لو كانت المنظمة الدولية بحق منصفة ومحايدة بشأن الصراع الدائر فى جنوب كردفان لما احتاجت الى تكوين لجنة لتقصي حقائق – بعد أسابيع على الأحداث ، إذ من المعلوم ان المنظمة الدولية – بآليات معروفة و موجودة هناك على الارض – تتابع ما يجري عن كثب ولا تعوزها المعلومة. ولكي لا نلقي القول هنا على عواهنه دعونا نتأمل جانباً مما أورده بيان وزير الدفاع السوداني فى يونيو الماضي أمام البرلمان السوداني بشأن الأحداث التى سبقت انفجار الأوضاع . يقول الفريق أول ركن مهندس عبد الرحيم محمد حسين ان تجاوزات الحركة الشعبية وجيشها الشعبي بجنوب كردفان و خروقاتها تجاوزت ال(100) خرق ، وهذه الخروقات التى تراوحت ما بين الاغتيال والاحتجاز وإقامة نقاط التفتيش جميعها مدونة وموثقة بمضابط البعثة الأممية ، وقد رأت هذه البعثة سلوك الحركة الشعبية قبل الإعلان عن نتائج الانتخابات التكميلية التى جرت فى مايو الماضي وذلك بتعطيل استكمال إعلان النتائج ، بل واستباق إعلان النتائج بإعلان نتائج -فى شكل شائعات- تقول بفوز الحلو وإجراء احتفال بهذا الصدد فيه استفزاز متعمد للمواطنين وكانت ذروة هذه التصرفات التهديد بالقيام بعمل عسكري حال عدم الفوز ، ثم القيام بعمليات إطلاق نار كثيفة داخل المدن الرئيسية خاصة كادوقلي و الدلنج و أبو جبيهة . و يشير البيان كذلك الى ان حكومة الجنوب دعمت هذا العمل لدرجة تشكيل (غرفة عمليات) لإدارة هذا العمل المسلح وإمداد قوات المتمرد الحلو بمواد تموينية عبر جسر جوي من جوبا الى ربكونا وخطوط إمداد أخري من ولاية الوحدة هادفين من وراء ذلك الى احتلال مدينة كادوقلي والسيطرة عليها . ولكي تكتمل الصورة للمشهد برمته فان بوسعنا ان نتابع تسلسل الأحداث -وفقاً لبيان الوزير- ابتداءً من تاريخ 5/6/2011، ففي هذا التاريخ بدأ الهجوم على شرطة حماية الحياة البرية بمدينة كادوقلي ونهب 11 بندقية وذخائر رشاشات و قنابل قرنوف ، ثم بدأ القصف - بمدافع الهاون – على محطة أم دورين . يوم 6/6/2011 هوجمت منطقة (أم سردبة) و استولت قوات المتمرد الحلو على عربتين لاند كروزر ، وقد تم فى ذات اليوم اعتقال احد أفراد حماية المطار (برتبة رقيب) وهو الذى كشف تفصيلياً عن المخطط ودلَّ على 25 فرد كانوا يعملون معه فى المخطط . فى ذات اليوم وصل وفد اتحادي (سياسي أمني) مشترك لاحتواء الموقف ، مكون من 9 مسئولين من الجانبين الوطني والحركة وتم عقد اجتماع مع الوالي والحلو و تقرر إبعاد القوات الموجودة حول منزل الحلو و وقف جميع العدائيات وانسحاب الجيش الشعبي لمواقعه المحددة . وعند عودة الوالي عقب الاجتماع تم استهداف موكبه ؛ وأغلقت الطرق المؤدية لمدينة كادوقلي بواسطة قوات الحلو و تعرضت كادوقلي لقصف مركز . هكذا إذن بدأت الأحداث بذات هذا التسلسل لتقود الى إشاعة أجواء من عدم الاستقرار تمهيداً لاحتلال كادوقلي وبعض المدن الاخري توطئة لإعلان سيطرة الحركة على الولاية ، ولكن القوات الحكومية استطاعت ان تحبط المخطط ، وتمكنت فى الفترة من 6/6/2011 الى 15/6/2011 من هزيمة قوات الحلو التي لجأت الى الجبال ولا تزال هناك تطاردها قوات الجيش السوداني . تري هل كانت الأممالمتحدة -رغم حضورها- غائبة تماما عن هذه الأحداث ؟