كل الذي تراهن عليه الحركة في المنافسة الانتخابية الحادة في ولاية جنوب كردفان أنها – مستخدمة حق المشورة الشعبية – سوف تتمكن من خلق شيء وواقع جديد لنفسها هناك يعوضها فشلها في مشروع السودان الجديد، وفشلها في تسويق قطاع شمالها في الشمال! وقد بدا ذلك واضحاً في تصريحات أدلي بها الدكتور عبد الله تية القيادي بالحركة التي قال فيها (المشورة الشعبية تمثل الفرصة الوحيدة لتحقيق الطموحات)! ولعل هذا التصريح على وجه الخصوص يجسد أزمة الحركة في جنوب كردفان، فقد بدا للحركة أن كل ما عليها أن تفعله هو أن تنجح في حكم الولاية ومن ثم تستخدم المشورة الشعبية للالتصاق سياسياً بجنوب السودان مبتعدة عن الشمال.وهو مفهوم وعوضاً عن سذاجته البالغة غير مطابق للواقع البتة. فالمشورة الشعبية في أضخم صورة لها وفي حدها الأقصى لا تتجاوز إطار نيفاشا، وهل لبت الاتفاقية طموحات أهل المنطقة أم لا، وإذا ما لم يحدث ذلك فما هي الوسيلة المثلي لتلبية هذه الطموحات – في إطار الشمال وفي حدود الدستور . أما تطبيق نموذج السودان الجديد، وجعل الولاية (جزء سياسي) من الجنوب فهذا أمر – لكي لا يخادع الساسة هناك أنفسهم – هو المستحيل بعينه. ولعل مواطني جنوب كردفان من الوعي والإدراك بحيث يدركون خطر الفكرة وعدم واقعيتها اذ أن كردفان جزء لا يتجزأ من شمال السودان واثنية النوبة ليست وحدها هناك بل ليست هي الغالبة خاصة في ظل القرار كان قد قضي عقب نيفاشا بتذويب ولاية غرب كردفان المجاورة للولاية – وجنوب السودان في الوقت الراهن وفي المستقبل القريب موعود بصراعات أثنية وحروب طاحنة بدأت ملامحها حالياً في الأفق، وهو صراع قاد لفرار الآلاف من هناك ولجوؤهم للمناطق القريبة المجاورة هرباً من جحيم النيران المستعرة. كيف لولاية في الشمال، بعيدة عن هذا الجحيم الأثني ترضي لنفسها بان تصبح جزءاً من حريق؟ أن مرشح الحركة الشعبية في الولاية بمراهنته على هذا البرنامج واعتقاده الخاطئ بأن تسويق فكرة الحركة بهذه الصورة سعياً للانفكاك من المشال هو الذي سوف يحمله – على الأعناق – لحكم الولاية يبدو مخطئاً ، شديد السذاجة غير محيط بطبيعة المنطقة ومستقبلها.