قالت الحكومة المصرية أنها تدرس بجدية الانضمام لميثاق روما المنشئ لمحكمة الجنايات الدولية. وزير الخارجية المصري بنيل العرب يقال بعد اجتماع جمعة – الثلاثاء الماضية – بنظيره الألماني (غيدو فستر فيلي) ان بلاده شرعت بالفعل في الإجراءات الخاصة بالانضمام للمحكمة. وفي وقت لاحق علي تصريحات الوزير المصري قال السفير محمود عزت مدير الإدارة القضائية بالخارجية المصرية حال انضمامها للاتفاقية وباستطاعته زيارة مصر متي ما أراد دون أن يتعرض له أحد. ويرجح المراقبون أن يكون توجه الحكومة المصرية نحو الانضمام لميثاق روما مرده إلي الزيارة التي سبق وأن قام بها مدعي عام محكمة الجنايات الدولية لويس أوكامبو إلي القاهرة عقب سقوط نظام الرئيس مبارك وإجراؤه مباحثات مع الجانب المصري حول أهمية انضمام مصر إلي الميثاق وهي الزيارة الأولي لأوكامبو إلي القاهرة ويري العديد من المحللين في هذا المنحي أن أوكامبو (استغل) ظروف الثورة المصرية وضغط علي الجانب المصري بان من الصعب أن تتدخل المحكمة لملاحقة من ارتكبوا جرائم ضد المتظاهرين إذا لن تنضم مصر إلي الميثاق الأساسي. غير أن الخبير بمركز الأهرام للقضايا الإستراتيجية والمتخصص في الشأن السوداني (هاني رسلان) علق علي الخطوة المصرية واصفاً إياها بأنها متعجلة, وان القرار نابع من وزير الخارجية المصري نبيل العربي الذي وصفه بأنه متعطش لوضع بصمة شخصية له في تولية للوزارة وأبان (رسلان) ان الجنائية ظلت تتصرف علي نحو غير موضوعي منذ إنشائها وتستخدم كاداه سياسية لتنفيذ أجندات لقوي دولية, وهي بهذا الصدد اتصفت بانتقائية ذميمة. وما من شك أن القاهرة لها مطلق الحق في فعل ما تشاء وانضمامها للجنائية حق مكفول لها بحسب تقديراتها, ولكن لم يكن أمراً مستساغاً مطلقا – والبلدين (القاهرة والخرطوم) يصنعان لبنة جديدة قوية لعلاقات إستراتيجية أقوي بينهما أن يكون كل اهتمام الجانب المصري بأن البشير إذا زار القاهرة سوف يكون في مأمن!! هذه الإشارة – للأسف الشديد – لا تبدو مستساغة لا سياسياً ولا دبلوماسياً ولا حتي بالنظر لطبيعة علاقات البلدين فالبشير زار العديد من البلدان الإفريقية والعربية منذ صدور مذكرة الجنائية, دون أن يخالجه خوف من أي شئ ودون أن تتكبد الدول التي زارها مشقة التطمين هذه . الأمر الأخر المؤسف أن مصر التي قال قادتها الجدد أنهم سيتجهون نحو إعادة مكانتها الإقليمية تبدو ماضية (عكس الريح) لأن غالبية الدول الإفريقية في المنطقة بدأت تفكر بجدية في الخروج من ميثاق المحكمة ليس تعاطفا مع السودان ولكن لثبوت أن المحكمة هي بالفعل ذات طابع عنصري انتقائي, وأن مدعيها العام مجرد سياسي متواضع يلبس لبوس القانون. وعلي أية حال فان الخطوة المصرية لا تبدو موفقة بمستوي التغيير الكبير الذي حدث هناك ووجد دعماً ومساندة من السودان!!