ألح وزير الخارجية السوري وليد المعلم، على دعوة معارضة الداخل والخارج لحضور مؤتمر الحوار الوطني بهدف المشاركة في صنع مستقبل البلاد من دون الاكتفاء بالجلوس خارج قاعة الحوار والتحريض على التظاهر والفتن بما يخدم أعداء سورية. ولم يستبعد رئيس الديبلوماسية السورية في مؤتمر صحافي عقده أمس في دمشق، مشاركة حركة «الإخوان المسلمين» المحظورة في مؤتمر الحوار، وقال ردا على سؤال ل«الراي» إن «كل السوريين مدعوين للمشاركة وإذا اختاروا من يشارك فليأتي، ولكن هناك لجنة تحضيرية لهذا الحوار الوطني ستضع الأسس الكاملة له بمشاركة نحو 100 عضو، وهذا المؤتمر التحضيري هو الذي سيقرر آليات المؤتمر الوطني والمشاركين وكل شيء، وحتى الآن لا أستطيع أن أجيب عن سؤالك تجاه توجيه الدعوة لمشاركة الإخوان المسلمين في مؤتمر الحوار الوطني». وحمل وزير الخارجية، المعارضة مسؤولية العنف الذي تشهده المدن السورية ويسقط ضحيته مدنيين وعسكريين، وفي إطار رده على سؤال آخر ل«الراي» حول اشتراط المعارضة للمشاركة في مؤتمر الحوار وقف التعامل بالأسلوب الأمني مع الأزمة وسحب الجيش مسبقا من المدن، قال المعلم: إذا كانوا يطالبون بوقف العنف فليوقفوا العنف، وأؤكد أنه لا توجد حكومة في العالم ولا يوجد جيش في العالم يستدعي العنف ضد شعبه، وإذا كانوا حريصين على عدم العنف فليوقفوا العنف». وأطلق المعلم، مجموعة من المواقف التي بدا منها أنها كانت للرد على الانتقادات الخارجية خصوصا منها الغربية والتركية على كلمة الرئيس بشار الأسد الأخيرة قبل يومين، فذهب إلى حد اعتبار العقوبات الأوروبية «التي تستهدف لقمة العيش للمواطن السوري على أنها توازي الحرب»، وأنه كوزير الخارجية «سأوصي قيادتي بتجميد عضويتنا في الاتحاد من أجل المتوسط وكنا جمدنا حوارنا من أجل الشراكة الأوروبية، وسننسى أن هناك أوروبا على الخارطة وسنتجه شرقا وجنوبا وبكل اتجاه يمد يده لسورية، فالعالم ليس أوروبا فقط، وسورية ستصمد كما صمدت 2003، وكما كسرت العزلة آنذاك هي قادرة اليوم على تخطي هذا الوضع». وطالب المعلم، الأصدقاء وخصوصا تركيا «الذين سمعوا خطاب الأسد وأداروا ظهرهم بأن يعيدوا النظر في موقفهم، ونحن حريصون على أفضل العلاقات مع الجارة التركية ولدينا أكثر 850 كيلومترا من الحدود المشتركة نؤثر ويؤثرون عليها ولا نريد أن نهدم سنوات من الجهد الذي قاده الأسد لإقامة علاقة مميزة إستراتيجية مع تركيا». وحاول المعلم المحافظة على لغة رصينة في ما يتعلق والانتقادات التي وجهتها القيادة التركية لسورية وقيادتها، لكن إلحاح الصحافيين بالحصول على رد من المعلم وبعد أكثر من خمسة أسئلة وتعقيب من المشاركين في المؤتمر، قال إن «القافلة السورية ستسير مهما عوت الكلاب». ونفى المعلم وجود تدخل إيراني ومن «حزب الله» في الأحداث، «نفيا قاطعا». وأردف: «نعم هناك دعم سياسي إيراني ومن حزب الله لسورية من أجل تجاوز هذه الأزمة وهناك دعم للإصلاحات التي أعلنها الرئيس الأسد، ولكن لا يوجد أي دعم عسكري على الأرض». ورفض في الوقت نفسه التعليق على الأحداث التي شهدتها مدينة طرابلس اللبنانية أخيرا من مبدأ «كما ارفض أي تدخل خارجي في الشأن السوري، لن أعلق على هذا الموضوع». وأعلن المعلم عدم توفر أي معلومات لديه تجاه تورط لبنانيين في الأحداث، وقال: «بالنسبة لوجود أدلة مثبتة لتورط لبنانيين في الأحداث السورية فأنا لست في موضع اتهام لأحد ولا أملك معلومات كوزير خارجية، وهذا موضوع يخص الأمن». كما نفى أي تدخل سوري في تشكيل حكومة نجيب ميقاتي. وقال: «أنفي نفيا قاطع أي دور سوري في تشكيل الحكومة اللبنانية، والمتابع يعلم أنه لم يكن لدى الأسد وقت لكي يتدخل في الشأن اللبناني». وحول إمكان فرض حظر جوي على سورية وفقا لتقارير صحافية تركية تحدثت عن بحث هذا الموضوع في اتصال هاتفي جرى بين الرئيس باراك أوباما ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، قال المعلم: «أؤكد ومن خلال خبرتي أنه لن يكون هناك حظر جوي على سورية، وأؤكد أنه لن يكون هناك تدخل عسكري خارجي بالشأن السوري، فكفاهم فضائح في ليبيا». واوضح أن سورية «نتطلع الى تركيا كدولة جارة وصديقة والصديق عند الضيق، ونأمل أن يراجعوا مواقفهم»، ومؤكدا أنه «لم يتم اغتيال أي شخص عاد لمنزله من تركيا أو تم اعتقاله أو اغتصابه». وقال: «عندما يعلن رئيس الجمهورية السورية أنهم آمنون فهذه أعلى سلطة في البلاد تعطيهم الأمان». وعبر المعلم عن عدم قلق سورية من امكان صدور قرار من مجلس الأمن على خلفية المساعي البريطانية والفرنسية، واعلن : «نحن مطمئنون للموقف الروسي والصيني والبرازيلي والهندي واللبناني وجنوب إفريقيا، وكلها بلدان نقدر صداقتها لسورية». وانتقد في شدة تصريحات وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه تجاه سورية وقال: «لا ننسى أن فرنسا قبل اشهر ضمت جزيرة مايوت إليها والعائدة لجمهورية جزر القمر العربية، فلذلك لن أتوقف كثيرا عندما يوزع جوبيه من حقيبته على هذا الزعيم أو ذاك، هذا الرجل مازال يعيش في أوهام الحقبة الاستعمارية لفرنسا ولن يكون له أي تأثير في الشأن السوري، ولكن احتلال فرنسا لجزيرة مايوت يجب أن تبحثه جامعة الدول العربية، وعلى فرنسا أن توقف سياساتها الاستعمارية تحت شعارات الديموقراطية». وعبر عن انزعاجه الشديد من المواقف الأوربية والغربية عموما التي ظهرت بعد كلمة الأسد، وقال: «ما يهمني وما يزعجني أن هناك ردود فعل صدرت من خارج حدودنا من مسؤولين أوروبيين معروفين، وبعضهم لم يقرأ الخطاب بسبب حضوره اجتماعا لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورغ وخرج من الاجتماع ليعقد مؤتمرا صحافيا ويجيب بالتحليل عن هذا الخطاب، وهذا مؤشر أن لديه مخطط يريد السير به هدفه زرع الفوضى والفتنة في سورية، وبعضهم قال إن الخطاب غير كاف، ولكن كيف يكون غير كاف وقد نص على تعديل الدستور بما في ذلك المادة الثامنة أو تغيير الدستور، وأليس الدستور في إي بلد هو الإطار الذي يرسم الحياة السياسية للمجتمع». وتابع: «بعضهم قال إن الرئيس الأسد لم يذكر في خطابه من هي الجهات المدعوة لمؤتمر الحوار الوطني، مع أنه قال كل السوريين يجب أن يشاركوا في الحوار، وهناك أشكال للمشاركة وبالأمس وضع مشروع قانون التعددية الحزبية على موقع التشاركية في مجلس الوزراء وخلال ثلاث ساعات دخل على الموقع أكثر من 9 آلاف متصفح، وقبله عرض مشروع قانون الانتخابات البرلمانية وقبله مشروع قانون الإدارة المحلية، وهناك لجنة لإعداد قانون جديد للإعلام، فأي إصلاح لا يكفي، اضافة إلى القوانين والمراسيم التي صدرت قبل أشهر قليلة، لذلك أنا لا أريد أن أقول لهؤلاء سوى كلمة واحدة: كفوا عن التدخل بالشأن السوري ولا تثيروا الفوضى ولا الفتنة، فالشعب السوري بروحه الوطنية العالية قادر على صنع مستقبله بعيدا عنكم. وأضاف المعلم: «نحن السوريين نستطيع أن نصل كلنا معا إلى القواسم المشتركة بيننا أيا كانت اختلافات وجهات النظر أو المشارب، عندما نقف معا على أرضية مشتركة فإنه ليس لأحد خارج إطار العائلة السورية أن يملي أو يطلب، ولذلك فإن الشأن السوري