه الخصوص على أنها لا تزمع مطلقاً العودة للحرب . و الواقع ان الحركة الشعبية - بحسابات إستراتيجية دقيقة- هى بالفعل لا تستطيع العودة الى الحرب ، سواء لكونها باتت مسئولة عن دولة فى طور التأسيس و ستخسر كثيراً جداً إذا بدأت تأسيسها بحرب ، أو لأن الأوضاع الأمنية الشديدة التردي فى الجنوب من تمرد عسكري ونذر حرب أهلية تكفيها و لا تحتمل عليها مزيداً . غير انه و على الرغم من ذلك فان من الملاحظ ان الحركة الشعبية ظلت و طوال الفترة الماضية تقف موقفاً متصلباً إزاء إمكانية الحل فى أبيي ،فهي دائماً تصر على (أخذها بالكامل) و ترفض اى عرض سياسي وسط ، غير مبالية بطبيعة نسيج المنطقة و طبيعة موقعها الجغرافي ، بل إنّ خطأ الحركة الشعبية المميت فى هذا الصدد أنها تتجاهل كون ان المنطقة- جغرافياً - ليست بحال من الأحوال جزءً من الاقليم الجنوبي وإنما جزء من كردفان ، الفارق الوحيد ان المقيمين فيها (دينكا نقوك) هم من الجنوب ويعتقدون ان إقامتهم فى المنطقة دائمة ومن ثم يحق لهم وضع يدهم عليها و ضمها للجنوب فى مقابل الحراك الدائم لقبائل المسيرية كقبائل رعوية كثيرة الترحال . ان اعتقاد الحركة الشعبية أنها لابد أن تأخذ المنطقة بالكامل – بشتي السبل – هو المؤشر الكبير على أنها تعد العدة لخوض حرب رغم إنها كما أسلفنا لا تستطيع عملياً خوض حرب كهذه فى ظل ظروف دولتها الوليدة المضطربة. وإذا قلنا ان عامل النفط الذى ربما يضع أصدقاء الحركة الأمريكيين أعينهم عليه لكون ان المنطقة - بحسب مزاعم ظلت تتردد لسنوات- غنية بالنفط، فان أقصي ما يدفع الحركة لنزع المنطقة لصالحها بالإضافة الى التحريض الأمريكي بشأن النفط هو انتماء عدد من قادة الحركة للمنطقة وتأثيرهم الشديد داخل الحركة دفعها بهذا الاتجاه . وقد شهدنا كيف ان القيادي دينق ألور (أحد أبناء منطقة ابيي فى الحركة ) سبق و ان صرح بأن الجيش الشعبي كان قد أكمل استعداه لاحتلال المنطقة – قبل أشهر – ولكن زعيم الحركة أوقف العملية، الى حين ! إذن من الواضح ان الحركة الشعبية عازمة على أخذ المنطقة عنوة لأنها من المستحيل بالطبع ان تأخذها فى إطار تفاوض و لهذا لاحظنا أنها من حين لآخر ظلت تقدم عروضاً للشمال الهدف منها إغراؤه لترك أبيي لها ، تارة يقول أمينها العام أنهم سيقدمون تنازلات كبيرة فيما يخص القضايا العالقة ، وتارة يقول – وهذا آخر ما قاله – إنهم سوف يعملون على إعفاء السودان من كافة ديونه! كلها عروض الهدف منها أخذ أبيي ، وفى كل الأحوال يبدو الأمر شائكاً ولا مفر من إعمال نصوص نيفاشا التى تريد الحركة تجاوزها و الالتفاف عليها !