يبدو واضحا من السياق العام للأحداث التي جرت في جنوب كردفان –محلية رشاد ،وأم الفيض في الثالث عشر من ابريل الجاري وما نجم عنها من سقوط ضحايا جراء المواجهات القبلية التي جرت ،أنها أحداث وثيقة الصلة بالتكتيك الذي تزمع الحركة الشعبية اللعب به في مواجهة الانتخابات –الحادة التنافس –المنتظر ان نجري مطلع مايو المقبل .فقد بدأت الحركة الشعبية تستيقن –بناءٍ علي مؤشرات واضحة علي الأرض –ان حظوظها في الفوز في حالة تراجع ،وان هناك صعوبة جَّمة ان يتمكن مرشحها الفريق عبد العزيز الحلو –مهما كانت قوة قاعدته الجماهيرية –في تسجيل اختراق في مواجهة المرشحين الآخرين مرشح الوطني احمد هارون ،والمرشح المستغل –ذي الخصوصية الجماهيرية الخاصة –اللواء تلفون كوكو .هذا اليقين من جانب الحركة جعلها تهدِّد منذ الآن بعدم الاعتراف بالنتيجة !!وجعل مرشحها يهدِّد في لقاء جماهيري موثق بالعودة الي الحرب !إذن من الطبيعي إزاء ذلك ان ينصرف كل ذهن الحركة –منذ الآن –في إيجاد وسيلة تعكر صفو العملية سواء عبر الأحداث العنيفة ذات الطابع القبلي توطئة لنزع استقرار المنطقة ومن ثم تأجيل العملية ،أو عبر إعطاء طابع سيئ عن العملية يجعل نتيجتها موضع جدل وشكوك !ذلك ان الحركة الشعبية ارتكبت خطأً كبيرا حيث أوحت للجميع لن معركة انتخابات جنوب كردفان بالنسبة لها معركة مفصلية وهي (أخر ما تبقي لها )في الشمال وأخر ما يربطها جغرافيا وسياسياً به . وأخطأت الحركة أيضا حين استهانت ببقية المرشحين معتمدة فقط علي ان اهل المنطقة –أثنية النوبة علي وجه الخصوص –لا خيار لهم سوي تأييداً اعمي متناسين بقية قبائل المنطقة من مسيرية وقبائل عربية وافريقية أخرى. ان المأزق الحقيقي للحركة الشعبية الآن في جنوب كردفان ليس فقط في محدودية فكرتها ومن ثم محدودية قدراتها ومهاراتها في دخول حلبة المنافسات الانتخابية ولكن الآمر أسوأ من ذلك بكثير فسواء في انتخابات ابريل 2010التي جرت في السودان عامة او في استفتاء جنوب السودان في يناير 2011فان الاعتماد الرئيسي للحركة في هذا العمل الديمقراطي كان علي وسائل غير ديمقراطيه وغير شفافة بعيدة كل البُعد عن النزاهة وكلنا يذكر كيف سيطر الجيش الشعبي علي صناديق الاقتراع وقام من ثم يحشوها بالبطاقات والطريقة (غير نزيهة )التي كانت تتم بها عملية الاقتراع نفسه .لقد كان واضحا حينها ان تطبيق النموذج الديمقراطي الصحيح والسليم المتعارف عليه دوليا مستحيلا وقد طلب زعيم الحركة نفسه من المجتمع الدولي في نيويورك قبل تلك الانتخابات الا ينظر الي العملية من منظور معاييرها الدولية !!ذات الشيء تكرر في الاستفتاء وفي العمليتين تلك –فان أحداً من الذين راقبوها من الداخل او من الخارج لم يستطع التعليق علي عدم نزاهتها .الكل تجاوزها واضعا في الاعتبار مفهوم قادة الجنوب وظروفهم .الان تخوض الحركة انتخابات جنوب كردفان بذات الذهنية ولهذا فوجئت وأصابها الفزع حين تأكد لها ان المنافسة خطيرة والعملية محاطة بسياج نزاهة قوي والمنافسين أشداء وخطرين عليها