بعد الإنقاذ وبعد أشهر معلومات في سجن كوبر وخرج مولانا الميرغني من السودان يتأبط جواز سفر رسمي .. الميرغني أقنع منفذي الانقلاب العسكري أنه بصدد طلب العلاج في الخارج .. هبط مولانا مصر ونشط في جمع الصفوف لاستعادة الديمقراطية .. أصبح رئيساً للتجمع الوطني وقائداً أعلي لقوات الفتح .. في أسمرا وبعد أن تسلم مفاتيح السفارة السودانية رفع السيد الميرغني الشعار الأشهر (سلم مفاتيح البلد تسلم) . بعد توقيع اتفاق السلام الشامل في العام 2005م، عادت كوادر الحزب الكبير إلى السودان .. بعضها يشعر بالغضب لأن الحركة الشعبية صالحت الخرطوم من وراء ظهره .. وفريق من المعارضة يري أن هامش الحرية الذي صنعته المصالحة التاريخية يمكن المعارضة من العمل وسط جماهيرها. ولكن مولانا استعصم بالبعد عن قواعده الوفية .. استلطف إدارة حزبه من وراء الحدود وعبر (الريموت كنترول) .. هذه الفكرة جمدت مفاصل الحركة في حزب الوسط .. جعلت بعض القيادات تصمت على فعل السيد أكراها.. وبعضهم خرج من الحزب الكبير .. لاذ محمد المعتصم حاكم بالحركة الشعبية ... أصبح فتح الرحمن شيلا ناطقاً باسم الحزب الحاكم .. كل ذلك ومولانا ساكن كجبل توتيل لا تهزه رياح التغيير. الموت يختار الجياد الأصيلة .. يمضي الرئيس احمد الميرغني الى رحاب الله .. احمد الملك اختار أن يكون بين أهله حتى وافاه الأجل المحتوم .. الفاجعة تجبر السيد محمد عثمان الميرغني لاختيار العودة .. يعود مولانا وبعدها يفاجأ بمعركة الانتخابات.. في هذه المعركة يفقد مولانا البوصلة .. حينا يحدد مرشحاً للرئاسة .. ثم يسحبه لبعض الوقت .. ثم يعيده مرة أخرى .. النتيجة المتوقعة لهذا التخبط كان الفشل الذريع .. ومولانا يسأل في براءة تحمل استنكاراً عن الجماهير التي أحسنت استقباله في كسلا (الناس دي مشت وين يمكن شال القاش). ثم يختار مولانا الغياب مرة أخرى .. وقبل الرحيل الذي سبق العيد الكبير.. يسجل الميرغني زيارة خاصة لاثنين من رموز الإنقاذ .. يتوقف في بيت المستشار إبراهيم أحمد عمر ثم يمضي الى دار الفريق قوش الذي سأله (الفاتحة) قبيل الانتخابات .. الزيارة الخاصة لم تشمل رفيق النضال الإمام الصادق المهدي .. ولم يتذكر مولانا أن يلقي التحايا الطيبات على الأستاذ محمد إبراهيم نقد. في موسم الثورات يلتقي مولانا بمقر إقامته بمكة المكرمة بوفد من الحزب الحاكم في السودان .. مولانا والبروفيسور إبراهيم أحمد عمر يوقعان اتفاقاً مبدئياً يفضي في النهاية لاقتسام السلطة .. وفي نهاية الجلسات يهمس مولانا في أذن زائره عن ذاك الملف المهم ملف التعويضات. الآن يعود مولانا الى أرض الوطن .. يعود لحضور عقد قران نجله المحجوب .. ويختار مولانا الرابع من ابريل حتى لا يجرح خاطر حلفائه الجدد في الخرطوم بذكري السادس من أبريل .. مولانا مواطن سوداني حر في غيابه ورحيله .. ولكنه يصرح أنه اختار الغياب حتى لا يشهد فاجعة الانفصال. الحقيقة أن الميرغني غاب لأسباب خاصة وعاد في مناسبة أسرية خاصة .. سيعود بعدها الى منفاه الاختياري .. مولانا أدرك حقيقة واحدة أن ابتزاز هذه الحكومة يكون أيسر من خارج الحدود. نقلاً عن صحيفة التيار 10/4/2011م