تحليل سياسي إجمالاً يمكن القول ان المتمردين الدارفوريين الثلاثة ، خليل و مناوي و عبد الواحد أفضت بهم الظروف السياسية الراهنة و المتغيرات التى فشلوا فى التعامل معها بذكاء و مهارة الى مصير مشترك مؤسف ، بل مخزي الى أبعد الحدود . فبالنسبة لدكتور خليل ، فان الرجل إنحشرت (رجله السياسية) فى الموقد الليبي المشتعل ، حيث كان يعتقد حين ذهب الى طرابلس ان الدعم و السند و القدرة على الفعل فرصها أوسع هناك، فنظام العقيد القذافي كما يعلم خليل و يعلم الجميع هو الممول الأساسي للعمل المسلح فى دارفور ، وحتي حين كان خليل يأوي الى تشاد – قبل سنوات – فان الدعم كان يأتيه رغداً من هناك ، و توفر له تشاد القاعدة للإنطلاق. الدكتور خليل وجد نفسه الآن فى مأزق غير منتظر، فنظام القائد الاممي على أحسن الفروض – وحتى ولو نجح فى البقاء – فهو صار نظاماً مديناً، دائنه العالم بأسره ، ومن الصعب ان يفلت قادته من العقاب الدولي ، وقد بدأت العقوبات تنهمر عليه وتلفّه العزلة السياسية الدولية ، أما من الناحية الواقعية الحتمية فهو آيل للسقوط ولو بعد حين ، والمشكلة هنا بالنسبة لخليل ذات شقين، إذا بقي النظام و صمد فهو مقيد دولياً ولن يتاح لدكتور خليل ما كان متاحاً له من قبل , ويصبح بقاؤه فى طرابلس أفضل من الجحيم ، وإذا ترجل النظام – و هذا هو الأرجح – فان الدكتور خليل ستضيق به الدنيا بما رحبت ، فضلاً عن أن اتهامات دولية ربما تطاره - بعد انجلاء الموقف - كونه ربما شارك فى عمليات القمع هناك . أما بالنسبة لمناوي فقد أصبح تائهاً و لم تقبل به بريطانيا (لاجئاً سياسياً) و طردته حكومة الجنوب السوداني بلطف ودبلوماسية نادرة، وتعافه كمبالا كونه ضعيف وغامض وليس لديه وجود على ارض دارفور ، ولا يطيقه خليل رغم ان رباط الدم يربطهما كونهما من إثنية الزغاوة وقد سبق لخليل أن وجه إليه ضربات موجعة فى مهاجرية بجنوب دارفور و كاد ان يقضي عليه لولا تدخل الجيش السوداني. و اخيراً فان عبد الواحد لا يزال حتى هذه اللحظة يتلقي الضربات من الجيش السوداني فى معاقله المعروفة فى شمال دارفور و فى جبل مرة، وهو حتماً على الارض الى زوال عاجلاً أم آجلاً وبدأت فرنسا تفك رباطها عنه و تعاف نفسه ايضاً التحالف مع مناوي من جديد ، فضلاً عن استحالة التقائه سياسياً مع خليل للتقاطع البائن فى كل شئ . و هكذا فان القادة الثلاثة يختلفون كل عن الآخر بحيث يستحيل عليهم الالتقاء ، وفى نفس الوقت يجمعهم مصير واحد مشترك ، كونهم فقدوا السند الخارجي الذى عولوا عليه متجاهلين السند الداخلي فى دارفور ، ولهذا فان من المحتم ان ساعة النهاية والتلاشي و الغياب القسري عن المسرح تبدو قد دنت ، ولم يتبق سوي إقرارهم فرادي أو مجتمعين بأنهم خرجوا من اللعبة عملياً !