شأن داخلي وأي تدخل خارجي نرفضه. ونحن لسنا بحاجة لهم لأننا نتحرك في سورية ونستظل بالمصلحة الوطنية السورية الجامعة لنا». واعتبر المعلم الإجراءات الإصلاحية، «ممارسة ديموقراطية حقيقية بامتياز ومن شأنها أن تفتح الأبواب أمامنا كسوريين أن نكون شركاء في عملية بناء مستقبل الوطن. وهذه هي الرغبة والإرادة التي عبر عنها الأسد، ويجب عدم إنكار وتجاهل ذلك تحت أي ذريعة. ودعا المعلم السوريين كافة إلى المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، وقال: «للسوريين المطالبين بالتغيير أقول: تعالوا إلى الحوار الوطني الجامع لنا وامتحنوا جدية وإرادة القيادة السورية، أما أن تجلسوا خارج قاعة الحوار وتحرضوا على التظاهر والفتن فهذا عمل غير مجدي ولا يخدم سوى أعداء سورية، كونوا شركاء في صنع المستقبل، هذه هي الديومقراطية في أحلى صورها». وأضاف: «كان بمقدور رئيس الجمهورية بحسب صلاحياته أن يصدر ما سبق (قوانين الأحزاب والانتخابات والإعلام وتعديل الدستور) بمراسيم تشريعية لكنه لم يفعل وتركها للحوار الوطني لأنه أراد أن تكون الديموقراطية في أوضح ممارستها ولكي يشعر كل سوري أنه شريك في صناعة مستقبله السياسي، وأنا لا أقول أننا سنجلس عشر سنوات وإنما مسألة أسابيع». وفي حين نفى المعلم وجود أي اتصالات مع الولاياتالمتحدة، علّق على موقفها المطالب بالأفعال لا بالأقوال، بالقول أن «من يشكك بجدية الأفعال التي ستأتي من خلال مؤتمر الحوار الوطني، ومن يريد أن يختبر جديتنا فليأت إلى مؤتمر الحوار الوطني ليكون شريكا في صناعة المستقبل. واتهم المعلم تنظيم «القاعدة» بالوقوف وراء قتل أكثر من 120 رجل أمن في مدينة جسر الشغور. وقال معلقا على سؤال حول اعتقال العراق لأعضاء في التنظيم قادمين من سورية: «بعض الممارسات التي شاهدناها في بعض المحافظات تؤشر إلى أن مثل هذه الأعمال يقوم بها عناصر القاعدة لذلك لا أنفي ولا أؤكد هذا الخبر وآمل أن يكون العراق قد ألقى القبض عليهم». ولم يطالب المعلم من الدول العربية إدانة المواقف الغربية تجاه سورية رغم تأكيده أن كل الدول العربية تتصل من غير إعلان بالأسد وبه شخصيا لتأكيد دعمها للحكومة السورية، بما فيها قطر على المستوى الرسمي ولكن ليس على مستوى قناة «الجزيرة». وتابع: «لا أريد الخوض في الوضع العربي فلكل قطر أوضاعه الداخلية بسبب رياح التغيير، ولا أريد أن أقول كم حجم الاتصالات التي جرت للتعبير عن مساندة القادة العرب لسورية، مع ذلك أقول لا نحتاج لإدانات لهذه التصرفات الأوربية بل نحتاج لأفعال وآمل أن تشاهدوا أفعالا خلال الفترة المقبلة». وعبر المعلم عن قناعته بأن الضغوط الغربية ستنتهي «عندما يدركون أن مخططهم فشل، والشيء الثاني بعد انطلاق مؤتمر الحوار الوطني ستظهر لهم جدية سورية في الإصلاح وسيظهر الشعب السوري روحه الوطنية العالية ووحدته الوطنية في أجمل صورها. وكما قال الاسد عندما تكون جبهتنا الداخلية متينة فلن يكون هناك نفاذ من الخارج إليها»، كاشفا عن أن الأسد سيصدر قريبا عفوا ثالثا سيطال هذه المرة السجناء السياسيين، معيدا التأكيد أن «من يريد ويؤمن بسورية قوية فليأت إلى مؤتمر الحوار الوطني». وعلق على تصريحات الأمين العام المنتهية ولايته للجامعة العربية عمرو موسى وانتقاده للوضع في سورية قائلا المعلم: «علينا أن نجعل الجامعة نافعة وليست ضارة، ونبارك لنبيل العربي كأمين عام جديد للجامعة، ونقول لعمرو موسى مع السلامة، وقلقه على الشأن السوري كان لأسباب انتخابية». المصدر: الرأى العام الكويتية 23/6/2011