تحليل سياسي عقب العدوان المؤسف الذى شنته عناصر من الجيش الشعبي مستهدفة القوات المسلحة الحكومية و سيارات تابعة للأم المتحدة - الخميس الماضي- بمنطقة أبيي بجنوب كردفان ، فقد اضطر الجيش السوداني لإعلان المنطقة منطقة حرب . وقال المتحدث باسمه - الجمعة الماضية- ان العدوان لم يدع فرصة لجيش السوداني للتعامل السلمي ، فقد كان عملاً عدوانياً مقصوداً غير مبرر على الإطلاق . الأممالمتحدة من جانبها، وإثر استدعاء الخارجية السودانية لممثل أمينها العام بالسودان (هايلي منكريوس) استنكرت الحادثة و أدانتها. و مع كونها هى نفسها كانت هدفاً لما جري و ضحية، فإنها – للأسف الشديد – لم تتخذ موقفاً صارماً حيال الحادثة ولم ينعقد مجلس الأمن – على نحو طارئ – ليدين الطرف البادئ بالعدوان إذ مما لا شك فيه أن العدوان لم يكن له من مبرر فى ظل الاتفاقات المبرمة و محترمة فى هذا الصدد . واشنطن من جانها وصفت ما وصفتها بأعمال العنف الجارية هناك لكنها- و كما فعلت المنظمة الدولية- لم تدن الطرف المعتدي ولم تتحدث عن ضرورة ردع المعتدي . الحركة الشعبية هى الاخري تمسكت فقط بأسباب واهية بزعمها أن القوات المعتدية هى قوات مجهولة! فقد أكد الجيش السوداني و هو بالطبع حاضر و موجود بالمنطقة بقوة إن المعتدين هم عناصر من الجيش الشعبي . ولعل أكثر ما يؤسف له فى هذا الصدد افتقار الحركة الشعبية حتى للحد الأدنى من (الشجاعة السياسية) لتحمل تبعات هجوم سافر كهذا لا مبرر له، فلو ان الحركة الشعبية تحلت بالقدر القليل من الشجاعة و أقرت بالعدوان لاحترمناها فى ظل علم الجميع باستحالة وجود(قوة ثالثة) فى منطقة ابيي من مصلحتها استعداء الجيش السوداني . إن من المؤكد كما أوضحت قيادة الجيش السوداني إن العدوان ارتكبته الحركة الشعبية و هو أمر لا يبدوان الجيش السوداني يبحث عن (أدلة مادية) ليقدمها للمجتمع الدولي بشأنه وإنما سيتخذ من التدابير كما قال بذلك ما يردع الطرف المعتدي حاضراً و مستقبلاً ، والواقع ان مؤشرات تورط الحركة الشعبية فى الهجوم لا تحصي ولا تعد فسواء بالنظر الى القوات التى ظلت تنقلها الحركة من الجنوب الى المنطقة فى زي الشرطة، أو بالنظر الى تصريحات قادة الحركة خاصة أبناء أبيي أمثال دينق ألور و لوكا بيونق ، فان واحدة من الخطط المعتمدة لدي الحركة الشعبة هو السيطرة على أبيي و اجتياحها لفرض الأمر الواقع . ومن الصعب تصديق ان المجتمع الدولي غافل عن هذه الخطط او غير مدرك لها ، بل إن المجتمع الدولي- حالياً - يبدو كمن صرف النظر تماماً عن جوهر النزاع و يركز فقط على التوتر الأمني . جوهر النزاع هو ضرورة إجراء الاستفتاء الخاص بالمنطقة لتحديد تبعيتها فالمنطقة تقع فى الشمال وليس هناك أدني شك من كونها جزء من كردفان ولكن وجود اثنية دينكا نقوك فيها فرضت ضرورة إجراء استفتاء لحسم المسألة قانونياً . لو أن المجتمع الدولي حريص على السلام فى المنطقة و حريص على حل الأزمة سلمياً فان عليه التركيز على قضية الاستفتاء . أما حديثه عن ضبط النفس واستخدام العبارات المطاطية فهذه لن تكون مجدية بحال من الأحوال فى ظل دوران عجلة الحرب !