اذا كان صحيحاً، أن الحركة الشعبية تتلقى (مليار دولار سنوياً) من الولاياتالمتحدة لدعم البنى التحتية في الاقليم الجنوبي (صحة, تعليم، أمن) توطئة لانشاء الدولة الجنوبية الوليدة، لتولد (بأسنانها) كما بدأ من تصريحات ممثل الحركة في واشنطن (لول جاتكوث) التي لم تتصد لها قيادة الحركة حتى الآن بالنفي أو التبرير مقنعاً كان أم غير مقنع، فإن اضافة هذا المبلغ لمبلغ (8 مليار دولار) هي حصيلة ما وصل بالفعل الى يد الحركة من الحكومة المركزية عبارة عن عائدات النفط طوال الأربعة أعوام المنصرمة لا يثير فقط التساؤل المشروع والمُلح عن أين مضى هذا المبلغ وفي أي (بحر لجيُّ ُ ذاب)، وماذا أنجزت به الحركة في عاصمة الجنوب جوبا وحدها – دعك من بقية أنحاء الجنوب، وإنما يثير التساؤل أيضاً، حول طبيعة الأهداف التي تسعى لتحقيقها الحركة الشعبية سواء عبر حكمها للجنوب بصورة شبه منفردة أو تطلعها للمشاركة أو الانفراد بحكم السودان، ذلك أن أكثر ما ظل يتحجج به قادة الحركة باستمرار بل لا يزالوا يتحججون به أن الشمال – هكذا على إطلاقه وربما يقصدون الخرطوم كونها هي الحكومة المركزية الحاكمة في السودان – لم يفعلوا شيئاً لجعل الوحدة جاذبة!! ومع أن قادة الحركة لديهم اعتقاد خاطئ لم نجد له أي أساس لا في نصوص اتفاق نيفاشا ولا في روح هذا الاتفاق أن قضية جعل الوحدة جاذبة قضية يتحملها الشمال العريض، إلا أن السؤال الذي لم يسأله أحد لقادة الحركة ولا يملكون له اجابة هم، اذا كان الشمال – فرضاً – أخفق في فعل ما يستوجب الوحدة ويجعلها جاذبة، لماذا لم تفعل الحركة من جانبها شيئاً – وهي بهذا القدر من الثراء المالي، (8) مليار دولار مضافاً لها 1 مليار دولار سنوياً يأتيها رغداً من واشنطن – لصالح الجنوب ولمواطن الجنوب على الأقل لجعل الجنوب وحده جاذباً؟ فقد عانى الاقليم ولا يزال يعاني من تردي الأوضاع المعيشية (المجاعات) ونقص بل وغياب الخدمات ولم نشهد طوال هذه الأعوام قص شريط لافتتاح مستشفيات وجامعات ومدارس!، لم نشهد قيام محطات كهرباء وتنقية مياه، ولم نشهد انشاء أقسام للشرطة المدربة القادرة على تنفيذ القانون مع أن وزارة الداخلية المركزية في الخرطوم (أبوابها مفتوحة على مصراعيها) للتدريب والمشورة، وتقديم الدعم الفني والمادي حتى؟! ان من الغريب حقاً أن (يتبدّد) مبلغ مهول كهذا تحت مزاعم تقوية الجيش وتسليحه في الوقت الذي عجز فيه هذا الجيش (الأسطورة) عن كبح جماح جيش الرب وهجماته واحتواء الصراعات القبلية والحد من انتشار السلاح وسط المواطنين! إن الدولة الجنوبية المرتقبة والمرسومة ملامحها في ذهن قادة الحركة هي دولة فارغة المحتوى (خدمياً وأمنياً)، تريد الحركة أن تجعل منها الكنغو أخرى أو رواندا، حيث يذهب المال الى حسابات القادة وجيوبهم (الخلفية) ويعاني المواطنون من المصائب والمصاعب والعوز!.