شدد الرئيس السوداني عمر حسن البشير على أن الانفصال لا يعني الانقطاع عن الجنوب بل سيشكل دافعا للحرص على إقامة علاقات جيدة، مشيرا إلى عزم حكومته بدء مشروع إصلاحي اقتصادي وسياسي واجتماعي شامل. جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس البشير اليوم الثلاثاء أمام البرلمان السوداني قال فيها إن السودان بدأ مرحلة الجمهورية الثانية ضمن حدوده الجديد في أعقاب انفصال جنوب السودان رسميا يوم السبت الماضي. وجدد البشير ما جاء على لسانه في خطاب الاحتفال -الذي جرى في جوبا السبت الماضي بمناسبة إعلان انفصال الجنوب- حرص حكومته على أفضل العلاقات مع الدولة الجديد بحكم التماس الجغرافي والاجتماعي والوجداني. وقال إن الانفصال لا يعني الانقطاع بل دافعا لإقامة العلاقات المميزة القائمة على الاحترام المتبادل للعهود والمواثيق والاتفاقيات، وتعزيز الاستقرار والمصالح المشتركة، والعمل على حل جميع القضايا الخلافية العالقة رغم حساسيتها بالتعامل مع أطراف وهيئات المجتمع الدولي وعلى الأخص الاتحاد الأفريقي. ولفت إلى أن الطرفين مقبلين على استحقاقات هامة فيما يخص الترتيبات الأمنية على طرفي الحدود في إشارة واضحة إلى النزاع القائم على ترسيم الحدود بالنسبة لمنطقة أبيي والوضع في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وفيما يتعلق بالولايتين المذكورتين، أعلن البشير المضي قدما في برنامج المشورة الشعبية طبقا للقانون الذي أجازه البرلمان السوداني من أجل توسيع المشاركة السياسية لأبناء الولايتين متعهدا بتنفيذ المزيد من البرامج التنموية لأبناء المنطقة أسوة ببقية الولايات السودانية. الرئيس البشير وهو يلقي كلمته في مراسم إعلان انفصال الجنوب في جوبا السبت الماضي (الفرنسية) وأضاف أن الحكومة بصدد تعديل البند الزمني الوارد في قانون المشورة الشعبية وذلك لإتاحة المزيد من الوقت أمام مواطني الولايتين مع توسيع الحوار للوصول إلى فهم مشترك يحقق عناصر التنمية سياسيا واقتصاديا في إطار المسؤولية الوطنية. وكان لإقليم دارفور نصيبا واضحا في كلام الرئيس البشير عندما قال إنه سيشارك بمراسم التوقيع على وثيقة المصالحة في السابع عشر من يوليو/تموز الجاري في العاصمة القطرية والتي تضع حدا للأزمة السياسية في الإقليم. وكان لافتا في خطاب الرئيس السوداني حرصه الشديد في التأكيد على أن الحكومة بدأت بحملة إصلاحية جادة على المستويات السياسية والأمنية تهدف لتحقيق الإصلاح والاستقرار والتنمية في البلاد. وقال إن السودان بدأ عهد الجمهورية الثانية وهي مرحلة السلام التي تطوي مرحلة الحروب وتقوم على مبادئ سيادة حكم القانون وبسط العدل وضمان حقوق المواطن والشفافية في اتخاذ القرارات وضمان النزاهة ومبدأ المحاسبة في الانفاق العام واعتماد سياسة اختيار الكفاءات. وشدد البشير على أن السودان في حدوده الجديدة قادر على الدفاع وتقديم الخدمات وتحقيق مشروع نهضوي شامل يقوم على أسس اقتصادية وسياسية واجتماعية. ولفت إلى أن السودان وفي ضوء خسارة نسبة كبيرة من العائدات النفطية -بسبب انفصال الجنوب- سيعمل على خطة اقتصادية تقشفية لا تتضمن رفع الرسوم والضرائب بل خفض وترشيد الإنفاق العام وتنويع وسائل وأنواع الإنتاج وإقامة علاقات اقتصادية مع الصين وماليزيا والبرازيل والعديد من دول العالم. وأضاف أن الحكومة تستعد أيضا لإجراء تعديلات على قوانين الموازنة العامة مع السعي لإصدار عملة وطنية جديدة سيتم الإعلان عن تفاصيلها قريبا. واختتم البشير خطابه بحرص الحكومة على بدء حوار وطني شامل مع كافة أطياف ومكونات المجتمع السوداني للبحث في آلية الحكم ومؤسساته وهيئاته، مشيرا إلى أن لجنة من كبار الفقهاء الدستوريين والخبراء القانونيين تعمل على إعداد مسودة دستور قومي سيعرض على المجلس الوطني ليطرح لاحقا على الاستفتاء الشعبي العام. وأضاف أنه أعطى توجيهاته للأجهزة الأمنية المعنية بإخلاء سبيل أي موقوف على خلفيات سياسية ما لم تثبت علاقته أو انتماؤه "لجماعات متمردة إرهابية".