المعارضة السودانية علي بؤسها وإقرارها هي نفسها في أكثر من محفل أنها غير متماسكة وتعاني ضعفاً يحول بينها وبين إمكانية إسقاط الحكومة القائمة لم تقدم حتي هذه اللحظة رؤية سياسية واقعية سديدة يمكن إنفاذها للمرحلة التي ستعقب الاعلان عن قيام دولة الجنوب والانفصال عن الشمال رسمياً. اليوم (30 يونيو 2011) كان من الممكن أن نجعله القوي السودانية المعارضة سانحة لتقديم (برنامج سياسي جاد ومخلص) تلبية لدعوة قدمتها الحكومة منذ أشهر للحوار وللاتفاق علي صيغة سياسية مناسبة لمواجهة استحقاقات ما بعد التاسع من يوليو. بل ان قوي المعارضة رغم هذا الضعف لم تبد الترحيب المطلوب باتفاق أديس أبابا الموقع حديثاً بين الحركة والحكومة بشأن معالجة أزمة جنوب كردفان, وإيجاد معالجات لأوضاع الحركة وجيشها في الشمال (ولايتي النيل الأزرق وجنوب كردفان) رغم (الصلة الوثيقة) لهذه القوي بالحركة الشعبية في الشمال. ولعل الأمر المؤسف هنا أن قوي المعارضة – وللمرة الثانية – ونظراً لضعفها البائن تركت الحركة الشعبية تتقدمها سياسياً وتخطاها في معالجة قضاياها علي الرغم من أن هذه القوي المعارضة- بحسب ما تزعم دائماً- تعتبر نفسها الأكثر جماهيرية والأكثر تأثيرا علي الساحة. لقد تمترست قوي المعارضة ولا تزال وربما ستظل تتمترس لفترة طويلة حول حديث عدم شرعية الحكومة عقب التاسع من يوليو 2011. وهو حديث جريته طويلاً من قبل ولم تكن له أدني جدوى. ان الاتفاق الذي جري ابرامه في أديس أبابا هو دون شك نزع فتيل التوتر في الشمال, وصار الآن من المحتم أن تمضي الأمور بهدؤ تام علي الأقل في الفترة الممتدة من الآن وحتي التاسع من يوليو وحتي ما بعد التاسع من يوليو وفقاً لهذه الاتفاق الذي أوجد فيما يبدو قدراً من المرارة لدي قوي المعارضة, فهي كما قنا تلف وتدور حول عدم الشرعية. ان الشرعية وعدم الشرعية (باللسان) ومع قلة الحيلة والقدرة وغياب الإرادة السياسية هو حديث بلا قيمة سياسية فالشرعية هذه قائمة علي عملية انتخابية خاضتها قوي المعارضة هذه ولم تتوسل بالوسائل القانونية – وهي متاحة – لإثبات عدم شرعية الانتخابات أو تزويرها. فالمجتمع الدولي بأسره راقب العملية الانتخابية ولم يشر تزويرها ولم يصدر عن أي محكمة سودانية حكماً بتزوير. لقد استطاعت الحكومة السودانية أن تضع لبنات قوية لتوفير أقصي قدر من الاستقرار السياسي, وقد قطعت الطريق الآن تماماً علي أي مهددات أمنية أو توترات سياسية بما يجعل المناخ العام السائد حالياً مناخاً مناسباً لتمر مناسبة إعلان دولة الجنوب بسلاسة وهدؤ, وتستقبل المرحلة التي تعقبها بذات السلاسة والهدؤ .